ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا – القسم الثاني عشر والأخير

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف الأحزاب والفصائل الكوردية لضمان حقوقهم وتحقيق تطلعاتهم، من خلال تقديم رؤى وتحليلات متعددة الأبعاد. يسعى “ولاتي مه” إلى توفير فهم أعمق لوضع الكورد في سوريا وآفاقهم المستقبلية وتكوين رؤية مشتركة حول مجمل القضايا التي ترتبط بالقضية الكوردية في سوريا.

القسم الثاني عشر والأخير: تضم مشاركات كل من السادة :

– أحمد عبدالقادر محمود: كاتب وشاعر .

– ازاد خليل : كاتب وباحث .

– صبري رسول : كاتب .

– عمر كوجري: كاتب، رئيس تحرير صحيفة كوردستان .

– د. ولات محمد: كاتب .

============= 

أحمد عبدالقادر محمود:

((حقيقة أي شكل من أشكال نظام الحكم لسورية الغد مرحب به إن تم فيه الاعتراف والإقرار بالحقوق الكردية كاملةً دستورياً ))

 

المحاور عديدة وهامة سأُحاول الإجابة عليها بشكلٍ مختصر، كلاً على حدى، أملاً أن أوفق في ذلك 

– حول مستقبل الكرد في سوريا 

مستقبل الكرد في سوريا مرهونٌ بشكل دولة الغد القادمة، والماهية التي ستكوّن سوريا الجديدة، هنا أيضا ستفرز أمام الكرد تحديات جِسام، تحديات ستتمخض عن شكل نظام الحكم، إن كان شكل الحكم هو المأمول كردياً، سيقع الكرد في تحدٍ أخر ذاتي  أصعب وأقسى، كون الكرد ليسو على قلب رجلٍ واحد 

أما إن كان شكل الحكم بعيداً عن تطلعات أغلب الكرد، كدولة مواطنة يكون فيها كل السوريين على قدم المساواة في الحقوق والواجبات، أي مواطنة كاملة تتجاوز القوميات والطوائف، هنا سيكون الكرد أمام معضلة، إما القبول وبالتالي نفاذ مسألة حلم الإدارة الذاتية، أو الرفض و بالتالي العودة إلى المربع الأول من النضال، لذا أرى من الأولوية الأن، هو نضال الكرد من أجل جعل الحكم فيدرالي أو شكل من اللامركزية كأضعف الإيمان ، لضمان تحقق التطلعات الكردية . 

– حول نظام الحكم في سوريا 

حقيقة أي شكل من أشكال نظام الحكم لسورية الغد مرحب به إن تم فيه الإعتراف والإقرار بالحقوق الكردية كاملةً دستورياً، كون جغرافيا المناطق التي يتواجد فيها الكرد بشكلٍ مكثف في سوريا غير متناسقة، ولا أقول هنا المناطق الكردستانية، لذا ولزاماً وإلتزاماً بالواقعية هي إيجاد الصيغة الأمثلة التي تخدم ضمان الحصول على الحقوق الكردية، ربما الأنسب في هذه المرحلة هي اللامركزية الإدارية، طبعاً إن جرت الأمور بسلاسة والأمر برمته خاضع لإرادة الشعب السوري و رؤيته الجادة للنهوض بسوريا الجديدة و أفاق بناء دولة حقيقية، أما إن كان للدول الإقليمية ( تركيا ) مثلا كون إيران والعراق أصبحا خارج دائرة التأثير على القرار السوري، تداخلات للتأثير على فرض رؤيتها والخاصة بمصير الكرد عبر بعض من يوالونها، أرى أن المزاج الدولي هو في صالح الكرد و بالتالي ليس على تركيا سوى الخضوع للإرادة الدولية، بشرط أن تتلقى ضمانات تبدد من مخاوفها على أمنها القومي كما تدّعي 

– حول وحدة الموقف الكردي 

لا يخفى على أي كردي حالة السوء التي تعتري الأحزاب الكردية السورية كافة، وحالة التشرذم المرضي الذي يسري في مفاصلها، والذي أنعكس سلباً على المزاج العام للشارع الكردي، بحيث بات هذا الشارع في يأس مما قد تحقق هذه الأحزاب أي شيء يخص الحقوق الكردية، إذا ما تُركت تعمل بنفسها، لكن هذا الشارع يعي أيضاً أن الداعم الخارجي للقضية الكردية والمؤيد لحقوقها قادر على أن يضعهم على طاولة واحدة والخروج بموقفٍ موحّد حسب ما تقتضيه الضرورة الملحة، كما حصل في جنوب كردستان بين الحزبين الكبيرين، الديمقراطي والإتحاد الوطني .

– حول المؤتمر الوطني السوري المرتقب 

إن تم تجاوز معضلة وحدة الموقف الكردي، سنكون أمام تحدٍ لا يقل صعوبة عن المعضلة السابقة، و ستبرز على السطح عدة متاهات، كيفية تشكيل وفد يمثل الكرد ؟، من هي الشخصيات التي ستمثل الوفود ؟، ما هي المطالب الأكثر إلحاحاً التي يجب طرحها في المؤتمر و بالتالي ألية ضمان تحققها  ؟، لتجاوز هذه المعضلة (المتاهات ) يجب وضع المصلحة الكردية العليا فوق أي إعتبار، وتجاوز كافة الخلافات والاختلافات، والأخذ بعين الأعتبار أنها الفرصة الحقيقة الأخيرة التي ربما لن تتكرر، وأن التاريخ لهم بالمرصاد، إما أن يوضعوا في خانة أبطال هذه الأمة، وإما تُفرد لهم صفحات التقاعس والشجب والإدانة و بالتالي يلفظهم التاريخ الكردي من بوابته الخلفية بوابة الخزي و العار، بفرض أنهم تجاوزوا هذه المتاهات، وشكلوا الوفد الذي يمثل الكرد أفضل تمثيل، أن كان من ناحية الأشخاص  المخلصين والمؤثرين المختصين بالمفاوضات و على درجة عالية من الإيمان بحقوقهم، أو من ناحية وضع التكتيك والاستراتيجية المعدة للفوز في هذا الإستحقاق العظيم، هم بحاجة قبل الدخول في هذا المعترك إلى جوكر ضمان الفوز، الورقة الأكثر أهمية في مثل هكذا مفاوضات، ألا وهي التأييد الدولي والإقليمي الداعم للحقوق الكردية، وعلى الأخص الدول الفاعلة في المشهد السوري، ويأتي إلى جانيها بناء تحالفات مع الأصوات الأخرى السورية التي ستكون حاضرة في المؤتمر على قاعدة المصالح المتبادلة و التعاون المشترك المستقبلي . إن تحققت هذه الشروط فليس أمام الوفد الكردي سوى رمي ما في جعبته من الحقوق الممكن تحققها كما أسلفنا .

– حول دور المثقفين و الكتاب الكرد 

ما يقع على عاتق القوى الكردية بقياداتها من الحقوق والواجبات، هي النسخة التي يجب أن تقع على عاتق المثقفين من الأدباء و الكتاب الكرد، وحدة الموقف والنداء، للمثقفين في أي مجتمع الدور البارز في جسر الهوة بين قياداتها السياسية وشرائح وأفراد ذاك المجتمع، فيما لو كان الطرفين ( القيادة السياسية، المثقفين) على وفاق في الرؤية المصلحية العليا للمجتمع، في الحالة الكردية، نرى شبه قطيعة بين القوى السياسية الكردية و المثقفين الكرد، مرد ذلك يعود لضعف الرؤية لدى ممثلي القوى الكردية من جانب، و الشرذمة والتناحر بين طبقة المثقفين ذاتها  انعكاسا على التناحر بين القوى السياسية ذاتها من جانب ثاني، و إقصاء المثقف المستقل الحر الغير منتمي للقوى السياسية لا بل محاربته، رغم ذلك الضرورة القصوى أمام الاستحقاق الأني  تقتضي تجاوز كل ما من شأنه تعميق الانقسام  والعمل على رأب الصدع والانتقال إلى مرحلة التكاتف والمساندة و وحدة الخطاب  الموجه للداخل و الخارج بآنٍ معاً، للداخل بالوقوف إلى جانب القوى السياسية الممثلة للكرد في الاستحقاقات القادمة و عدم تشتيت فكرها في السعي لتحقيق المنجز، و للخارج العمل على إقناع الأخر المختلف قومياً بصوابيه المطلب الكردي و أحقيته بتقرير مصيره حسب نظرية العيش المشترك للاعتبارات التاريخية و الجغرافية و الدينية المشتركة، و أن لا سلام إلا بنبذ العنصرية و الشوفينية و لا أمان إلا بمد يد الأخوة و التشديد على العمل معاً لبناء ما هو في صالح الكل، والتذكير دائما بالمواقف المشتركة المجيدة والمشرقة تاريخياً، المصلحة تقتضي بأن ينال كل ذي حقٍ حقه . 

– حول العلاقة مع المكونات السورية الأخرى 

شكل الدولة ودستورها و قوانينها هي الضامن للعلاقة بين المكونات السورية كافة إذا ما تم التوافق سياسيا ما بين السوريين على النظام الأمثل للدولة، النظام الذي يخدم مصالح جميع المكونات، الاستقرار السياسي يولد العمل على العلاقة الاجتماعية والتي أثاثها الثقة المتبادلة بين المكونات و للثقة مقوماتها، الوضوح في العلاقة، الشفافية، المصداقية، الإعتراف بالأخر، إنتفاء أسباب النزاع والصراع . 

– حول العمل مع المجتمع الدولي 

علمنا التاريخ أن المصالح وحدها هي البوصلة التي يعمل وفقها المجتمع الدولي و عليه تنشأ الصداقات و التحالفات، بمعنى يجب أن تمتلك مقومات هذه المصالح كي تنخرط بعلاقة مع المجتمع الدولي، ومصالحه واضحة و جلية، يجب أن لا تكون مصدر خطر على مجتمعاته، أن تمتلك وفرة من الموارد الاقتصادية تصب في ميزانيته، أن تكون سوقاً نشطة لمنتجاته، أن تكون مسيطراً على مجتمعك، أن تستطيع بناء تحالفات تنعكس إيجاباً على علاقاته … إلخ، 

ختاماً، ليست عدالة القضية هي القاعدة في كسبها ، إنما ما تملكه من قوة و وسائل فرضها . 

 

هولير 

============= 

أزاد فتحي خليل:

 

((لضمان دعم المجتمع الدولي لمطالب الكورد في سوريا، يجب تبني دبلوماسية نشطة تعتمد على التواصل المستمر مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية.  ))

 

المحور الأول: مستقبل الكورد في سوريا بين التحديات الجيوسياسية والتحولات الدولية

كيف ترون مستقبل الكورد في سوريا في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية الراهنة؟

إن مستقبل الكورد في سوريا يتوقف على عدة عوامل، أبرزها التحولات السياسية الإقليمية والدولية. فبعد أكثر من عقد على الأزمة السورية، أصبح واضحًا أن الحل السياسي لا يزال بعيدًا، وهو ما يضع الكورد في موقع حساس، إذ أن مستقبلهم يعتمد على كيفية إدارة تحالفاتهم، سواء مع القوى الدولية أو الفاعلين المحليين. لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بحضور عسكري وسياسي في مناطق الكورد، لكنها لم تقدم حتى الآن ضمانات واضحة لدعم حقوقهم السياسية ضمن أي تسوية مستقبلية.

على الجانب الآخر، تلعب روسيا دورًا محوريًا في الملف السوري، وتسعى إلى إعادة دمج الكورد تحت سيطرة النظام السوري، لكنها لا تقدم لهم أي ضمانات حقيقية بشأن حقوقهم الدستورية. أما تركيا، فهي تعتبر أي كيان سياسي كوردي تهديدًا لأمنها القومي، ولذلك تواصل عملياتها العسكرية في الشمال السوري، وتحاول إضعاف أي مشروع سياسي كوردي.

أمام هذا الواقع، يتوجب على الكورد اعتماد استراتيجية متوازنة تقوم على تثبيت تحالفاتهم مع القوى الدولية المؤثرة، وفي الوقت ذاته، العمل على تعزيز موقفهم التفاوضي من خلال بناء وحدة سياسية داخلية قوية.

المحور الثاني: نظام الحكم في سوريا ومستقبل اللامركزية السياسية

ما هو نظام الحكم الذي تتطلعون إليه في سوريا المستقبل لضمان حقوق الكورد؟

إن النظام الأكثر ملاءمة لسوريا المستقبل هو النظام الفيدرالي أو الإدارة الذاتية الموسعة، بحيث يتم توزيع السلطة بشكل عادل بين مختلف المكونات وفقًا لمبدأ اللامركزية السياسية والإدارية. التجربة الكوردية في الإدارة الذاتية قدمت نموذجًا يمكن البناء عليه، حيث أظهرت قدرة المجتمعات المحلية على إدارة شؤونها بعيدًا عن المركزية القمعية التي سادت سوريا لعقود. الفيدرالية تعني توزيع السلطة بين الأقاليم مع الحفاظ على وحدة الدولة، وهو ما يسمح لكل مكون بإدارة شؤونه وفقًا لخصوصياته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

النظام الفيدرالي سيضمن تمثيلًا حقيقيًا لجميع المكونات، ويمنع إعادة إنتاج الديكتاتورية المركزية التي همشت الكورد والعديد من الأقليات الأخرى. كما أنه يوفر بيئة تتيح تطوير الاقتصاد المحلي، وتحقيق عدالة في توزيع الموارد، بما يضمن عدم احتكار السلطة والثروة في يد فئة معينة.

المحور الثالث: وحدة الموقف الكوردي والتحديات الداخلية

كيف يمكن تحقيق وحدة الموقف الكوردي في سوريا؟

تحقيق وحدة الموقف الكوردي هو الأساس لضمان حقوق الكورد في المستقبل. لا يمكن لأي مشروع سياسي أن ينجح دون وجود وحدة داخلية قوية بين الأحزاب والفصائل الكوردية. طوال السنوات الماضية، كانت الانقسامات بين القوى الكوردية سببًا رئيسيًا في إضعاف موقفهم السياسي أمام القوى الإقليمية والدولية. يجب أن يكون هناك حوار سياسي جاد يهدف إلى الوصول إلى رؤية موحدة تجمع جميع الأطراف.

من الضروري تشكيل هيئة سياسية موحدة تتحدث باسم جميع القوى الكوردية، بحيث لا يكون القرار السياسي بيد جهة واحدة، بل يتم اتخاذه ضمن إطار مشترك يعكس مصالح الجميع. كما أن التنسيق بين القوى السياسية والعسكرية الكوردية سيساعد على تحقيق موقف تفاوضي أقوى في أي عملية سياسية مستقبلية.

المحور الرابع: المؤتمر الوطني السوري وضمان تمثيل الكورد

كيف يمكن ضمان تمثيل عادل للكورد في المؤتمر الوطني السوري؟

يجب أن تسعى القوى الكوردية إلى الحصول على تمثيل يتناسب مع حجمهم الحقيقي في سوريا، والمطالبة بحقوقهم من خلال تحالفات سياسية قوية داخل المؤتمر الوطني. إن بناء تحالفات مع قوى سياسية أخرى سيكون عاملًا أساسيًا في ضمان تحقيق تمثيل عادل للكورد، وتعزيز دورهم في مستقبل سوريا السياسي. كما أن التنسيق مع المجتمع الدولي والضغط عبر القنوات الدبلوماسية يمكن أن يكون له تأثير كبير في تحقيق هذا الهدف.

المحور الخامس: دور المثقفين والكتاب الكورد في توجيه الخطاب السياسي

ما هو الدور المطلوب من المثقفين الكورد في المرحلة المقبلة؟

يجب أن يساهم المثقفون الكورد في بناء الوعي السياسي وتعزيز ثقافة الحوار، من خلال دعم خطاب ديمقراطي جامع، وإنتاج أبحاث سياسية تسلط الضوء على حقوق الكورد ضمن السياق الوطني السوري. كما يجب عليهم مواجهة الدعاية المضادة التي تحاول تشويه صورة الكورد، وإبراز الحقائق التاريخية والسياسية حول القضية الكوردية.

 

 

مستقبل الكورد في سوريا: العلاقات مع المكونات السورية والعمل مع المجتمع الدولي

المحور السادس: العلاقات مع المكونات السورية الأخرى

ما هي استراتيجياتكم لتعزيز التفاهم والتعاون مع المكونات الأخرى في سوريا؟

التعاون مع المكونات الأخرى في سوريا ضروري لضمان الاستقرار وتحقيق العدالة السياسية. يجب أن يكون هناك حوار دائم بين الكورد والعرب والسريان وغيرهم، لضمان بناء دولة تقوم على المواطنة وليس على الانتماء القومي أو الديني. إن أحد أهم العوامل التي يمكن أن تعزز هذا التعاون هو بناء شراكات استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة، حيث يتشارك جميع المكونات السورية في السعي إلى بناء نظام ديمقراطي يحترم التعددية ويحمي الحقوق الفردية والجماعية.

كما يجب أن يكون هناك جهد مشترك لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه جميع السوريين، بغض النظر عن خلفياتهم القومية أو الدينية. يجب العمل على برامج مشتركة تهدف إلى إعادة الإعمار، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وتحقيق عدالة اجتماعية تضمن تكافؤ الفرص لجميع المواطنين.

كيف يمكن للكورد بناء تحالفات مستدامة مع القوى السياسية السورية الأخرى؟

لبناء تحالفات مستدامة مع القوى السياسية السورية الأخرى، يجب أن يكون هناك رؤية واضحة ومشتركة للمستقبل، تقوم على مبادئ الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان. يجب على الكورد أن يسعوا إلى تشكيل تحالفات مع القوى الديمقراطية التي تشاركهم نفس الأهداف، والعمل على تعزيز العلاقات مع الحركات السياسية التي تسعى إلى بناء نظام سياسي تعددي في سوريا.

كما يجب التركيز على الحوار المستمر، وإيجاد نقاط التقاء مع مختلف المكونات السورية، مما يساعد في كسر الحواجز وإزالة الشكوك المتبادلة. كما أن التنسيق في القضايا الوطنية الكبرى، مثل صياغة الدستور وإعادة الإعمار، سيساهم في تعزيز هذه التحالفات وضمان استدامتها.

ما هو موقفكم من ضرورة الاعتراف بحقوق بقية المكونات كجزء من بناء دولة ديمقراطية شاملة؟

بناء دولة ديمقراطية حقيقية في سوريا يتطلب الاعتراف بحقوق جميع المكونات، بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية. يجب أن تكون هناك مساواة حقيقية بين جميع المواطنين، بحيث يتم ضمان تمثيل عادل لكل الفئات في مؤسسات الدولة، ويتم حماية حقوقهم الثقافية واللغوية والدينية. الكورد أنفسهم كانوا ضحايا للتمييز لعقود، ولذلك فإنهم يفهمون جيدًا أهمية تحقيق العدالة لجميع السوريين.

يجب أن يتم الاعتراف بحقوق جميع الأقليات الدينية والقومية، من خلال تبني سياسات شاملة تضمن التعددية والمساواة، وتجنب تكرار سياسات الإقصاء والتهميش التي كانت سببًا رئيسيًا في الأزمات المتكررة التي شهدتها سوريا.

المحور السابع: العمل مع المجتمع الدولي

كيف يمكن للكورد تعزيز علاقتهم بالمجتمع الدولي لضمان دعم مطالبهم في سوريا؟

لضمان دعم المجتمع الدولي لمطالب الكورد في سوريا، يجب تبني دبلوماسية نشطة تعتمد على التواصل المستمر مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية. يجب أن يكون هناك تمثيل سياسي قوي للكورد في المحافل الدولية، يتم من خلاله تقديم قضيتهم بشكل احترافي ومبني على أساس القانون الدولي وحقوق الإنسان.

كما يجب أن يتم تسويق القضية الكوردية على أساس أنها جزء من مشروع بناء دولة ديمقراطية في سوريا، وليس مجرد مطالبة بحقوق قومية منفصلة. التركيز على مبادئ الديمقراطية، والاستقرار، والتعددية، سيساهم في كسب تأييد أكبر من المجتمع الدولي.

ما هي القضايا الأساسية التي يجب طرحها على الأطراف الدولية لدعم حقوق الكورد؟

القضايا الأساسية التي يجب طرحها على الأطراف الدولية تتعلق بالاعتراف الدستوري بالكورد كمكون رئيسي في سوريا، وضمان حقوقهم الثقافية والسياسية والاقتصادية ضمن أي عملية سياسية مستقبلية. يجب الضغط من أجل ضمان مشاركة الكورد في صياغة الدستور الجديد، ورفض أي محاولات لإقصائهم أو تهميشهم في التسويات السياسية.

كما يجب التركيز على ملف الانتهاكات التي تعرض لها الكورد على مدار العقود الماضية، وضرورة تحقيق العدالة الانتقالية وضمان عدم تكرار سياسات التمييز ضدهم. يمكن تحقيق ذلك من خلال التواصل مع المنظمات الحقوقية، واستخدام القنوات الدبلوماسية للترويج لهذه القضايا.

كيف يمكن للكورد الاستفادة من التجارب الدولية المشابهة في الحصول على حقوقهم الدستورية؟

يمكن للكورد الاستفادة من التجارب الدولية المشابهة من خلال دراسة تجارب الشعوب التي تمكنت من تحقيق حقوقها ضمن إطار الدولة المركزية أو الفيدرالية، مثل تجربة إقليم كتالونيا في إسبانيا، وإقليم كردستان العراق، وتجربة كيبيك في كندا. الاستفادة من هذه التجارب يمكن أن تساعد الكورد في صياغة مطالب سياسية واضحة ومستندة إلى أسس قانونية قابلة للتطبيق.

يجب أن يتم التركيز على الحوارات الدبلوماسية والتعاون مع المؤسسات البحثية الدولية، لضمان وجود دعم أكاديمي وسياسي لمطالب الكورد، مما سيساهم في تعزيز موقفهم في أي مفاوضات مستقبلية.

*كاتب وباحث سياسي

============= 

صبري رسول:

((آفق الحلّ للقضية الكُردية الشّائكة))

 

أشكر موقع ولاتي مه على توجيه الدّعوة لي ولكثير من الكتاب والقيادات الكردية لفتح المجال أمام الرؤى المختلفة، وهنا ألخّص رؤيتي كنصّ عامٍ وليس كأجوبة مباشرة عن الأسئلة، رغم أهمية التسلسل.

القضية الكُردية في سوريا:

القضية الكُردية في سوريا من القضايا القومية الكُردية والوطنية السورية الشائكة منذ الاستقلال وحتى الآن. نشأت بعد استقلال سوريا واستلام السوريين دفة الحكم.

لم تكن هناك سياسات متشددة في سوريا في ظلّ الانتداب الفرنسي الذي امتدّ حتى 1946 لكن قامت أول حكومة بعد الاستقلال بإغلاق جميع الجمعيات الكردية وإيقاف المطبوعات والدوريات الكردية[1]. كان ذلك البداية الأولى لخدش مشاعر الكُرد القومية التي تنمّ عن وجود تفرقة قومية. مع الوقت شعر الكُرديّ بوجود غبنٍ عليه، فلا توجد هناك مدارس بلغته، ولا صحافة، والإصدارات الكُردية توقفت، هذا ما دفعه إلى البحث عن وسيلة للدفاع عن نفسه، فشكّلت مجموعة من المثقفين والمتنورين الكُرد حزباً سياسيا سنة 1957م للدفاع عن حقوق الكُرد، إلا أنّ الوقت لم يطل كثيراً حتى جاءت الصّدمة القوية عليهم، إحصاء 1962 الذي جرّد عشرات الآلاف من الجنسية السورية، وكان الإحصاء استثنائياً خاصاً بمحافظة الحسكة فقط[2].

تمكّن حافظ الأسد الذي قاد سوريا بقبضة أمنية حديدية من القيام بعمليتي «التعريب والتغيير الديمغرافي» الأولى اعتمدت على الاستيلاء على أراض زراعيّة، على الشّريط الحدوديّ بين سوريا وتركيا في الحسكة، ومَنحها لفلّاحين من العرب، تمّ جلبهم من محافظَتي الرّقة وحلب، والثانية على محاربة اللغة الكُردية، حتى أسماء المدن والقرى والأشخاص. كان ذلك تنفيذاً لتوصيات المؤتمر الثالث للبعث السيء الصّيت[3].

قراءة هذه المقدمة كافية لمعرفة الوضع الكُردي في سوريا منذ الاستقلال، سيما أن سياسات النظام كانت واضحة وتعسفية لطمس ملامح الوجود الكُردي في سوريا، ومن الضرورة أن يقوم الكُرد، كيانات سياسية وثقافية لفضح تلك السياسات والإجراءة التي أضرّت بالقضية الكردية، والعمل بشكل منظم على توحيد المطلب الكُردي، وصياغة رؤية سياسية تلبي الطموح القومي في سوريا المستقبل، فالتّشتت المطلبي والافتقار إلى الرؤية الموحدة التي يمكن أن توحّد المواقف السياسية أوجدا شرخاً كبيراً في المجتمع الكُردي.

فالتركيز على مسألة حدود الحقّ الكُردي في سوريا من الأولويات التي يجب أن تعمل عليها الكُرد في سوريا.

التّحديات التي تواجه الكُرد:

من أبرز التّحديات التي تواجه الكُرد في هذه المرحلة المصيرية والانعطافة التاريخية التّشتت في الموقف السياسي، فالقوة التي تدير واقع الحال في المناطق الكردية – عدا عفرين وسري كانيه وكري سبي – هي الإدارة الذاتية بقيادة (ب ي د) وتتبنى أيديولوجية «إخوة الشّعوب» وتبتعد عن الخصوصية الكُردية في الإطار السوري، ما يجعلها على النقيض من المفهوم القومي والخصوصية التي تطالبها الحركة الكردية التي يمكن أن تكون النواة التي تُبنى عليها الحقوق الكُردية.

هنا يتبادر إلى الذّهن السؤال: كيف يمكن أن يكون شكل الحقوق الكُردية في إطار الدولة السورية، أي التوازن بين الهُوية القومية والهوية الوطنية؟

هناك أمثلة وتجارب كثيرة عند شعوب العالم، فكثير من الشعوب تمارس حقوقها القومية «الخصوصية القومية» في إطار الدّول المركّبة «الخصوصية الوطنية» فإحداهما لا تنفي الآخر، ولا تلغيها. فيمكن أن تكون الدّولة مركّبة، أي ليست مركزية، حيث تكون هناك فيدراليات، أو ولايات، أشكال لحكم الذاتي أو المحلي، وهذه النماذج موجودة حتى في الدولة ذات القومية الواحدة كإمارات العربية المتحدة، وألمانيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية. وهي مطبقة في بعض الدول التي تضم أكثر من قومية، كسويسرا والهند وإسبانيا، والعراق. فدراسة هذه النماذج مع المعرفة الدقيقة لخصوصية المنطقة وأخذ وجود الأعراق أو الديانات المختلفة فيها يمكن أن نبني النموذج المناسب لوضع العرب والكرد والإقليات في سوريا.

صياغة الدستور:

إذا تضمنت اللجنة الدستورية أعضاء من الكرد يجب أن يكون الوفد مزوداً بهيئة استشارية يتميز أعضاؤه بالكفاءات المتنوعة، خبراء في اللغة والقانون والسياسة، بحيث يكون كل منهم مطلعاً على دساتير كثيرة لدول ذات النظام السياب المركب، وأهمية الحقّ الدستوري تمنح كلّ المكونات الحصانة من التلاعب بها أو إلغائها.

كما ينبغي أن يكون الوفد «اللجنة» مزوّداً بمقترحات سياسية تلخص الرؤية الكردية التي توافقت عليها القوى السياسية.

– يعتقد أن المؤتمر الوطني الذي يدعو إليه بعض الأحزاب والشخصيات والاتحادات والجمعيات فكرة طوباوية في الوقت الحالي، فالاكتفاء بالتوافقات السياسية بين الأطراف الكردية يفي بالغرض في الظروف الراهنة، حتى إذا تم التوافق على المؤتمر المنشود يجب أن يتم التوافق المشترك على لجنة لاعداد المؤتمر وعلى عدد المؤتمرين والجهات التي ستحضره وجدول العمل، وليس لهدف إعلامي لكسب الجماهير والتلاعب بمشاعره، وهذه النقاط من المستحيلات البديهية أن يستطيع أحد الأطراف تخقيقها الآن. لذلك يمكن الاستعاضة عن مؤتمر يستنزف الوقت والطاقة، باتفاقية سياسية شاملة تجدول بنود العمل في المرحلة الراهنة والمقبلة.

الأنظمة المركزية التي تحتكر مفاصل الدولة غالباً ما تكون شبه بوليسية، وأثبتت فشله في تحقيق طموحات شعوبها والأمثلة كثيرة :

الاتحاد السوفيتي فشل في التنمية والاقتصاد رغم شمولها على 15 جمهورية، بسبب التشديد المركزي وعدم منح الجمهوريات الأخرى قرارات محلية في التعليم والصحة والخدمات، أما الدول ذات الحكم الشمولي والأحادي، كوريا، العراق، ليبيا، سوريا، باءت بالفشل الذريع ، لذلك يكون النموذج الفيدرالي أقرب نموذج إلى طبيعة المجتمع في الدول التي تتميز بالتعدد القومي والديني .

في سوريا أثبت تجربة الأنظمة بعد الاستقلال فشلها الذريع في بناء أسس سليمة قابلة للتطوير، فبعد 80 سنة من الاستقلال وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، لذلك التجربة الفيدرالية قد تكون البديل الوحيد لإدارة سوريا، فإذا فاتت هذه الفرصة قد تعيش سوريا خمسين سنة أخرى في ظل مركزية شديدة وأيديولوجية تقضي على التنوع القومي والديني الذي يتميّز به المجتمع السوري.

كثير من المجتمعات مرّ بتجارب وفرص ثمينة لم يستغلها القائمون على سدة الحكم، فرغم الصراعات السياسية في لبنان كمثال، كانت هناك فرصة للتعايش السلمي إلا أن التدخلات الايرانية قضت عليها وفرضت انموذجها الخاص ما أدخل لبنان إلى نفق مظلم منذ أكثر من خمسين سنة.

يجب على الدولة الإقليمية احترام سيادة سوريا وشكل نظامها السّياسي، بوصفها دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، ولا وصاية لأحد على سوريا، ويتمثّل في احترام الدستوري السوري الذي يضمن حقوق جميع مكوناتها القومية والدينية، وأي إملاءات عليها يُعدّ تدخلاً سافراً في شوؤنها الداخلية.

 

العلاقة بين القومية والوطنية لدى الكُرد:

هناك فجوة بالفهوم المعرفي بين البعدين السياسيين، البعد القومي، بوصف الكُرد في سوريا جزءاً من الشّعب الكُردستاني، والجزء الملحق بالدّولة السورية جزء من كردستان المقسّمة بعد اتفاقية لوزان 1923، والبعد الوطني، بوصف الكُرد جزءاً من الشعب السّوري، والدّولة السورية التي أُنشئت بعد اتفاقية سايكس بيكو، يُعتقد أنّ العلاقة بين هذين البعدين ذات أهمية خاصة، فعلاقة الكُرد بالأجزاء الأخرى تتّسم بالعمق الكردستاني، وهذا لا يتنافى مع سوريتهم المرتبطة بالدولة السورية.

الأمر نفسه ينطبق على الكُرد في الأجزاء الأخرى، فالبعد الكُردستاني للكُرد في إقليم كردستان لا ينفي بعده الوطني العراقي، فقد كانوا من بناة العراق الجديد، وتحسين العلاقة مع القوى العراقية ينعكس إيجاباً على وضع الإقليم وأمنه، وهذا لا يتنقص من بعده الكردستاني.

فالظروف الموضوعية مهيئة أكثر من أي وقت آخر، حيث يقف السوريون على عتبة بناء الدولة من جديد، والكُرد جزء حيوي وهام من عملية البناء، لكن الظروف الذاتية غير متوفرة بسبب الانقسام السياسي المرتبط بالرؤى السياسية والعوامل االخارجية.

============= 

عمر كوجري:

((حينما تكون الجبهة الداخلية الكوردية قوية ومتينة ومستندة على رعاية شعبية ودعم جماهيري لن يكون وقتئذ البحث عن أصدقاء خارج الجغرافيا السورية ))

 

 الكورد يقيمون في مكان صعب من وجهة الجغرافيا وقلة حظ الكورد حيال أربع دول لا تريد للكورد سوى النوم الأبدي.

في سوريا يبدو الوضع أكثر تعقيداً عما قبل، فقد أقام الكورد، ومعهم الكثير من فئات المجتمع السوري في وضع السكون بانتظار معجزة تنسف أركان النظام الذي ظل ماكثاً على صدور السوريين لسنوات طوال.

ولعل الأولوية اللازمة والقصوى في الراهن الحالي هي الالتفات إلى البيت الداخلي الكوردي وضرورة صونه ورعايته، وإلا ستبتعد أحلام الكورد عن التحقق لأزمان قادمة طويلة، فإما أن يكونوا قلباً واحداً لمواجهة التحولات السياسية وعلى كل المستويات، أو يختاروا التيه من جديد، وهذه المرة لن تقوم لهم قائمة.

فوحدة الصف الكوردي ضروري ولازمة، وأي طرف كوردي من المؤسسات الكوردية السياسية بشكل خاص يتنصل عن تحقيق هذا الهدف ستلاحقه لعنات التاريخ، ويذهب إلى غياهب النسيان دون أسف.

والأمر عينه ينطبق على المؤسسات الثقافية والأكاديمية الكوردية على مستوى كوردستان سوريا، وهي كثيرة ومتشعبة الجهود لدرجة عدم قدرتها على التكيف لتقديم مستوى معرفي جيد، وقراءة سليمة للوقائع، فعلى الواقفين على هذه المؤسسات من النخب فسح المجال لتوحيد الطاقات الثقافية الكورية.

 وكل هذه الخطوط العامة تترسخ، وتتقوى، وتصير أكثر متانة وقوة في ظل نظام الولايات الفيدرالية الذي اثبت نجاحاً كبيراً على مستوى العديد من دول العالم، حيث تدير الولايات الفيدرالية الحكم ضمن جغرافياتها، وتتبع المركز القوي الذي يسهر على الجميع بالتساوي.

ومع علمي وإدراكي أن الوعي السياسي والثقافي والاستيعابي لقطاعات واسعة من المجتمع والمكونات السورية لم تصل بعد ألى مستوى تقبل فكرة الفيدرالية، وترى في ذلك استقطاعاً للأرض السورية، وإن من يروج للفيدرالية هم أشخاص انفصاليون، يريدون تأسيس دولة كوردستان الكبرى على الأرض السورية، لكن هذا الجانب يجب ألا يحيدنا عن تحقيق هذا الهدف الذي سيفيد جميع الشرائح في المجتمع السوري ككل.

وفيما يخص وحدة الموقف الكوردي فإن الأمر لا يتحمل خطوات كبيرة، لأن الوقت ضيق، ولا يسمح للمزيد من النقاشات، وكما أسلفنا في سياق محور آخر، وأهم خطوة هي توحيد الطاقات الكوردية، والذهاب إلى دمشق بقلب رجل واحد، بورقة كوردية تعبر عن إرادة أكثر من ثلاثة ملايين كوردي يعيشون على أرضهم التاريخية

 وفي شأن المؤتمر الوطني للحوار، فقد خرج بمخرجات معينة لا تعكس واقع الوضع السوري، ولم يكن على مستوى الترقب الشعبي والانتظار الذي عوّل عليه الكثير من محبي سوريا ما بعد النظام الإرهابي الأسدي والبعثي.

ومن حضر من الكورد عبّروا عن أشخاصهم، وهم أجهروا بمثل هذا الكلام أثناء وبعد انتهاء أعمال المؤتمر.

وحول دور المثقفين، فببالغ الوجع أقول إن الكيانات الثقافية الكوردية في كوردستان سوريا متشرذمة، وتشبه إلى حد بعيد واقع الحركة السياسية الكوردية، وهي كثيرة مقارنة مع التعداد السكاني الكوردي، وحالهم في ذلك كحال المؤسسة السياسية الكوردية التي سلكت درب التشظي والشرذمة والخلاف على أشياء بسيطة إن لم نقل تافهة.

لهذا دور المثقفين في هذا السياق لن يكون فاعلاً كما هو المؤمل منهم.

بشأن العلاقات مع المكونات السورية الأخرى، هذا جانب مهم وحيوي، وضروي لسوريا ما بعد فاشية البعث والأسد، وقد نجح النظام البعث طوال أكثر من ستة عقود في تخويف المكونات من بعضها البعض، وحتى يستقيم الأمر على مثقفي ونخب المكونات ككل التسارع إلى إزالة الكثير من المخاوف في أذهانهم حيال الآخرين، والتشاور واللقاء، والتناغم المعرفي حتى نتجاوز معاً هذه المرحلة الصعبة في حياة سوريا ككل.

وحينما تكون الجبهة الداخلية الكوردية قوية ومتينة ومستندة على رعاية شعبية ودعم جماهيري لن يكون وقتئذ البحث عن أصدقاء خارج الجغرافيا السورية، أصدقاء تشد لهم الظهور، لا مؤقتون يتخلون عنا في الوقت الكوردي العصيب الذي لا نرجوه أن يأتي..

فنحن الكورد حينما تكون جبهتنا الداخلية متماسكة سنستطيع استقطاب المزيد من الأصدقاء إلى جانبنا، ووقتها سيرحب بنا العالم الذي يقيم خارج حدودنا بالترحيب والاحترام.

============= 

د. ولات محمد:

(( أفضل صيغة للحكم في سوريا هو النظام اللامركزي الذي يمنح صلاحيات واسعة للمقاطعات أو الأقاليم أو المحافظات كي تتمكن تلك المكونات المجتمعية من التعبير عن خصوصياتها ضمن سوريا موحدة. ))

 

    بغية الإحاطة بهذا الملف يطرح موقع ولاتي مه مشكوراً أسئلة سبعة على هذا النحو:

المحور الأول: مستقبل الكورد في سوريا.

ما هي الأولويات التي يجب أن تركز عليها القوى الكوردية لضمان حقوق الكورد في سوريا في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية الراهنة؟

المحور الثاني: نظام الحكم في سوريا.

ما هو نظام الحكم الأمثل الذي يضمن حقوق الكورد وبقية مكونات الشعب السوري؟

المحور الثالث: وحدة الموقف الكردي.

ما هي الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها لتحقيق وحدة الموقف الكردي في سوريا؟

المحور الرابع: مؤتمر الحوار الوطني السوري المرتقب.

كيف يمكن ضمان تمثيل عادل وفاعل للكورد في المؤتمر الوطني السوري؟

المحور الخامس: دور المثقفين والكتاب الكورد.

ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه المثقفون والكتاب الكورد في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي خلال المرحلة المقبلة؟

المحور السادس: العلاقات مع المكونات السورية الأخرى.

كيف يمكن للكورد بناء تحالفات مستدامة مع القوى السياسية السورية الأخرى لضمان مستقبل مشترك في دولة ديمقراطية؟

المحور السابع: العمل مع المجتمع الدولي.

ما هي القضايا الأساسية التي يجب طرحها على الأطراف الدولية لضمان دعم حقوق الكورد في سوريا؟

 

من الواضح أن الأسئلة/ المحاور السبعة المطروحة في هذا الملف متداخلة بقوة ومترابطة بعلاقة تأثر وتأثير متبادلة حيناً، وعلاقة سبب ونتيجة حيناً آخر، ولا يمكن الفصل بينها إلا على سبيل التحليل. لذلك ارتأيت أن أقدم إجاباتي أيضاً في نص واحد على النحو الآتي:

    تمر سوريا الآن بعد سقوط النظام السابق بمرحلة بناء جديدة على مستوى مؤسسات الدولة ودستورها المؤقت ومن ثم الدائم لاحقاً. ممثلو الكورد (المفترض أنهم سيتحاورون مع دمشق) مطالبون في هذه المرحلة (بغية ضمان مستقبل مشرق للكورد في سوريا) بالتركيز على أمرين أساسيين: الأول إعداد برنامج (مشروع) واضح المعالم يتضمن الحقوق والمطالب الكوردية في سوريا الجديدة بغية وضعها لاحقا على طاولة دمشق. أما الثاني فهو الإصرار على إدراج هذه الحقوق في مواد الدستور السوري الجديد، على أن تصاغ تلك البنود بلغة واضحة لا تقبل التأويل المتعدد مستقبلاً.

    إن هذه الخطوة تقودنا إلى الحديث عن شكل نظام الحكم الأنسب في سوريا بالنسبة للكورد؛ فنظراً لخصوصية المجتمع السوري الملون قومياً ودينياً وطائفياً، ونظراً لفشل النظام المركزي في قيادة المجتمع على مدى سبعة عقود منذ الاستقلال، فإن أفضل صيغة للحكم في سوريا هو النظام اللامركزي الذي يمنح صلاحيات واسعة للمقاطعات أو الأقاليم أو المحافظات كي تتمكن تلك المكونات المجتمعية من التعبير عن خصوصياتها ضمن سوريا موحدة.   

    هذا الهدف الاستراتيجي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال بناء مشروع كوردي متكامل يقوم على أربعة أسس، يشكل كل واحد منها عمود الزاوية الذي لا غنى عنه في هذه العملية:

الأساس الأول: جبهة كوردية تمثل الموقف الكوردي الموحد من المطالب والحقوق المذكورة أعلاه. أما سبل بناء هذا الموقف فهي أولاً توفر النية السليمة والرغبة ذاتها لدى جميع الأطراف في التقاط هذه اللحظة التاريخية (التي قد لا تتكرر عما قريب) للحصول على أكبر قدر ممكن من حقوق الكورد المشروعة في سوريا الجديدة، وثانياً تناسي الخلافات البينية السابقة من أي نوع كانت، وثالثاً إيقاف الحرب الإعلامية بين الأطراف كافة، ورابعاً تقديم المصلحة الكوردية العامة على أية مصلحة خاصة.

    هذا هو الأساس الأول والأهم والمنطلق في هذه العملية، لأن غياب الموقف الموحد للكورد (وضمناً مشروعهم الواضح) سيضعف موقفهم، وسيفقدهم تمثيلهم العادل والفاعل في اللجان والمؤتمرات التي ستؤسس لسوريا الجديدة، وسيفتح المجال أمام من ليسوا أهلاً لذلك بتصدر المشهد وتشويه العملية وإضاعة الحقوق. وهذا ما حصل فعلاً في ما سمي مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي جرى قبل أسبوعين، إذ فقد الكورد تمثيلهم الحقيقي عندما غاب الموقف الكوردي الموحد واستقدمت اللجنة المنظمة بعض الأفراد من هنا وهناك وقالت للعالم هؤلاء هم الكورد. وهذا ما حصل أيضاً في تسمية أعضاء لجنة صياغة الإعلان الدستوري، وما قد يحصل في استحقاقات قادمة طالما أن الموقف الكوردي الموحد والمشروع الكوردي غائبين عن المشهد.

الأساس الثاني: قيام هذه الجبهة الكوردية الموحدة ببناء علاقات مع القوى والمكونات السورية الأخرى، سواء أكانت في السلطة الجديدة أم خارجها، والعمل المكثف على إقناع تلك الأطراف بوجهة النظر الكوردية في النظام الأنسب لسوريا الجديدة الموحدة وبحقوق الكورد فيها، وبأن ذلك يحقق الأمان والاستقرار لسوريا وبأنه يصب في مصلحة كل السوريين. ولكن هذا يتوقف أيضاً على الأطراف السورية الأخرى ومدى استعدادها لبناء علاقات مع الطرف الكوردي على تلك الأسس المشتركة.

الأساس الثالث: التواصل مع المحيط الإقليمي والعمل على إقناعه بطبيعة المشروع الكوردي بغية طمأنته بأن المطلب الكوردي والنظام اللامركزي إنما يخدمان وحدة سوريا واستقرارها ولا يتناقضان مع الأمن القومي للدول المجاورة، وبأن مصالح تلك الدول ستكون في حالة أفضل إذا ما كُتب للمشروع الكوردي النجاح.

الأساس الرابع: تشكيل لجان للحوار مع دول العالم الكبرى والفاعلة في الملف السوري بغية شرح وتوضيح ما يصبو إليه الكورد في سوريا كشعب حضاري يسعى لبناء دولة موحدة قائمة على أساس العدالة والمساواة، وإقناعها بأن حصول الكورد على حقوقهم في نظام لامركزي سوف يكون عامل استقرار لسوريا ولكل المنطقة، ووضع تلك القوى الكبرى أمام مسؤولياتها الحقوقية والإنسانية التي لا ترضى بأن يبقى شعب أصيل من شعوب العالم والمنطقة محروماً من حقوقه المشروعة إلى الأبد، ومطالبتها بدعم تلك الحقوق.

    إن أي خلل أو نقص أو قصور أو كسر في أحد هذه الأسس الأربعة سوف يمنع قيام المشروع الكوردي المنتظر والمأمول، أو سوف يمنع اكتماله على النحو الأمثل، أو سوف يؤدي إلى انهياره في مستقبل قريب حتى لو حدث وقام لضرورة مرحلية آنية.

    ما الذي يمكن أن يلعبه المثقفون والكتاب الكورد من دور في هذا الإطار؟ يبدو أنه للأسف دور هامشي جداً نظراً لإهمالهم وتهميشهم من قبل أطراف الحركة الكوردية برمتها، إذ لا تعبأ بالمثقف ولا تستمع إليه إلا بما يخدم توجهاتها ومصالحها. لذلك يقتصر دور المثقف الكوردي على دعوة الأطراف السياسية إلى توحيد موقفها وتمثيل الكورد بأفضل صورة ممكنة وعدم التفريط بحقوقهم، والترويج للمطالب الكوردية (إذا توحدت) لدى الأطراف السورية والإقليمية، والرد على محاولات تشويه الكورد وحقوقهم ما امكنهم ذلك. هذا إذا ما أدت الحركة دورها كما يجب، أما إذا كان موقف الأطراف الكوردية سلبياً كما هو حتى الآن، فإن دعوات المثقفين والكتاب ستبقى مجرد صرخات فردية في واد، لا تنفع البلاد ولا العباد!!

============

[1]– قرار وزير الداخلية صبري العسلي في حكومة سعد الله الجابري 1946.

[2] – صدر المرسوم الجمهوري التشريعي رقم (93) في 23 أغسطس/آب 1962 في سوريا في عهد رئيس الجمهورية ناظم القدسي ورئيس مجلس الوزراء بشير العظمة والمتضمن قرارا سياسيا بإجراء الإحصاء الاستثنائي للسكان الأكراد في منطقة الجزيرة.

[3] – خلال المؤتمر القطري الثالث لحزب البعث العربي الاشتراكي، نصت الفقرة الخامسة من توصيات المؤتمر الثالث لحزب البعث العربي الاشتراكي على«إعادة النظر في ملكية الأراضي الواقعة على الحدود السورية-التركية، بامتداد 350 كم وبعمق 10-15 كم، واعتبارها ملكاً للدولة، وتطبق فيها أنظمة الاستثمار الملائمة بما يحقق أمن الدولة».

=============

ملاحظة: تم ترتيب الأسماء في كل قسم وفق أحرف الأبجدية العربية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

المحامي عماد الدين شيخ حسن   نشر مجلس سوريا الديموقراطية ( مسد) عبر صفحته الرسمية وموقعه على منصة ” X” مقالاً لعبد القادر موحد، عضو المجلس التنفيذي في مجلس سوريا الديمقراطية، بعنوان: ( المصطلحات القومية في الفكر الاوجلاني من ” الشعب الكردي” الى ” المجتمع الكردي” و” المجتمع الاصيل”)، وسرعان ما جرى حذف المقال وازالته من الموقعين. وبالنسبة لي شخصيّاً،…

صلاح بدرالدين   بحكم تواجدنا القسري في لبنان في سنوات نظام البعث وحكم الدكتاتور حافظ الأسد ، تعرفنا عن كثب على قادة الحركة الوطنية اللبنانية وفي المقدمة الشهيد كمال جنبلاط ، الذين استقبلونا برحابة الصدر ، ولاننا كنا مستهدفين من أجهزة ذلك النظام الشوفيني المجرم ، فقد قدم لنا الرفاق اللبنانييون ، والأصدقاء في منظمة التحرير الفلسطينية ، كل أسباب…

قبل أحداث الملعب البلدي (الدَّامية) في قامشلو (يوم الجمعة 12 آذار عام 2004م)، والتي أعقبتها مُباشرةً انتفاضةُ كرد قامشلو.. في ذلك الوقت كنتُ مُقيماً في بلدة نصيبين التركية الجارة الملاصقة لقامشلو، أمارس عملي كطبيبٍ أسنان، وكذلك كنتُ أكتب المقالات تحت اسمٍ مستعارٍ (بافي رامان)، والقلَّة من الأصدقاء كانوا يعرفونني بذلك الاسم المستعار، الذي ظلّ طي الكتمان، فقد كنتُ أبعثُ مقالاتي…

المهندس باسل قس نصر الله   الرحيلُ هو نوعٌ من الهروبِ نتيجةَ الخوفِ من البقاءِ. هذه حالُ الكثيرِ من المسيحيينَ – والأقلياتِ الأخرى – الذينَ يواجهونَ اليومَ تحدياتٍ جسيمةً تتعلقُ بالخوفِ والهجرةِ، بعدَ الصراعِ الدامي الذي عصفَ بالبلادِ منذ عامِ 2011 حتى 2024، فقد أدّتِ الحربُ إلى تدهورِ الأوضاعِ الأمنيةِ والاقتصاديةِ، مما دفعَ بالعديدِ من المسيحيينَ إلى مغادرةِ وطنِهم بحثاً…