المؤتمر الكردي السوري مصدر التمثيل الشرعي ( ١٤ )

صلاح بدرالدين
 
استحضار الماضي لفهم الحاضر 
منذ نحو أربعة عشر عاما  انا شخصيا ومن ثم حراك ” بزاف ” فيما بعد ، وآخرون من نخب شعبنا ، كنا قد اوضحنا للاخوة في قيادة إقليم كردستان العراق بكل صراحة ووضوح ومنذ ذلك الوقت وعلى طول الأعوام الاخيرة عن تقصير ، وتراجع ، وفشل الأحزاب الكردية ، وان جيلا جديدا – غير حزبي – من الجيل الشاب ، والمثقفين ، والناشطين ، والإعلاميين ، والمبدعين من النساء والرجال ، بدأ يظهر في الساحة الكردية السورية ، وان كتلة تاريخية من الوطنيين المستقلين  سيشكل البديل بالمستقبل ، وان الحركة الكردية السورية احوج ماتكون الى الإصلاح ، والتغيير ، وإعادة البناء بالطرق الديموقراطية المدنية وهي من مهامنا الأولى ، والمفتاح لمواجهة جميع التحديات ، وبالرغم من محاولاتنا فان قيادات الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق ظلت على علاقاتها السابقة مع بعض الأحزاب ، وواصلت تقديم الدعم لها الى يومنا هذا متجاهلة – كما أرى – التطورات الحاصلة في الساحة الكردية السورية منذ اندلاع الثورة السورية ، ومازالت تسير في الموقف ذاته حتى بعد اسقاط الاستبداد ، وتحرير سوريا .
ماذا عن لقاء الزعيم بارزاني  والسيد عبدي ؟
  بعيدا عن المبالغات ، والتمنيات المعبرة عن المشاعر ، علينا فهم هذا اللقاء بمنتهى الواقعية والوضوح ، فماحصل ان السيد مظلوم عبدي بصفتيه : كمسؤول غير معلن بقيادة ب ك ك في مركز – قنديل – وكقائد عسكري في – قسد – انتقل الى كردستان العراق  بمساعدة القوات الامريكية ليلتقي بالزعيم الاخ مسعود بارزاني رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ، من دون أي لقاء رسمي مع من يمثل رئاسات الإقليم ، والحكومة ، والبرلمان ، وفي حين لم يصدر بيان رسمي من – قسد – اعلن مقر بارزاني في ليلة  ١٦ – ١٢ مايلي : ( استقبل السيد مسعود بارزاني قائد – قسد – مظلوم عبدي ، ودارت المباحثات حول جملة من المسائل خصوصا الوضع في سوريا ، واكد سيادته على  ضرورة اتفاق الأطراف الكردية السورية  ، من دون تدخل اية جهة على تقرير مصيرهم وتحديد حقوقهم ، والانخراط بالعملية السلمية وعدم تكرار ماحل بالكرد والمكونات الأخرى سابقا ثم للتوجه معا الى دمشق) .
هل حقق اللقاء توحيد الحركة الكردية السورية ؟
   لم يحصل اللقاء من اجل توحيد الحركة الكردية السورية في غضون ساعة واحدة كما كتب البعض وادعى ، بل له علاقة بمبادرة انقرة لاحلال السلام ، وإيجاد حل للقضية الكردية في تركيا عبر التحاور مع السيد – عبدالله اوجلان – ، والزيارة الأخيرة للسيد رئيس حكومة الإقليم لتركيا ، ومايتطلب كل ذلك من ضرورة توفير شروط تسليم مناطق نفوذ – قسد – للإدارة الجديدة بدمشق بشكل سلمي ، حتى لاتتدخل تركيا عسكريا ،   وعلى هامش الحديث العودة لنسخة شبيهة باتفاقيات – أربيل ودهوك – التي أصبحت حبرا على ورق بين طرفي ( الاستعصاء ) ب ي د – ب د ك -س ) ، فتوحيد الحركة الكردية السورية لن تتحقق بهذه السهولة الا بتوفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع وبمشاركة الغالبية الوطنية المستقلة ، وحضور ممثلي كرد سوريا ، فلا الزعيم بارزاني يقول انه مفوض من الكرد السوريين لتقرير مصيرهم ، بل يتمنى الخير لهم كما جاء في بيان مقر بارزاني ، ومن تحصيل حاصل ان السيد مظلوم عبدي لايمثل الغالبية الساحقة من الكرد السوريين حيث له صفتان كما ذكرنا : قيادي في مركز – قنديل – لب ك ك ، وقائد – قسد – العسكري لشمال شرق سوريا ، وله ولجماعته مشاكل خاصة مع تركيا ، ومع العهد الجديد بدمشق نحن كرد سوريا بمنأى عنها ، ولم نشارك في خلقها  .
معادلة الثنائية الحزبية ذهبت مع رحيل النظام
  منذ اكثر من عشرة أعوام فشلت كل المساعي المستندة الى مبدأ ثنائية التمثيل الحزبي بين طرفي ( الاستعصاء ) ، ومن الضروري جدا الإعلان من جانب الوسيط عن فشل تلك المعادلة التي فرضت فرضا على الكرد السوريين ، خاصة بعد تحرير سوريا واسقاط نظام الاستبداد الذي كان يشكل عاملا بتلك المعادلة الفاشلة ، فالآن الطريق سالك الى دمشق ولو باتجاه واحد على امل تحقيق العبور بالاتجاهين بعد تحقيق المؤتمر الكردي السوري المنشود ، والكرد السورييون ليسوا بقاصرين بل واعون لقضاياهم ، ومهامهم القومية ، والوطنية .
  لسان حال الكردي السوري يقول : سنعيد بناء هويتنا من جديد – بمافي ذلك هويتنا الوطنية السورية ، والقومية ، وسنحل قضيتنا مع شركاء الوطن بدمشق ، وإعادة الاعتبار لارادتنا المكبوتة منذ عقود ، باتجاه التحرر ، والاستقلالية في القرار ، وإعادة تحسين شروط العلاقات الكردستانية بمعزل عن المحاور المتصارعة . وإعادة بناء وترميم وتصقيل شخصيتنا ، ومصممون على تغيير معادلة مصادرة ارادتنا بقوة المال والسلاح ، ذاهبون الى إزالة ( الثنائية الحزبية  ) المفروضة على شعبنا قسرا ، وظلما .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين تمر سوريا بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية مُعقّدة ، يجد الإنسان السوري نفسه في ظلِّها أمام تحدّي التوفيق بين هوياته المتعدّدة. فهو من جهة ينتمي إلى الوطن السوري، وهو الانتماء الجامع الذي يحمل الهوية وجواز السفر والشهادة ، ومن جهة أخرى، يرتبط بانتماءات فرعية عميقة الجذور، كالقومية أو العرق أو الدين أو الطائفة. ويخلق هذا التنوّع حالة من…

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…