الأكراد بين وحدة المرجعية وتشتت الأحزاب

زاهد العلواني آل حقي

تاريخياً، في زمن الخلافة العثمانية، وحدة المرجعية كانت مابين1840~1925، وتشتت الصوت الكردي بعد ظهور الأحزاب، من بدايات الجمهورية التركية الى يومنا هذا، كان الشعب الكردي بمختلف ثقافاته ومناطقه يلتف حول شخصية جامعة، يحترمها ويخلص لها بصدق، ويستمد قوته من الشعب، مما منح الكرد ثِقلاً وتأثيراً على الحكومات المحيطة، إيران،تركيا،العراق. كان الولاء في معظمه دينياً واجتماعياً، حيث تصدّر المشايخ والملالي والوجهاء المشهد، فكوّنوا مرجعية طبيعية للمجتمع الكردي، وكان صوتهم أقوى من أي تنظيم سياسي، لدرجة تحركت جيوش ضد ثوراتهم .

لكن مع ظهور الأحزاب الحديثة، بدأ التمزق في الصف الكردي، فالكثير من المشايخ والمتدينين والوجهاء الذين لهم تأثير على المجتمع ابتعدوا عن هذه الأحزاب، معتبرين أن مشروعها لا يعبّر عن هوية المجتمع الكردي وقيمه، فبقي تأثيرهم الشعبي أكبر بكثير من تأثير تلك الأحزاب. ورغم الضجيج الإعلامي والسياسي، في تركية لم تتمكن( HDP ) في أفضل الأحوال من تمثيل أكثر من 12% من الشعب الكردي، بينما عدد سكان الكُرد، حسب دراسات واستطلاعات الشركات مابين 24~30 مليون.

إن المعضلة اليوم ليست في غياب الكفاءات أو فقدان القضية، بل في غياب المرجعية الجامعة التي تلتف حولها مختلف المكونات الكردية. فالأحزاب بمشاريعها الضيقة شتّتت الصوت الكردي، بينما يظل المجتمع بحاجة إلى قيادة نابعة من قيمه وثقافته(منهم و فيهم) قيادة تنبع من عمق الناس لا من صراع المقاعد والشعارات.

وهنا يبرز السؤال الأهم: هل سيبقى الكرد أسرى تشتت الأحزاب، أم يعودون إلى وحدتهم الطبيعية حول مرجعية أصيلة تعبّر عن ضميرهم وهويتهم ؟ 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…