كاظم رجوي: شهيد الحرية وضحية إرهاب نظام الملالي

نظام مير محمدي *

 

الدكتور كاظم رجوي، اسم خالد في تاريخ النضال من أجل حقوق الإنسان في إيران، يُعد رمزًا للعزيمة والتضحية في سبيل الحرية والعدالة. استشهد في 24 أبريل 1990 في جنيف على يد إرهابيين أرسلتهم السلطات الإيرانية، لكنه كتب تاريخ حقوق الإنسان بدمائه ورفع راية العدالة. يستعرض هذا المقال حياة هذا الحقوقي البارز، دراسته، نضاله، وإرثه العظيم.

التعليم والإنجازات الأكاديمية

كان كاظم رجوي واحدًا من أبرز الحقوقيين الإيرانيين، حيث حصل على ست درجات دكتوراه في القانون والعلوم السياسية من جامعات مرموقة في فرنسا وسويسرا. في عام 1961، حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية، وفي عام 1963 حصل على الدكتوراه في القانون العام من كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية في باريس. كما نجح في امتحان الدكتوراه في العلوم الاقتصادية عام 1964، وأكمل أطروحته للدكتوراه في معهد الدراسات الدولية بجنيف عام 1973.

إلى جانب تدريسه في الجامعات السويسرية، ألف رجوي أكثر من 120 رسالة وكتابًا باللغتين الفارسية والفرنسية. من أبرز أعماله:

  • تطور البرجوازية والحركات الشعبية في إيران (1961)
  • النظام الأساسي ولوائح التوظيف الحكومي في إيران (1963)
  • إعادة النظر في نظرية الدولة (1969)
  • الثورة الإيرانية والمجاهدين (1983)

هذه الإنجازات تعكس عمق معرفته وتفانيه في التقدم العلمي والفكري، لكن روحه الحرة قادته نحو النضال من أجل حقوق الإنسان وحرية الشعب الإيراني.

النضال من أجل الحرية وحقوق الإنسان

تغيرت حياة كاظم رجوي بشكل كامل عندما سمع خبر اعتقال أخيه مسعود رجوي وحكم الإعدام الصادر بحقه عام 1971. بإرادة صلبة، أطلق حملة دولية لإنقاذ حياة مسعود. من خلال تعبئة المنظمات الحقوقية، والمحامين الدوليين، وإرسال سيل من الرسائل إلى طهران، نجح في تغيير حكم الإعدام إلى السجن المؤبد. كانت هذه النجاح نقطة تحول في حياته وأساس نشاطه الحقوقي.

بعد ثورة 1979، عاد كاظم رجوي إلى إيران وتم تعيينه سفيرًا لإيران في مقر الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف عام 1979. لكنه، مدركًا نوايا خميني لفصله عن مسعود وأهداف النظام المناهضة للشعب، استقال من منصبه وكرس كل طاقته لمحاربة النظام الإيراني. بصفته ممثل المقاومة الإيرانية في سويسرا وسفيرًا متجولًا لقائد المقاومة في المحافل الدولية، نقل صوت السجناء والمعذبين وضحايا النظام إلى العالم.

لعب البروفيسور رجوي دورًا حاسمًا في إصدار قرارات متعددة لإدانة النظام الإيراني في لجنة حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة. في عام 1985، أدت جهوده إلى إصدار أول قرار إدانة للنظام في الجمعية العامة، وهو الأساس لأكثر من 70 قرارًا لاحقًا. من خلال تقديم وثائق وشهادات موثقة، كشف عن جرائم النظام، بما في ذلك مذبحة عام 1988، ورفع راية العدالة.

الاستشهاد والإرث

في ظهيرة 24 أبريل 1990، استهدف رجوي بنيران الحقد من قبل إرهابيي النظام الإيراني بالقرب من جنيف، على بُعد خطوات من مبنى حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. هذا الاغتيال، الذي نفذ بأمر من خميني وفي سياق مذبحة 1988، لم يتمكن من إسكات صوته، بل حول دمه إلى رمز للنضال ضد الظلم.

قال البروفيسور جان زيغلر، نائب رئيس اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عنه: “كان كاظم رمزًا للعزيمة والالتزام الثابت. لقد حقق إدانات النظام الإيراني في الأمم المتحدة واحدًا تلو الآخر.” وأكد نيلز دوداردل، محامي المقاومة الإيرانية، أن اغتيال كاظم مرتبط بمذبحة 1988 ويعكس الطبيعة الإجرامية للنظام.

كاظم رجوي، بجملته التاريخية: “نكتب تاريخ حقوق الإنسان بدمائنا”، أثبت التزامه. له حقان أبديان على الشعب الإيراني: إنقاذ حياة مسعود رجوي ورفع راية الدفاع عن حقوق الإنسان. يستمر إرثه في قرارات الأمم المتحدة، كشف جرائم النظام، وإلهام أجيال المقاومين.

الخاتمة

كان الدكتور كاظم رجوي عاشقًا كرس حياته للحرية والعدالة. بمعرفته، إيمانه، وتضحيته، لم ينقل صوت المظلومين في إيران إلى العالم فحسب، بل ذكّر المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه جرائم النظام الإيراني. اليوم، بينما يواصل النظام الإيراني السخرية من حقوق الإنسان، يبقى إرث كاظم رجوي حيًا في مقاومة الشعب الإيراني ومطالب العدالة العالمية. من واجبنا أن نحافظ على رايته مرفوعة وأن نسعى لمحاكمة مجرمي النظام وتحقيق الحرية في إيران.

السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لفترة الانتقال، كرّمت في حسابها على منصة إكس ذكرى الدكتور كاظم رجوي، شهيد حقوق الإنسان العظيم، قائلة: “قال الدكتور كاظم إننا نكتب تاريخ حقوق الإنسان بدمائنا، وقاتل من أجل حقوق الإنسان حتى آخر لحظة في حياته.”

*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…