المؤتمر الكردي السوري مصدر شرعية التمثيل ( ١٨ )

صلاح بدرالدين
 
من اجل ملئ الفراغ واستعادة الشرعية
منذ عام ٢٠٠٤ تزعزعت  قاعدة الشرعية  الثورية للأحزاب الكردية السورية عندما تواطأت مع ” خلية الازمة ” المشكلة من عدد من جنرالات الأجهزة الأمنية التي أرسلها النظام الى القامشلي باشراف – ماهر الأسد – الذي اتخذ لنفسه غرفة عمليات بدير الزور ، وكلفها باستيعاب الهبة الكردية الدفاعية حتى لاتتحول الى انتفاضة شاملة ، وقبل ذلك كانت تلك الأحزاب تفتقر الى الشرعية التنظيمية الداخلية بسبب انعدام الأصول الديموقراطية ، وفقدت شرعية التمثيل القومي الكردي السوري عندما حملت الاجندة الخارجية ، على حساب الشخصية الكردية السورية ، والحقوق المشروعة ، وزرعت العراقيل امام ترتيب البيت الكردي عبر الحوار الديموقراطي ، والان ومنذ انهيار نظام الاستبداد ، أعلنت إدارة العمليات بدمشق رفض المحاصصة ، وعدم التعامل مع  الكيانات ( السياسية ) ، ثم فقدت الشرعية الوطنية عندما اعلن السيد رئيس الجمهورية ، والحكومة الانتقالية الى جانب تعليق الدستور ، وحل الجيش ، والبرلمان ، والأجهزة الأمنية ، والجبهة الوطنية التقدمية ، حل جميع ( الفصائل المسلحة ، والمكونات ، والإدارات الثورية والخدماتية في البلاد ) – ولم يعلن استثناء احد – وكان واضحا ان المستهدف بالحل – الائتلاف وجميع تشكيلاته ومن ضمنها – المجلس الوطني الكردي – وكذلك – قسد ومسد – والإدارة الذاتية – .
امام ذلك فان  الساحة الكردية التي تعتبر جزء من الوضع السوري العام إداريا وجغرافيا ، وقانونيا ، تعيش الان حالة فراغ سياسي – تنظيمي ، وانعدام شرعية الجهات العسكرية ، والأمنية ، والحزبية ، والإدارية ، وعلى سلطة الامر الواقع ، وأحزاب طرفي ( الاستعصاء ) تقبل هذه الحقيقة خاصة وان الطرفين لم يعترضا على تلك القرارات ، ويقران ، ويعلنان بان الهدف من اتفاقهما هو التوجه الى دمشق ، من اجل التفاهم مع الإدارة الجديدة التي تحكم البلاد والتي تشكل المرجعية الوطنية الوحيدة ، وبالتالي على الجميع الرضوخ لقراراتها ، وفي الحالة هذه ليس مستبعدا امتناع العهد الجديد بلقاء – الطرفين – كممثلين للكرد السوريين حيث طالهما قرار الحل ، لذلك ومن اجل حل الاشكال ،  وسد الفراغ ، وإستعادة الشرعيتين القومية والوطنية ، لابد من عودة الجميع الى خيمة المؤتمر الكردي السوري الجامع ، يسبقها تشكيل اللجنة التحضيرية للاشراف والاعداد من غالبية من الوطنيين المستقلين .
حتى لا تضيع ” البوصلة ”
واقع حالنا يشي بان مسلحي – ب ك ك – وفدوا الى بلادنا منذ العامين الاولين لاندلاع الثورة السورية ربيع ٢٠١١ بناء على توافقات إقليمية لدعم نظام الأسد في مواجهة ثورة الشعب السوري ، والبحث عن مجال حيوي آخر رديف لموئل – قنديل – وسد للفراغ الناشئ باضاعة ، وخسارة الساحة الرئيسية المفترضة – كردستان تركيا – ، وطوال قرابة العقد من الزمن في السيطرة على أجزاء أساسية من المناطق الكردية السورية ، والمختلطة ، وإقامة سلطة الامر الواقع بقيادة الحزب الحاكم – الاتحاد الديموقراطي ب ي د – لم تنشأ تجربة حافزة يعتد بها في مجال الديموقراطية ، والحريات الأساسية ، بل لم تكن درجة قمع المخالف باقل من ممارسات نظام الاستبداد الاسدي ، وتعالت الأصوات المنددة من جانب العديد من الفعاليات المجتمعية الكردية السورية .
والآن وبعد اسقاط نظام الاستبداد من جانب فصائل كانت تشكل جزء من الثورة السورية ، وبزوغ فجر الحرية ، وشعور السوريين  بالامل  بعد حل مؤسسات الاستبداد الأمنية والعسكرية ، مازالت مناطق نفوذ سلطة – ب ي د – كماهي بقوانينها الطارئة ، واجراءاتها القمعية ضد مخالفيها السياسيين ، وتحكم حزبها الواحد ، وجبهة احزابها الموالية على غرار ( الجبهة الوطنية التقدمية المنحلة ) .
خلال أربعة عشر عاما من تحكم – ب ي د – او باسم ( قسد ومسد ) لم تكن القضية الكردية السورية بماهي مسالة اضطهاد ، ومعاناة ، وحقوق قومية مشروعة ، على جدول الاعمال ، وفي برامج الإدارة الحاكمة ، وبعد رفضها لمطالبات العهد الجديد بدمشق في تسليم الأسلحة ، والموارد ،  والمناطق الى سيادة الدولة السورية الوليدة ، تلك المطالبات التي تحظى بتاييد السوريين ، ودعم القوى الإقليمية ، والدولية ، بدأت بتحويل الموضوع وكانه خلاف على حقوق الكرد ، وهو امر بعيد عن الحقيقة ، وبالرغم من ذلك شهدنا بكل اسف ظاهرة – المكوعين – الكرد الذين يعانون من نقص في المناعة السياسية المبدئية .
من واجب المتنور ، والوطني الصادق ، والمثقف الملتزم ، الكردي بشكل خاص ، والسوري على وجه العموم ، في حالتنا الكردية الخاصة الراهنة الركون الى التهدئة ، والتمسك بالمسلمات ، حيث يرتفع منسوب الدعوات – الشعبوية – وتختلط الاضاليل بالحقائق ، وتتسابق غرائز كل من شوفينية القومية السائدة ، وانعزالية القومية المضطهدة – بفتح الطاء – في تبادل كيل الاتهامات ، والتهديدات ، والخروج من دائرة المفاهيم الوطنية ، والإنسانية ، والحوار الديموقراطي البناء من اجل العيش المشترك ، الى درجة الايغال في مستنقع العنصرية ، وتعميق الكراهية على أساس قومي .
وفوق كل ذلك لاتستجيب أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) وخصوصا – ب ي د – لمتطلبات ، وشروط انعقاد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، وهو مقياس الوطنية ، والاستقامة في المرحلة الراهنة ، في حين يدعو – الانكسي – على لسان رئيسه ”  بانهم شكلوا لجنة للتوجه الى دمشق وندعو الأحزاب الأخرى للانضمام الينا ” .
نعم للقاءات الشعبية ، والنخبوية التشاورية المنتجة
  من حيث المبدأ هناك حاجة ماسة في هذا الوقت بالذات وفي كل وقت للتحرك الشعبي السلمي المنتج ، وعقد اللقاءات التشاورية من جانب نشطاء المجتمع المدني الكردي السوري في الداخل والخارج ، ليس من اجل تجديد الولاء لاطراف حزبية فشلت سياساتها طوال العقد الأخير ، والتمترس في هذا الخندق الحزبي اوذاك  كامتداد  لصراعات المحاور ، او عقد الاجتماعات من دون طرح جديد ، او الحوار حول مشروع سياسي واضح يعبر عن إرادة الغالبية الوطنية يقدمه الداعون لمثل هذه اللقاءات بخلاف ذلك يعتبر أي عمل من هذا القبيل مضيعة للوقت  فقط للاستهلاك الإعلامي .
  تابعت بلاغات صادرة عن ملتقيات ، واجتماعات في الأيام الأخيرة وبعضها في الوطن ، غير واضحة يكتنفها الغموض ، مع تعبيرات عامة قابلة لشتى التفسيرات ،  ومن دون تحديد آلية التوحيد ، ومن من تتشكل المرجعية ، وكيف ؟ هل عبر مؤتمر يجمع طرفي ( الاستعصاء) ؟ ام مؤتمر كردي سوري جامع بغالبية وطنية مستقلة يسبقها تشكيل لجنة تحضيرية متنوعة ؟ ام لقاء تكتيكي يجمع الأحزاب فقط للذهاب الى دمشق ؟ وهل دمشق مستعدة لاستقبال الطرفين كممثلين للكرد السوريين بعد قرارات الحل ، وإلغاء المحاصصة بين الكيانات الحزبية الفصائلية ومابعد حل الائتلاف ، وقبل الاتفاق مع – قسد – ؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…