ايها المهرولون نحو دمشق… مهلاً؟!!

المحامي محمود عمر

 أيها المهرولون نحو دمشق مهلاً فحري بنا جميعا في هذه المرحلة الحيوية والحساسة والمفصلية ـ أن نجعل القضية الكوردية وحلها فوق أي اعتبار آخر،علينا أن نبتعد ولو  قليلا عن أنانياتنا واصطفافاتنا الخلبية ، وأن يكون وحدة الموقف الكوردي نصب أعيينا في كل وقت وحين ،وأن لا ننخدع بالأقوال المعسولة والدعوات إلى لقاء أو محفل هنا أوهناك ،وكلنا يعلم علم اليقين بأن الهدف الخبيث والوحيد وراء هذا الاستدراج هو خرق وحدة الصف الكوردي وإضعاف موقفنا وتشتيت شملنا حتى تختل موازين قوة الكورد، للتمكن فيما بعد من لي ذراعنا والقبول بأدنى المطالب ،وتمييع قضيتنا كقضية شعب يعيش على أرضه التاريخية منذ الأزل .وعلينا جميعا في وعلى مفترق  الطرق هذا أن ننهج منهج ذلك الإمام الذي أغلق باب المسجد وحمل مفاتيحها مغادرا دون صلاة حين تنازع فريقان على كيفية أداء الصلاة فيها كل فريق يريدها على مذهبه قائلا:(ان وحدة المسلمين أولى من أداء الصلاة جماعة في المسجد).

أيها المهرولون إلى دمشق.. مهلاً… فلنا في تاريخنا عبرة وعظة مأساوية من استغلال صفة الطيبة في الشعب الكوردي من قبل اخوتنا في التاريخ الجغرافيا والدين،اخوتنا الذين كانون يطلبون منا العون والمساعدة والوقوف إلى جانبهم في الملمات ويحلفون بأغلظ الإيمان بأننا وهم سنكون سواء وسواسية في السراء والضراء، في الحقوق والواجبات، ولكنهم  سرعان ما كانوا يكشرون عن أنيابهم كلما سنحت لهم الفرصة وانتقلوا من مواقع الضعف إلى مواقع القوة، كاموا  سرعان ما  ينقضون الوعود والعهود التي كانت تبرم معنا على اللسان،وينعتوننا بأسوأ الصفات، ينقلونا من خانة الاخوة إلى خانة الأعداء ،ويمارسوا بحقنا أفظع الجرائم والويلات، فمهلا ايها المهرولون نحو دمشق لا تكرروا المشهد فينا ، فالطريق إلى جهنم  يكون ـ أحيانا ـ مفروشا بالنوايا الطيبة،وبئس الدستور دستور يقوم على اللسان فلا يغرنكم الكلام المعسول والهدايا والعطايا.

أيها المهرولون نحو دمشق مهلاً… تنفسوا الصعداء.. وتذكروا بأن بضاعتنا ثمينة وأننا أصحاب حضارة سامية ونبيلة وان الحياة على هذا الكوكب بنسخته الثانية قد انطلقت من أرض كوردستان ،حين رست سفينة نبي الله نوح على جبل (الجودي) وأننا على مر التاريخ الموغل في القدم قدمنا للإنسانية حضارات مزدهرة  وبنينا ودول وإمارات قائمة على العدل والمساواة  وبرز من بيننا قادة فاتحين  وشعراء وفلاسفة ومؤرخين تكتظ أمهات كتب التاريخ في الحديث عنها وعنهم ،وفي سوريا المتشكلة بحدوده القائمة  شاركنا اخوتنا في كل معارك البناء والتحرير، وحين تنكروا لشراكتنا وحقوقنا  ـ ككل مرة ـ بعد ان استتب لهم الأمر ـ وبعد أن استبد بهم الاستبداد حيث تنخى الجميع إلا ثلة قليلة من اخوتنا ـ بقينا ـ نحن الكورد ـ وحيدين نحمل ـ ولعقود خلت ـ راية النضال والتضحيات في وجه ألة الاستبداد والفساد ،وحين ثرنا وأسقطنا أصنام الطغيان والخوف في انتفاضة قامشلو عام 2004م   وقف في وجهنا كل دعاة التحرير ،وفي انتفاضتنا هذه قدمنا عشرات الشهداء ومئات المعتقلين ،وحين  بدأت الثورة السوري كنا في مقدمة الحراك الذي طالب برحيل النظام تشهد لنا الساحات وأيام الجمع وأساميها وباكورة أسماء شهدائها …مشعل تمو …نصرالدين برهك…وغيرهم العشرات، فتمهلوا أيها المهرولون إلى دمشق  ففي جعبتنا الكثير وبضاعتنا بضاعة فرسان نبلاء حملوا هم قضية عادلة وسامية رغم كل  الجور والظلم ،وبذلوا لأجلها الغالي والنفيس لذلك اصبروا وانتظروا فإننا نحن الكورد وعلى مر التاريخ والزمان لا نخجل من نشر غسيلنا أمام القاصي والداني وأمام أي كان.     

أيها المهرولون نحو دمشق مهلاً…فما الضير وقبل السفر أن نراجع حساباتنا  قليلا ونعمل جردة حساب وما الضير أن نقر ونعترف بأننا فشلنا وأخطأنا هنا أو هناك في اصطفافاتنا وتحالفاتنا ،وان بوصلتنا قد أخطأت أحيانا الاتجاه ،وكنا أحيانا في الضفة الخطأ طيلة الأزمة السورية ، لماذا لا نعترف ـ والاعتراف فضيلة ـ  بأن الكثير منا كان أسير مصالحه الشخصية والحزبوية، ويقينا ان فعلنا ذلك وكنا صادقين مع ذواتنا واعترفنا بأخطائنا واعتذرنا لشعبنا ولو لمرة واحدة وتعاهدنا على الصدق والاستقامة وفتح صفحة جديدة مع بعض تكون أولويتها قضيتنا العادلة فان شعبنا الأصيل دوما يسامح ،ولن يقيم أحد علينا القيامة وينزع منا مناصبنا وكراسينا. ولنتذكر جميعا بأن الاعتذار فضيلة وبها يعاد للمرء اعتباره وهيبته.

ايها المهرولون نحو دمشق مهلاً.. ففي الأمس القريب تكالب كل شذاذ الأفاق علينا احتلوا بعض مدننا وقرانا ومارسوا فيها أبشع الجرائم وما زالت مأساة شنكال تحاكي حجم بشاعتهم ووحشيتهم، وانه لولا بطولات شبابنا وشاباتنا في( قسد )لتمادوا في غيهم وعاثوا فسادا في كل مناطقنا وأحرقوها لنغدو جميعا عبيدا نباع في أسواق نخاستهم القذرة ،وأصبحت نساؤنا سبايا تشترى وتباع كسلعة وموطىء للإستمتاع، وألا يخبرنا الواقع المعاش بأنه لولا وجود هذه القوة لربما كان حالنا أسوأ من حال بقية اخوتنا في الساحل والجنوب، وبخاصة في ظل هذه الحرب الإعلامية المسعورة وخطاب الكراهية الممنهج ضد الكورد، الا يستدعي كل ذلك أن نتخلى ولو قليلا عن (الأنا)  وأن لا ننخدع مرة أخرى بالوعود ونلهث وراء هذا أو ذاك مهما كانت المغريات ونقف جميعا صفا وصوتا واحد خلف قواتنا حتى تعبد لنا طريق التفاوض والإقرار بمطالبنا المشروعة، كي تقف (قسد) بعدها وبقوة خلف الوفد الكوردي المفاوض لوضع دستور عصري يقر بحقوقنا كاملة دون انتقاص دستور يلبي حاجات ومطالب كل السوريين السامية والعادلة..تمهلوا .فالمثل الكوردي يقول: (أن الصخور الكبيرة ان تحركت من مكانها فقدت هيبتها ومكانتها).

ايها المهرولون نحو دمشق…. مهلاً … فما هكذا ترد الحقوق… الحقوق لا يتصدق بها أحد وإنما تؤخذ بالقوة كما قال الشيخ الشهيد (محمد معشوق الخزنوي)، واعلموا ان قوتنا في وحدتنا وبها تنال كل مطالبنا المحقة وبها يهابنا ويحترمنا الصغير والكبير, كما دعانا اليها بقصائده الجميلة الشاعرالكوردي الكبير الفيلسوف المتصوف( أحمدي خاني) منذ قرون خلت، أيها المهرولون إلى دمشق مهلا لا تدعو الفرصة تفوتنا هذه المرة ككل مرة  فالفرص في حق الشعوب  تتكرر كل مائة عام مرة واحدة . 

  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خبر صحفي : أصدر آل عبدي الهدو في أوروبا بيانا هاما موجها إلى جميع عشائر المنطقة المقيمين في أوروبا، تضمن قرارا جماعيا يقضي بإلغاء جميع مراسم العزاء في دول المهجر، والاكتفاء بإقامتها حصرا في الوطن، مع قبول التعازي في أوروبا عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط. وقد جاء هذا القرار بعد مشاورات واسعة وموافقة صريحة من كبار السن ووجهاء…

مصطفى جاويش لو اتيح لي محاكمة الرئيس السوري السابق بشار الاسد لما حكمت عليه بالاعدام شنقا كما حكم على الاف المناضلين السوريين بالاعدام بتهم مختلفة، ولما حكمت عليه رميا بالرصاص كما رمى على الاف السوريين المتظاهرين سلميا وقتلهم، ولا حكمته حرقا كما حرق الثائرين على حكمه احياء واموات، وكانت رائحة حرق الجثث تفوح وتملا سماء حلب وخاصة في الصباح الباكر….

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…