يوم جديد ونهار جديد بدون الأسد

اكرم حسين

 

بعد ثلاثة عشر عاماً من الثورة، وبعد تضحيات جسيمة قدمها الشعب السوري في سبيل حريته وكرامته، يتحقق اليوم الهدف الأساسي للثورة السورية العظيمة ، إسقاط نظام بشار الأسد الذي حكم البلاد بالحديد والنار. هذا الانتصار ليس فقط نهاية عهد من الاستبداد والفساد ، بل هو بداية لمرحلة جديدة مليئة بالأمل والتحديات.

يعيش السوريون اليوم ، فرحة عارمة، حيث تنبض الشوارع والساحات بالأهازيج والاحتفالات التي تعبّر عن انتصار إرادة شعب لم ينكسر أمام القمع والتهجير والمآسي.

ورغم هذا الانتصار الكبير، فإن المعركة لم تنتهِ بعد. بل يمكن القول إن المرحلة القادمة هي الأصعب، حيث يواجه السوريون مسؤولية التخلص من إرث الاستبداد وتداعياته العميقة على المجتمع والدولة، بالإضافة إلى مواجهة خطر الأصولية السياسية التي ترسخت خلال سنوات الحرب ، نتيجة الفوضى والانقسامات ، التحدي اليوم ليس فقط في إعادة بناء الدولة، بل في إعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع السوري والعمل على تحقيق مصالحة وطنية حقيقية تعالج جراح الماضي وتؤسس لمستقبل مشرق.

السؤال الذي يطرحه الجميع اليوم هو: ما هي سوريا التي يريدها السوريون؟ والجواب ، يكمن في القيم التي قامت من أجلها الثورة : الحرية، العدالة، والمساواة. فالسوريون يريدون دولة ديمقراطية تعددية  تحترم حقوق الإنسان ، وتضمن حرية التعبير ، وتكفل مشاركة الجميع دون تمييز. يريدون سوريا قائمة على المواطنة المتساوية، حيث يكون القانون هو الفيصل، لا مكان لأي شكل من أشكال الطائفية أو العنصرية أو التمييز.

لبناء سوريا المستقبل، لا بد  البدء بوضع أسس واضحة لدولة القانون والمؤسسات.

أولاً، صياغة دستور جديد يضمن فصل السلطات ويؤسس لدولة ديمقراطية تعددية ، تحمي حقوق الأفراد والجماعات.

ثانياً، إطلاق عملية إعادة إعمار شاملة تطال ، البنية التحتية والاقتصاد، بالتوازي مع ضمان عودة اللاجئين والمهجّرين إلى ديارهم بكرامة وأمان. ثالثاً، تعزيز الحوار الوطني بين كافة مكونات الشعب السوري للوصول إلى توافق حول رؤية مشتركة لمستقبل البلاد.

رابعاً، محاربة الفساد بكافة أشكاله وإرساء نظام قضائي مستقل يعيد الحقوق لأصحابها.

اليوم ، هو تاريخي في حياة السوريين. إنه بداية لنهار جديد مليء بالأمل والعمل لتحقيق أحلامهم في بناء وطن يليق بتضحياتهم. لكن الطريق طويل، ويتطلب جهوداً جماعية ورؤية واضحة وتفانياً  في تحقيق الأهداف التي حلم بها السوريون منذ انطلاق ثورتهم العظيمة . سوريا الجديدة يجب أن تكون نموذجاً لدولة الحرية والعدالة والمساواة، دولة لكل أبنائها، بلا استثناء أو إقصاء .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…