عبدالله كدو
في سوريا المستقبل، سيحتاج الوطنيون المناضلون، ممن كانوا أو مازالوا، يعملون في الشأن العام، قبل أو بعد بدء الثورة السورية، إلى جميع أدوات التغيير نحو الديمقراطية والتعددية، من الموارد المادية والبشرية .
وهنا من الأهمية بمكان طرق بابٍ قطاع أساسي واسع، هو باب الجزء الرمادي أو الحيادي من بنات وأبناء الشعب السوري، فهم، شأنهم شأن غيرهم من الرماديين في العالم، الذين يستخدمون كل طاقاتهم العقلية والبدنية كي لا تظهر عليهم علامات الاِنحياز لأيّ من الأطراف المتنازعة، وخاصة إلى الطرف الذي تنبذه السلطات التسلطية.
الإنسان الرمادي يهتم بالجوانب الاقتصادية وغيرها من الجوانب التي لا تصطدم بالسلطات التسلطية القائمة، فهو يجمّد الجوانب المعنوية لديه، مثل التعبير عن الرأي المخالف، ذلك تجنبا لعقاب من تلك السلطات التي تتّبع أدوات قمعية وأساليب لادولتية، فالرماديون يسعون لنيل أبسط حقوق الإنسان المتمثلة في ديمومة أساسيات معيشتهم، والأمان على أنفسهم وأموالهم.
الرماديون في الحالة السورية، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام أم خارجها، لا يتجرؤون على استنطاق ضمائرهم التي تريد – فطرياً – أن تقف إلى جانب ضحايا الإجرام من الأيتام والثكالى وغيرهم ، ممن حرّمتهم الآلة العسكرية، والأمنية الإجرامية للنظام، من والديهم وأبنائهم وأحبابهم.
فأولئك الرماديين يتجنبون أو يتجاهلون المعاني المعنوية لدى البشر، مثل الحرية والكرامة وغيرها، ذلك عندما تكون مكلفة وعلى حساب حريتهم الشخصية التي – ربما- لا تتعدى أساسيات المعيشة المادية، المأكل والمشرب والملبس، أو عندما يشكل خطراً أمنياً على حياتهم، أو على جزء من أشيائهم وحيازاتهم، مثل المنازل والعقارات والأرصدة المالية وغيرها.
أولئك وظيفتهم هي مداراة الجوانب المادية فقط، ومع ذلك، أعتقد بأن لا داع لأي تنمر أو حقد أو كراهية ضدهم من لدن المعارضات الوطنية السورية، حيث لا يمكن لأحد تسميتهم بالأشرار أو نحو ذلك، ففي حالة المجتمعات الذاهبة – فعلياً – إلى الديمقراطية، لا بد للمناضلين العاملين في مجال الشأن العام، من المجتمع المدني والسياسيين المعارضين والثوار ، من أن يتركوا انطباعا إيجابيا لدى أؤلئك الحياديين، الرماديين الذين لا يؤمنون بإبداء أي معارضة مكلفة في حياتهم، حيث يخشون من كل جديد ويسيرون في مجرى السوابق، ريثما يجهِّز آخرون لهم المسار ويختبروه، ليأتوا ( أي الحياديون) فيسيروا عليه بعدئذ .
وعليه فإن أولئك لا يوجد لهم أي أثر سياسي آني ملموس، إلا أصواتهم الانتخابية، ذلك في مرحلة ما بعد إقامة صناديق الاِقتراع الحيادية الآمنة المودعة في الغرف السرية المحمية، التي ترتكز على تضحيات المناضلين المؤمنين بالتضحية بالخاص في سبيل العام ، فحينذاك ترى الرماديين الحاليين، الذين يعلنون بأنهم ليسوا مع و لا ضد، ويتنقلون مابين دمشق وبيروت وطهران وأنقرة وموسكو وواشنطن وغيرها دون أن يمسهم أي سوء، يقولون كلمتهم التي ستكون – غالبا – لصالح السلم والحرية والعدالة، نظراً لأنهم – بطبيعتهم – ضد أجواء الحرب.
أي على المعارضة الوطنية السورية أن تتحدث باسم كل السوريين، معارضة ورماديين ، يجب العمل على توفير الأجواء اللازمة لتحرير حتى الموالاة من شعور العبودية التي تصادر إنسانيتهم التي تمّت مقايضتها بمحددات معينة، عندما اشترط النظام عليهم ذلك، فخسروا جزءا كبيرا من آدميتهم التي يجب أن تستعاد إليهم، فالثورة السورية هي ثورة الحرية والكرامة.
One Response
على الشعب الكوردي في غربي كوردستان،واحزابها السياسية،اصدار بيان تاريخي بقبول مظلوم عبدي ممثلا وحيدا لهم،والسير خلفه في هذه المرحلة الحساسة..والباقي سيكشفه تطورات الوضع السوري..