زاهد العلواني آل حقي
من المؤسف أن بعض من يرفعون راية ” الوعي القومي ” بين الكرد، لم يعودوا يميّزون بين من ينصحهم بعقل ومن يطربهم بكلمات جوفاء. أصبحنا نرى مشهداً مكرراً، كاتب أو مفكر كردي صادق يتجرأ على طرح فكرة خارج المألوف أو ينتقد عيباً في بنية المجتمع والسياسة الكُردية، فيُهاجم فوراً وكأنه عدو وتُرمى عليه التهم الجاهزة، “عميل” ، “محبط”، ” ضد الكُرد “، بينما لو جاء أفريقي، أو من مدغشقر وقال ما يُرضي العاطفة لدى الشارع الكُردي” حتى لو كان كلامه مضراً” صُفق له طويلاً ووُضع فوق الرؤوس.
هل هذا وعي شعب تريد الحرية؟ أم مزاج جمهور يبحث عن من يغازله لا من ينهض به ؟
أيها الشارع الكردي في سورية، الحقوق لا تُؤخذ بالصوت العالي ولا بالشعارات الفارغة، بل بالحوار ، بالعقل، بالاتفاق، وبالجرأة على نقد الذات قبل نقد الآخرين.
الاختلاف في وجهة النظر ليس خيانة، بل ضرورة.
من يخالفك الرأي لايهدم قضيتك، بل يحاول إنقاذها من الغرق.
ومن يجاملك على حساب الحقيقة هو من يطعن ظهر الكُرد بابتسامة عريضة.
أقسم بالله في جزيرة بوهتان وعلى مدى 200 سنة قد خلت، أهلها لا تخاف من رأي مختلف، بل تضعه في ميزان الضمير، ولهذا منذ عام 2004 وليومنا هذا حزب الشعوب الديمووقراطي جناح pkk السياسي خاضت قرابة 18 دورة إنتخابية رئاسية وبرلمانية وبلديات لم تتجاوز نسبتهم 12% من أصوات الكُرد ، ويبلغ عددهم مابين 25~30 مليون مواطن كُردي، لذا أقول، لن تبني مؤسسات ولا دولة ولا مشروعاً حقيقياً بدون إنتقاد أو وجهة نظر ، فالأمم التي تحترم نفسها، تحترم أولاً من يفكر بعقل لابعاطفة، وهذا مايحصل في أوربا، فالحوار هو القوة، أما الجدال الأجوف فهو طريق الضعفاء.
الكُرد لا ينقصهم الشجعان في القتال، بل ينقصهم الشجعان في التفكير والإنتقاد، والرأي والرأي الآخر.
دعونا نكسر هذا القيد الذي صنعته بعض الأحزاب، على مبدء الماركسيين، لا تتكلم، لا تنتقد، نحن أدرى بمصلحتكم ، نحن نفكر ونقرر مصيركم، أي كسر قيد التصفيق لمن يُرضينا، والهجوم على من يُوقظنا.
إن أراد الكرد مستقبلاً يليق بتضحياتهم حالهم حال الشعب السوري، فعليهم أن يتعلموا أولاً أن الاختلاف لا يُلغى، بل يُدار… وأن الحقيقة لا تُقاس بعدد المصفقين لحزب بعينه .
( اللهم أخرجني من ذل نفسي ).