الانتقال السياسي في سورية بعد الأسد قراءة استراتيجية

عبداللطيف محمدامين موسى
يُلاحظ المتتبع لسير الأحداث الدراماتيكية في سورية للوهلة الأولى بأنها أحداث ذات منحة عفوية ومستقلة عن التطورات الإقليمية والدولية أشبه ما يكون بمسار فردي تتحكم بها مجريات الأحداث بصورة عفوية لتُعبر عن إرادة الشعب السوري ولتقوده إلى المستقبل المجهول ولتضع الشعب السوري في غياهب التكهنات والترقب لاحتمالات مستقبلية تحمل طابع التشاؤمية والإيجابية, ولكن في حقيقة الأمر تُثبت مجريات الأحداث الدبلوماسية والحراك السياسي اليومي في سورية بأن هذه الأحداث لربما تم الإعداد لها بشكل منظم ومنسق بين الدول المهتمة بالشأن السوري بموجب تسوية سياسية أدت إلى إحداث تغير في سورية لتثبت من جديد بأن أحداث سورية جزء من التغيرات الجيوستراتجية في تغير خرائط الشرق الأوسط والتي عبر عنها نتنياهو أكثر من مرة بأن إسرائيل بصدد تغير خرائط الشرق الأوسط. تُثبت واقع ومجريات الأحداث في سورية على مدى أسبوع من بعد سقوط الاسد بأن عملية قيادة التغير في سورية أُسندت إلى تركيا لتكون اللاعب الاساسي بتحكم في مجريات سير الأحداث ومن بعدها دولة قطر للمساعدة في وضع الانتقال السياسي المتمثل من خلال تعين حكومة موقتة أو حكومة أزمة في دمشق وقيادة العمليات برئاسة الشرع لتفادي تكرار تجربة العراق وليبيا ومصر ولتجنيب انحدار البلاد نحو الفوضى, ولذا ومن منظوري الشخصي مخطئ من يتصور بأن الشرع يتحكم بإدارة البلاد بشكل مفرد من دون مشاورة تركيا وقطر, وما يؤكد وما أود الإشارة إليه بأن سورية حافظت على الأمن والأمان وعودتها إلى الحياة الطبيعية في منع انهيار مؤسسات الدولة, وكما أن مؤتمر العقبة بشأن سورية في غايتها الاساسية يسعى إلى إضافة الأجماع والشرعية الأممية إلى التحولات والمستجدات في الحالة السورية للأعداد لعملية التمهيد في وضع سورية بما تشبه تحت الوصايا الدولية للتحكم في سير عملية الانتقال السياسي على مبدأ الشراكة بين المكونات في سورية وجامعة تستند إلى القرارات الدولية الأمر الذي دفع بالمبعوث الدولي بيدرسون للتوجه إلى سورية ولقاءه الشرع والتأكيد على أن يكون القرار الأممي 2254 ومع تعديلاته كأساس للبدء في وضع اللبنة الاساسية لمجريات الانتقال السياسي ورسم شكل أدارة سورية والتعبير عن مرحلتها الانتقالية مما يمهد لانفتاح سورية على الدبلوماسية العالمية كشرط اساسي لعملية دعم سورية ورفعها عن العقوبات الدولية،وليكون هذا الأمر منوط ومرتبط بعملية انتقال سياسي جامع للسوريين. إن عملية الانتقال السياسي في سورية تمر بمرحلة ومنحدر في غاية الدقة والحساسية بسبب مستجدات الأحداث والخارطة الجيوستراتجية السورية وشكل وتركيبة المكونات في سورية والترقب والتقييم الدولي للشرع الأمر الذي يضع الهيئة السياسية للشرع أمام أمرين في غاية الأهمية الأول يتمثل في الاسراع للبدء بعملية الأعداد للانتقال السياسي من خلال الأعداد للدستور السوري الجديد فالمزيد من التأخير من شأنه أن يضع سورية أمام أحداث خطيرة مستقبلية مستفيدةً من حالة الفراغ الدستوري مما سيضع سورية أمام ثورة مضادة, وكما أن الأمر الأخر يتطلب من تلك الهيئة السياسة التأني وعدم الإسراع للبدء في عملية الانتقال السياسي لان أي خطوة متسرعة وغير محسوبة وعدم قراءة صحيحة للمشهد الداخلي السوري سيضع سورية أمام ثورة مضادة ومستقبل مجهول, ومن هذا المنطلق يتحدد دور الدول التي تدير العملية السياسية في سورية تركيا وقطر والبعثة الدولية بقيادة بيدرسون. أن عملية الانتقال السياسي في سورية من وجهة نظري ستستند إلى القرار الأممي بشأن سورية 2254 في نسخة معدلة تكون جامعة لجميع المكونات والطوائف على طاولة المشاركة في أدارة سورية المستقبلية وتراعي عدم وجود النظام كطرف مفاوض في شكل الحكم في سورية, وأن الإستناد إلى القرار الأممي في شكل حكم سورية المستقبلية تعود لأمور عديدة من أهمها خارطة الحكم في سورية المستندة إلى القرارات الدولية ستعطي مستقبل وشكل أدارة سورية المشروعية الدولية الأمر الذي ما تكون سورية فيها وما أحوج اليها, وكما أن الأمر الأخر يتعلق بالتقييم بمشروعية الشرع نفسه في تعهده بتغير سلوكه في حماية الأقليات والانتقال بسورية من حكم الثورة الى دولة مدنية مؤسساتية متعددة وديمقراطية, وهذا التقييم سيكون الاساس الذي سيعتمد عليه في رفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب العالمي, وكما أن الأمر الأكثر أهمية بهذا الخصوص يتمثل في أن رفع العقوبات عن سورية مرتبط بعملية انتقالية صحيحة مستندة إلى الشرعية الدولية والتي سيكون القرار الاممي هذا بمثابة إعادة الشرعية الدولية في التأكيد على رفع العقوبات كون سورية بلد مدمر والشرع سينتهز لنفسه الفرصة هذه في التخلص من أهم عراقيل بناء سورية و في عدم الاصطدام في العقوبات الدولية .أن سورية بحاجة فورية لرفع العقوبات الدولية لمساعدة حكومة الشرع على عملية إعادة اللاجئين كون سورية على موعد لأعاده حوالي عشرة مليون لأجي ورفع العقوبات الدولية والاغاثة الإنسانية والمساعدات الدولية ستكون من الأمور الملحة من أجل إستيعاب هؤلاء اللاجئين وتامين المسكن لهم في ظل مدن كاملة مدمرة من مخلفات الاسد, ولذا فأن هذه الأمور وأمور كثير أخرى ستكون السبب الاساسي في التمهيد في أن يكون القرار الأممي بمثابة المدخل الاساسي في البدء بعملية الانتقال السياسي وشكلها في سورية. بالنسبة للمناطق في كوردستان سورية أو الوضع الكردي في سورية فأنه يواجه تحدي مصيرية بسبب هيمنة الحزب العمال الكردستاني على مناطق الشمال والشمال الشرقي في سورية وفرض أيديولوجيته عليه في أثنى عشر عاماً عبر جناحه السوري الحزب الاتحاد الديمقراطي في إختياره مساندة بشار الأسد في مواجهة الشعب السوري, ومصادرة العمل السياسي عبر الحرق اليومي لمجالس المجلس الوطني الكردي في سورية, ومنع المظاهرات ضد نظام الأسد وسعيه المستمر في فرض نظريته الشمولية المتمثلة في الاستفراد بالسلطة بتهديد السلاح وعدم قبول الأخرين في المشاركة في أدارة المنطقة, ولذا من خلال المعطيات على الأرض السورية وفي ظل المستجدات الحديثة في سورية فأنه على ضوء هذه المستجدات على ما يبدو فقد تم أتخاذ القرار في وضع الحزب المذكور وما تمسى أدارته الذاتية أمام أمرين الأول يتمثل في فك الارتباط العاجل بالحزب العمال الكردستاني وطرد كافة كوادره الغير السوريين أو مواجهة سلطة أدارة العمليات والفصائل التركية كون الحزب المذكور يواجه اتهامات في القيام بعمليات تصفية عرقية للمكونات العربية في مناطق الرقة ودير الزور ومنبج تحت مسمى محاربة داعش وسيتم وضع المسؤولين على تلك العمليات التصفية العرقية من الحزب المذكور على لوائح المسالة القانونية. بالنسبة لحقوق الشعب الكردي في سورية سيتم تثبت تلك الحقوق الدستورية في الدستور السوري الجديد من خلال المجلس الوطني الكردي مستنداً في ذلك الى جملة من الأمور الأولى منها يمثل في أن المجلس الوطني الكردي أختار الوقوف الى جانب الشعب السوري ومشاركته في مواجهة نظام الأسد من خلال المشاركة في المعارضة فيما أختار الحزب الاتحاد الديمقراطي مساندة النظام الأسد ضد الشعب السوري من خلال القمع ومنع المظاهرات, وكما أن الأمر الأخر يتمثل في أن المجلس الوطني الكردي يملك برنامج وخطة عمل تنسجم بشكل كبير مع تطلعات الشعب السوري والكردي على وجه الخصوص من خلال مشاركة المعارضة والعمل في مجالسها مؤمنة بحقوق الشعب الكردي ضمن أطار سورية موحدة معتمداً على لا مركزية إدارية ضمن سورية فدرالية مستندة على مبادى التعايش السلمي بين المكونات, وبينما الحزب الاتحاد الديمقراطي اعتمد شكل الادارة الذاتية وسخر أمكانيات الشعب السوري وثروته ومقدرته مشاركة في خدمة نظام الأسد وبرنامجه يعتمد على نهج أخوة الشعوب دون المطالبة الواضحة ببرنامج الفيدرالية, والأمر الأكثر أهمية في أن المجلس الوطني الكردي يملك مقبولية دولية على عكس حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يواجه اتهامات بعمليات تصفية عرقية من قبل المكونات العربية, وكذلك المجلس الوطني الكردي يتبنى نهج الديمقراطية والحرية والتسامح مستفيداً من تجربة ودعم أقليم كردستان العراق والمرجع الكردستاني مسعود بارزاني في دعم الشعب الكردي في سورية من خلال العلاقات الدبلوماسية والدولية بينما على عكسه تماماً الحزب الاتحاد الديمقراطي يستند الى نهج وفلسفة الحزب العمال الكردستاني المدرج على القوائم الدولية السوداء. في المحصلة, يمكن القول بأن سورية الجديدة ماضية الى دولة مدنية ديمقراطية تعددية لامركزية تتشارك فيها كل المكونات السورية بموجب الدستور السوري الجديد الذي سيحفظ حقوق المكونات, وكما سيحدد شكل التعامل وإدارة البلاد في أقصاء واضح لنظام الأسد المخلوع وعملائه على الأرض السورية.

شارك المقال :

One Response

  1. لقد تبين الرشد من الغي،انتقلت وحدة الساحات الى جبل قنديل،لكن هذه المرة ضد تركيا،..هذا ماجناه يد أردوغان بعدم حله القضية الكوردية في كوردستان الشمالية..وجود مملوك وماهر في قنديل ليس للاصطياف..وليسو بحاجة الى نقل السلاح من خلال سوريا الى حزبالله…على أردوغان الذهاب إلى قنديل وليس كوباني…فهناك ترفرف رايات قم السوداء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ عقود، كان الكرد في” روج آفا”، كما في سائر كردستان، على موعد مع معركة مستمرة ضد الأنظمة الاستبدادية التي تحاول سحق هويتهم وثقافتهم. كانت تلك المعركة في البداية محلية، لكنها سرعان ما تحولت إلى ساحة لصراع أوسع، حيث جرت محاولات لاستغلال الكرد وتحويلهم إلى أدوات في صراعات سياسية لا تتعلق بمصالحهم الحقيقية. مع ظهور حزب العمال الكردستاني”…

صلاح بدرالدين اندلعت الثورة السورية المغدورة نتيجة الانفجار الشعبي العفوي ضد الاستبداد ، خصوصا بعد تلاقي الحراك الشبابي الوطني الثوري من خلال الاحتجاجات والتظاهرات السلمية مع انتقال قسم كبير من منتسبي الجيش من الجنود ، والضباط الى صفوف الشعب ، ولم يلبث ان – تسللت – أحزاب ، ومجموعات غالبيتها إسلامية سياسية ، وسيطرت على مقاليد أمور الثورة ومن ثم…

نديم قطيش «الشام غلَّابة» يقول السوريون. والشام هي أولاً وأخيراً دمشق، بطبقاتها الحضارية المتراكمة، الآرامية والإغريقية والرومانية والبيزنطية والأموية والعثمانية والفرنسية وما بعد. هي الحاضرة الفريدة بقدرتها على التكيف والتطور عبر آلاف السنين، ونقطة التقاء الحضارات والثقافات والأديان، وخطوط التجارة بين القارات. صنعت من مرونتها الثقافية إرثاً مدينياً فريداً ومستداماً، يختصر مكانتها المحورية، سواء كمركز للمسيحية المبكرة أو لاحقاً كمدينة…

مشاري الذايدي رغم تحفّظ بعض المنصّات الإعلامية، على صحّة صدور البيان المنشور عن الرئيس السوري الهارب، بشّار الأسد، فإن لغة وروح و«برودة» المفردات وتحذلقها، تجعلنا نرتاح إلى صدق صدور البيان عن المشكاة الأسدية. صدر من حساب رئاسة الجمهورية السورية على منصّات السوشيال ميديا، ومنها منصّة «تلغرام» الروسية، بيانٌ يشرح فيه بشّار الأسد، من حِصنه الروسي، ملابسات هروبه، طبعاً هو لمّ…