القضية الكردية في يناير 2025

 

أمجد عثمان
تسارع الأحداث في كانون الثاني 2025 يعكس تنامي أهمية القضية الكردية على المستويين الإقليمي والدولي. فالقضية ليست جديدة، وطالما كانت جزءا من المشهد السياسي في المنطقة، لكنها باتت اليوم تتصدر الأولويات بفعل التحولات الأمنية والسياسية وتعقيد العلاقات بين القوى المحلية والدولية.
لقاءات محورية ودلالات إقليمية
زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، إلى أنقرة ولقاؤه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يشير إلى حرص الإقليم على تعزيز علاقاته الإقليمية، خاصة مع تركيا، لضمان استقرار مصالحه الاقتصادية والسياسية.
على الجانب الآخر، حملت زيارة السيد حميد دربندي، ممثل الزعيم مسعود بارزاني، للجنرال مظلوم عبدي رسالة ذات أبعاد استراتيجية، تمثلت بدعوة عبدي لزيارة أربيل، واللقاء التاريخي الذي جمع لاحقًا مسعود بارزاني بمظلوم عبدي شكّل خطوة غير مسبوقة نحو محاولة توحيد الصف الكردي السوري والعراقي، وربما إيصال رسائل محتملة إلى أنقرة عن استعداد الأطراف الكردية لتفاهمات سياسية إذا توفرت الظروف المناسبة.
الموقف التركي: بين الاحتواء والضغط
تُدرك تركيا أن القضية الكردية تمثل تحديا داخليا كبيرا، خاصة في ظل قرب الانتخابات وتصاعد الضغوط الدولية، ومن هذا المنطلق، تجمع أنقرة بين التصعيد والاحتواء:
  • من جهة، تستمر في ممارسة الضغط العسكري على النقاط الكردية الحيوية، مثل سد تشرين في شمال شرق سوريا.
  • ومن جهة أخرى، تلجأ إلى سياسات تهدئة عبر تقديم تسهيلات سياسية للأكراد داخل تركيا، مثل تعزيز الاتصالات بين إمرالي والبرلمان التركي.
وفي خطوة لافتة، لجأت أنقرة إلى توظيف دمشق كوسيط سياسي، حيث جاءت تغريدات وزير الخارجية السوري باللغة الكردية كجزء من هذه الاستراتيجية. هذه الرسائل الموجهة لأكراد سوريا وتركيا حملت إشارات واضحة لدعم أنقرة لمحور كردي يتماشى مع سياساتها، في محاولة لاحتواء التوترات والحفاظ على تأييد الأكراد الموالين للحكومة التركية.

اللقاء التاريخي وتأثيره على المشهد الكردي
الصورة التي جمعت الزعيم مسعود بارزاني بالجنرال مظلوم عبدي حملت رمزية كبيرة قد تغير قواعد اللعبة. هذه اللحظة التاريخية قد تكون مقدمة لجهود جدية نحو توحيد الصف الكردي، لا سيما في ظل التصعيد التركي المستمر ضد الأكراد في سوريا واعتبارهم تهديدا لأمنها القومي.
الرسالة الأبرز التي حملتها هذه الصورة للأكراد في تركيا هي أن “عبدي ليس عدوًا”، مما قد يخلق شرخًا في القاعدة الكردية الموالية للحكومة التركية، ويفتح المجال لإعادة تقييم العلاقات والمواقف.
بين الانفجار والحل
رغم كل هذه التحركات، يبقى مستقبل القضية الكردية رهينًا بمدى استعداد الأطراف المعنية لتقديم مبادرات جادة نحو حل سياسي شامل. إذا لم يتم استثمار هذه اللحظة التاريخية بمساعٍ حقيقية، فقد تتحول التوترات إلى صراعات أكثر حدة بين الأطراف المختلفة. ومع ذلك، هناك مؤشرات إيجابية على وجود إدراك متزايد، داخل تركيا وسوريا وحتى القوى الكردية، بأن استقرار المنطقة لا يمكن تحقيقه دون معالجة القضية الكردية بشكل عادل.
خلاصة
القضية الكردية تعيش مرحلة تحول كبير. الأكراد يكتسبون مزيدا من الشرعية السياسية عبر الحراك الدبلوماسي والتفاعل الدولي، بينما تسعى تركيا وسوريا إلى إعادة ترتيب تموضعها ومواقفهما بما يخدم استراتيجياتهم.
لكن يبقى السؤال هو: هل نحن أمام بداية حل عادل للقضية الكردية، وهل سيحمل شباط- فبراير القادم المزيد لهذه القضية، أم أن ما نشهده هو مجرد استراتيجيات تهدئة مؤقتة أو ربما قصيرة الأمد؟

 

============

https://www.facebook.com/amced/posts/pfbid02MfY2GcxVFQ3q8WatjPvwYFxcJWUGpNwvYw99o3zSquqDWdzJTRHn4G82GGvPpK74l

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…