من يمثل الكرد في دمشق؟ أسئلة لا بد منها

فواز عبدي

 

تتجه أنظار كثيرين إلى الوفد الكردي الذي سيتوجه إلى دمشق للتفاوض حول حقوق الكرد وكذلك حول مستقبل مناطق الإدارة الذاتية. وكما في كل مرة، انقسمت آراء الكرد حول هذا الوفد:

فريق يقول: “يمثلني”.

فريق يقول: “لا يمثلني”.

وفريق ثالث يقول: “يمثلني فقط إذا التزم بمخرجات مؤتمر وحدة الصف الكردي”.

هذه الانقسامات، وإن كانت طبيعية في مجتمع تعددي، إلا أنها تكشف عن أزمة أعمق في بنية التمثيل السياسي الكردي. لذا، وقبل أن نصفق أو نرفض، لا بد من التوقف وطرح بعض الأسئلة الجادة على كل طرف:

لمن يقول: “يمثلني

على أي أساس تقول إنه يمثلك؟

هل لأنك تثق بالشخصيات كأفراد؟ أم لأنك تتبعهم سياسياً تبعية عمياء؟ أم أن لديك أدلة تشير إلى أنهم قادرون على تحقيق نتائج إيجابية؟

وهل سألت نفسك: لماذا لا يضم الوفد خبراء في القانون، الدبلوماسية، الاقتصاد، أو التفاوض؟

هل هناك لجنة استشارية علمية تدعم الوفد؟ أم أن كل شيء يُدار بالعقل السياسي الحزبي فقط؟

لمن يقول: “لا يمثلني

لماذا لا يمثلك؟ هل هو موقف مسبق من الأسماء؟ أم أنك لا ترى فيهم الكفاءة؟

هل تملك بديلاً واقعيّاً؟ وهل لديك ما يثبت أنهم غير مؤهلين؟

وإذا كنت ترفض الوفد، فهل لديك تصور عملي وواقعي لتشكيل وفد تفاوضي كردي مثالي؟ أم أن موقفك مجرد اعتراض سلبي بلا أية آفاق؟

لمن يقول: “يمثلني فقط إن التزموا بوحدة الصف الكردي

كيف ستعرف أنهم التزموا؟ هل ستنتظر نهاية المفاوضات لاكتشاف ذلك؟

وماذا سيفيد إعلانك أنهم لا يمثلونك بعد فشلهم؟ أليس الوقت حينها قد فات؟

هل نكتفي بالتصريحات ونترك الميدان لردّات الفعل بعد وقوع “الفأس بالرأس” كما يقال؟

نحو تمثيل رشيد ومسؤول

القضية الكردية لا تختزل في أسماء أو وفود. هي قضية شعب ومصير، تحتاج إلى نقاش عقلاني، رؤية جماعية، ومأسسة العمل التفاوضي.

نحن لا نتفاوض على تفصيل إداري، بل على معادلة وجود. وبهذا المعنى، فإن الوفد، أي وفد، يجب أن يكون نتاج عمل تشاركي، مدعوم بخبرات قانونية، اقتصادية، دبلوماسية، ومسنود بلجنة استشارية فاعلة.

لا يمكن أن نخوض محطة مفصلية في تاريخنا بأساليب عشوائية، وبدون شفافية، ولا رؤية.

التمثيل الحقيقي لا يُصنع بالولاءات، بل بالكفاءة والمشروعية والمساءلة.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

علي جزيري يُحكى أن (حسان) ابن رئيس «الجمهورية السورية» شكري القوتلي تأخر عشر دقائق عن الدوام المدرسي ذات يوم، بيد أن مدير المدرسة (جودت الهاشمي)، أنّبَهُ وأعطاه كتاباً ممهوراً بختم المدرسة، يطلب فيه ضرورة إحضار ولي أمره، ولبى حسان حينئذ أمر المدير، لكنه عاد إلى البيت مكسور الخاطر، فاستغربت والدته عودة ابنها الوحيد في ذاك الوقت المبكر، وحين…

صلاح بدرالدين مدخلالى جانب الانشغال اليومي بامور وشؤون الكرد السوريين كمهام لها الاولوية من خلال النضال في سبيل رفع الاضطهاد القومي، والاجتماعي، والسياسي عن كواهلهم، واستعادة حقوقهم القومية، والمساهمة في النضال الوطني العام من اجل الديمقراطية، والتقدم، ومواجهة الاستبداد، كان الهم القومي – الكردستاني – لم يفارق مشاعر جيلنا والذي من قبلنا، ليس كموقف سياسي عابر…

إبراهيم اليوسف الوطن في أرومته قبل الخريطة في حبرها أحدهم   لم يبدأ مشروع “الشرق الأوسط الكبير” من مقاعد البيت الأبيض، بل تسرّب ببطء من: غرف التفكير، مراكز البحوث، خرائط الجيوبوليتيك، وأقلام من ظنّوا أن المنطقة لا تستحق حدودًا ثابتة، وفق تصورات القطب الثاني الموازي بل المعادي للاتحاد السوفياتي السابق، كقطب قوي عملاق، قبل انهياره التاريخي. إذ إن…

شيرزاد هواري   تشهد منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة تصعيدات عسكرية متسارعة تقودها إسرائيل، مدعومة من حلفائها التاريخيين، في مشهد يشي بتحولات استراتيجية عميقة. هذه التطورات لم تأتِ من فراغ، بل تبدو كحلقة متقدمة من مسار طويل ابتدأ منذ ما يزيد عن قرن، مع توقيع اتفاقية سايكس – بيكو التي قسّمت إرث الإمبراطورية العثمانية على أسس استعمارية، دون أدنى…