فرمز حسين
جيش منهك و حلفاء متعبون من حروبهم ،ايران ، روسيا ، حزب الله كلها عوامل ساهمت في نجاح الهجوم و التقدم السريع لفصائل المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام في مدن كبرى و هامة مثل حلب و حماة و على مشارف حمص عند كتابة هذا المقال، لكن الأهم من هذا و ذاك هو دعم الدولة التركية المباشر و وجود الحاضنة الشعبية التي سئمت من مجتمع دولي خذل و نظام مستبد جائر و معارضة سياسية بائسة بمختلف هيئاتها من مجالس، ائتلاف و منصات و رحبت بقدوم الفصائل الاسلامية المسلحة كمحررين. هذا الأمر أكده السوريون أيضاً في كل من درعا و السويداء و طردت القوات التابعة للنظام من كلا المحافظتين.
كردياً ليست هناك اشكالية مع التوجه الاسلامي للفصائل المسلحة المعارضة للنظام فغالبية الحواضر السورية الكبيرة مثل حلب و حماة و حمص و دمشق هي مجتمعات محافظة و بالتالي هذا هو المكون الأكبر في البلاد، و هناك روابط وطنية وتاريخية و دينية و أواصر اجتماعية كثيرة و يمكن من خلال ذلك بناء عقد اجتماعي مشترك في وطن يتسع للجميع بمختلف مشاربهم من اثنيات و أديان و طوائف. لكن المعضلة الحقيقة تكمن في أن الدولة الداعمة لهذه الفصائل هي تركيا و هنا بيت القصيد، هناك مفارقات ذي أهمية كبيرة بعضها ايجابية و أخرى سلبية بالنسبة للمعارضة السورية بشقيها العسكري و السياسي، الايجابية هي أن تركيا لها أجندات اقليمية و تريد تقوية نفوذها في المنطقة على حساب تقلص الدور الايراني و هذا ما تستفيد منها المعارضة أيضاً و لاضير من التقاء المصالح المشتركة. أما الأمر الثاني و الأهم بالنسبة لتركيا هو القضاء على التواجد العسكري الكردي على حدودها و التي تعتبرها من أكبر التهديدات على أمنها القومي حتى أنها تعتبر وجود قسد أو وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها تركيا بالارهابية هي أخطر عليها من تواجد تنظيم الدولة”داعش”.
ما يضمره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مخطط مقابل هذا الدعم هو ثمن كبير سوف يدفعه السوريون بمختلف مكوناتهم لأجيال و أجيال لو تحقق ذلك، الرئيس التركي يريد ضرب عصافير كثيرة بحجر واحد و ذلك من خلال انشاء منطقة عازلة تفصل بين كرد سورية و المناطق الكردية في الداخل التركي المتاخم للحدود السورية و في الوقت نفسه يتخلص من ما يقارب من ثلاثة ملايين لاجئ سوري من تركيا إلى هذا الشريط الحددوي بعمق ثلاثون إلى خمسون كليومترا في الداخل السوري. جدير بالذكر بأن قضية اللاجئيين السوريين هي مسألة يستغلها الرئيس التركي و لا ينفك أن يهدد دول الاتحاد الأوروبي باغراق دولهم بأعداد اللاجئيين و ذلك ما يجعلهم يدعمون قرار أردوغان بانشاء منطقة عازلة (آمنة) في المكان الذي تختاره تركيا.
على الأغلب أن تحجيم الدور الايراني و اقامة المنطقة الآمنة و إعادة اللاجئين السوريين كانت من ضمن شروط أردوغان على الرئيس السوري بشار الأسد، ليقبل الحوار معه! و على الأغلب أنه قد فات الآوان على الأسد حتى لو أظهر الندم و بدى موافقته على الشروط التركية.
على الرغم من أن قوات سورية الديمقراطية تعتبر اليوم من أكثر القوات العسكرية تنظيماً في سورية، لكن كل ذلك لن يؤمن لها النصر في مواجهة فصائل مدعومة من قوة اقليمية عظمى و جارة مثل تركيا دون مساندة أمريكية، و يبقى بقاء قسد و الادارة الذاتية الكردية بكل مؤسساتها مرهون بالدعم الأمريكي.
الأحداث تجري بسرعة فائقة و كل الدلائل تشير على أن هناك فصائل مسلحة حتى على مشارف العاصمة دمشق أيضاً. ما يحدث بعد سقوط تماثيل الأسد في دمشق سوف يثبت أو يبدد هذه المخاوف.
فرمز حسين
ستوكهولم
2024-12-07