ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا – القسم الثاني

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف الأحزاب والفصائل الكوردية لضمان حقوقهم وتحقيق تطلعاتهم، من خلال تقديم رؤى وتحليلات متعددة الأبعاد. يسعى “ولاتي مه” إلى توفير فهم أعمق لوضع الكورد في سوريا وآفاقهم المستقبلية وتكوين رؤية مشتركة حول مجمل القضايا التي ترتبط بالقضية الكوردية في سوريا.

القسم الثاني من الملف، تضم مشاركات السيدات و السادة:

– حواس عكيد : قيادي في حركة الإصلاح الكردي -سوريا، وعضو مكتب العلاقات الخارجية لجبهة السلام و الحرية

– محمد صالح شلال: عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا

– نصرالدين ابراهيم: سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)

– نارين عمر: كاتبة وشاعرة.

* * * * * * * * * *

حواس عكيد ( قيادي في حركة الإصلاح الكردي -سوريا، وعضو مكتب العلاقات الخارجية لجبهة السلام و الحرية):

نرى أن أفضل شكل لنظام الحكم هو الفيدرالية، لتحقيق التوازن بين التنوع وتوحيد الاختلاف، وتحقيق العدالة.

  • كيف ترون مستقبل الكورد في سوريا في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية الراهنة؟
    يعتمد مستقبل الكورد في سوريا بشكل عام على التوازنات السياسية الدولية والإقليمية، وبشكل خاص على التوافقات الداخلية بين القوى السياسية الكردية أولاً، ومن ثم مع بقية مكونات المجتمع السوري. ولا يخفى على أحد أن الكورد الآن فاعل رئيسي في المعادلة السورية، إذ لديهم قوى سياسية وعسكرية لا يمكن الاستهانة بها، ولا يمكن أن يعود وضع سوريا بشكل عام، والكردي بشكل خاص، إلى ما قبل الثورة السورية.

  • ما هي الأولويات التي يجب أن تركز عليها القوى الكوردية لضمان حقوق الكورد في سوريا؟
    يتطلب من القوى الكوردية اليوم، أكثر من أي وقت مضى، التركيز على تعزيز الوحدة الداخلية، وصولاً إلى رؤية سياسية مشتركة وواضحة، ووفد كوردي واحد. كما يجب البدء في أسرع وقت بالحوار مع بقية المكونات السورية، والتركيز على دور المجتمع المدني بجميع أشكاله لبناء مؤسسات مدنية قوية. إضافةً إلى ذلك، ينبغي العمل على تعزيز العلاقات مع الدول العربية، مثل مملكة العربية السعودية، والإمارات، والأردن، ومصر، وقطر، وكذلك مع القوى الإقليمية والدولية، ولا سيما الدول ذات التأثير في الشأن السوري.

  • ما هي التحديات الأساسية التي تواجه الكورد في سوريا في المرحلة الحالية؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟
    أهم التحديات هي الانقسام الداخلي بين الأطراف السياسية، وتهديدات التنظيمات الإرهابية وخطرها على المنطقة بشكل عام، وحالة الانقسام الحاصل في المجتمع السوري كنتيجة للصراع بين مختلف القوى العسكرية والفصائلية، بالإضافة إلى الضغوطات والتهديدات التركية.
    للتخلص من هذه التحديات، لا بد من تعزيز الوحدة الكردية والوطنية، وبناء تحالفات مع بقية المكونات، والحوار المباشر مع الإدارة الحالية في دمشق. كما يجب التأكيد والعمل على تحسين العلاقات مع الدول المجاورة لسوريا، وفي مقدمتها تركيا، وتعزيز العلاقات مع القوى الدولية الداعمة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، ممثلاً بفرنسا وألمانيا.

  • كيف يمكن للكورد تحقيق توازن بين الحفاظ على هويتهم القومية والانخراط في بناء دولة سورية جامعة؟
    برأيي، واستناداً إلى تجارب الكثير من الدول المشابهة لسوريا كدولة متعددة القوميات، والأديان، والطوائف، لا بد من تبني النظام الفدرالي لضمان التوازن بين المركز والأطراف، وضمان التوزيع العادل للسلطة والثروة الوطنية، وضمان الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية والثقافية والسياسية للكرد. سيعزز كل ذلك من بناء دولة مستقلة قوية، خالية من الفساد والاستبداد والتمييز.

  • ما هو نظام الحكم الذي تتطلعون إليه في سوريا المستقبل لضمان حقوق الكورد؟ هل تؤيدون الفيدرالية، الإدارة الذاتية، أو أشكالاً أخرى من اللامركزية؟
    نرى أن أفضل شكل لنظام الحكم هو الفيدرالية، لتحقيق التوازن بين التنوع وتوحيد الاختلاف، وتحقيق العدالة.

  • كيف يمكن تصميم دستور سوري يضمن حقوق الكورد كمكون رئيسي في البلاد؟
    لتصميم دستور، لا بد من التركيز على ضرورة وجود توازن وتمثيل عادل في لجنة كتابة الدستور. كما يجب أن تكون المواثيق والأعراف الدولية، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مرجعاً أساسياً للاستناد إليه في كتابة الدستور.
    لا بد أيضاً من الاعتراف بالتعددية القومية والثقافية في سوريا، وضمان حق التعليم، واللغة، والإدارة، والمشاركة السياسية، وضمان التوزيع العادل للثروة والسلطة بين المركز والمناطق الكردستانية، بالإضافة إلى الأقاليم الأخرى في سوريا المستقبل.
    وقبل كل ذلك، لا بد من إلغاء جميع السياسات الاستثنائية التي استهدفت الكرد، وإزالة آثارها، وتعويض المتضررين، وإعادة التقسيم الإداري للمناطق والمحافظات وفق معايير دولية واضحة، بما يتناسب مع حقيقة التنوع التاريخي في سوريا.

  • هل تعتقدون أن الدول الإقليمية ستقبل بوجود نظام حكم يضمن حقوق الكورد في سوريا؟ وكيف يمكن إقناعهم بذلك؟
    كما ذكرت سابقاً، أحد أهم التحديات التي يواجهها الكرد هو الموقف التركي، بذريعة تهديد أمنها القومي. لذلك، لا بد من الحوار بشكل مباشر مع تركيا، والتأكيد على أن الكورد في سوريا والمنطقة عامل استقرار وليس العكس. كما يجب توضيح أن طرح الكرد للفدرالية يهدف إلى ضمان حقوقهم وحقوق جميع المكونات، وضمان الأمن والاستقرار في سوريا، وإقامة أفضل العلاقات مع الدول المجاورة، بما يحافظ على سلامة أراضيها وأمن شعبها.

  • كيف يمكن بناء توافق بين القوى السياسية السورية حول شكل النظام المستقبلي الذي يضمن المساواة بين جميع المكونات؟
    لا شك أننا عملنا خلال السنوات الماضية مع العديد من القوى الوطنية. وأتذكر أنني أشرفت على أول ورشة عن الفدرالية وآلية ضمان حقوق الكرد في سوريا، بحضور ممثلين عن العديد من المكونات، حيث توصلنا إلى العديد من التوافقات.
    كما كان للمركز الأوروبي للدراسات الكردية دور مهم خلال السنوات الماضية، بتنظيم ورشات عمل وتقديم دراسات حول ذلك، وصولاً إلى مسودة دستور لسوريا المستقبل، بمشاركة طيف واسع من النخب السياسية والاجتماعية السورية.
    لا بد من توسيع دائرة الحوار، ليشمل جميع مكونات سوريا، والتركيز على أهمية بناء دولة ديمقراطية تعددية تضمن حقوق الجميع، وذلك من خلال مواد دستورية والعمل على بناء الثقة المتبادلة مع القوى السياسية الفاعلة.

  • كيف تقيمون مستوى التنسيق والتفاهم بين الأحزاب الكوردية في سوريا اليوم؟
    لا شك أن هناك تفاؤلاً حذراً بشأن الجهود المبذولة من قبل الأمريكيين والفرنسيين، وكذلك اللقاء الأخير بين رئاسة المجلس الوطني الكردي وفخامة الرئيس مسعود البارزاني من جهة، ولقاء فخامته مع الأخ مظلوم عبدي من جهة أخرى، وما تلاه من لقاء بين المجلس ومظلوم، بحضور التحالف الدولي.
    وأتمنى الوصول في أقرب وقت إلى رؤية موحدة ووفد واحد، بمشاركة جميع الأطراف والأحزاب، مثل الجبهة الكردستانية، والتقدمي، والوحدة، ومنظمات المجتمع المدني، وأكاديميين.

  • ما هي الخطوات العملية التي تقترحونها لتحقيق وحدة الموقف الكردي؟
    بعد الاتفاق بين الطرفين الرئيسيين، من المهم عقد مؤتمر وطني كردي، ودعوة جميع الأطراف من قبل لجنة مشتركة، وتوزيع الأدوار استناداً إلى رؤية سياسية موحدة تلبي تطلعات الشعب الكردي، وتضمن التوازن بين الحالة القومية والوطنية.

  • ما هي العقبات التي تعترض طريق توحيد الصف الكردي؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
    لا شك أن المصالح الحزبية والشخصية، والآيديولوجيات المختلفة، والتدخلات الخارجية، تشكل أبرز العقبات التي تعترض طريق التوحيد.
    ولتجاوز ذلك، لا بد من تفضيل المصلحة القومية على المصلحة الشخصية والحزبية، والعمل بجدية لإنجاز التوافق السياسي، وتوسيع دائرة الحوار، ونبذ الأصوات النشاز، والابتعاد عن التدخلات الخارجية السلبية.

* * * * * * * * * *

محمد صالح شلال (عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا):
على الإخوة في الطرف الآخر، وعلى أقل تقدير، أن يبعثوا برسائل اطمئنان لنا، لكي نشعر بأننا منتمون لهذا الوطن.

حول مستقبل الكورد في سوريا

مستقبل الكورد في سوريا مرتبط بعدة عوامل داخلية وإقليمية ودولية. تمر المنطقة بتغيرات كبيرة، وخاصة بعد الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣، بدءاً من حرب غزة مروراً بلبنان وسوريا. فبعد سقوط النظام البائد، تغير المشهد بشكل كبير، وبات يؤثر بشكل مباشر على وضع الكورد السياسي والإداري. لذا، وتماشياً مع الوضع الراهن، على الحركة الكوردية أن تستغل المتغيرات الحاصلة على الساحة السورية والإقليمية، وأن تكون لاعباً فاعلاً على الساحة السياسية السورية، والعمل على تثبيت حقوق الشعب الكوردي القومية في دستور سوريا الجديد، مستنداً إلى عدالة القضية الكوردية، ومن منطلق مشاركته الفاعلة في محاربة النظام الدكتاتوري الساقط.

داخلياً، لا بد للكورد أن يقنعوا شركاءهم في الوطن بشرعية مطالبهم كمكون أساسي من المكونات السورية، تعرض عبر عقود للغبن والحرمان من أدنى حقوقه القومية والوطنية المشروعة. لذا، لا بد أن يكون لهم حيز من المشاركة في رسم ملامح سوريا الجديدة، بحيث تكون للجميع دون تمييز طائفي أو قومي.

إقليمياً، علينا العمل على طمأنة الدول الإقليمية بأننا مع وحدة الأراضي السورية ولسنا مع التجزئة، ما دامت حقوقنا مصانة. وسنعمل، وبمشاركة إخواننا، على إرساء دعائم نظام ديمقراطي تعددي، يحترم علاقات حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول.

دولياً، يجب الاستفادة من القرارات الأممية ومواقف الدول الفاعلة لدعم وحماية حقوق المكونات السورية، ومشاركتهم الفاعلة في المصالحة الوطنية الشاملة، من خلال عقد مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده قريباً، ليكون نواة لبناء سوريا جديدة، تتكفل بحقوق جميع المكونات، وخاصة حقوق شعبنا الكوردي وتثبيته دستورياً.

أما بالنسبة للأولويات، فيجب العمل على محورين، وخاصة أننا على أعتاب مرحلة انتقالية:

  1. المحور الكوردي: يجب العمل على توحيد الرؤية السياسية الكوردية للوصول إلى خطاب كوردي جامع وموحد، لتقوية الموقف الكوردي، مما سينعكس بشكل إيجابي على العمل بأريحية في المحور الوطني السوري.
  2. المحور الوطني السوري: علينا أن نكون حاضرين في دمشق، متواصلين مع الجميع دون استثناء من الشرائح المجتمعية والسياسية والثقافية والفكرية بمختلف مشاربها، والعمل على إقناعهم بعدالة حقوقنا، وإزالة هواجس الخوف التي زرعها النظام البائد على مر العقود في عقول الكثيرين من أبناء سوريا من الإخوة العرب.

بالتأكيد، هناك تحديات وصعوبات، وخاصة في البنية الثقافية التي تشكلت على مر العقود، لكن بالتكاتف، وخطاب موحد، والأهم بإيماننا بعدالة قضيتنا، وإظهار نوايانا بانتمائنا الوطني وحرصنا على المشاركة الفاعلة في بناء وطننا، نستطيع تجاوز تلك العقبات.

حول نظام الحكم في سوريا

بالمقابل، على الإخوة في الطرف الآخر، وعلى أقل تقدير، أن يبعثوا برسائل اطمئنان لنا، لكي نشعر بأننا منتمون لهذا الوطن. وهنا تبرز مسألة نظام الحكم في سوريا المستقبل، لضمان حقوق الكورد وكذلك بقية المكونات، ويرتبط ذلك بمبادئ العدالة والمساواة، والاعتراف بالتعددية القومية والثقافية.

من المعلوم أن هناك نماذج عديدة لأنظمة الحكم في العالم، وبرأيي أن النظام الاتحادي “الفيدرالي” اللامركزي هو أفضل هذه الأشكال. لكنه يحتاج إلى توافق وطني وقانوني لتحديد السلطات بين المركز والإدارات المحلية، وهو الضمانة للحفاظ على وحدة البلاد وتقدمها.

سيكون الحكم الاتحادي ضامناً لإقرار دستور توافقي بين جميع الأطياف والمكونات، يتم بموجبه الإقرار بوجود شعبنا الكوردي، ويلتزم بإقرار حقوقه القومية المشروعة. وعلى دول الجوار احترام إرادة المكونات السورية، ومساعدتهم على التوافق فيما بينهم، لبناء دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان، وتبني علاقات حسن جوار مع محيطها الإقليمي.

لا يمكن الوصول إلى ذلك إلا من خلال بناء توافق بين القوى السياسية، يأخذ في الاعتبار التنوع العرقي والديني والسياسي في البلاد. وعليه، يجب عقد حوار وطني يضم جميع القوى السياسية والمجتمع المدني، مع ضمان حقيقي لجميع المكونات: العرب، الكورد، السريان وغيرهم، وتشكيل لجان مشتركة لتحديد الأولويات، والاتفاق على المبادئ الأساسية للدولة المستقبلية.

يجب الاتفاق على دستور يؤكد على:

  • المواطنة المتساوية، دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس.
  • الاعتراف بالتعددية القومية والثقافية.
  • ضمان حقوق جميع المكونات، بما في ذلك اللامركزية السياسية.
  • اعتماد نظام سياسي ديمقراطي تعددي، يضمن الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء.
  • التأكيد على تقاسم السلطة بشكل عادل، سواء في المركز أو الإدارات المحلية.

والأهم من ذلك كله، وجود ضمانات دولية لتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه. كل ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف، والالتزام بمبادئ المؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته.

حول وحدة الموقف الكوردي

مستوى التفاهم والتنسيق بين الأحزاب الكوردية في سوريا لا يزال دون المستوى المطلوب. هناك خلافات وانقسامات لا تخدم المصلحة الوطنية الكوردية. ونحن في الوقت الراهن، أحوج ما نكون إلى وحدة الموقف الكوردي.

يتطلب تحقيق وحدة الموقف الكوردي خطوات عملية، مبنية على:

  • الحوار والتفاهم السياسي.
  • الالتزام بالشفافية في التعامل بين القوى المختلفة.
  • تحديد الحد الأدنى من المطالب المشتركة.
  • الاتفاق على خطاب سياسي موحد، يعكس المصالح الكوردية.

كما هو معلوم، هناك مبادرة جادة من الأصدقاء الأمريكان والفرنسيين لتقريب وجهات النظر بين المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي. كان لزيارة الدكتور حميد دربندي، مبعوث الرئيس مسعود بارزاني إلى قامشلو، ولقائه مع كل من رئاسة المجلس الوطني وقائد قوات قسد مظلوم عبدي، دور كبير في دفع هذا المسار.

وقد لبى الأخير دعوة الرئيس بارزاني، والتقاه في مصيف صلاح الدين، وفيما بعد زار وفد من رئاسة المجلس الوطني الكوردي الرئيس بارزاني أيضاً، الذي بدوره حث الطرفين على تجاوز الخلافات، والتركيز على مصلحة الشعب الكوردي، والعمل على تقريب وجهات النظر للوصول إلى تشكيل وفد مشترك يتم من خلاله التفاوض مع دمشق.

وقبل أيام، عُقد اجتماع آخر بين رئاسة المجلس الوطني الكوردي وقائد قسد، بمشاركة الأصدقاء الأمريكان والفرنسيين، وتم الاتفاق على المضي قدماً في عقد الاجتماعات، للوصول إلى رؤية سياسية مشتركة، وتوحيد الموقف الكوردي، وتشكيل وفد مشترك يمثل الكورد لزيارة دمشق في المستقبل.

حول المؤتمر الوطني السوري المرتقب

للاستعداد للمؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده في الفترة المقبلة، يجب على القوى الكوردية تبني خطة استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار التحديات السياسية والواقع الميداني الموجود. وعليه، وكما أسلفنا سابقًا، فإن الأولوية يجب أن تبدأ بالاتفاق على رؤية سياسية شاملة تتبناها جميع الأحزاب والقوى السياسية الكوردية، وكذلك منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية، لتعزيز التوافق الداخلي.

وبالاستناد إلى ذلك، يجب أن يتم تحديد ورقة المطالب الكوردية بشكل واضح، والتأكيد على الحقوق السياسية والثقافية والإدارية للكورد في سوريا المستقبل، والعمل على ضمان الاعتراف بالهوية الكوردية في الدستور القادم، مع التأكيد على حماية حقوق المكونات الأخرى وتعزيز مبدأ التعايش السلمي.

من جهة أخرى، يجب العمل منذ الآن على التواصل مع القوى السورية الأخرى لتشكيل تحالفات وكسب أصدقاء لدعم مطالب شعبنا في المؤتمر. كما يجب الاستعداد بملف قوي يشمل إعداد وثائق قانونية ودستورية تدعم مطالب شعبنا، من خلال تعيين فريق مفاوضات متمرس قادر على تمثيل القضية الكوردية بفعالية، وتشكيل لجان تخصصية (سياسية، قانونية، استشارية وغيرها) لتكون عونًا للوفد المشارك في المؤتمر الوطني.

بالمحصلة، فإن الضمانة الحقيقية لتمثيل الكورد في المؤتمر الوطني تكمن في مشاركتهم بوفد وموقف موحد.

حول دور المثقفين والكتاب الكورد

المثقفون والكتاب الكورد شريحة مهمة من شرائح المجتمع الكوردي، يستطيعون لعب دور محوري في تشكيل الهوية الثقافية والقومية للشعب الكوردي، سواء في الداخل أو حتى في الشتات. ويتمحور دورهم في دعم الحركة السياسية الكوردية، والمشاركة الفاعلة في نشر الوعي حول الحقوق القومية والمدنية للكورد، وتشجيع الحوار السلمي والديمقراطي، وبناء جسور ترابط بين الكورد والمكونات السورية الأخرى عبر علاقاتهم مع المؤسسات والنقابات ذات الصلة.

يجب عليهم تعزيز الفكر التنويري ضد التطرف والفكر الاستبدادي بكل أشكاله، والدعوة إلى بناء مجتمع متنوع ومتسامح يعكس التعدد الثقافي والسياسي في وطن يتسع لجميع أبنائه.

أما عن دور الإعلام والإعلاميين الكورد في التأثير على الرأي العام السوري والدولي، فيجب تبني استراتيجيات فعالة تعتمد على الدقة، والتأثير العاطفي، والقدرة على الوصول إلى الرأي العام، وذلك من خلال تقديم القضية الكوردية ضمن سياق حقوق الإنسان، والعدالة، والتنوع الثقافي، بعيدًا عن الخطاب المتحيز أو المواجهة المباشرة.

يجب تسليط الضوء على التضحيات والمشاركة الفاعلة في الثورة السورية، والتأكيد على أن حقوق الكورد ليست تهديدا لوحدة سوريا، بل على العكس، هي عامل استقرار يعزز التعددية ويمتن أواصر الأخوة الحقيقية. كما يجب الربط بين القضية الكوردية والقضايا العالمية مثل الديمقراطية وحقوق المكونات والعدالة الاجتماعية.

دوليًا، ينبغي العمل على بناء علاقات مع الشخصيات الإعلامية، والسياسية، والثقافية لتسليط الضوء على الانتهاكات التي تعرض لها الكورد وفقا للقانون الدولي، مع تقديم تقارير موثقة لمنظمات حقوقية لكسب دعمها، وتنظيم مؤتمرات صحفية وندوات دورية مع صحفيين مستقلين ومنظمات حقوق الإنسان، والتواصل المستمر مع المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية ذات التأثير على الجماهير لخلق رأي عام داعم لحقوق شعبنا المشروعة.

حول العلاقات مع المكونات السورية الأخرى

العلاقات بين المكونات السورية المختلفة معقدة، ومتأثرة بعوامل تاريخية وسياسية واجتماعية. سوريا دولة متعددة القوميات والطوائف؛ حيث يوجد العرب، الكورد، الآشوريون، السريان، السنة، العلويون، الدروز، وغيرهم.

خلال العقود الماضية، كانت العلاقات متقلبة، متأثرة بسياسات الأنظمة؛ فقد اعتمدت الأنظمة المتعاقبة على سدة الحكم في سوريا سياسات قومية عنصرية، استندت إلى الجانب التعصبي ووظفته لتثبيت دعائم سلطتها، وهمشت بعض المكونات، مثل الكورد، الذين تعرضوا لسياسات التعريب والحرمان من الحقوق الأساسية، مثل الجنسية والتعليم. كما مارس النظام البائد، على مر عقود، بث التفرقة الطائفية المقيتة، وارتكب أبشع الجرائم بحق العرب السنة.

رغم كل ذلك، هناك تاريخ طويل من التعايش بين المكونات السورية، خاصة في المدن الكبرى مثل حلب ودمشق، وفي مناطق الجزيرة حيث عاش الكورد والعرب والسريان معًا لقرون وما زالوا. اليوم، وبعد سقوط النظام، هناك فرصة حقيقية لإعادة المياه إلى مجاريها، والعمل على نسيان ما جرى في الماضي، وبناء السلم الأهلي، وتحسين العلاقات بين كافة المكونات على أسس سليمة تعزز الأخوة، وتحقق العدالة الاجتماعية، وتضمن حقوق الجميع.

يجب أن يكون ذلك من خلال الاعتراف بالتعددية القومية والثقافية والدينية، وضمان حقوق المكونات في الدستور، ومعالجة الانتهاكات التي وقعت خلال حكم النظام البائد، وإزالة آثارها، وتعويض المتضررين من تلك السياسات العنصرية والشوفينية المقيتة.

حول العمل مع المجتمع الدولي

لضمان دعم المجتمع الدولي لمطالب الكورد في سوريا، يمكن اتباع استراتيجيات متعددة تشمل المجالات السياسية، والدبلوماسية، والإعلامية، وغيرها. ولكن قبل كل ذلك، يجب تهيئة العامل الذاتي، وذلك بتوحيد الخطاب السياسي الكوردي، وتجنب الانقسامات الداخلية التي قد تؤثر على موقف المجتمع الدولي.

وكما هو معلوم، فإن المجلس الوطني الكوردي، باعتباره جزءا من المعارضة السورية وعضوا فاعلا في ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، كان مشاركا في هيئة التفاوض، وحاضرا في مؤتمر جنيف، وبنى علاقات حسنة مع القوى الدولية ذات العلاقة المباشرة بالوضع في سوريا.

وهنا لا ننسى الدور البارز لإقليم كوردستان العراق، وبالأخص دور الرئيس مسعود بارزاني، الذي كان عونا لكورد سوريا على جميع الأصعدة؛ فقد كان له الفضل في فتح قنوات دبلوماسية مع الكثير من القوى الدولية الفاعلة على المشهد السوري وما زال.

اليوم، وبعد سقوط النظام، لا بد لنا، كحركة كوردية، من تهيئة العامل الذاتي من خلال توحيد الموقف الكوردي، والترفع عن الخلافات خدمة لمصلحة شعبنا، والتركيز على المشاركة بشكل موحد في النشاطات والفعاليات التي من شأنها رسم الخارطة السياسية لسوريا الجديدة.

يجب التأكيد على أن للكورد دورا مهما في استقرار سوريا، والعمل مع الأطراف الدولية لبناء تفاهمات حول حقوق الكورد في الدستور السوري المستقبلي. كما ينبغي التركيز على قضايا حقوق الإنسان والانتهاكات التي حصلت بحق شعبنا في المحافل الدولية، والتمسك بالمبادئ الديمقراطية وحقوق المكونات الأخرى، لضمان كسب التعاطف الدولي مع قضايا شعبنا العادلة.

كما يمكن للكورد الاستفادة من التجارب الدولية المشابهة للحالة السورية في الحصول على حقوقهم؛ ففي العديد من الدول التي تضم مجموعات عرقية أو ثقافية متنوعة، مثل كندا وبلجيكا، تم اعتماد أسس التفاوض السياسي لضمان حقوق المكونات، ونجحت في ذلك.

* * * * * * * * * *

نصرالدين ابراهيم: سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي):

لضمان حقوق الشعب الكرد وباقي مكونات الطيف السوري، لا بد من اعتماد نظام ديمقراطي لامركزي ” فيدرالية أو كونفدرالية أو إدارة ذاتية … ”  يتيح لكل مكون إدارة شؤونه ضمن إطار الدولة الواحدة.

 

  1. مستقبل الكرد في سوريا :

مستقبل الكرد في سوريا يتوقف على تحقيق الاعتراف الدستوري بحقوقهم، وترسيخ وجودهم السياسي والعسكري ”  قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ” التي  لعبت دورا أساسيا في محاربة الإرهاب وتأمين مناطق واسعة من البلاد بما فيها روجآفاي كردستان ، مما عزز مكانتهم كلاعب رئيسي في المعادلة السورية , والعمل على حماية هذه المكاسب التي تحققت,  كما أن تحرير المناطق الكردية من الاحتلال التركي ”  عفرين و سري كانيه  وكري سبي ”  ، يمثل تحديا رئيسيًا يتطلب جهودًا سياسية وعسكرية، إلى جانب دعم دولي لضمان إنهاء التغيير الديموغرافي الذي تمارسه تركيا… بالإضافة إلى البدء بحوار جاد ومسؤول مع سلطات دمشق الجديدة وصولاً إلى صيغة توافقية تلبي تطلعات الكرد في التمتع بحقوقهم القومية والوطنية المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية في دولة ديمقراطية تعددية لامركزية  .

  1. سبل وحدة الموقف الكردي :

تحقيق وحدة الموقف الكردي يتطلب تجاوز الخلافات بين القوى السياسية، لا سيما بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية والمجلس الوطني الكردي في سوريا .

الحوار المستمر بين الطرفين ضروري للوصول إلى تفاهمات تضمن حقوق الكرد وتجنب الانقسام الذي يضعف موقفهم , ولا سيما الحوار الذي يشرف عليه امريكا وقائد قوات سوريا الديمقراطية .

كما يبقى استقلالية القرار السياسي الكردي في سوريا ضروريًا لتفادي أي تعثر في المسيرة , وهذا ما تم التوافق عليه في لقاء الجنرال مظلوم عبدي مع الرئيس مسعود بارزاني في أربيل , وهو ما يمكن أن يشكل خطوة إيجابية نحو توحيد الرؤية الكردية السورية، خاصة إذا أُتبع بمؤتمر قومي كردي يضع خارطة طريق لمستقبل الكرد في سوريا.

نجاح هذا الحوار يعتمد على بناء الثقة، وإيجاد آليات واضحة لشراكة حقيقية بعيداً عن الأنا الشخصية والحزبية و تغليب المصلحة العليا لشعبنا الكردي  على أية مصالح ثانوية  , و انهاء الحالة التبعية بجميع أبعادها .

 

  1. طبيعة نظام الحكم الضامن لحقوق الجميع

لضمان حقوق الشعب  الكرد وباقي مكونات الطيف السوري، لا بد من اعتماد نظام ديمقراطي لامركزي ” فيدرالية أو كونفدرالية أو إدارة ذاتية … ”  يتيح لكل مكون إدارة شؤونه ضمن إطار الدولة الواحدة.

يجب أن يتضمن الدستور نقاطًا فوق دستورية تحمي الحقوق القومية للكرد، وتمنع أي تعديلات مستقبلية قد تنتقص منها.

كما أن الاعتراف بالإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ” أو أية صيغة أخرى تضمن اللامركزية ” يجب أن يكون جزءًا من أي حل سياسي، مع ضمان تمثيل عادل للكرد في مؤسسات الدولة.

إضافةً إلى ذلك، من الضروري أن تعمل القوى الكردية على تعزيز تحالفاتها مع باقي المكونات السورية، لضمان دعم وطني واسع لمطالبهم المشروعة، وعدم عزل القضية الكردية عن المسار العام للحل في سوريا , والأمر نفسه بالنسبة للقوى الدولية .

أية حلول للقضية الكردية يجب أن تكون مبنية على الاعتراف والإقرار الدستوري بوجود الشعب الكردي على أرضه التاريخية في سوريا المقسمة بين شعوب المنطقة ورغماً عن إرادته وذلك وفقاً لاتفاقية سايكس – بيكو.

* * * * * * * * * *

نارين عمر(كاتبة وشاعرة):

يمكن أن يلعب المثقفون والكتّاب الكرد دوراً كبيراً وفعّالاً في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي إذا أتيحت لهم الفرص بالمشاركة في صنع القرار الكردي مع القوى والشّخصيات السّياسية والحزبية الكردية..

 

المحور الأول:

كيف ترون مستقبل الكورد في سوريا في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية الراهنة؟

 

مستقبل الكرد في سوريا مرهون أوّلاً وقبل كلّ شيء بتقبّل كلّ الأطراف الكردية المعنية ببعضها البعض سعياً للوصول إلى موقف موحّد وخطاب واحد يضعونهما على طاولة الجهات والقوى المحلية والإقليمية والدّولية، ومن ثم يأتي دور هذه القوى والدّول التي ستنظر إلى القضية الكردية وفقاً لمصالح شعوبها ودولها، فإن رأت أنّ الوقت قد حان وأنّ الكرد أهل لانتصار قضيتهم سوف يفعلون وإلا علينا الانتظار لأعوام طويلة أخرى، نسعى من خلالها إلى استرجاع حقوقنا.

لذلك علينا أن نكون يقظين بما فيه الكفاية قبل أن يفوت الأوان ونبدأ مرحلة جديدة من العويل والنّحيب على الاضطهاد والمظلومية التي سنعيشها لعقود أخرى.

 

ما هي الأولويات التي يجب أن تركز عليها القوى الكوردية لضمان حقوق الكورد في سوريا؟

 

كما أسلفت في إجابتي السّابقة عليها ترك كلّ الخلافات جانباً والبدء من جديد بروح الوفاء والإخلاص مجبولة بجوهر الدّيمقراطية والدّبلوماسية السّياسية لتتمكّن من ضمان حقوق الكرد. وهنا لا بدّ من التّأكيد على ضرورة إشراك مختلف شرائح الشّعب والمجتمع الكردي في ذلك كلّ شريحة من موقعها وبحسب إمكانياتها المتاحة، وبذلك تتجنّب سياسة الإقصاء والتّهميش المتبعة من قبلهم منذ عقود. حبذا لو يرجعون إلى كتب التّاريخ الكردي ليستخلصوا الدّروس والعبر منها، ويتوقفوا على الأخطاء التي ارتكبت سابقاً لتجنّبها بل محوها والتّعلم منها لعدم تكرارها، وتصويب ما يمكن تصويبه وتصحيحه ليمكنوا من تمهيد السّبل الصّائبة المؤدية إلى تحقيق طموحاتنا وأهدافنا.

 

ما هي التحديات الأساسية التي تواجه الكورد في سوريا في المرحلة الحالية؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟

 

التّحدي الأوّل يكمن في بقائهم في حالة الانقسام في الرّأي والتشتت باتخاذ قرار صائب وموقف محدّد. ما تزال حتى الآن تجتمع مع بعضها وفيما بينها وبضغوط ووساطات مختلفة تتفق على أن تعقد اجتماعات أخرى في الأياّم القادمة، وهنا تكمن مأساتنا مع هذه القيادات ومع اتفاقاتهم على عقد الاجتماعات.

الأمر لا يتطلّب كلّ هذه الاجتماعات واللقاءات، لأنّنا نعيش فترة حرجة ومصيرية، وعليهم أن يواصلوا الليل بالنّهار لتحقيق أكبر المكتسبات والإنجازات لشعبنا، وإن وجدوا نفسهم عاجزين فليشركوا الجماهير معهم أو ليتنحوا جانباً ليحلّ محلّهم من يستطيع القيام بذلك بإخلاص وسرعة متناهية.

 

كيف يمكن للكورد تحقيق توازن بين الحفاظ على هويتهم القومية والانخراط في بناء دولة سورية جامعة؟

 

يمكن لنا ذلك إذا تمسكّنا بمبدأ الفيدرالية أو على الأقل الحكم الذّاتي، وبذلك نضمن حقوقنا القومية المشروعة ونكون جزءاً فعّالاً في بناء سوريا الحاضر والمستقبل، ولكن إن لم نحقق ذلك سوف نعيش على أرضنا كأقلية أو مواطنين عاديين ربما نحصل على حقوق المواطنة أو لا نحصل عليها.

 

المحور الثاني: حول نظام الحكم في سوريا:

 

ما هو نظام الحكم الذي تتطلعون إليه في سوريا المستقبل لضمان حقوق الكورد؟ هل تؤيدون الفيدرالية، الإدارة الذاتية، أو أشكالاً أخرى من اللامركزية؟

 

بكلّ تأكيد يجب أن تكون الفيدرالية المطلب الأوّل والأبرز،  وإن لم نتمكن من ذلك حالياً فالحكم الذّاتي يأتي بالمرتبة التي تليها من مطالبنا، ولتحقيق ذلك لا بدّ من توحيد صفوفنا ومواقفنا وخطاباتنا، وإرسال خلافاتنا إلى سلة المحذوفات، ثمّ إفراغ السّلة لئلا نرجع إليها تحت أيّ ظرف كان.

 

كيف يمكن تصميم دستور سوري يضمن حقوق الكورد كمكون رئيسي في البلاد؟

 

يمكن إيجاد دستور سوري يضمن حقوق الكرد من خلال اعتراف حكومة دمشق بسوريا كدولة مكوّنة من عدة شعوب واثنيات وقوميات ومذاهب، ويجب احترامها كلّها من دون استثناء. كذلك من خلال التّواصل مع مختلف القوى والأحزاب الفاعلة على السّاحة السّورية ومن مختلف الشّعوب والقوميات والمذاهب.

إذا تمّ ذلك فسوف يضمن الكرد حقوقهم كاملة كثاني قومية في البلاد، ولهم لغتهم الخاصة بهم وثقافتهم وتاريخهم العريق.

 

هل تعتقدون أن الدول الإقليمية ستقبل بوجود نظام حكم يضمن حقوق الكورد في سوريا؟ وكيف يمكن إقناعهم بذلك؟

 

بكلّ تأكيد لن توافق على وجود هذا النّظام للحكم إلا إذا أثبت الكرد أنّهم أهل لذلك، وأن ضمان حقوقهم في الدّولة الجديدة سوف يساهم في استقرار البلاد ودول الجوار كذلك، ولن يتأذى أي طرف، أمّا عملية الإقناع بشكلها الحقيقي والجدي فتكمن في رغبة وإرادة القوى والدّول الكبرى والفاعلة في المشهدين الدّولي والعالمي بما يتوافق مع مصالحها ورؤاها الآنية والمستقبلية، وهذا يتوقف بشكل أساسي على مدى قدرتنا في التّأثير على هذه الدّول والقوى لتقتنع بوجودنا كشعب وأمّة.

 

كيف يمكن بناء توافق بين القوى السياسية السورية حول شكل النظام المستقبلي الذي يضمن المساواة بين جميع المكونات؟

 

يبدو هذا التّوافق في غاية الصّعوبة نظراً لمحدودية تفكير ونظر بعض القوى السّياسية السورية تجاه الشّعوب والقوميات والمذاهب الأخرى التي لها الحق في العيش المشترك ضمن الدّولة السّورية، ويبدو أيضاً أنّ هذه الفترة الزّمنية من عمر الأحداث التي جرت والتطوّرات والتّغييرات الهائلة في المنطقة والعالم لم تستطع توسيع أفق رؤاهم وأفكارهم السّوداوية، لذلك على القوى الأخرى أن تحاول معها جاهدة لتتقبّل الآخرين، وتجلس معهم على طاولة التّفاوض ليتمكّن الجميع من الحصول على حقوقهم وفقاً للمعطيات والامتيازات التي يجب أن تتوفر لهم.

إذا تحقّق ذلك فإنّ النّظام الفيدرالي سيكون الحلّ الأمثل نظراً للتّنوع القومي والمذهبي والعرقي الذي تتميّز به سوريا.

 

المحور الثالث: حول وحدة الموقف الكردي:

 

كيف تقيمون مستوى التنسيق والتفاهم بين الأحزاب الكوردية في سوريا اليوم؟

 

مستوى التّنسيق والتّفاهم بين الأحزاب الكردية للأسف متباين وغير شفاف وتسوده الفوضوية أيضاً، لأنّها حتى الآن ما تزال تجتمع وتتفاوض فيما بينها لكي تتفق على استمرار اجتماعات أخرى متناسية تماماً أنّ الشّعب يعيش على أعصابه بانتظار موقف موحّد يتخذونه.

إن لم تسارع إلى إيجاد مستوى كاف من التّنسيق والتّفاهم سنظلّ على ما نحن عليه من التّشرذم والتّشتت والاستعباد.

 

ما هي الخطوات العملية التي تقترحونها لتحقيق وحدة الموقف الكردي؟ وكيف يمكن تجاوزها؟ وما هي العقبات التي تعترض طريقها؟

 

ترك كل الخلافات التّنظيمية والفكرية والأيدولوجية بينهم على الرّغم من أنّ بنود النّظام الدّاخلي لكل حزب أو تنظيم منهم يتنافى مع هذه الخلافات، لأنها كلّها تنصّ على أسس القومية الواحدة وصون الشّعب ونصر القضية واسترجاع الحقوق.

التّركيز على الأمور الهامّة جدّاً التي تخصّ قضيتنا في هذه المرحلة الحسّاسة والعمل الجدّي من أجل جعلها إحدى أهم القضايا الاقليمية ومن ثم العمل على تدويلها لتحقيق مطالبنا بأسرع ما يمكن.

القيام باتصالات مكوكية مع كلّ القوى والأطراف المعنية باستخدام كلّ السبل المتاحة وغير المتاحة أيضاً.

التّخلي التّام عن مصالحهم الشّخصية والحزبوية أو إهمالها لحين تحقيق ما ينشده الشّعب.

 

هل ترون أن هناك دوراً لجهات دولية أو إقليمية في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الكوردية المختلفة؟

 

بكلّ تأكيد هناك جهات وقوى دولية تحاول تقريب وجهات النّظر بين الأطراف الكردية ، بل وأحياناً تضغط عليه بوساطة جهات وأطراف أخرى كردية واقليمية ولكن حتى اليوم ما تزال الأطراف الكردية التي من المفروض أنّها تمثّل الكرد وقضيتهم غير جادة في عمل جدّي فعّال، ولا تقوم بخطوات سريعة ومتسارعة لاستغلال الظّروف المتاحة لمصلحتنا.

 

المحور الرابع: حول المؤتمر الوطني السوري المرتقب:

 

ما هي الخطط التي يجب أن تضعها القوى الكوردية للاستعداد للمؤتمر الوطني السوري؟

 

لا يمكن الحديث عن المؤتمر الوطني السّوري الذي كان من المفترض عقده، ولكن تمّ إلغاءه أو تأجيله إلى إشعار آخر.

 

المحور الخامس: حول دور المثقفين والكتاب الكورد:

 

ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه المثقفون والكتاب الكورد في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي خلال المرحلة المقبلة؟ وكيف يمكن للمثقفين الكورد المساهمة في توضيح رؤية مشتركة لمستقبل الكورد في سوريا؟

 

يمكن أن يلعب المثقفون والكتّاب الكرد دوراً كبيراً وفعّالاً في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي إذا أتيحت لهم الفرص بالمشاركة في صنع القرار الكردي مع القوى والشّخصيات السّياسية والحزبية الكردية، لأنّ الأدب والثّقافة لدى معظم الدّول والشّعوب المتحرّرة أو الدّيمقراطية الحرّة يلعبان دوراً كبيراً ورديفاً للدّور السّياسي والدّيبلوماسي. نحن الكرد الآن بحاجة إلى جهود وملكات كلّ الفئات والشّخصيات والقوى الفاعلة في مجتمعنا من ضمنهم الشّباب والنّساء كذلك، لأنّ المجتمع المتكامل والمتعاون والمتعاضد يولّد الوطن الحرّ والعيش الهانئ الرّغيد.

 

ما هي الاستراتيجيات الإعلامية التي يمكن تبنيها لمخاطبة الرأي العام السوري والدولي حول قضية الكورد؟

 

نحن الكرد لا نملك حتى الآن استراتيجيات إعلامية قادرة على مخاطبة الرّأي العام السّوري والاقليمي والدّولي على الرّغم من امتلاكنا لوسائل إعلام متعدّدة مرئية ومسموعة ومرئية، وتتوفر لبعضها إمكانات مادية هائلة. ما نزال نفتقر إلى كوادر إعلامية أكاديمية وقادرة على امتلاك زمام إعلامنا بكلّ وسائله ومؤسساته. ما نزال بحاجة إلى البحث عن إعلاميين قادرين على الإلمام بلغة الإعلام والصّحافة لتعريف العالم أجمع بقضيتنا كشعب صاحب أرض ولغة وقومية وصاحب حقوق مشروعة.

الإعلام الكردي بحاجة إلى أكاديميين إعلاميين مختصين يمتلكون الحقّ بتعيين إعلاميين غيورين على القضية والشّعب، وتوجيههم إلى التّأسيس لمؤسسات إعلامية ترتقي بنا، وتنقل قضيتنا إلى الآخرين بكلّ شفافية وبقوّة واندفاع، ليتمكّن الآخرون من خلالها التّعرف علينا كما نحن، بأصولنا وعراقتنا وثقافتنا وماهيتنا.

 

المحور السابع: حول العمل مع المجتمع الدولي:

 

كيف يمكن للكورد تعزيز علاقتهم بالمجتمع الدولي لضمان دعم مطالبهم في سوريا؟ وما هي القضايا الأساسية التي يجب طرحها على الأطراف الدولية لدعم حقوق الكورد؟

 

أوّلاً علينا أن نعيد إعادة إعمار بيتنا الكردي من الدّاخل والخارج معاً. من الدّاخل بانفتاحنا على نفسنا كشعب صاحب أرض وقضية وكقومية  يجب انتزاع الاعتراف بها من قبل الرّأي العام الاقليمي والعالمي. أن نتطلّع إلى إثبات ذاتنا وهويتنا الخاصة بنا كأنّها قضية كلّ واحد منّا عليه أن يدافع عنها بكلّ السّبل والوسائل الممكنة بعيداً عن الأنانية والمصلحة الشّخصية أو العائلية. علينا أن نعتبرها كذلك لأنّ كلاً منّا فرد من هذا المجتمع، ومجتمعنا يتكوّن من مجموعنا ككلّ، إذا تحقّق لنا ذلك سوف نعمل كلّنا كشعب واحد ومجتمع واحد، وبذلك نحقّق طموحاتنا وأهدافنا المشروعة، ما يعكس على بيتنا من الخارج، حيث سترانا القوى والجهات والأطراف الأخرى الاقليمية والمحلية أسرة متماسكة، قوية، متحابة، وسوف تنجذب إلينا وإلى هندسة بيتنا الجذابة، وتتعامل معنا كشركاء حقيقيين وليس أقلية مظلومة ومضطهدة.

 

كيف يمكن للكورد الاستفادة من التجارب الدولية المشابهة في الحصول على حقوقهم الدستورية؟

 

عندما يعيدوا بناء بيتهم من جديد على أسس المحبة والوفاق والمساندة، ويتصرّفوا كأنّهم أسرة واحدة موحّدة، وبذلك يمكنهم الاطلاع على دساتير الشّعوب الأخرى والاستفادة من تجاربهم في الحصول على حقوقهم أو استرجاعها. يمكنهم ذلك من خلال الاعتماد على المختصين والأكاديميين في مختلف مجالات السّياسة والقانونية والاقتصادية والأدبية والفكرية وغيرها من مجالات الحياة.

* * * * * * * * * *

ملاحظة: تم ترتيب الأسماء في كل قسم وفق أحرف الأبجدية العربية.

============

القسم الثالث: تضم مشاركات كل من السادة:

– زردشت مصطفى : رئيس القوى الديمقراطيه الكرديه في سوريا.

– شادي حاجي: كاتب، وحقوقي.

صالح جعفر : كاتب.

الدكتور عبدالرزاق تمو.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي أود أن أوضح بداية أنني لست مختصًا في القانون، وقراءتي لهذا الموضوع ربما تندرج ضمن الإطار السياسي النقدي. بعد استعراض الإعلان الدستوري السوري المؤقت، الذي تم تبنيه عقب سقوط نظام بشار الأسد، يمكن ملاحظة عدد من النقاط التي قد تسهم في ترسيخ حكم ديكتاتوري جديد، حتى وإن كانت النية الظاهرة هي بناء دولة ديمقراطية قائمة على…

المحامي عماد الدين شيخ حسن   نشر مجلس سوريا الديموقراطية ( مسد) عبر صفحته الرسمية وموقعه على منصة ” X” مقالاً لعبد القادر موحد، عضو المجلس التنفيذي في مجلس سوريا الديمقراطية، بعنوان: ( المصطلحات القومية في الفكر الاوجلاني من ” الشعب الكردي” الى ” المجتمع الكردي” و” المجتمع الاصيل”)، وسرعان ما جرى حذف المقال وازالته من الموقعين. وبالنسبة لي شخصيّاً،…

صلاح بدرالدين   بحكم تواجدنا القسري في لبنان في سنوات نظام البعث وحكم الدكتاتور حافظ الأسد ، تعرفنا عن كثب على قادة الحركة الوطنية اللبنانية وفي المقدمة الشهيد كمال جنبلاط ، الذين استقبلونا برحابة الصدر ، ولاننا كنا مستهدفين من أجهزة ذلك النظام الشوفيني المجرم ، فقد قدم لنا الرفاق اللبنانييون ، والأصدقاء في منظمة التحرير الفلسطينية ، كل أسباب…

قبل أحداث الملعب البلدي (الدَّامية) في قامشلو (يوم الجمعة 12 آذار عام 2004م)، والتي أعقبتها مُباشرةً انتفاضةُ كرد قامشلو.. في ذلك الوقت كنتُ مُقيماً في بلدة نصيبين التركية الجارة الملاصقة لقامشلو، أمارس عملي كطبيبٍ أسنان، وكذلك كنتُ أكتب المقالات تحت اسمٍ مستعارٍ (بافي رامان)، والقلَّة من الأصدقاء كانوا يعرفونني بذلك الاسم المستعار، الذي ظلّ طي الكتمان، فقد كنتُ أبعثُ مقالاتي…