كتاب «من أسقط التمثال؟- شهادات وحوارات في انتفاضة آذار الكردية 2004 » الحلقة التاسعة عشرة (مصطفى أوسو*)

لم يخطر ببالي، يوم 12 آذار 2004م، وأنا ذاهبٌ من مدينة الحسكة إلى قامشلي؛ لحضور مباراةٍ في الدوريّ السوري لكرة القدم بين نادي الجهاد (قامشلي) ونادي الفتوة (دير الزور)، أنْ يكون يوماً تستبيح فيه أجهزة النظام السّوريّ الأمنية بالرصاص الحيّ دماء العديد من الشباب الكرد، الذين جاؤوا من مختلف مناطق المحافظة؛ للاستمتاع بأجوائها وتشجيع ناديهم المحلّيّ، بالهتافات والأهازيج والدبكات التي كان يغلب عليها الطابع الكرديّ.

عندما وصلتُ إلى الكراج السياحي في مدينة قامشلي، الذي لا يبعد سوى دقائق عن الملعب البلدي،  قبل موعد انطلاق المباراة بحوالي ساعة، سمعتُ أنّ هناك حالةً أشبه ما تكون بالتجييش من قبل جماهير نادي الفتوة، التي جابت منذ ساعات الصباح شوارع المدينة، وهي ترفع شعاراتٍ مؤيّدةً لرئيس النظام العراقيّ المقبور صدام حسين، ومهينةً لبعض رموز القومية الكرديّة، وعلى وجه الخصوص رئيس إقليم كردستان العراق السيد مسعود بارزاني، من دون أنْ تتعرّض لها أو تمنعها أجهزة السلطة الموجودة فيها، وتلك مؤشّراتٌ على أنّها كانت على علمٍ بها وتقف من ورائها؛ لأنّ «الصدامية» كانت في حينها تهمةً كفيلةً بأنْ تودي بأصحابها إلى غياهب السجون لسنواتٍ ليست قليلةً، تدعمها ظروف تلك المرحلة وتطوّرات أحداثها المرتبطة بتدخّل الولايات المتحدة الأمريكية والقوات المتحالفة معها في العراق وإطاحتها بنظام صدام حسين عام 2003م وإنشاء النظام السّوريّ مكاتب دعوةٍ منتشرة في المحافظات السّوريّة؛ لاستقطاب آلاف المتطرفين العرب والأجانب واستقبالهم وتمويلهم داخل معسكراتٍ في سوريا، ومن ثمّ إرسالهم للحدود العراقية بهدف إثارة الفوضى والدمار وزعزعة الاستقرار داخل العراق؛ لإشغال القوات الأمريكية، خشية أنْ تستمرّ- وبعد سيطرتها على العراق وإزاحة نظام صدام حسين عن الحكم فيه-  بالزحف على سوريا وتبدأ بالإطاحة بنظام بشار الأسد، وتخلّصاً من القوى المتشدّدة المتنامية داخل سوريا. 

لم يمنعني الكلام الذي سمعتُه من التوجه إلى الملعب، الذي كنت حريصاً وكلّما سنحتْ لي الظروف على الذهاب إليه؛ لحضور مباريات نادي الجهاد، وصلتُ إلى هناك وجلستُ في مدرجاته (الجهة الغربية) القريبة من الباب، وما هي إلا لحظاتٌ حتى بدأت جماهير نادي الفتوة، التي كانت أغلبها متجمّعةً في المدرجات المقابلة لي (الجهة الشرقية)، بترديد الشعارات الاستفزازية التي قابلها ردٌّ من جماهير نادي الجهاد، ومن ثمّ الرّدّ المعاكس من جماهير نادي الفتوة، والمفاجأة كانت في الكمية الكبيرة للحجارة والعصي والآلات الحادّة..، الممنوع إدخالها إلى الملاعب، في حوزتها والتي انهالت بها ضرباً على جماهير نادي الجهاد، أمّا المفاجأة الأخرى والأكبر هي أنّ عناصر الشرطة وحفظ النظام وبدل أنْ تبادر إلى وقف هذا الهجوم وردعه..، تدخّلت إلى جانبها وأصبحت تلاحق بعصيها وكرابيجها الكهربائية جماهير نادي الجهاد، التي سرعان ما تحوّلت إلى إطلاق الرصاص الحيّ عليهم، وفي هذا الأثناء كان البرنامج الرياضي الإذاعي (ملاعبنا الخضراء) قد بثّ خبراً، تبيّن فيما بعد أنّه كاذبٌ وملفّقٌ، وهو: قتل ثلاثة أطفالٍ دهساً تحت الأقدام، توجّه بسببه العديد من أهالي المدينة صوب الملعب، خاصةً من كان لهم أطفالٌ صغارٌ في الملعب، وهي مؤشّراتٌ أخرى وإضافيةٌ على أنّ ما جرى في المعلب كان عمليةً مرتّبةً بشكلٍ مسبقٍ من قبل الأجهزة الأمنية ضدّ الكرد في محافظة الحسكة.

إزاء هذا التّطوّر الخطير بدأتِ الجماهير المتواجدة في الملعب، الممتلئ عن آخره كعادة جميع مباريات نادي الجهاد في مدينة قامشلي، تركض بشكلٍ جنونيٍّ تجاه الباب الرئيسيّ؛ هروباً من الجحيم الذي وجدتْ نفسها فيه، ورغم أنّي كنتُ في الجهة القريبة منه، لكنْ عند وصولي إليه كان شديد الازدحام ويشهد الكثير من التدافع، لا أعرف بالضبط كيف أصبحتُ في الخارج، كان المنظر أمامه أشبه ما يكون بموج البحر يقذف بعضهم خارجاً ويرمي بعضهم الآخر تحت الأقدام المتدافعة.

في الشارع الملاصق لباب الملعب الخارجي، كانت الحشود كبيرةً جداً ما بين خارجٍ وقادمٍ، والكل في حالةِ صدمةٍ وذهولٍ، انعطفتُ يميناً قاصداً التّوجّه إلى المدينة، ومن ثمّ إلى حيّ الآشوريّة، حيث كنّا على موعدٍ في الساعة الرابعة لاجتماع المكتب السياسيّ للحزب اليساريّ الكرديّ في سوريا، شاهدتُ الكثير من أثار دماء المصابين والجرحى حتى وصولي إلى مركز المدينة تقريباً.

عندما وصلتُ لمكان الاجتماع كانت الأخبار عن كلّ ما جرى قد انتشرت بشكلٍ كبيرٍ وواسعٍ جداً، ليس في قامشلي وحدها وإنّما في عموم المحافظة وخارجها أيضاً، فقرّرنا على الفور، الذهاب إلى مشافي المدينة؛ لزيارة الجرحى والاطمئنان عن صحتهم، بقيادة سكرتير الحزب الأستاذ خير الدين مراد، وبحلول المساء سمعنا أنّ هناك حملة اعتقالاتٍ واسعةً في صفوف الشباب العائدين من قامشلي إلى الحسكة، من قبل الأجهزة الأمنية على طريق المطار، ليكون القرار الآخر لنا هو أنْ نبقى في مدينة قامشلي، ولاسيّما أنّ الأحزاب الكردية كانت قد اتخذت قرار المشاركة الواسعة في اليوم الثاني، 13آذار، في تشييع شهداء ملعب قامشلي إلى مثواهم الأخير.

في موكب التشييع الذي انطلق من أمام جامع قاسمو باتجاه مقبرة قدور بك أولاً، ومن ثمّ إلى مقبرة الهلالية، كان الحشد الجماهيري ملفتاً، شارك فيه معظم قيادات الصّفّ الأول في الأحزاب الكردية في سوريا، لكنْ وقبل الوصول إلى المقبرة واجهتُه أجهزة النظام الأمنية مرّةً أخرى بالرصاص النّاري، ما أدّى إلى سقوط عددٍ آخر من الشهداء والجرحى، وبعد انتهاء مراسم دفن بعض الشهداء في الأولى، تم توجّه الموكب إلى الثانية ليتمّ مواجهته أيضاً بإطلاق النّار، الذي أدّى بدوره إلى وقوع عددٍ آخر من الشهداء والجرحى.

على أثر ذلك انتفضتْ وعلى التوالي، وفي غضون أقلّ من 48 ساعة جميع المناطق الكردية السُّوريّة، التي شهدت تحطيم تمثال المقبور حافظ الأسد مع ما يرمز إليه من استبدادٍ وظلمٍ واضطهادٍ.. على يد شباب مدينة عامودا، إضافةً إلى مناطق التواجد الكرديّ في مدينتي حلب ودمشق، وفي مختلف دول العالم، خاصةً الأوروبّيّة منها، والتي شهدت قيام بعض الشباب الكرد باقتحام السفارات السّوريّة فيها في محاولةٍ منها للفت انتباه الرأي العام العالميّ حيال ما يرتكبه النظام السّوريّ من جرائم بحقّ الشعب الكرديّ.

في الحقيقة، وكما أشرت آنفاً، بادرت الأحزاب الكردية في سوريا بجميع أطرها وتياراتها الموجودة آنذاك منذ مساء اليوم الأول إلى عقد اجتماعاتٍ مكثّفةٍ تُوجَّت بقرار مشاركتها في تشييع شهداء اليوم الأول، التي استمرّت- اجتماعاتها طبعاً- بتتويجها الإعلان عن العمل معاً تحت الصيغة التي عُرِفت باسم (مجموع الأحزاب الكرديّة في سوريا)، والتي كانت لها دورٌ كبيرٌ في مواجهة التحديات التي فرضتْها الانتفاضة والتجاوب مع استحقاقاتها على كافّة الأصعدة، فشكّلت العديد من اللجان؛ لمتابعة أوضاع عائلات الشهداء والجرحى والمعتقلين..، ولاقتْ تجاوباً ودعماً ومساعدةً لافتةً ومنقطعة النظير من المجتمع الكرديّ سواءٌ في داخل سوريا أو خارجها، تجلّت في الكمية الجيدة من المساعدات التي تلقّتها، ولكنّ هذه الأحزاب ولأسبابٍ كثيرةٍ قد لا يكون هنا مجال الحديث عنها، لم تستطعْ تأمين ديمومة الانتفاضة واستمراريتها وتطويرها.. بما يؤدّي إلى  تجذير القضية الكردية وإجبار السلطات السّوريّة على التعامل معها كقضيةٍ سياسيةٍ وإيجاد الحلول لها، بدل التعامل معها على أنّها قضيةٌ أمنيةٌ، خاصة مع توفّر العوامل والظروف المناسبة لذلك، فالمجتمع الكرديّ في سوريا كان في قمّة وحدته وتماسكه وتلاحمه واستعداده للمضي فيها مهما كان حجم التضحيات..، خاصةً فئة الشباب الذين قدّموا أروع ملاحم البطولة والفداء وتسلّحوا بالإرادة القوية النابعة من الإيمان بقضيّتهم القوميّة والوطنيّة الدّيمقراطيّة وعدالتها، التي جعلت رئيس النظام السّوريّ يصرّح لقناة “الجزيرة” القطرية في 1 أيّار 2004م بالقول: «إنّ القوميّة الكرديّة تشكّل جزءاً رئيسياً في النسيج السُّوريّ ومن التاريخ السّوريّ»، وأنّ «أحداث آذار قامشلي لم تتمّ بتأثيراتٍ خارجيةٍ»، وأنّ «موضوع الأكراد المجرّدين من الجنسية هو في المراحل الأخيرة من الحلّ»، عكسَ الموقف الرسميّ السّوريّ في اليوم الأول الذي وصف ما جرى بالجريمة الجنائية من فئةٍ خالفت القانون وارتكبت أعمال تخريبٍ، وهذه التصريحات كانت الأولى من نوعها في سياق اعتراف حزب «البعث» بوجود القومية الكردية في سوريا منذ استلامه ووصوله سدّة الحكم في سوريا عام 1963م.

لم تكن المواقف وردود الفعل الدولية بحجم القمع الذي مارسه النظام السّوريّ، ومواجهته بالحديد والنار لشعبٍ أعزلَ انتفض ضدّ الاستبداد والظلم والقهر والاضطهاد الذي يتعرّض له، فلم يخرج الخطاب السياسيّ الدوليّ من سياق التمنيات والمطالبات والدعوات بوقف العنف..، وأثبتت التجارب أنّ مثل تلك الدعوات غير مجديةٍ مع مثل هذه الأنظمة المارقة التي لن تتوقّف عن سياساتها من دون وجود رادعٍ قويٍّ. أمّا كردستانياً فقد أظهرت الانتفاضة وما رافقها من أحداثٍ وتطوّراتٍ..، وحدة الشعب الكرديّ في جميع أجزائه، فانتفضت الأجزاء الثلاثة الأخرى منه، واستقبلت جامعات إقليم كردستان العراق الطلاب الكرد المفصولين والمطرودين من الجامعات والمعاهد المتوسطة السّوريّة على خلفيّة مشاركتهم في الانتفاضة، وقبلتهم فيها من أجل إكمال دراستهم.

الحديث عن جرائم أجهزة النظام السّوريّ بحقّ أبناء الشعب الكرديّ في سوريا، التي رافقت الانتفاضة وتداعياتها، ذو شجون، خاصةً وأنّي رأيتُ بأمّ العين إطلاق الرصاص الحي بشكلٍ مباشرٍ من قبلها على جموعٍ في الملعب وفي تشييع الشهداء، وزرتُ الجرحى في مشافي مدينة قامشلي، وأيضاً سمعتُ من المعتقلين عن أساليب التعذيب النفسي والجسدي الوحشي بحقهم، كما وشهدتُ آثاره الواضحة على أجسادهم عندما زرتُهم في سجن «صيدنايا» العسكريّ، قرب دمشق- المسلخ البشري كما تمت تسميته- صيف عام 2004م ضمن فريقٍ ضمّ عدداً من المحامين بمرافقة مندوب الوكالات القضائية في القصر العدلي بدمشق؛ لتنظيم التوكيلات التي تخوّلنا الدفاع عنهم أمام المحاكم القضائية عند تحويلهم إليها، حيث كانت هذه هي الزيارة الأولى لهم بعد اعتقالهم، هذا ناهيك عن جرائم كسر أقفال المحلات التجارية وسرقة محتوياتها وإحراقها..، وترهيب المواطنين بإطلاق الرصاص العشوائي من السيارات التي كانت تجوب الأحياء والشوارع التي يسكنها الكرد، وقطع الكهرباء والماء عن بعض الأحياء الكردية، ولعلّ حالة الشّاب فرهاد صبري والحَكَم الدولي لكرة القدم عبد القادر محمد علي (أبو حديد) والشاب نوح سليمان، فالأول استشهد تحت التعذيب، والثاني أصيب بعاهةٍ دائمةٍ في ظهره بسبب ذلك، والثالث لا يزال يعاني من وجود رصاصةٍ في جسده أصيب بها في 14 آذار في حي الصالحية بالحسكة، تلخّص إلى حدٍّ كبيرٍ حجم القمع والعنف المفرط ومدى ما وصلت وحشية أجهزة النظام السّوريّ الأمنية واستهتارها بأرواح المشاركين في هذه الانتفاضة. 

لقد حظيت انتفاضة 12 آذار 2004م بتغطيةٍ إعلاميةٍ جيدةٍ، سواءٌ في الإعلام العربي أو العالمي، ساهم في رفدها بالمواد اللازمة لذلك، الجهود الجبارة للشباب الذين قاموا بتصوير أحداثها وتطوراتها والإعلاميين، سواءٌ الذين قاموا بتغطيتها وكتبوا عنها في العديد من الصحف العربية والكردية وأيضاً في المواقع الإلكترونية الكردية، أو الذين تواصلوا مع القنوات الفضائية، خاصةً الكردية منها، Roj tv، وKtv، و،Kurd sat، التي واظبت هي الأخرى على التفاعل معها وتغطية تطوراتها وأحداثها على مدار الساعة. 

إذا كان من الصّحّة أنّ انتفاضة 12 آذار 2004م بدأت شرارتها الأولى رداً على قمع أجهزة النظام السّوريّ واستخدامها العنف المفرط واستخدامها الرصاص النّاري، في الملعب وخارجه، إلا أنّ عوامل أخرى ساهمت في تأجيجها وتوسيع نطاقها، منها: واقع الظلم والألم والمعاناة والاحتقان.. في المجتمع الكرديّ، الناجم عن السياسة الشوفينية والاضطهاد القومي المطبّقة بحقّ الشعب الكرديّ في سوريا، من قبل أنظمة الحكم السّوريّة المتعاقبة، وإفرازاتها السلبية من تدابيرَ وإجراءاتٍ استثنائيةٍ ومشاريعَ عنصريةٍ، مثل: الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة عام 1962م، والحزام العربيّ عام 1974م..، وحرمانه من جميع حقوقه القوميّة والوطنيّة الديمقراطيّة.

تبقى انتفاضة 12 آذار 2004م، محطّةً نضاليةً هامةً في تاريخ الشعب الكردي في سوريا، روتها دماء الشهداء وسقاها وجع الجرحى وعذابات المعتقلين..، أكدّت للنظام السّوريّ، والعالم أيضاً، أنّه لا يمكن أنْ يقبل بواقع تجاهله والشطب عليه وإلغائه وإنهاء وجوده وإنكار حقوقه، وبأنّ سوريا لن تنعم بالسلام والأمن والاستقرار، من دون حلّ قضيته القومية والوطنية الديمقراطية.

على العموم  يمكن التأكيد أنّ الوفاء للشعب الكرديّ في سوريا، وللتضحيات الجسيمة التي قدّمها من أجل حقوقه القومية، يكون بتشديد نضاله وتصعيده، والعمل على توفير وإيجاد الأرضية المناسبة له، وهي ما نفتقدها اليوم بكلّ حسرةٍ وأسفٍ.

 ===========

* محام وحقوقي قيادي سياسي سابق

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

المحامي عماد الدين شيخ حسن   نشر مجلس سوريا الديموقراطية ( مسد) عبر صفحته الرسمية وموقعه على منصة ” X” مقالاً لعبد القادر موحد، عضو المجلس التنفيذي في مجلس سوريا الديمقراطية، بعنوان: ( المصطلحات القومية في الفكر الاوجلاني من ” الشعب الكردي” الى ” المجتمع الكردي” و” المجتمع الاصيل”)، وسرعان ما جرى حذف المقال وازالته من الموقعين. وبالنسبة لي شخصيّاً،…

صلاح بدرالدين   بحكم تواجدنا القسري في لبنان في سنوات نظام البعث وحكم الدكتاتور حافظ الأسد ، تعرفنا عن كثب على قادة الحركة الوطنية اللبنانية وفي المقدمة الشهيد كمال جنبلاط ، الذين استقبلونا برحابة الصدر ، ولاننا كنا مستهدفين من أجهزة ذلك النظام الشوفيني المجرم ، فقد قدم لنا الرفاق اللبنانييون ، والأصدقاء في منظمة التحرير الفلسطينية ، كل أسباب…

قبل أحداث الملعب البلدي (الدَّامية) في قامشلو (يوم الجمعة 12 آذار عام 2004م)، والتي أعقبتها مُباشرةً انتفاضةُ كرد قامشلو.. في ذلك الوقت كنتُ مُقيماً في بلدة نصيبين التركية الجارة الملاصقة لقامشلو، أمارس عملي كطبيبٍ أسنان، وكذلك كنتُ أكتب المقالات تحت اسمٍ مستعارٍ (بافي رامان)، والقلَّة من الأصدقاء كانوا يعرفونني بذلك الاسم المستعار، الذي ظلّ طي الكتمان، فقد كنتُ أبعثُ مقالاتي…

المهندس باسل قس نصر الله   الرحيلُ هو نوعٌ من الهروبِ نتيجةَ الخوفِ من البقاءِ. هذه حالُ الكثيرِ من المسيحيينَ – والأقلياتِ الأخرى – الذينَ يواجهونَ اليومَ تحدياتٍ جسيمةً تتعلقُ بالخوفِ والهجرةِ، بعدَ الصراعِ الدامي الذي عصفَ بالبلادِ منذ عامِ 2011 حتى 2024، فقد أدّتِ الحربُ إلى تدهورِ الأوضاعِ الأمنيةِ والاقتصاديةِ، مما دفعَ بالعديدِ من المسيحيينَ إلى مغادرةِ وطنِهم بحثاً…