ثقافة السلام والمحبة

المهندس باسل قس نصر الله

السلامُ هو الهدفُ الأسمى الذي يسعى إليه البشرُ، ويعدُّ أساساً للمجتمعاتِ المتحضرةِ. ولقد حددَ البابا يوحنا بولس الثالث والعشرون عواملَ السلامِ الأساسيةِ في أربعةِ متطلباتٍ للروحِ البشريةِ: الحقيقةِ، العدالةِ، المحبةِ، والسلامِ. هذهِ المبادئُ هي الركيزةُ الأساسيةُ لبناءِ عالمٍ خالٍ من النزاعاتِ، حيثُ يتحققُ السلامُ ويعمُّ الحبُّ بينَ الأفرادِ.
في جميعِ الأديانِ السماويةِ، نجدُ دعوةً قويةً للسلامِ والمحبةِ. لا يوجدُ دينٌ يحثُّ على البغضِ أو التعصبِ. بل الأديانُ تركزُ على المحبةِ والسلامِ والصبرِ. رغمَ ذلكَ، نرى في وقتِنا الحاضرِ ظاهرةً غريبةً، حيثُ سادتْ بعضُ التصرفاتِ الضيقةِ الأفقِ والمتعصبةِ التي كانتْ في الماضيِ على الهامشِ، لكنها أصبحتْ اليومَ في مواقعٍ مؤثرةٍ. هذهِ الظاهرةُ تؤثرُ سلباً على الروحِ الحقيقيةِ للأديانِ، فتبتعدُ عن قيمِ التسامحِ والمحبةِ.
في الحديثِ الشريفِ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “إنما جعلَ الاستئذانُ من أجلِ النظرِ”، مشيراً إلى أهميةِ الاحترامِ والخصوصيةِ في العلاقاتِ الإنسانيةِ. كما قالَ صلى الله عليه وسلم: “أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم”. هذا الحديثُ يعكسُ أهميةَ السلامِ كوسيلةٍ لتوطيدِ العلاقاتِ وتأسيسِ مودةٍ بينَ الناسِ، حيثُ إنَّ السلامَ ليس مجردَ غيابٍ للحروبِ، بل هو احترامٌ متبادلٌ.
في عالمِنا اليومِ، أصبحنا نعيشُ في مجتمعاتٍ متعددةٍ الثقافاتِ والأديانِ، مما يوجبُ علينا تجاوزَ الحدودِ العرقيةِ والدينيةِ والعملِ على نشرِ قيمِ التسامحِ. إذا أردنا بناءَ عالمٍ أفضلَ، علينا أن نركزَ على الاحترامِ المتبادلِ، لأنَّ الاختلافَ لا يعني العداءَ، بل فرصةً للتعاونِ.
الوقتُ اليومَ يتطلبُ إعادةَ النظرِ في التصرفاتِ المتعصبةِ والعملِ على نشرِ ثقافةِ الحوارِ والمصالحةِ.
السلامُ والمحبةُ هما السبيلُ لتحقيقِ الرفاهيةِ والازدهارِ للبشريةِ جمعاءَ.
اللهم اشهد بأنني بلّغت

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…