افتتاحية جريدة كوردستان العدد 753
من نافل القول، ومن المهم تكرار ماأكدنا عليه في العدد الماضي من صحيفتنا ( كوردستان) ان انعقاد كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في 26 نيسان 2025 كان محطة فارقة في مسار الحركة السياسية الكردية في سوريا. فقد لاقى هذا الحدث صدى واسعاً وترحيباً عارماً بين أبناء الشعب الكردي، أينما وُجِدوا، وفي ظل تخوّف وتوجّس مضطهدي شعبنا أينما كانوا كونه لم يقتصر على صياغة رؤية كردية مشتركة لحل القضية الكردية في سوريا، بل تجاوز ذلك إلى التوافُق على ضرورة تشكيل وفدٍ مشتركٍ وآليات واضحة لعمل الوفد ومهامه لتمثيل الكرد أمام حكومة دمشق في المرحلة المقبلة.
غير أنّ مرورَ أكثر من شهر على انعقاد المؤتمر دون تشكيل هذا الوفد، والإعلان عن ذهاب وفود إدارية وتكنيكية أثار قلقاً مشروعاً لدى الجماهير الكردية. فالتأخير غير المبرر، في ظلّ تجارب سابقة مازالت حاضرة في ذاكرة شعبنا، يدفع البعض إلى التّشكيك في جديّة تنفيذ الاتفاق، وهو ما لا يصبّ في مصلحة أحد. فالفرصة اليوم مختلفة؛ الظروف الذاتية الكردية، والإقليمية، والدولية، وحتى طبيعة تعاطي النظام السوري، كلّها عوامل تشير إلى إمكانية تحقيق اختراقٍ سياسيٍّ لمصلحة الشعب الكردي إن أحسنّا استثمارها. بالإضافة إلى وجود الظرف الدولي المناسب ودعم الأصدقاء.
وعليه، فإن الإسراع في تشكيل الوفد الكردي المشترك وفق صيغة الكونفرانس والتفاهُمات التي سبقته والتوجّه إلى دمشق بات ضرورة سياسية وأخلاقية، لا تحتمل المزيد من التأخير أو المماطلة. كما أن الاقتصار على هذا الوفد – بوصفه تعبيراً عن التمثيل الحقيقي للكرد – هو أكثر نجاعة من إشراك وفود أمنية أو عسكرية أو تكنيكية ذات طابع غير كردي، قد تشتّت الهدف، وتضعف الموقف الكردي في لحظة دقيقة كهذه.
إننا، في جريدة (كوردستان)، نناشد كافة الأطراف الكردية بتحمّل مسؤولياتها التاريخية، والاستفادة من هذا المناخ المواتي، على الصعيدين الذاتي والموضوعي، من أجل تحقيق تطلّعات شعبنا المشروعة في الحرية والكرامة، ضمن سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية لجميع السوريين دون إقصاء أو تهميش.