صراع على السلطة أم تحرير الشعب من الاستبداد ؟!!

صالح بوزان

 

إن الأحداث التي جرت في سوريا منذ آذار ٢٠١١، والتي كانت ضحيتها الدمار والخراب على الأرض والشعب، كانت في جوهرها صراعا على السلطة أكثر من كونها محاولة لتحرير الشعب من نظام دكتاتوري استبدادي. فقد بدأت الثورة في البداية، وثار الشعب على هذا النظام، لنيل حريته وكرامته لطالما سُلب منه منذ عقود، لكن سرعان ما تحولت هذه الثورة إلى صراع متعدد الأبعاد كان من نتائجه تدمير البلاد وتفكيك نسيجها الاجتماعي، نتيجة التدخل الخارجي في مفاصلها.

 

اليوم، وبعد سقوط نظام البعث بقيادة بشار الأسد، وسيطرة هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) في الثامن من كانون الأول 2024 على السلطة في دمشق، نجد أنفسنا أمام واقع مؤلم جديد، حيث تواصل الجماعات الجهادية التابعة لسلطة الأمر الواقع ارتكاب الجرائم والانتهاكات بحق الطوائف غير المسلمة، تحت ذريعة “فلول النظام”، في حين يتم تعطيل مؤسسات الدولة، ويتم القضاء على أي محاولات لإحياء الحياة السياسية، واقصاء كل ما هو مختلف.

 

يظهر بشكل واضح أن هذه المجموعات التي استحوذت على السلطة، ضمن ترتيبات دولية وإقليمية ، لم تكن تسعى إلى بناء دولة مدنية حديثة كما يدعي البعض، بل هدفها كان مشابهًا للنظام الذي ثار الشعب عليه، ولكن بصبغة إسلامية سلفية جهادية أشد قسوة. هذه الجماعات لم تعمل من أجل بناء دولة على أسس قوانين ودساتير عصرية تضمن حقوق مكونات سوريا ، بل تسعى إلى إعادة بناء سلطة دكتاتورية استبدادية جديدة.

إن سوريا، في هذا المنحى، تتجه نحو نفق مظلم ومصير مجهول، رغم التناغم الذي قد يظهر بين مواقف بعض الدول العربية والدولية معها، التي تترقب هذا التحول. فإن استمرار هذه الوضعية يعمق الأزمات السياسية والاجتماعية والإنسانية، ما يجعل الوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام أكثر تعقيدا.

@Salih Dadalî 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…