خالد حسو
كلما اقتربنا من الحلم، خرج من بين صفوفنا من يبيعه في الظلام بثمن قبيلة، أو مقعد، أو صورة على شاشة. نحن الكُورد، لا نُهزم من الخارج كما يُهزم الآخرون، بل نُهزم من الداخل، من أنانيتنا التي صارت دينًا، ومن صغارٍ يظنون أنفسهم زعماء على أمةٍ من الجبال.
لقد تحوّلت قضيتنا من نداءٍ للأرض والكرامة إلى بازار للمصالح الشخصية، يتناوب عليه الطامحون إلى سلطةٍ فوق أنقاض الجرح.
لم تعد القضية قضية وطنٍ محتل، بل ساحة تنافس بين من يظن نفسه المخلّص، ومن يبيع دم الشهداء بثمن الخلود الإعلامي.
كل حزبٍ صار وطنًا، وكل رايةٍ تُرفع ضد الأخرى، وكل زعيمٍ يحلم أن يُخلَّد حتى ولو على جثث قومه. صرنا شعبًا يأكل ذاته في وضح النهار، يجلد أبناءه باسم القضية، ويصفق للخيانات طالما صاغتها يدٌ من عشيرته.
السياسة عندنا ليست فن الممكن، بل فن الانقسام. نقاتل بعضنا بشراسةٍ تفوق حربنا مع الأعداء، ونرفع راياتٍ ملطخة بالدم الكوردي، ثم نسأل ببراءة: لماذا لا يحترمنا العالم؟
العالم لا يحترم من يجلد نفسه، ولا يسمع صوت أمةٍ تتنازع في القبور.
لقد نسينا أن القوة لا تأتي من كثرة البنادق، بل من وحدة الهدف. ونسينا أن الكرامة لا تُبنى بخطابات الغضب، بل بعقلٍ يعرف متى يصمت، ومتى يضرب، ومتى يفاوض.
الأنانية الكوردية اليوم أخطر من كل جيوش الاحتلال. هي المرض الذي يأكل حلمنا من الداخل، يُحوِّل الرفيق إلى خصم، والرمز إلى تاجر، والوطن إلى مشروعٍ صغير بحجم الطموح الشخصي.
يا أبناء الجبال، لقد تعب الحجر من صبرنا، وتعبت الأرض من انتظارنا. فإما أن نكون أمةً تُشفى من أنانيتها وتتعلم أن تحب نفسها ككلٍّ واحد، أو نبقى أشلاء حلمٍ تمشي على أرضٍ لا تعترف بنا إلا كظلٍّ لحلمٍ كان.