الإعلان الدستوري يتجاهل واقع التعددية في سوريا

 بيان

وقع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، يوم الخميس ١٣ آذار ٢٠٢٥، مسودة «إعلان دستوري»، والذي بدروه سوف يحكم السوريين من خلاله المرحلة الانتقالية في سوريا لمدة لا تقل عن خمس سنوات وفق ما حدده الإعلان نفسه. يتبين من خلال قراءة نصوصها، أنها تتجاهل التعددية القومية والدينية في سوريا، بنصها في المادة الأولى على الجمهورية العربية السورية هي اسم الدولة، والمادة (٤) على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، دون أي ذكر للغات الأخرى في سوريا ومن ضمنها اللغة الكردية والمادة (٣) التي تحدد دين رئيس الجمهورية الإسلام، التي تكرس أيضاً التمييز بين المواطنين السوريين على أساس ديانتهم، وتتعارض أيضاً مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان بنصها على أن الفقه الإسلامي هو المصدر الأساسي للتشريع في مخالفة واضحة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، كما أن المادة (٢١) التي أيضا تحاول القفز على المساواة على أساس الجنس، وهي كلها تتناقض مع المادة (١٠) التي تتحدث عن المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، كما وتتحدث بعبارات فضفاضة عن الحريات وتقيدها بعد ذلك، المادة (٣) حرية الاعتقاد مصونة، وتحترم الدولة جميع الأديان السماوية، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على ألا يخل بالنظام العام، والمادة (١٤) تصون الدولة حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب على أسس وطنية وفقاً للقانون الجديد، ويمنح الإعلان الدستوري سلطات مطلقة لرئيس المرحلة الانتقالية، دون ذكر أية مواد لكيفية محاسبة رئيس الجمهورية الأمر الذي يوضح بجلاء أنه فوق أية محاسبة أو مسائلة وهو يعارض بذلك مبادئ الديمقراطية والشفافية والمسائلة، كما أن الرئيس وفق المادة (٢٤) يشكل لجنة عليا لاختيار ثلثي أعضاء مجلس الشعب، والرئيس بنفسه يعين ثلث أعضاء المجلس، في مخالفة واضحة لمبدئ فصل السلطات المادة (٣١) يمارس الرئيس والوزراء السلطة التنفيذية، المادة (٣٢) الرئيس هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة، المادة (٣٥) الرئيس يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم، المادة (٤٧) تتكون المحكمة الدستورية العليا من سبعة أعضاء يسميهم رئيس الجمهورية، وهي كلها تنسف المادة (٢) التي تتحدث عن مبدأ فصل السلطات وضمان الحرية والكرامة للمواطن، كما أن تحديدها المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، التي تعادل مدة حكم كاملة من دون الاستناد إلى أي شرعية انتخابية، المادة (٥٢) انتهاك لإرادة السوريين.

إننا في مركز عدل لحقوق الإنسان، نرى أن ما جاء في مسودة «الإعلان الدستوري» يعد تعدياً صارخًا على إرادة الشعب السوري ومصادرة حقوقه وحرياته الأساسية، ولا يؤسس لمرحلة سياسية جديدة في البلاد قائمة على التعددية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، التي ضحى الشعب السوري من أجلها الغالي والنفيس، حيث من مراجعة الإعلان الدستوري لم نلاحظ أي ذكر لمصطلح الديمقراطية في أي بند أو مادة من مواد الإعلان الدستوري – وهي أساس الحكم الرشيد في أي كيان أو مؤسسة فما بالك بكيان الدولة وأننا نرى أن الإعلان الدستوري هي نتيجة طبيعية لحالة إقصاء المكونات السورية من عملية الحوار الوطني التي تمت الدعوة إليها  من الموالين له ومن لون واحد- والتي كانت من المفترض أن تكون عملية شاملة لجميع المكونات السورية. تبعها تشكيل أعضاء صياغة الإعلان الدستوري والتي بدورها تم تشكيلها من نفس اللون والانتماء والولاء للسلطة السورية التي تدير البلاد. ونطالب الجهات المسؤولة بالرجوع عنها والعمل مع الجهات السياسية والمدنية السورية الأخرى من أجل بناء سوريا، دولة الحق والقانون والمؤسسات، تتسع لجميع أبنائها.

 

  15 آذار/ مارس 2025

مركز عدل لحقوق الإنسان

أيميل المركز:

adelhrc1@gmail.com

الموقع الإلكتروني: www.adelhr.org

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…