حاوره: عمر كوجري
قال جواد ملكشاهي رئيس تحرير صحيفة «التآخي»: فخامة الرئيس مسعود بارزاني اليوم هو المرجع والأب الروحي وزعيم الأمة الكوردية شاء من شاء وأبى من أبى، وهو حريص على حياة ومصلحة كلّ كوردي في الأجزاء الأربعة من كوردستان وخارجها، كما فخامته مهتم بمصلحة جميع أبناء الشعب السوري وبالأخص الأقليات القومية والدينية».
وفي سؤال عن دور الرئيس مسعود بارزاني في إنجاح كونفرانس قامشلو، قال ملكشاهي في حوار خاص مع صحيفة «كوردستان»:إن إرسال مبعوث من قبل فخامة الرئيس الى مؤتمر قامشلو، نابع من حرصه على مستقبل الشعب الكوردي في سوريا، وضرورة إعداد ورقة تفاوضية واحدة لعرضها على القادة في دمشق، لا ننسى رغم عقد مؤتمر قامشلو فإنه ماتزال هناك اختلافات في وجهات النظر إزاء إعداد الورقة التفاوضية.
وفي سؤال عن انطباع ملكشاهي حول زيارة رئيس حكومة إقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني إلى واشنطن قبل أيام، أكد الصحفي الكوردي: تقييمي للزيارة، إنّها كانت ناجحةً بكل المقاييس، نظراً للعقود الكبيرة التي وُقّعَت بين الجانبين بشأن النفط والغاز والتي تقدّر بأكثر من 110 مليار دولار، واللقاءات المكثفة مع كبار المسؤولين الأمريكيين وصُنّاع القرار.
فيما يلي نص الحوار كاملاً مع السيد جواد ملكشاهي:
*لنبدأ حوارنا بدور الرئيس مسعود بارزاني الهام في إنجاح كونفرانس قامشلو الذي عُقد في 26-4 الفائت، وحضر ممثل سيادته الشخصي إلى الكونفرانس، وإلى الآن لم يتشكل الوفد الذي سيذهب إلى دمشق، برأيك هل من عراقيل ومعوقات معينة في هذا الجانب؟
**إن إرسال مبعوث من قبل فخامة الرئيس الى مؤتمر قامشلو، نابع من حرصه على مستقبل الشعب الكوردي في سوريا، وضرورة إعداد ورقة تفاوضية واحدة لعرضها على القادة في دمشق، لا ننسى رغم عقد مؤتمر قامشلو فإنه ماتزال هناك اختلافات في وجهات النظر إزاء إعداد الورقة التفاوضية، ورؤى مختلفة في كيفية التعامل مع الوضع الجديد في سوريا، لذلك أرى إن تأخير تشكيل الوفد التفاوضي هو في مصلحة القضية الكوردية، لأن هذا التأخير هو للتشاور أكثر وبلورة مشروع كوردستاني رصين، يتفق عليه الجميع والذي سيحدّد مصير الشعب الكوردي في سوريا، وبرأيي المتواضع جميع قادة الأحزاب والقوى الكوردية السورية مُجمِعون على ضرورة إيجاد مخرج للقضية من خلال مشروع موحد. والحقيقة يجب تقال لولا جهود وحرص الرئيس مسعود بارزاني لم يكن من السهل عقد المؤتمر، لكن مكانة وشخصية البارزاني أثر على مواقف قادة جميع القوى السورية في غرب كوردستان وحضهم على الحضور في المؤتمر.
* منذ انطلاق الثورة السورية، كان للرئيس مسعود بارزاني دورٌ كبير ومؤثر في الاصطفاف إلى جانب السوريين، ورفض دعوات زيارة من النظام السوري، وبعد سقوط النظام لا تمرُّ مناسبة إلا ويذكر الرئيس البارزاني بضرورة أن يكون للكورد في سوريا الجديدة دورٌ أساسيٌّ ضمن المكونات السورية، مارأيك؟
**فخامة الرئيس مسعود بارزاني اليوم هو المرجع والأب الروحي وزعيم الأمة الكوردية شاء من شاء وأبى من أبى وهو حريص على حياة ومصلحة كل كوردي في الأجزاء الأربعة من كوردستان وخارجها، كما فخامته مهتم بمصلحة جميع أبناء الشعب السوري وبالأخص الأقليات القومية والدينية، لذلك موقفُه واضحٌ منذ البداية من التغيير الدراماتيكي الذي حصل في سوريا، ومن خلال تصريحاته وأحاديثه أكد على ضرورة بناء سوريا جديدة تحتضن جميع أبنائها على أساس حقوق المواطنة وتحت سقف دستور وقانون خاص بهذا البلد بحيث يحترم خصوصيات جميع المكونات السورية وبالأخص أشقائنا الكورد في غرب كوردستان، لذلك فخامته دوماً يسعى من أجل وحدة الصف الكوردي في غرب كوردستان وحلّ المشاكل مع دمشق بالسبل الدستورية والقانونية وعدم الانجرار أو اللجوء الى العنف مهما كانت الظروف صعبة، فخامتُه حريصٌ على إيجاد صيغة يلم بها شمل الأحزاب والقوى السياسية الكوردية في غرب كوردستان، وضرورة اتخاذ موقف موحّد من الوضع الجديد في سوريا، رغم خلافاتهم السياسية، وتجلى ذلك بإرسال مبعوث لمؤتمر قامشلو ليكون قريبًا من الجميع وإيجاد حلول آنية وضرورية للخلافات السياسية وذهاب الكورد الى دمشق للتفاوض بورقة قومية سياسية تخدمُ الشعبَ الكورديَّ في سوريا وتضمن حقوق جميع السوريين.
فخامة الرئيس على يقين إن حالة التفرقة والتشظّي ستفوّت الفرصة التاريخية الحالية على أشقائنا في غرب كوردستان وسوف يعيدهم للمربع الأول، وهنا يرى أنه كمرجع للامة الكوردية من واجبه أن يسعى بشتى السبل من أجل تعزيز العلاقات بين جميع القوى السياسية الكوردية في سوريا، لوضع حلٍّ نهائي لمعاناة شعبنا هناك وترسيخ الأمن والاستقرار في سوريا الجديدة.
*ماذا تخبر قرّاء صحيفتنا «كوردستان» عن زيارة السيد رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني إلى الولايات المتحدة والتي استمرت حوالي عشرة أيام، والتقى خلالها بالكثير من المسؤولين الأمريكان، وتم توقيع اتفاقيات هامة جداً مع كوردستان، كيف تقيّم هذه الزيارة؟
**عادة لكل إدارة جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية أهداف استراتيجية مرسومة من قبل صُنّاع القرار، وهناك أهداف آنية ومرحلية، تتعامل بها وفق المقتضيات.
مع بدء الولاية الثانية لدونالد ترامب وإعلان مواقفه من القضايا المختلفة في العالم، كان لابد لقادة إقليم كوردستان، التواصل المباشر مع الإدارة الجديدة، باعتبار الإقليم أحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في المنطقة.
باعتقادي زيارة رئيس حكومة إقليم كوردستان إلى واشنطن، كانت لها ثلاثة أهداف رئيسة، نظراً للمتغيّرات المتسارعة التي طرأت على أوضاع الشرق الأوسط بشكل عام، والقضية الكوردية على وجه الخصوص.
الهدف الأول من الزيارة كان التواصل مع الفريق الحكومي الأمريكي الجديد ومعرفة وجهة نظره ورؤيته بشأن مستقبل إقليم كوردستان والعراق والمنطقة ورسم الخارطة الجديدة في المنطقة.
والثاني إبرام اتفاقيات جديدة مع الشركات الأمريكية بشأن تطوير آبار النفط والغاز للاعتماد على الطاقة المحلية من جهة وتقليل الضغوط التي تمارسها حكومة الإطار التنسيقي على الإقليم، لتعطيل عجلة التطور فيه وفرض الهيمنة والوصاية عليه، كجزء من العقلية المركزية، لجهلهم بكيفية إدارة الحكم في النظم الفيدرالية في العالم.
والهدف الثالث هو توجيه رسائل الى الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين، بأن إقليم كوردستان ملتزم بشراكته معهم طالما استمروا بدعمهم للإقليم، وتوجيه رسائل أخرى لأعداء وخصوم الإقليم، أنه طالما استمروا على النهج الإقصائي وضرب بنود الدستور عرض الحائط وممارسة الضغوط على شعب كوردستان، فإن الإقليم يمتلك البدائل، ويمكنه مجابهة التحديات، من خلال تعزيز الشراكة والمصالح المشتركة مع حلفائه.
عليه تقييمي للزيارة، إنّها كانت ناجحةً بكل المقاييس، نظراً للعقود الكبيرة التي وُقّعَت بين الجانبين بشأن النفط والغاز والتي تقدّر بأكثر من 110 مليار دولار، واللقاءات المكثفة مع كبار المسؤولين الأمريكيين وصُنّاع القرار، وتأكيدات المسؤولين الأمريكيين على استمرار تقديم الدعم لإقليم كوردستان، بوصفه حليفاً موثوقاً به في منطقة الشرق الأوسط.
بالتأكيد الزيارة كانت لها فوائدُ تصبُّ في مصلحة الطرفين والعراق والمنطقة، خاصة الإقليم بحاجة ماسة للدعم الأمريكي في هذه المرحلة الحساسة التي تشهد المنطقة تحولات كبيرة، والقضية الكوردية تمرُّ بمخاضٍ عسيرٍ، بالنظر للتغيير الذي حدث في غرب كوردستان (سوريا) وقرار حزب العمال الكوردستاني في مؤتمره الأخير الخاص بوقف الكفاح المسلح ضد تركيا، واستمرار ضغوطات الحكومة الإتحادية التي تمارسها ضد الإقليم، بالأخص في دفع مستحقاته وفق قانون الموازنة العامة، واستمرار التعنت بالموافقة على إعادة استئناف تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان التركي.
* كما تابعتم، صدرت بعض الأصوات من بغداد وغيرها تتذمّر من مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي عقدها رئيس حكومة إقليم كوردستان، وعدّوا ذلك تجاوزاً على سيادة العراق، ماذا تقول في هذا المقام؟
** هذه الأصوات تصرخ وتتعالى كلما حقق إقليم كوردستان إنجازاً على الأرض في القطاعات المختلفة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والخ، لأن العقلية العنصرية والشوفينية لأصحاب تلك الأصوات لا تريد للإقليم أن يتطوّر، وتحاولُ قدر الإمكان وضع العصي في عجلة تطوُّره وعمرانه، لأنه كلما تطور الإقليم في مجال معين، انكشف فشل وفساد تلك الأصوات النشاز التابعة للأحزاب والميليشيات القريبة منها التي لم تحقق شيئًا لجمهورها، وللعراق بشكل عام على مدى عقدين من سقوط النظام الدكتاتوري، لذلك تسعى ومن خلال توظيف إمكانياتها الإعلامية والدعائية أن تؤثر على برامج وخطط حكومة إقليم كوردستان في جميع المجالات وبالأخص الخدمية.
*برأيك، لمصلحة مَنْ التأخير في تشكيل حكومة جديدة لإقليم كوردستان، بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية التي شهدها الإقليم في 21 تشرين الأول /أكتوبر 2024 يعني حوالي تسعة أشهر؟
**حقيقة تأخير تشكيل الكابينة الجديدة في إقليم كوردستان لا تصبُّ في مصلحة الكورد وقضيتهم بشكل عام، على العكس تصبُّ في مصلحة أعداء إقليم كوردستان في الداخل والدول المحيطة المتربصة.
لكن ينبغي أن نكون واقعيين، هناك صراعاتٌ سياسيةٌ بين الأحزاب السياسية في الإقليم كما هو موجود في كل دول المنطقة والعالم، فضلاً عن التدخُّلات الإقليمية التي لا ترغب في تحقيق الأمن والاستقرار في الإقليم لأنها ترى في أي تقدُّم يشهده الإقليم خطرًا على أوضاعها الداخلية ومستقبل بقائها في السلطة، لذلك أي تأخير في تشكيل الحكومة الجديدة سيؤثر على الأوضاع الداخلية وسمعة الإقليم في الأوساط الدولية التي تعير أهمية خاصة لها، عليه من الضروري أن تكتمل الحوارات بين الحزبين الرئيسيين، وتفضي إلى اتفاق نهائي بأسرع وقت لتشكيل حكومة منسجمة قوية لإدارة دفة الأمور خلال المرحلة المقبلة والتي ستواجه بالتأكيد تحديات كبيرة، نظرًا للمستجدات التي تطرأ على أوضاع الشرق الأوسط من جهة والقضية الكوردية في المنطقة من جهة أخرى.
*منذ أشهر تجري لقاءات ومحادثات بين الحزبين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، هل تتوقع أن تفضي هذه المحادثات إلى اتفاق بين الحزبين الرئيسيين؟
**بعد نجاح الانتخابات النيابية الأخيرة في إقليم كوردستان ومشاركة واسعة من الجماهير الكوردستانية الواعية، كان لابدّ من بدء الحوارات بين القوى السياسية الفائزة بمقاعد الانتخابات وبالأخص الحزبين الكبيرين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، طبيعي الحوارات ليست سهلة لوجود مشاكل وخلافات سياسية متراكمة بين الجانبين على مدى العقدين الأخيرين، لكنْ، لابد من ان تفضي الحوارات إلى نتيجة تصبُّ في مصلحة شعب كوردستان، وتشكيل الحكومة الجديدة، خاصة أننا مقبلون على انتخابات نيابية على مستوى العراق، وإن تأخير تشكيل الكابينة الجديدة ستؤثر سلبًا على مكانتنا في العراق والمنطقة كما ستؤثر على مستوانا في المعادلة السياسية المقبلة في العراق والتي ينبغي للكورد أن يتفقوا على صيغة مشتركة معينة للمشاركة في تلك الانتخابات وتحقيق نتائج تليق بمكانة وسمعة الإقليم، والحفاظ على كيانه الدستوري الذي بنيناه بدماء مئات آلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين ودموع الأمهات والثكالى وتضحيات شعبنا على مدى القرن الماضي.
*برأيك، لماذا دور الأحزاب التي حصلت على مقاعد قليلة ولا تتمتع بجماهيرية لافتة ضعيف؟ أليس بإمكانها إعلان اصطفافها إلى جانب من يريد الخير والازدهار لكوردستان وهو الحزب الديمقراطي الكوردستاني ذو التاريخ العريق في النضال؟
**واحدة من استراتيجيات الحزب الديمقراطي الكوردستاني في التعامل مع الأحزاب والقوى السياسية في كوردستان والعراق بشكل عام، هو أن هذا الحزب العريق يرغب بمشاركة جميع القوى المشاركة في الانتخابات والحاصلة على مقاعد نيابية ولا يريد أبدًا أن يقصي أيَّ حزب مهما كان حجمه صغيراً وجمهوره قليلاً، على العكس قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني الفائز الأول في الانتخابات الأخيرة، دعا مرارًا وتكرارًا جميع الفائزين للمشاركة في الحكومة المقبلة وأخذ دورهم ومكانتهم في الحكومة وفق استحقاقها الانتخابي، لكن بعض الأحزاب أعلنت عدم مشاركتها في الحكومة لأن مقاعدها لا تساعدها على تسلم الوزارة أو الموقع الذي يطمحون له، وهناك أحزاب أخرى، لا تمتلك الإرادة والاستقلالية في اتّخاذ قرار المشاركة في الحكومة من عدمه لأنها تخضع لإملاءات جهات سياسية داخلية عراقية وإقليمية، لذلك تحاول جاهدة وضع العراقيل في طريق تشكيل الحكومة، كي تلعب دور المعارضة، في حين هناك أحزاب تتمنّى أن تشارك في الحكومة لكنها كما أسلفت ليس لديها الاستقلالية في اتخاذ القرار.
*حضرتك تقيم في بغداد، هل لك أن تعطينا فكرة عن الكورد المقيمين في بغداد، وباقي المحافظات العراقية، كون المعلومات عن الكورد داخل العراق قليلة؟
**لو نرجع للوراء قليلًا أي الى نهاية سبعينيات القرن الماضي، كان الكورد يشكلون نسبة كبيرة من سكان بغداد، ربما كانوا الأغلبية من حيث التعداد السكاني، لكن نظام البعث الدكتاتوري الذي كان يخشى الكثافة السكانية للمكوّن الكوردي في العاصمة، وكان يراها خطرًا على مستقبله، كون غالبيتهم منتمين للحزب الديمقراطي الكوردستاني والحزب الشيوعي العراقي وقليل منهم للأحزاب الشيعية، وكان هذا بمثابة قنبلة موقوتة كانت تؤرق النظام، لذلك وضع مخططاً إجرامياً للحدّ من تواجُد الكورد في العاصمة بغداد، وذلك بتهجير أكثر من نصف مليون كوردي فيلي في بداية ثمانينيات القرن الماضي إلى إيران بذريعة أن أصولهم إيرانية، في حين كان غالبية هؤلاء يمتلكون وثائقَ ثبوتيةً رسميةً عراقية تثبت وجودهم قبل تأسيس الدولة العراقية في عام 1921، فضلاً عن عقاراتهم ومتاجرهم وشركاتهم ومصانعهم في بغداد وأطرافها والذين كانوا يسيطرون على العصب الاقتصادي في العراق بشكل عام وبغداد على وجه الخصوص، حيث قام النظام بتهجير هذا الكم الهائل من الكورد الفيليين بقرارٍ شوفينيّ عنصري، للخلاص منهم والاستحواذ على ممتلكاتهم وعقاراتهم وأرصدتهم المصرفية ومعاملهم وشركاتهم، وفي بداية الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت حوالي ثمانية أعوام، هاجر الكثير من الكورد من بغداد إلى كوردستان ودول الجوار وأوروبا هرباً من الخدمة العسكرية وعدم قناعتهم بالحرب والحيلولة دون زجّهم في الحرب الطاحنة، حيث كان النظام يعتقل عوائل الهاربين من الخدمة ويعرّضهم للتعذيب والتجويع، وبعد انتصار انتفاضة شعب كوردستان في بداية تسعينيات القرن الماضي وبناء كيان إقليم كوردستان، هاجر الآلاف من كورد بغداد الى المناطق الآمنة في إقليم كوردستان، للخلاص من القتل والتشريد الذي كان يُمارَس ضدّهم، لذلك يمكن القول إن الكثافة السكانية الكوردية في بغداد قلت بشكل ملحوظ من بداية ثمانينيات الى نهاية تسعينيات القرن الماضي، ولكن رغم ذلك مايزال الكورد يشكلون نسبة جيدة في بغداد، أستطيع القول إن نفوسهم الآن في بغداد والمحافظات المجاورة يقارب أكثر من مليوني نسمة.
*مادور مكتب الحزب الديمقراطي الكوردستاني في بغداد لدى الكورد، وكذلك لدى الفعاليات السياسية والحكومة العراقية؟
**تواجُد الحزب الديمقراطي الكوردستاني في بغداد، على مستوى فرع يعود إلى نهاية أربعينيات القرن الماضي، والآن مايزال مقر الفرع الخامس للحزب موجوداً في بغداد، وله دورٌ كبيرٌ ومهمٌّ في تنظيم وقيادة الكورد البغداديين، فضلاً عن تنظيم فعاليات ونشاطات بالمناسبات الكوردية، وعلاقاته أيضاً مع الجمهور العربي في بغداد، الحزب استطاع بناء علاقات قوية مع طبقة المثقفين العراقيين في بغداد من الإخوة العرب والتركمان والمسيحيين، وجميع ساكني العاصمة، وفي تواصلٍ مستمرٍّ معهم، ويشارك الجميع بمناسباتهم الوطنية والدينية والمذهبية، ويمكن القول إن الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكوردستاني يسعى وبشكلٍ كبيرٍ لتعزيز العلاقات مع أبناء القبائل والعشائر العربية في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، وهناك تواصل وثيق بين الجانبين.
*كيف استقبلتَ نبأ سقوط النظام البعثي في سوريا بعد استبداد دام حوالي أربع وخمسين سنة؟ وهل توقعت أن يكون مصيره الهرب في جنح الظلام؟
**شخصيًا كمواطن كوردستاني، غمرتني مشاعر الفرح والسرور بشكل كبير، نظرًا للجرائم ومسلسل القتل والإرهاب الذي مارسه نظام البعث ضد الشعوب السورية وبالأخص ضد أشقائنا الكورد هناك، حيث كانوا يتعرّضون للقتل والدمار والتطهير العرقي بشتى الوسائل، ومحرومون من أبسط الحقوق الإنسانية، عليه كان سقوط نظام الأسد بمثابة تغيير جذري في سوريا والمنطقة بشكل عام، لكن ما نخشاه هو أن حُكّام سوريا الجُدد ومن خلال مواقفهم وسلوكهم ضد الكورد والأقليات لا تبشّر بخير، وإني أرى أن التغيير الحاصل هو مجرّد تغيير نظام حزب البعث بنظام الجولاني، فالنهج والعقلية التي لا تتقبل الآخر وعمليات الإقصاء والتهميش ماتزال تمارس من قبل النظام الجديد، ومنذ وصوله للسلطة خلال الأشهر الماضية لم نرَ منه خطوةً واحدةً توحي إلى أنه يختلف من حيث الممارسات والسلوكيات عن النظام السابق بالنسبة للأقليات، ومن هذا لمنطلق اعتقد بقاء النظام الحالي بهذه العقلية والسلوك الحالي من المستحيلات، مهما دُعم من دول الجوار والمنطقة، لأن أي نظام يفتقد الدعم الجماهيري من الداخل، ويخاصم شعبه لا يمكن له البقاء مهما دعمته قوى أجنبية.
*لماذا موقف بعض التيارات السياسية العراقية سلبي من نظام الحكم الجديد في سوريا إلى درجة أن بعضها أشهرت أنها ستسعى للقبض عليه إن حضر مؤتمر القمة العربية الذي عُقد في بغداد قبل أيام؟
**من الطبيعي كلُّ تيارٍ سياسيٍّ له موقفه الخاص من القضايا سلبًا كان أم إيجاباً، وتلك المواقف تخضع لحسابات خاصة بها، منها طائفية ومنها سياسية بحتة، ومنها عدم إيمانها بالطرف المقابل، فيما يتعلق بالنظام الجديد في سوريا ورئيسها وفريقه الحكومي، لهم خلفية هم يسمونها جهادية والطرف الآخر يصفها بالإرهابية، من هذا الباب، الجولاني وفريقُه غير مرغوب بهم من غالبية الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق، وهناك من هدّده من مغبة حضوره في مؤتمر القمة الذي عقد قبل أسبوعين في بغداد، في حين هذه الطريقة في التعامل السياسي مرفوض.
طالما اليوم الجولاني وسلطته حصل على دعم وتأييد إقليمي ودولي، إذاً: هو اليوم يمثل قمة الهرم في سوريا، ويجب احترام هذا الخيار مع التحفُّظ على كيفية وصوله للسلطة، عليه بناء العلاقات ينبغي ألا يخضع للمزاجيات الشخصية والعاطفية، العلاقات السياسية ينبغي أن تُبنَى على أساس المصالح المشتركة.
*قبل أيام مرت الذكرى الثامنة والخمسون على إصدار أول عدد من جريدة (التآخي) وهي إلى الآن مستمرة، ما الانطباعات التي في قلبك، وأنت رئيس تحرير الجريدة؟
**تعدُّ التآخي إحدى أعرق الصحف الكوردستانية الناطقة بالعربية، وقد صدر العدد الأول منها في 29 نيسان 1967 وذلك بأمر مباشر من الأب الروحي وقائد الحركة التحررية الكوردستانية (البارزاني الخالد) وقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وكان الهدف الأساس من إصدارها هو توضيح الخطاب الكوردي للمتلقي العربي، فضلاً عن توعية الجماهير والإشارة إلى مواطن الخلل في طريقة إدارة الحكم آنذاك بغية إيجاد حلول لها ومعالجتها، لذلك كانت (التآخي) وماتزال تسعى لتوعية وتثقيف الجماهير وتوضيح وجهة النظر الكوردية إزاء الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية، وفي الوقت ذاته عينٌ رقيبةٌ على أداء السلطة فيما يخص حاجة المواطنين، عليه كانت وماتزال منبرًا حرًا لجميع الأقلام العراقية ومن جميع المكوّنات والأطياف والتوجهات السياسية والفكرية، ومن هذا المنطلق كسبت ثقة جميع شرائح المجتمع العراقي، وأصبحت الصوت المعبّر عن آمالهم وطموحاتهم ، وشخصيًا تعرّفت على جريدة (التآخي) في بداية سبعينيات القرن الماضي وكنت أراها في أكشاك بيع الصحف في بغداد، وأقرأ مانشيتاتها الرئيسية فقط، ومنذ ذلك الوقت كانت إحدى أمنياتي أن يكون لي شرف العمل فيها موظفًا أو محررًا، لأنني كنت أشعر أن هذه الصحيفة هي قريبة لي، وتعبّر عن مشاعري وأحاسيسي الوجدانية والقومية، وشاءت الأقدار أن أكلّف من قبل مكتب الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي الكوردستاني سكرتيرًا لتحريرها وذلك في نيسان من عام 2015 وفي نهاية 2017 كُلّفتُ برئاسة تحريرها إلى اليوم والذي أعدُّه شرفًا كبيرًا لى، وأنا على قمّة هرم الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يعدُّ أحد أعرق الأحزاب الكوردية.
* كيف تقيّم بشكل عام الإعلام الكوردي؟ وهل استطاع هذا الإعلام إيصال صوت الكورد إلى خارج الحدود الكوردية، ونجح في إيجاد بيئات حليفة للكورد؟
**لو نريد أن نقارن بين الإعلام الكوردي في مرحلة الثورة والكفاح المسلح مع ما موجود اليوم، أكيد هناك فارقٌ كبيرٌ، وبون شاسع بين الأمس واليوم، بعد أن كنّا نمتلكُ إذاعة واحدة، وعدداً قليلاً من الصحف والمجلات في السابق، حمدًا لله اليوم نمتلك عشرات الفضائيات والإذاعات، فضلاً عن عشرات الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية التي تعمل على مدار الساعة، نعم في كلّ مراحل النضال تمكّن الإعلام الكوردي من إيصال الصوت الكوردي إلى داخل وخارج العراق وفقًا للإمكانيات المتاحة، واليوم الإعلام الكوردي يلعب دورًا أساسيًا في تغطية الأحداث المحلية والعالمية وصناعة الرأي العام، ويضاهي بل يتفوق أحيانًا على إعلام بعض دول المنطقة والعالم، لذلك شخصيًا متفائل من مستقبل إعلامنا في المراحل المقبلة التي تمرُّ بها قضيتنا الكوردية.
جواد ملكشاهي- بروفايل
-جواد كاظم علي أكبر الملشكاهي، ولد في الأول من شباط عام 1961 في قرية جبراوه التابعة لقضاء خانقين
-دخل المدرسة في الصف الاول من المرحلة الابتدائية في مدرسة كهريزوذلك عام 1967
وفي عام 1973 انتقل الى ثانوية نقابة المعلمين المسائية في منطقة السنك لاكمال المرحلة المتوسطة حيث كنت اعمل في النهارفي معامل النسيج والخياطة لمساعدة عائلتي واكملت مرحلة الاعدادية الفرع الادبي في نفس الثانوية في عام 1979 على ان يكمل دراسته الجامعية.
-في عام 1980 حينما شن نظام البعث المقبورحملة كبيرة لترحيل الكورد الفيليين كان من ضمن الذين اعتقلوا مع عوائلهم حيث هجرت عائلته الى إيران وتم احتجازه مع عدد كثيرمن اصدقائه من الكورد الفيليين في مديرية الامن العامة، ومن ثم سيقوا إلى سجن أبو غريب حيث كان اغلب شباب الكورد الفيليين في زنزانتها واستمرمدة الحجزاشهر وفي صيف من عام 1980 تم ترحيلي الى ايران مع عدد من زملائي الشباب.
– التحق بصفوق قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني في منطقة سربيل ذهاب وذلك في لجنة محلية خانقين التي كانت تابعة انذاك للفرع الثالث
-عمل في المجال الإعلامي منذ عام 1985 وذلك كمترجم في قسم الأخبار في إذاعة مدينة كرماشان في غرب كوردستان وفي عام 2003 حيث سقوط الصنم على يد قوات التحالف الدولي عاد الى بغداد عام 2004 عمل في إذاعة شفق الخاصة بالكورد الفيليين كمدير للإنتاج الإذاعي ومن ثم أوكل له إدارة إذاعة شفق.
-كتب العديد من المقالات باللغتين العربية والكوردية وباللهجتين السورانية والفيلية بالاضافة الى جانب عدد من القصائد الشعرية باللهجة الفيلية.
– في حزيران من عام 2012 انتخب سكرتيراً لفرع بغداد لنقابة صحفيي كوردستان ومن ثم عضو اتحاد الصحافة الدولي.
– رئيس تحرير جريدة (التآخي) لسان حال الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
=============
كوردستان – العدد 753