عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
مقدمة:
من خصائص أي نظام متعفن هو أن قضاياه لا تُغلق أبداً، بل تتراكم فوق بعضها البعض. في إيران، لم يتم إغلاق أي من ملفات هذا النظام ولن يتم إغلاقها أبداً. لهذا السبب، الحل الوحيد الممكن هو تغيير النظام، أو بصيغة أدق، إسقاط هذا النظام وظهور نظام آخر. ومن هنا تأتي أهمية مناقشة “البديل” لهذا النظام كواحدة من أكثر القضايا خطورة فيما يتعلق بإيران.
ولاية الفقيه!
ما أثبتته التجربة في إيران تحت حكم هذا النظام الديني هو أن تغيير “الرئيس المزعوم!” لا يحدث أي تغيير في المشهد السياسي في إيران، ولن يحدث أبداً. لأن هذا المنصب في إيران هو منصب عديم الصلاحيات، والصفة البارزة فيه هي إيمان هذا الشخص (!) بمبدأ ولاية الفقيه وتنفيذ سياساته وبرامجه!
بزشكيان، خادم ولاية الفقيه!
بناءً على هذه المقدمة، يمكن فهم أن مسعود بزشكيان هو جزء لا يتجزأ من ولاية الفقيه! ففي ذكرى الحرب العراقية الإيرانية (والتي يسميها هذا النظام بالحرب المقدسة) قال: “اليوم، يمكننا أن نعلن للعالم بقوة أننا قادرون على الدفاع عن بلدنا، وبالوحدة والانسجام مع الدول الإسلامية ومصافحة الأحبة ومرافقتهم، سنحافظ على منطقتنا في سلام وأمن وطمأنينة”. ووجه حديثه إلى القوات العسكرية للنظام قائلاً: “أنا أفتخر بكم أيها الأحبة. نحن نفتخر بهذا القائد العزيز وسنعمل على الحفاظ على قوة وعزة النظام الإسلامي من خلال دعمكم وتقويتكم”. وكان بزشكيان قد صرح سابقاً أنه لولا تدخل ولاية الفقيه، لما تم تعيينه في هذا المنصب. (تلفزيون النظام، 21 سبتمبر 2024)
بزشكيان، حارس ولاية الفقيه!
ما يلفت الانتباه عند مراجعة ملف بزشكيان هو كونه “حارساً” لولاية الفقيه، مما يزيل كل الشكوك ويقنع أي مراقب بهذه الحقيقة. وقد صرح بزشكيان نفسه بأنه “شخص ذائب في ولاية الفقيه!”.
ظهور بزشكيان على الساحة!
في الجولة الجديدة من مسرحية الانتخابات، أُحضر مسعود بزشكيان إلى الساحة، وفقاً لما قاله هو نفسه “لأنه رأى النظام في خطر الفناء والسقوط”. مهمته هي تبييض صورة ولاية الفقيه على الساحتين الداخلية والدولية، وهي مهمة فضحتها المقاومة الإيرانية والشعب الإيراني مسبقاً وأفشلتها، لأنهم لا يؤمنون بإمكانية إصلاح هذا النظام. الإصلاحات داخل نظام ولاية الفقيه هي مجرد “سراب”.
أول زيارة خارجية لبزشكيان: العراق
تم اختيار “العراق” كوجهة لأول رحلة خارجية لبزشكيان، نظراً إلى الحدود المشتركة بين البلدين وسوابق الحرب الثمانية سنوات، ورغم أن السلطة الفعلية في هذا البلد بيد خامنئي، فإن وضع القوات التابعة للنظام في العراق يتجه نحو الانهيار، وهناك خطر كبير أن يتلقى النظام ضربة “لا رجعة فيها” في منطقة الشرق الأوسط. وبحسب ما يقوله المراقبون والخبراء في الشؤون الإيرانية، كانت هذه الرحلة بمثابة فشل آخر للنظام الإيراني.
الأمم المتحدة ليست مكاناً لنظام ولاية الفقيه!
وفقاً للأخبار الرسمية، من المقرر أن يحضر مسعود بزشكيان الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في يوم 24سبتمبر2024 . رغم أن حضور “الرئيس” الإيراني (!) في هذا الاجتماع يُعقد سنوياً وليس حدثاً جديداً، إلا أن هذا العام، أكثر من أي وقت مضى، يتردد في المجتمع الدولي الحقيقة بأن “الأمم المتحدة” ليست مكاناً للنظام الإيراني الحالي! بعبارة أخرى، لا ينبغي أن تسمح الأمم المتحدة لهذا النظام القمعي بالاحتفاظ بمقعده. لقد أثبت هذا النظام أنه على تضاد مع المجتمع البشري المعاصر، ولذلك فإن الشعب الإيراني والمقاومة يطالبون بطرد هذا النظام من الأمم المتحدة وتسليم المقعد للشعب الإيراني!
الاحتجاجات الدولية ضد حضور بزشكيان في الأمم المتحدة
نظم الإيرانيون المقيمون في الخارج، الذين غالباً ما يكونون من أنصار “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، احتجاجات في بلدان متعددة ضد حضور بزشكيان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكدين أن “النظام الحاكم في إيران لا يمثل الشعب الإيراني”. المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو أطول ائتلاف سياسي عمراً في إيران، وهو الخصم الوحيد لنظام ولاية الفقيه، الذي يخشى النظام منه بشكل كبير.
زيادة الإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران
وفقاً لتقارير المقاومة الإيرانية الرسمية، في إيران التي يحكمها ولي الفقيه، تزايدت الإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان، كما تفاقمت الأوضاع المعيشية للشعب الإيراني، وخاصة مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية، بينما تشكل مغامرات النظام الحربية في الشرق الأوسط تهديداً خطيراً للمنطقة والعالم.
تقرير جاويد رحمان حول الإعدامات في إيران
في تقرير حديث، وصف السيد جاويد رحمان، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، إعدامات عامي 1981 و1982 ومجزرة السجناء السياسيين في عام 1988 بأنها “جرائم ضد الإنسانية” و”إبادة جماعية”. وأشار إلى أن 90% ممن تم إعدامهم كانوا من أعضاء أو مؤيدي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وركز في هذا التقرير على دور المسؤولين الحاليين للنظام، من ولي الفقيه إلى القضاة وأجهزة القمع الأخرى، الذين يجب أن يحاسبوا أمام العدالة.
استمرار الانتفاضة ضد الدكتاتورية في إيران
تأتي التظاهرات اليومية للإيرانيين في الخارج دعماً للوضع المتفجر في المجتمع الإيراني. في إيران، تستمر الانتفاضة على شكل احتجاجات واسعة النطاق ضد نظام ولاية الفقيه في جميع أنحاء البلاد وبين كافة فئات المجتمع. إحياء الذكرى الثانية لانتفاضة 2022، وخاصة الـ750 شهيداً، يعكس حالة الغليان التي يعيشها المجتمع الإيراني ضد نظام ولاية الفقيه. خلال العامين الماضيين، كانت الاحتجاجات، التي تقودها “وحدات المقاومة” المرتبطة بالمقاومة الإيرانية، تتركز على إحراق رموز النظام.
الخطوة الثانية للشعب الإيراني!
بعد الإطاحة بدكتاتورية الشاه في عام 1979، يسعى الشعب الإيراني اليوم للإطاحة بدكتاتورية ولاية الفقيه. إنهم يطالبون بجمهورية ديمقراطية تقودها السيدة مريم رجوي. شعارهم هو: “نحن رجال ونساء حرب، نقاتل، نموت، ونستعيد إيران”، “لا للشاه ولا للملالي ، نعم للجمهورية الديمقراطية”، و”المرأة، المقاومة، الحرية”.
في رسالة بمناسبة الذكرى الثانية لانتفاضة 2022، قالت السيدة مريم رجوي: “نظام ولاية الفقيه في مرحلة السقوط، ولا مكان لأي نوع من الدكتاتورية في إيران. إن قوى الثورة والانتفاضة أصبحت أكثر قوة وعزيمة داخل المجتمع الإيراني. السبيل لمواجهة نظام الإعدام والمجازر هو الاحتجاج والانتفاضة وتوسيع المقاومة لإسقاط النظام”.
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني