الكرامة الإنسانية… وعدٌ لا يجب أن يُكسر

خالد حسو

في العاشر من ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم بـ يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ ذلك اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 وثيقةً أرادت أن تكون مرجعاً للكرامة والحرية والمساواة بين البشر جميعاً. يومٌ لا يُراد به الاحتفال فقط، بل التذكير المستمر بأهمية الحقوق والحريات الأساسية، وبالمسؤولية الأخلاقية التي يحملها العالم لحمايتها والدفاع عنها.

ورغم هذا الإرث الإنساني العظيم، ما تزال انتهاكات حقوق الإنسان تتكرر في أماكن كثيرة من العالم. تُسلب الحقوق، وتُطفأ الأصوات، وتُمحى الهويات، وكأن العالم لم يتعلم بعد أن العدالة لا تتجزأ، وأن كرامة الإنسان ليست امتيازاً بل حقاً يولد معه.

ومن بين الشعوب التي حملت جراحاً طويلة في مسيرتها نحو الحرية، يبرز الشعب الكوردي مثالاً مؤلماً على نضال لا ينقطع. شعبٌ طالب عبر تاريخه بحقه الطبيعي والمشروع في الاعتراف بهويته القومية والإنسانية والقانونية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وبحقه في تقرير مصيره وفق المواثيق الدولية وميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين.

لقد ناضل شعبُنا الكوردي من أجل الحرية والكرامة والوجود، لا رغبةً في صراع أو انقسام، بل دفاعاً عن حقٍ أصيل في أن يعيش بسلام على أرضه. نحن الكورد نرفض الظلم والاستبداد، ونؤمن بوطنٍ يتّسع للجميع؛ وطنٍ آمنٍ ومستقر يقوم على العيش المشترك والتعاون بين كل القوميات والمكوّنات والأديان.
ونرفض الحقد والكراهية والتمييز والتطرّف والإبادة بكل أشكالها، لأن الإنسان لا يمكن أن يكتمل إنسانيته إلا حين يكتمل احترامه للآخر.

إن القيم التي حملها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي ذاتها القيم التي نناضل من أجلها: العدالة، الكرامة، الحرية، والمساواة. وما نطمح إليه هو وطن يحتضن تنوّعه، لا وطن يخشاه؛ وطن يجمع ولا يفرّق.

وعسى أن يكون هذا اليوم—10 ديسمبر—رمزاً حقيقياً للحياة والحرية والكرامة والمحبة، وأن يذكّر العالم بأن الإنسانية مسؤولية مشتركة، وبأن حق الشعوب في الوجود والكرامة لا يمكن مصادرته.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مشهد نافر – مغص – فرحة السوريين يوم الثامن من \ ديسمبر \ ، يوم اسقاط الاستبداد ، وحولت الفرحة بالتحرير من جانب الوطنيين السوريين الذين وقفوا مع العهد الجديد الى القلق ، والمزيد من التساؤلات المشروعة وابرزها : ١ – شارك في استقبال – العراضة – العسكرية الخائبة سبعة الى جانب الرئيس الانتقالي ، مع استبعاد من…

عزالدين ملا تمرُّ سوريا في مرحلة تاريخية فريدة من نوعها، حيث تتداخل فيها العديد من العوامل الداخلية والخارجية، وتتشابك فيها مصالح الدول والأطراف المختلفة، مما يجعل مستقبلها مرهوناً بقدرتها على التعامل مع هذه التحديات بمرونة وذكاء. فبعد سنوات طويلة من الصراع والدمار، باتت البلاد على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب رؤى استراتيجية واضحة، واستراتيجيات مَرِنة تواكبُ التغيرات، وتتعامل مع كل الاحتمالات،…

شكري بكر كثيرون من تحدثوا عن خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول سوريا الذي قال فيها : أن واشنطن ملتزمة في دعم سورية مستقرة وموحدة . هنا سؤال يطرح بقوة بقوة : هل عامل إستقرار سوريا ووحدتها مشروطة بإقامة النظام المركزي أو اللامركزي ؟. نعم خطاب ترامب واضح أنه سيدعم سوريا مستقرة وموحدة ، لكن تحديد هوية النظام المناسب…

هوزان عفريني بعد أن دام حكم النظام البعثي الفاشي 63 عاماً، وحكم عائلة الأسد 55 عاماً، انتهى هذا الحكم في 8 ديسمبر من العام 2024، لتدخل الشعوب السورية مرحلة جديدة تشتم فيها هواء الحرية، ويشرق فجر الأمان. اذ تحررت سوريا من ظلمات السجون والمقاصل في فرع فلسطين وعدرا وصيدنايا وتدمر، ومن حكم جماعة البعث العروبي الشوفيني التي حكمت…