عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
يتجلّى الحل الحقيقي لمشكلة الاستقرار والأمن والتعايش في إيران والشرق الأوسط بشكل أوضح، يوماً بعد يوم. وهذا الحل هو “إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه الحاكم في إيران”. فلماذا؟
قبل التطرق إلى الإجابة على هذا السؤال، لا بد من الإقرار بحقيقة جلية وهي أن القوة الوحيدة التي وقفت منذ البداية موقفًا راسخًا ضد دكتاتورية ولاية الفقيه، واستمرت على هذا النهج طيلة الـ 45 عامًا الماضية، لم تصر على موقفها فحسب، بل ظلت صامدة ومتمسكة به، وهي الآن “الفائز الاستراتيجي” للمشهد في كل خطوة نقترب منها من هذا الحل.
الحل الأفضل أو الحل الوحيد!
على مدار الـ 45 عامًا الماضية، خضعت العديد من الحلول للاختبار، وتعددت البدائل. وقدَّم كثيرون وعودًا براقة، وأطلقوا مبادرات، ولكنهم لم يفوا بها. وفي خضم كل ذلك، دُبرت مؤامرات متعددة بإنفاق أموال طائلة، سعياً لإنقاذ النظام الديكتاتوري الحاكم في إيران من الإطاحة به. ولكنهم هُزموا أمام هذه القوة والمقاومة الشعبية الأصيلة، وزالوا كما يزول الزبد فوق سطح الماء. لا شك أنه مع سقوط الديكتاتورية في إيران، ستنتهي أيضًا هذه الحلول التي تحمل جميعها في طياتها دعوة صريحة للدكتاتورية، وتنطوي على تجاهل إرادة الشعب الإيراني!
نظرة عامه على مجريات العام الميلادي الماضي!
لقد كان عام 2024 عام الهزائم للديكتاتورية في إيران، وعام الانتصارات العظيمة للشعب الإيراني والبديل الديمقراطي “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”.
تلقى النظام الديني في إيران، في العام الماضي، العديد من الضربات الإستراتيجية والتكتيكية داخل الحدود وخارجها. فعلى سبيل المثال لا الحصر، خسر الولي الفقيه الحاكم في إيران دكتاتورية الأسد، وانتصر الشعب السوري على هذه الدكتاتورية التي كانت في واقع الأمر النظام الوكيل لولاية الفقيه الحاكمة في إيران. كما تلقت القوات الوكيلة الأخرى التابعة لنظام الملالي في الشرق الأوسط ضربات استراتيجية خطيرة يستعصي إصلاحها. لقد فرّت القوات المرسلة من قِبل هذا النظام الفاشي في معظم مناطق الشرق الأوسط، وأما من تبقّى منها ظاهريًا، يعيشون في قلق عميق، ويسعون جاهدين إلى النأي بأنفسهم عن نظام ولاية الفقيه في إيران.
إن مخاوف النظام الإيراني داخل البلاد أشد وأعمق؛ نظراً لأنّه وقع في قبضة أزمات حادة، وعلى وجه الخصوص أزمة السقوط، التي لا مفرّ منها، وعليه أن يُسلّم بنهايته المحتومة! لقد بلغت الاحتجاجات الشعبية ووجود وحدات الانتفاضة المرتبطة بالمقاومة في مختلف مدن إيران، والتي أصبحت اليوم “نقطة أمل للشعب الإيراني”؛ ذروتها. يتوقف كل شيء على “شرارة” قد تشتعل في أي لحظة. وستتهاوى مطرقة غضب الشعب الجائع و”العطشان للحرية والديمقراطية” على رؤوس أفراد قوات حرس نظام الملالي وقوات هذا النظام الفاشي. وإذا كانت قوات نظام ولاية الفقيه خارج حدود إيران قد تمكنت من الفرار هرباً من غضب شعوب المنطقة، فإن قيادات هذا النظام الدكتاتوري وقوات حرس نظام الملالي لن يتمكنوا من الفرار من غضب الشعب الإيراني!
من جهة أخرى، تفوّق حلّ إسقاط الديكتاتورية الدينية، وما يترتب عليه من إنهاء سياسة المهادنة مع هذه الديكتاتورية في مختلف أنحاء العالم؛ على الحلول الرجعية الاستعمارية الأخرى. وحامل لواء هذا “الحل”، أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، قد برز أكثر من أي وقت مضى، وأثبت على الساحة الدولية أحقية مواجهة “رأس أفعى ولاية الفقيه” في طهران. ولم يكتف زعيم هذه المقاومة بإدانة نزعة نظام ولاية الفقيه لإشعال الحروب في الشرق الأوسط، بل أعلن أن خامنئي ونظامه “الخاسرون الاستراتيجيون”. وقد أثبتت الأيام المتتالية خلال العام الماضي بوضوح صحة هذه الاستراتيجية.
استراتيجية وحدات الانتفاضة
لقد ثبت الآن بشكل غير مسبوق أن “استراتيجية إسقاط نظام ولاية الفقيه” التي تتبناها وحدات الانتفاضة في إيران، أصبحت أقوى من أي وقت مضى، مما يثبت شرعية البديل الوحيد “المجلس الوطني للمقاومة”. تتميز هذه الاستراتيجية بوجود جناحين سياسي وعسكري، وتقودها السيدة مريم رجوي. ولا يمكن الحديث عن بديل حقيقي لنظام ولاية الفقيه دون وجود هذين الجناحين القويين. ونظراً لأن هذا النظام الفاشي لم ينبثق من الشعب ولا لأجل الشعب، فإنه اختفى مثل الزبد على الماء، وسوف يزول للأبد!
حضور ذو وقع عميق وبالغ الأهمية!
أعلن وزير الخارجية في الحكومة السابقة لرئيس الولايات المتحدة، مايك بومبيو، أثناء حضوره تجمع مجاهدي خلق في باريس، في 11 يناير 2025؛ عن تأييده المطلق لميثاق السيدة مريم رجوي المكوّن من 10 بنود. وقال: “إن نظام نظام ولاية الفقيه يمر بأضعف حالاته. إنني متأكد من أن حملة الضغط الأقصى ستبدأ مرة أخرى، وستكون هذه بداية النهاية لمساعدة الشعب الإيراني من أجل إزالة هذا النظام الشرير. وفي إشارته إلى عام 2024 باعتباره “العام الأكثر تدميراً لقوات حرس نظام الملالي”، واستثمار خامنئي لـ “رئيسي”، وتهاوي قيمة العملة الإيرانية بشكل حاد، والهزائم المتتالية التي مُني بها هذا النظام الفاشي في الشرق الأوسط؛ أعلن بومبيو أن نظام ولاية الفقيه “يقترب من نهايته بسرعة “. وفي إشارته إلى دكتاتورية الأسد في سوريا، قال مايك بومبيو في كلمته: “إن الدكتاتوريات فاسدة في جوهرها وقابلة للهزيمة، وسرعان ما سيصبح نظام إيران أكثر هشاشة مما هو عليه الآن. فاسدة من الأعماق وهي قابلة للهزيمة، وقريباً سيكون النظام الإيراني أكثر انكسارا”. وقال: “إن المقاومة الإيرانية تسير على الطريق الصحيح، وستتحرر إيران على أيديكم يا من ضحيتم بالغالي والنفيس على مدى عقود، وتحملتم القتل والأسر على مدى سنوات عديده”. كما قال مايك بومبيو: “إن تجربة سوريا أظهرت أن التغيير يتطلب قوة ملتزمة على الأرض وحلفاء في الخارج”. وبفضل تاريخكم الأطول وقدراتكم التنظيمية الرائعة، فأنتم قوة محنكة في ساحات النضال. إن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية تناضل ضد النظام في إيران منذ عقود. وأنتم جميعاً أبرز المناضلين في طريق الحرية. وقد أوضحت السيدة رجوي في كلمتها التي ألقتها في 20 نوفمبر 2024 في البرلمان الأوروبي؛ خارطة الطريق لإسقاط نظام الملالي، ولقيادة البلاد خلال الفترة الانتقالية. وتعتمد خريطة الطريق هذه على الشعب الإيراني، والمقاومة المنظمة في الداخل، وفي قلبها وحدات الانتفاضة المنتشرة في جميع أنحاء البلاد. و وحدات الانتفاضة هذه هي القوة الحاسمة في التحول الذي ينبغي الاعتراف به رسمياً. النقطة المهمة هنا هي أن هذه المنصة لا تطالب بتغيير نظام الملالي بالاستعانة بقوى خارجية. ولا يطالب هذا البرنامج بوجود قوات عسكرية على الأرض من دول أجنبية أو حتى أموالاً منها. وقال: “لقد أعلنتِ يا سيدة رجوي عدة مرات أن هناك طريقة واحدة فقط لإزالة نظام الملالي، وهي أن ذلك سوف يتحقق على أيدي الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة داخل إيران”. وقال السيد مايك بومبيو في الختام: “إن السيدة مريم رجوي تقود البديل الديمقراطي الذي أظهر قدرته ضد دكتاتورية الملالي خلال العقود الأربعة الماضية. يجب أن يكون محور السياسة الغربية الآن هو الاعتراف رسمياً بحق الشعب الإيراني في المقاومة، والاعتراف رسمياً بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية باعتباره البديل الأوحد والأفضل للمعممين الحاكمين في إيران.
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني