دلدار بدرخان
في بدايات حرب الاستقلال التركية، اصطفّ العديد من الزعماء والعشائر الكُردية إلى جانب مصطفى كمال أتاتورك في مواجهة الاحتلال الأجنبي، فقد كان الخطاب السائد لكمال اتاتورك آنذاك يقوم على وعود بأن الدولة الجديدة ستكون “وطناً مشتركاً للترك والكُرد ” وأنها ستبنى على أساس الشراكة والأخوة.
حتى أن البرلمان الأول في أنقرة عام 1920 ضم نواباً من الكُرد ، وكانوا يُخاطبون بصفة “الإخوة الترك والكرد” ، وهذه اللغة السياسية التصالحية دفعت الكُرد إلى المشاركة في مشروع الاستقلال، باعتباره مشروعاً جامعاً .
إلا أن تلك الوعود سرعان ما تبخرت، فبعد انتصار الحركة الكمالية وإعلان الجمهورية التركية عام 1923 اتجهت السياسة الرسمية إلى القومية التركية، وألغي أي حديث عن حقوق الكُرد أو خصوصيتهم الثقافية والسياسية، وبدأت سياسة التتريك التي استهدفت اللغة والهوية الكُردية ، فكان الرد الكُردي في صورة انتفاضات متتالية، أبرزها ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925م في ديار بكر.
الأمر هذا يعيدنا إلى سوريا، فقد كان الكُرد السوريون يسمعون نفس الديباجة ونفس الوعود من شركائهم في الوطن قبل سقوط النظام البائد، بل البعض راح أبعد من ذلك وكان يوعد أنه لن يرضى بإدراج كلمة العربية في الجمهورية العربية السورية، وانهم سيطالبون بسوريا بدون اي هويات فرعية قومية، لتصبح وطناً تحتضن الجميع، إلا أن هذه الوعود سرعان ما تبخرت أيضاً.
فقد كان النظام البائد ينكر وجود قضية كُردية ويعتبرها مجرد “مشكلة مفتعلة”.
إلا أن البعض من هؤلاء ممن كانوا في صفوف المعارضة ينكرون حتى الوجود الكُردي نفسه في سوريا، ويصفون الكُرد بأنهم “مهاجرون جاؤوا من تركيا” في إنكار كامل للتاريخ والهوية والحقوق وحتى الوجود التاريخي .