تغيير البنية السياسية: الحل لإنقاذ البلاد من الانهيار

سعید عابد

كان الانفجار الذي وقع في منجم الفحم في طبس أحد أكثر حوادث التعدين مأساوية في إيران، حيث أسفر عن وفاة أكثر من 50 عاملاً مجتهداً على عمق حوالي 500 متر تحت الأرض.
وكان أحد الأسباب العديدة لهذه الكارثة المعدات والبنية التحتية القديمة للمنجم. وفي الصور التي تم نشرها تدريجياً والتي تظهر ظروف (أو بالأحرى العمل القسري) للعمال، بالإضافة إلى الأدوات التي تعود إلى العصور الوسطى مثل المجارف والفؤوس، وملابسهم وأحذيتهم الممزقة، أظهرت الحالة الرهيبة للأنفاق والعربات المعطلة والسقالات غير الآمنة أن معدات التعدين كانت مهجورة لسنوات دون صيانة أو إصلاحات مناسبة.وقد أثار انفجار منجم طبس نقاشاً متجدداً حول حالة البنية التحتية وأعاد مرة أخرى قضية الأنظمة الأساسية المتدهورة إلى الواجهة. ومع ذلك، في ظل حكم الملالي، لم يتوقف الزمن عند المناجم فقط. في كل مكان ننظر إليه، نجد أن البنية التحتية في أزمة حادة وعلى وشك الانهيار.
إن المراجعة السريعة للبنية التحتية يجب أن تبدأ بالقضية الأكثر أهمية – الرعاية الصحية، والتي ترتبط مباشرة بصحة وحياة المواطنين.
إن تجاهل الحياة البشرية واضح في سياسات النظام وأفعاله. لقد أصبحت البنية التحتية للرعاية الصحية في البلاد قديمة للغاية وغير فعالة.
لقد انهارت جميع أجزاء نظام الرعاية الصحية تقريبًا. واعترف مسؤول في وزارة الصحة بأن “70٪ من المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية في البلاد عفا عليها الزمن، ويصل هذا الرقم إلى 80٪ في طهران، و90٪ من هذه المباني لا يمكن تجديدها”. (المصدر: وكالة أنباء إيرنا الرسمية، 9 سبتمبر). كما ذكر أن بعض المستشفيات يزيد عمرها عن مائة عام. وأشار كذلك إلى “50 ألف سرير قديم” يتطلب تمويلًا بمئات تريليونات الريالات.
في 21 أغسطس/آب، أفاد موقع بورس نيوز أن “صناعة الأدوية المتقادمة والمتهالكة” في حالة مماثلة، حيث “وصلت أكثر من 60% من الآلات وخطوط الإنتاج في شركات الأدوية إلى نقطة التقادم”.
وتمتد قضية التدهور في نظام الرعاية الصحية إلى أبعد من ذلك، بما في ذلك خدمات الطوارئ الطبية، حيث “لم تعد 55% من سيارات الإسعاف في إيران تعمل”.

التعليم

إن البنية التحتية المتدهورة في المدارس الإيرانية هي واحدة من المشاكل الخطيرة التي تواجه نظام التعليم. العديد من المدارس لديها مباني قديمة وغير آمنة، والتي، بسبب الميزانية غير الكافية للإصلاحات والتجديدات، تشكل مخاطر جسيمة على الطلاب.
في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، أشارت وكالة آفتاب نيوز إلى إحصاءات النظام وكتبت، “ثلث المدارس في البلاد ليست آمنة. وهذا يعني أن حوالي 30% من مدارس البلاد تفتقر إلى السلامة اللازمة للطلاب”. ما لا يقل عن 100000 فصل دراسي غير آمن، مما يعرض حوالي 3 ملايين طالب للخطر. ومع ذلك، فإن النظام، المهووس بالحرب، لديه أولويات أخرى.
في الفترة القصيرة منذ إعادة فتح المدارس في 21 سبتمبر، ظهرت تقارير عن انهيار أسقف في مدارس في محافظتي أصفهان وأذربيجان الغربية، مما تسبب في إصابات خطيرة ونقل الطلاب إلى المستشفى.

الطاقة والكهرباء

تتمثل إحدى الأزمات الحالية في نظام إنتاج وتوزيع الطاقة في اختلال التوازن في صناعة الطاقة، والتي أصبحت تشكل تحديًا خطيرًا. بالإضافة إلى فساد النظام، مثل بيع الكهرباء لدول أخرى أو تخصيص أسهم رئيسية لمراكز تعدين العملات المشفرة التابعة للحرس الثوري (IRGC)، فإن سببًا آخر لهذا الخلل هو محطات الطاقة القديمة وشبكة النقل من الإنتاج إلى الاستهلاك.
الإحصائيات مثيرة للقلق في هذا المجال أيضًا. صرح مسؤول في النظام أن “30٪ من شبكة الكهرباء في البلاد قديمة وعفا عليها الزمن وتتطلب 140 تريليون ريال من الاستثمار”. (المصدر: وكالة أنباء ركنا، 11 سبتمبر/أيلول)
ونتيجة لهذا، فإن عمليات السرقة والنهب التي قام بها زعماء النظام، إلى جانب الفساد المنظم والمنتشر على كافة مستويات الدولة، لم تنهب موارد البلاد فحسب، بل أدت أيضاً إلى تدهور وانهيار كافة البنى التحتية، ودفعها إلى حالة من الأزمة.
ونتيجة هذا التدمير هي انحدار نوعية الحياة وتزايد الفقر والبؤس بين كافة الطبقات الاجتماعية.
والآن، عندما تكمن المشكلة في البنية التحتية للبلاد، فإن الحل يكمن أيضاً في تغيير “البنية التحتية” السياسية للبلاد، وهو ما يشار إليه سياسياً باسم “إسقاط نظام الملالي”.

*سعيد عابد عضو لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ ناشط في مجال حقوق الإنسان، وخبير في شؤون إيران والشرق الأوسط*

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…