التركمان مكون اصيل في المشهد الوطني

صلاح بدرالدين
 
بحسب ما نشر في وسائل الاعلام فقد ( اعلن المجلس التركماني السوري عن عقد الاجتماع التشاوري  الشامل للتركمان السوريين امس السبت – ٨ – ٢ – ٢٠٢٥ – في مبنى المجلس التركماني بمدينة الراعي شرقي حلب ، بمشاركة اكثر من – ٤٠٠ – شخصية من جميع المناطق التركمانية في سوريا ، وتم تحديد ابرز تطلعات التركمان في المرحلة المقبلة ، وفي مقدمتها الحفاظ على الهوية التركمانية والاعتراف بها ، وضمان الحماية الدستورية للهوية التركمانية في الدستور السوري الجديد ، والحفاظ على الحقوق التعليمية والثقافية واللغوية للتركمان ، وضمان نشر التعليم باللغة التركية في سوريا ، واكساب الهوية التركمانية وضعا رسميا في سوريا الجديدة ) .
  بغض النظر عن مدى شرعية تمثيل الداعين لهذا اللقاء وقبولهم لدى الأوساط الشعبية ، ودرجة معايير الديموقراطية في الاختيار ، ونسبة مشاركة التركمان من مختلف المناطق فهذا امر يعود اليهم فقط ، ولسنا من يقرر عوضا عنهم .
  نقول ان المكون التركماني السوري يشكل القومية الثالثة بعد العرب والكرد من حيث العدد ، وهو كما الكرد من السكان الأصليين ، ولكن لايسكنون في منطقة جغرافية  واحدة يغلب عليها اللون القومي التركماني ، بل ينتشرون في جميع المحافظات السورية ، ولهذا السبب كما اعتقد لم يصدر عن هذا اللقاء أي تحديد لصيغة قانونية او إدارية خاصة بالتركمان ، كما لم اسمع طيلة حياتي السياسية في نحو ستة عقود عن وجود حركة قومية تركمانية سورية ، او معتقل وسجين سياسي بسبب ” القضية التركمانية ” وهذا لايتعارض مع وجود القومية التركمانية ، وحقوقها المشروعة ، وهويتها الخاصة .
  هناك تاريخ مشترك يمتد لقرون بين الكرد والتركمان في المنطقة ، وكان المحاربون التركمان جزء أساسيا الى جانب الكرد في جيش صلاح الدين الايوبي قبل اكثر من ثمانية قرون والان يتعايش الشعبان ليس في سوريا فحسب بل في العراق ، وايران ، وتركيا .
  ان قيام شركائنا التركمان بتنظيم صفوفهم ، وعقد لقاءاتهم التشاورية وتحديد تطلعاتهم كما يريدون وبالشكل الديموقراطي خصوصا في ظل العهد الجديد ، حق وواجب ، وهو يتوافق مع حقيقة تعددية المجتمع السوري قوميا ، وثقافيا ، واجتماعيا ، وان سوريا دولة مركبة ولاتقتصر على اللون القومي الواحد ، ويجب ان ينعكس ذلك بالدستور الجديد بشكل صريح .
  نحن الكرد السورييون لدينا تجربة طويلة في هذا المجال ، ونصطدم الان بصراعات الأحزاب التقليدية ، والوافدة ، ومراكز القوى المسلحة ، والحاملة لاجندات خارجية ، حول من يمثل الكرد ، وذلك بحثا عن نفوذ ومواقع ، متناسية ان أربعة عشر عاما قد غيرت الكثير من الوقائع ، وبدلت المفاهيم ، وافرزت جيلا جديدا من الوطنيين المستقلين المشهود لهم بالنزاهة ، الذين كشفوا زيف ادعاءات  معظم تلك الأحزاب ، وعدم استقلاليتها ، وتورطها في الفساد ، هؤلاء الوطنييون يشكلون الان الغالبية ، ومتمسكون بالقيم الديموقراطية وآلياتها في مسالة التمثيل القومي ، والشعبي ، ويطرحون ضرورة عقد مؤتمر كردي سوري ، تسبقه لجنة تحضيرية تتشكل من غالبية مستقلة غير مرتبطة بالاحزاب الراهنة ، ومراكز قوى الامر الواقع ، ان تحقيق ذلك هو الطريق الوحيد للحوار والتفاهم ومع العهد الجديد بدمشق ، وتحقيق المشاركة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية بمافي ذلك الدستور الجديد ، والتوافق على حلول وطنية لكل المسائل الداخلية بما في ذلك القضية الكردية .
  امام سوريا الجديدة المتعددة الاقوام ، والثقافات ، آفاقا واسعة وواعدة لترسيخ قيم العيش المشترك بين مختلف القوميات ، وإزالة الغبن والظلم الاجتماعي ، والسياسي ليس عن الافراد فحسب بل عن مكونات بعينها التي ذاقت صنوف الاضطهاد القومي ، وشرور المخططات العنصرية ، والحرمان ، والتجاهل من جانب الأنظمة والحكومات المتعاقبة ، وبشكل خاص نظام البعث الاسدي منذ اكثر من ستة عقود ، فالشعب السوري بكل الوانه يستحق مستقبلا زاهرا ، وحياة سعيدة ، ونظاما سياسيا حرا ديموقراطيا ، تشاركيا ، ودستورا ضامنا لحقوق الجميع .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…