قسد بوابة خلاص سوريا من الاستبداد والإرهاب قسد أمل الخلاص للشعب السوري

د. محمود عباس

على قوات قسد والإدارة الذاتية، ومعهما الحراك الكوردي عامة، أن يدركوا أن أنظار السوريين اليوم تتجه نحوهم كأمل أخير للخلاص، فالمكونات الوطنية، من الموحدين الدروز، إلى المسيحيين والعلويين، مرورًا بالشريحة الواسعة من المسلمين السنة الوطنيين، ترى فيهم المنقذ من براثن الاستبداد الجديد، الذي لا يقل خطورة على الوطن من النظام البعثي المجرم الذي انهار.

ومن هنا، فإننا نأمل من قسد والهيئات التي تدخل في حوارات مع حكومة أحمد الشرع – الجولاني، أن تتحلى بأقصى درجات الحذر، وألا تنجرّ إلى القبول بقيام نظام مركزي استبدادي يعيد إنتاج الطغيان، أو الرضوخ لإملاءات القوى الإقليمية، فالدول الكبرى، في النهاية، ستقف مع الطرف الذي يقدّم على الأرض نموذجًا حضاريًا حيًا لديمقراطية حقيقية، وهو ما أثبتته قسد والإدارة الذاتية في مناطق سيطرتها.

كما نأمل من الهيئة الكوردية المنبثقة عن مؤتمر قامشلو أن تجعل من صلب أولوياتها التمسك بالنظام اللامركزي السياسي والفيدرالية، ودعم قسد والإدارة الذاتية، وهذا ما سيجعلها سندًا لطموحات جميع مكونات الشعب السوري، لا للكورد وحدهم.

لقد كان الحراك الكوردي، على مدى أكثر من نصف قرن، صوت الشارع الكوردي ودرعه القومي، مع ذلك كان دائما يطالب ببناء سوريا عصرية عادلة، لكن مهماته اليوم، وبعد ذوبان المعارضة العربية الوطنية، تجاوزت حدود الدفاع عن القضية القومية، لتصبح مهمة وطنية كبرى، المساهمة في صياغة دولة ديمقراطية جديدة، وقيادة مشروع إنقاذ وطني ينتظره السوريون جميعًا يتمثل في النظام اللامركزي الفيدرالي، والنسبة الواسعة من الشعب السوري باتت تنظر إلى الكورد على أنهم حجر الأساس في منع سقوط الوطن في مستنقع الظلام الذي تدفع إليه المنظمات الإرهابية وأدوات الاستبداد.

والأهم اليوم، هي إن قوات سوريا الديمقراطية لم تعد مجرّد قوة عسكرية تحارب الإرهاب، بل أصبحت ركيزة وطنية يُعوَّل عليها في حماية ليس فقط منطقة الإدارة الذاتية بل مستقبل سوريا، فهي التي أثبتت أن التعددية والتعايش يمكن أن يتحولا إلى نظام سياسي على أرض الواقع، وهي التي دفعت أثمانًا باهظة في مواجهة داعش دفاعًا عن العالم بأسره، واليوم، تقع على عاتقها مهمة أعمق، أن تكون الضامن لبناء دولة لامركزية ديمقراطية، تحمي حقوق جميع المكونات السورية وتمنع عودة الاستبداد بوجه جديد، فحيث تقف قسد كقوة ديمقراطية ترفض الانخراط في وزارة تترأسها حكومة مركزية تستند على منظمات تكفيرية، يقف الأمل الأخير لسوريا أن تُبعث من تحت الركام.

 

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

24/8/2025م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…