المثقف الحقيقي: روح المقاومة وقلعة الحق

خالد حسو

المثقف الحقيقي هو ذلك الشخص الذي يتجاوز حدود الانتماءات الضيقة، سواء كانت قومية أو دينية أو مذهبية، ويتبنى رؤية إنسانية شاملة تقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم. إنه الشخص الذي لا يميز بين الناس على أساس اللون أو الشكل أو الحالة الاجتماعية أو الاقتصادية، بل يتعامل مع الجميع بكرامة واحترام.

المثقف الحقيقي هو من يدرك تعقيدات الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي، ويسعى لفهمها بعمق ودقة. إنه يتأثر بقضايا مجتمعه ويتحمل مسؤوليته تجاهها، ويدافع عن حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها. يتصف بالحكمة والعدل، ولا يخضع لتحيزات أو تعصبات ضيقة.

في هذا السياق، نجد أن الشعب الكوردي، بفضل نضاله الطويل من أجل الحرية والكرامة، يقدم نموذجاً رائعاً للمثقف الحقيقي الذي يقاتل من أجل حقوقه وحقوق شعبه وحقوق الآخرين من الشعوب والقوميات والمكونات والأديان. الكورد لا يمتلكون ثقافة الحقد والكراهية اتجاه أحد، بل كانوا ولا زالوا يحترمون خصوصية الجميع من الشعوب والقوميات والمكونات والأديان واللغات.

لقد تحمل الكورد العديد من التحديات والصعوبات، ولكنهم ظلوا متمسكين بهويتهم وثقافتهم، ويسعون لبناء مستقبل أفضل لأنفسهم وللأجيال القادمة. من خلال التزامهم بقيم التضامن والتعاون، وتمسكهم بحقوقهم المشروعة، أثبت شعبنا الكوردي أنهم شعب عظيم يمتلك إرادة قوية وروحاً مقاومة.

إن الدفاع عن القضية الكوردية ودعمها ليس فقط مسألة حقوقية، بل هو أيضاً دعم لقيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمعات، يأتي دور المثقف الحقيقي ليكون صوتاً للحكمة والعدالة، ولينير الطريق نحو مستقبل أفضل وأكثر إنسانية. من خلال التزامه بروح النقد البناء والعمل الدؤوب، يساهم في بناء مجتمع أكثر تسامحاً وتفاهماً، حيث تُحترم فيه الحقوق والحريات، وتُعزز فيه قيم التضامن والتعاون.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين المجتمع الأمريكي من اكثر المجتمعات بالعالم تنوعا من النواحي العرقية ، والثقافية ، والجنسية ، فبخلاف اهل البلاد الأصليين من الهنود الحمر الذين عاشوا الحياة البدائية لقرون غابرة ، والذين انقرضوا بمرور الزمن ، هناك مئات الملايين من مهاجرين من عشرات الانتماءات القومية ، والثقافية لشعوب أوروبا ، وافريقيا ، وآسيا ، وامريكا اللاتينية ، وأستراليا تعاقدوا منذ…

زاكروس عثمان في النقاشات السياسية المتصلة بسوريا، يبرز خطاب إعلامي موجَّه يعتمد على مغالطات لغوية – سياسية تُستخدم لترسيخ رواية السلفية–التكفيرية حول “الدولة الواحدة” و“هيمنة الأغلبية”. ومن أخطر هذه المغالطات ما جاء به الإعلامي السوري فيصل القاسم في مقاله المنشور في صحيفة القدس العربي يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025 بعنوان: «متى حكمت الأقليات في الديمقراطيات؟». يبدأ القاسم مقاله بهجوم حاد…

د. محمود عباس من أخطر الظواهر التي تعيد إنتاج عصور الجهل والظلام في واقعنا السوري الراهن، تلك الموجة المسعورة التي تستهدف المفكرين والكتّاب الأحرار، ومن بينهم الكاتب الكوردي (هوشنك أوسي) وسائر الأقلام الديمقراطية المستقلة، التي تكتب بضمير وطني حرّ، والتي ندينها بأشد العبارات. فالهجمة لا تصدر عن نقد فكري مشروع، بل تُشنّ بأدوات التكفير والتحريض من قبل فلول التطرف وبقايا…

جليل إبراهيم المندلاوي في الوقت الذي صار فيه المقعد النيابي أكبر من صاحبه، وأضيق من أن يتّسع لفكرة الديمقراطية، خرج علينا مشهدٌ يلخّص أزمة السلطة حين تنقلب على أصل معناها، ففي قضاء الدبس الهادئ، استيقظ الأهالي على عرض أكشن سياسيّ حيّ.. حيث اقتحم نائب منتخب بيت مواطن لأنه تجرأ وكتب تعليقا على فيسبوك، عجبا.. يبدو أن الديمقراطية عند البعض تتحسس…