شادي حاجي
نتيجة متابعتي المتواضعة لصفحات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع اللالكترونية الكردية لاحظت أن بعض القيادات الحزبية الكردية في سوريا بدأت بالإقدام على الكتابة مؤخراً تعبيراً عن مواقفهم السياسية ومواقف أحزابهم وهذه خطوة إيجابية وذات أهمية بالغة تتيح للقيادات الحزبية الكردية التواصل بشكل مباشر مع المجتمع وإيصال رسائلهم وقراراتهم بوضوح وفعالية .
إن هذه الخطوة لاشك تمثل طريقة مثلى للتواصل مع المجتمع الكردي لتعزيز زيادة الوعي بالقضايا التي يتبناها الحزب وتقديم وجهات نظرهم بشكل معمق ومفصل ومثل هذه الكتابات تفتح باباً للحوار والتبادل الفكري وتتيح للجمهور العريض بمختلف فئاتهم وشرائحهم فرصة للتفاعل مع القيادات الحزبية وفهم مايدور منهم مباشرة وتقديم ملاحظاتهم واقتراحاتهم بدلاً من اعتماد الجمهور على التسريبات أو على الأخبار التي تشاع على أساس أن قيادي كردي صرح بهذا الأمر أو ذاك دون أن يذكر اسمه أو عن مصدر موثوق دون ذكر اسم المصدر وبنفس الوقت فمثل هذه الخطوة تؤثر إيجابياً في تعزيز صورة الحزب في المجتمع وتزيد من ثقة الشعب فيه وتساهم وتساعد على إلتفاف الشعب حوله وبناء قاعدة شعبية وتحقيق أهدافه .
ولكن مايحز في نفسي من وجهة نظري أنه مازال هناك بعض القيادات الحزبية تنقصهم الجرأة السياسية في مناقشة المداخلات والأسئلة التي تطرح عليهم والتفاعل مع كل مايتم طرحه على مايكتبون من منشورات وتصريحات على صفحاتهم على منصة التواصل الاجتماعي الفيسبوك وغيرها من المنصات وربما هذا الإحجام تأتي نتيجة الأساليب والأنظمة المتبعة وغياب الديمقراطية الداخلية في الأحزاب السياسية الكردية في سوريا وعدم ممارسة الأعضاء لدورهم بشكل ديمقراطي من حيث ممارسة الأعضاء للنقد الذاتي واحترام الرأي الآخر الذي أرى من وجهة نظري المستقاة من وحي تجربتي السياسية المتواضعة أنه لازال غائباً إن لم نقل منعدماً في مشهد حزبي يتجاوز عددها العشرات من الأحزاب المتشابهة حتى بعضها بالأسماء والأهداف والشعارات بسبب بعض القيادات الحزبية التي لا تؤمن بالرأي الآخر لأنها متشبعة في عمقها بقاعدة فرق تسد من أجل خدمة أجنداتها الشخصية الضيقة وكأننا أمام دكاكين تجارية وسمسرة خاصة لا يحق للغير قطف غلالها . وهذه الفكرة ليست حكم قيمة وإنما هي نتاج واقع حزبي مؤسف آلف التعيين والتناوب عبر انتخابات وتكتلات حزبية شكلية مؤقتة عوض المنافسة النزيهة وإعمال قاعدة البقاء للأصلح وغياب إعمال منطق الكفاءة في إسناد المسؤوليات الحزبية وهو ما لازال يشكل عائقا حقيقياً أمام بلوغ الكوادر في صفوف النساء والشباب على حد سواء مناصب المسؤولية داخل الأحزاب الأمر الذي ميع المشهد الحزبي الكردي في سوريا مما يفسر أحياناً أن المسألة لا ترتبط بنضال حزبي للبعض وأنا هنا لا أعمم فهناك من نجلهم ونقدرهم لما قدموه من تضحيات وإنما تدل على هناك من ينخرط من أجل الظفر بمنصب “قيادي” داخل أي حزب سياسي ولو لم يكن يؤمن بمبادئه وتوجهاته وكل ذلك أدى ويؤدي لتعاظم معضلة العزوف السياسي الحزبي الكردي في سوريا وخاصة لفئة الشباب المثقف والآكاديمي .
ولكن للأمانة والانصاف أن منظومتنا الحزبية بعد سقوط نظام بشار الأسد بدأت في خلق حراك إيجابي تكللت بتاريخ 26 نيسان/ إبريل 2025 بإنعقاد مؤتمر الوحدة الكردية باسم “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روجآفايي كردستان” في مدينة قامشلو وتمت خلال الكونفرانس المصادقة على الورقة الكردية المشتركة ( الرؤية السياسية الكردية المشتركة ) وإقرار تشكيل وفد كردي مشترك في أقرب وقت للعمل على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع سياسي والتواصل والحوار مع الأطراف المعنيَّة لتحقيق مضامينها.
إلا أنه يبدو أن العقلية الحزبية المتحكمة بمفاصل القرار لم تتغير وتستمر في التعاطي مع القضايا المصيرية للشعب الكردي في سوريا وقضيته العادلة بنفس يحن إلى الماضي، بكل سلبياته كما بإيجابياته المحدودة الضيقة في بعض الأمور غير أن العالم يتغير من حولنا بشكل متسارع ويتحول امتثالا لتسارع الأحداث والمعادلات السياسية الداخلية السورية والدولية والشرق أوسطية ولسنة التطور والتغيير وبالتالي فعلى ساستنا تغيير مناهج عملهم وإحداث ثورة في أنظمتهم الحزبية وفي الهيكلية الحزبية والسلوك والممارسة دمجاً وتوحيداً وإن لم يكن فتنسيقاً وتعاوناً وتحالفاً وتشكيل أحزاب مؤسساتية قوية إذا ما أرادوا التغلب على صعاب الحاضر من أجل رفع تحديات المستقبل .
وإلى مستقبل أفضل
ألمانيا في 28/5/2025