من يتحكّم بمن؟

نارين عمر

كلّما بدأت الحروب والأزمات تحلّ بالعالم أو بأجزاء متفرّقة من المعمورة تتزايد أعداد المحلّلين والمهلّلين لها والمهرولين إلى رفع صوتهم والإيماء بأناملهم بوجوب كذا وكذا ورفض هذا وذاك وهم ينسون وبعضهم يتناسون أنّ هناك قوى عالمية عظمى ودول معيّنة تتحكم بمصير العالم والبشرية، وهي التي تخطط وتقرّر وتنفّذ وفقاً لخططها الخمسينية أو المئوية دون أن تلتفت إلى بيانات إدانة وأصوات  استنكار تصدر من هنا وهناك، ولا تصغي إلى حسرات وآهات وصرخات الشّعوب والأمم والملل المسكينة والمغلوبة على أمرها. لأنّ هذه هي ضحايا كلّ الحروب والمعارك والأزمات، تبتلع غصّة

المصائب والنّكبات مجبرة.
بكلّ تأكيد هناك قوى ودول أخرى تحصل من القوى المتحكّمة على حصتها المتفق عليها دون الشّعور بالنّدم أو الوقوع في حيرة من أمرها لأنّها نفسها تكون بمثابة أدوات طيّعة بيد أولياء أمورهم، وتكون هذه الحصّة أو الحصص لصالحها وصالح شعوبها أحياناً أو لمصالحها الخاصة والشّخصية في معظم الأحيان.
طبقاً لما تمّ ذكره يتحدّد حراك هذه الشّعوب والأمم  وفعاليتها. بعض منها تهرول في اتجاهات مختلفة، تحاول اختصار السّبل والدّروب المؤدية إلى منافذ خلاصها وتحرّرها ونيل حقوقها وتحقّق معظمها ما تسعى إليه؛ أمّا بعضها الآخر تحوم على نفسها في دوّامة قلقها او خشيتها مما حدث مخدوعة بآمال وأمنياتٍ ترسمها لهم القوى الكبرى، وبذلك يظلّون  كما هم، لا يطالهم التّقدّم ولا التّطور، ولا يستطيعون إنجاز أي شيء، بل وبعض منهم يتراجعون خطوات إلى الخلف وهم يتباكون ويشتكون ويحمّلون القدر أو الغيب نتائج فشلهم وتخلّفهم عن ركب البشر.
قبل مئة عام وقبل اكتمال المئوية كنّا نندب حظّنا، ونلعن القدر، بعد المئوية وعلى الرّغم من الظّروف المواتية والفرصة  المتاحة ماذا فعلنا وماذا جنينا مّما حصل؟
يبدو أنّنا بحاجة إلى خمسينية أو مئوية أخرى لنطرد من العينين والذهن سبات نوم مقلق في سرداب عميق على الرّغم من أنّ الأمر لا يتطلّب ذلك، نحن بحاجة فقط إلى عقول واعية، مدبّرة ونفوس مكلّلة بالهمّة والتّضحية ومشاعر مفعمة بالإخلاص والوفاء. نحن بحاجة إلى أن يعرف كلّ شخص منّا قدراته ويتصرّف وفقها وضمن حدود إمكانياته المتاحة، لا يتجاوزها إلى حدود أخرى فيحارَب بتهمة السّطو والاحتيال وبذلك يضيع ويسحق الآمال والطّموحات.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…