ضرورة التأكيد على وجودنا في غربي كردستان

نارين عمر

   ألا يحقّ لنا أن نطالب قيادات وأولي أمر جميع أحزاب الحركة الكردية في غربي كردستان، وقوى ومنظّمات المجتمع المدني والحركات الثّقافية والأدبية الكردية بتعريف شعوب وأنظمة الدول المقتسمة لكردستان والرّأي العام الاقليمي والعالمي بحقيقة وجود شعبنا في غربي كردستان على أنّ بعضنا قد قدم من شمالي كردستاننا إلى غربها؟ حيث كانت كردستان موحدة بشمالها وغربها، ونتيجة بطش وظلم الحكم العثماني ومن ثمّ التّركي لجأنا إلى القسم الآخر من كردستاننا، وكنّا نسميها حينها ” سرخت، serxet و بنخت، Bixet” أي فوق الخط وتحت الخط؛ بمعنى أنّنا كنّا نرى خطاً واحداً فاصلاً بين الشّمال والغرب.
وفقاً لذلك فإنّ أرض غربي كردستان هي أرضنا وسكّانها هم شعبنا، ولجأنا إلى أرضنا وإلى شعبنا في غربي كردستان الذين كانوا يسكنونها قبل كلّ الشّعوب والأمم الأخرى، ولولا اتفاقية سايكس بيكو  لما ادّعى بعض الجهلة بالتّاريخ من السّوريين والعرب على أنّنا مهاجرون قدمنا من تركيا وسكننا أرض العرب السّوريين، والآن نطالب باقتطاع جزء من سوريا؛ ومعظمهم يعرف تمام المعرفة حقيقة تلك الاتفاقية الظّالمة بحقّ شعبنا الكردي، ولكنّهم يتجاهلون ذلك، ويصرّون على ادّعاءاتهم الكاذبة ومعلوماتهم الباطلة.
اتفاقية سايكس بيكو:
   ما يزال شعبنا في عموم كردستان يسمّونها ” الاتفاقية المشؤومة” لأنّها جلبت الشّؤم إلى شعبنا وأرضنا، وقسّمتها بين أربع دول هي تركيا، إيران، العراق وسوريا.
تمّ التّوقيع عليها في 3 كانون الثاني من عام 1916 وأثناء الحرب العالمية الأولى من قبل بريطانيا التي مثّلها حينذاك الدّيبلوماسي البريطاني مارك سايكس، ومن قبل فرنسا، ومثّلها الدّيبلوماسي فرانسوا بيكو وبمباركة ومصادقة كلّ من  روسيا القيصرية وايطاليا وقد قامتا وقتها بصفة مراقب مع حصولهما على وعود بأن تكون لهما حصة كبيرة من ثمار الاتفاقية.
كان الهدف منها اقتسام منطقة الهلال الخصيب أي- بلاد الشّام والعراق-  بين فرنسا وبريطانيا ولتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا وتقسيم الدولة العثمانية التي كانت المسيطرة على تلك المنطقة في الحرب العالمية الأولى، وكانت على ثقة شبه تامّة أنّ الدّولة العثمانية سوف تسقط وتنهار.
يُذكر أنّ تقسيم كردستان تمّ على مراحل زمنية متفاوتة:
* قُسّمت لأوّل مرة بعد معركة جالديران التي اندلعت في عام 1514 بين العثمانيين بقيادة سليم الأوّل والصّفويين بقيادة اسماعيل الصفوي. أبرمت الدولتان في عام 1555 معاهدة أماسيا التي نصت على تعيين الحدود، والتي تم بموجبها تقسيم كردستان رسمياً.
* معاهدة زهاب أو معاهدة قصر شيرين، وقعت بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية في 17 مايو 1639 في قصر شيرين شرق كركوك.
تمّ توقيع هذه المعاهدة بعد حرب طويلة بينهما دامت 15 عاماً، منحت يريفان في جنوب القوقاز لإيران والعراق للدّولة العثمانية، وما تزال بنود تلك المعاهدة سارية المفعول إلى وقتنا الحالي.
منذ الاقتسام الأوّل لوطننا وإلى الاقتسامات الأخيرة ما يزال شعبنا يناضل ويكافح من أجل استرجاع حقوقنا وتحرير وطننا ولكنّنا نقع في كلّ مرّة ضحايا الاتفاقيات الدّولية والمحصصات الاقليمية، والسّبب الأبرز حقد وشراسة القوى والأنظمة المحتلة لكردستان واستعدادها التّنازل عن كلّ شيء والتعاقد مع ألدّ أعدائها في سبيل عدم امتلاكنا لأرضنا وعدم استرجاع حقوقنا المشروعة.
علينا أن نطلق حملات إعلامية ودعائية وسياسية منظّمة نوضّح فيها هذه الحقائق التّاريخية الثّابتة عن حقيقة وجودنا على أرضنا وأحقيتنا المطلقة بالعيش الحرّ على ترابها.
علينا أن نؤكّد للجميع على أنّ جذور تواجد الشّعب الكردي على الأرض المسماة سوريا تعود إلى أقدم العصور، ويكفينا أن نذكر اسم مملكة أوركيش التي تعود إلى القرن 22 قبل الميلاد لنفنّد كلّ ادعاءات وأباطيل الآخرين عن وجودنا.
ووفقاً لذلك علينا أن نشكّل لجان عديدة تضمّ مختلف شرائح شعبنا ومجتمعنا من الشّخصيات المختصة في السّياسة والتّاريخ والاقتصاد والحقوق والقانون وعلم الاجتماع والآداب وغيرها من الشّخصيات، نؤكّد فيها وبالأدلة الدّامغة والوثائق والمصادر على حقيقة وجودنا وتواجدنا.
لنعمل معاً من أجل بناء حاضرنا وتمتين مستقبلنا.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…