أوراق البارتي وناطحو الصخور

صبحي ساله يي

خلال الحملة الانتخابية التي تخوضها القوى السياسية في إقليم كوردستان ، تعرض الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) لموجة ثقيلة من هجمات إعلامية لا تستند على مبادئ السياسة، وتخرق الأعراف والممارسات السائدة خلال العمليات الديمقراطية، وتفتقر بوضوح إلى المهارات الخاصة بالخطابة السياسية، وتؤكد هشاشة البنية السياسية لمطلقيها رغم محاولاتهم المستمرة للإيحاء أن هناك أحداث جديدة ستحدث لصالحهم.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هو: من هم المهاجمين؟

الجواب: إنهم أناس وجهات وأطراف لاتمتلك برامج حقيقية أو أية إنجازات فعلية، لكنها عازمة (عن خبث أو حقد دفين أو إرضاءاً لجهات خارجية)، على مواصلة أنشطتها لإضعاف البارتي وتقليص نفوذه في الإقليم والعراق والمنطقة، أو هم من البسطاء المنبهرين بأفكار وطروحات الأعداء التقليديين للكورد، أو إنهم صبيان سياسة وقليلي المعرفة بمجالاتها ومتطلباتها ومن العاجزين عن التعبير عن آرائهم ومقاصدهم، والغريب في الأمر أن بعضها (أي الهجمات) تشن من أناس كانوا يقفون لساعات وأيام وأسابيع أمام أبواب البارتي، لكي يؤذن لهم بالدخول. أما الأغرب هو: أن البعض من هؤلاء، وبالذات الذين لايجيدون قراءة الحاضر وما سبقه في الماضي القريب والبعيد، قد وقع بسهولة في الفخ الذي تم نصبه مسبقاً، ولا يعلم أنه لا يملك أي صلاحيات خاصة في السياسة وأن غالبية الأطراف لا تأخذ كلماته الفارغة وغير القيّمة على محمل الجد، وإنه لا يستطيع البقاء في منصبه وإخداع مؤيديه الى النهاية، وطريق العودة أمامه مغلق، وكذلك طريق الهروب بسبب أخطائه المتكررة. وتحت غطاء (العداء للبارتي) يبحث عن البدائل ويشارك في كل المؤامرات الخبيثة التي تستهدف الضغط على الإقليم وتجربته الديمقراطية ولو على حساب الخضوع للذل وتقبل الإهانات من ذوي السجلات السيئة. أما الأغرب من الغريب فهو: أن بعضهم يعتقد أنه بإفتعال الأزمات وتوجيه الاتهامات والتهديدات، يستطيع أن يشعل الأجواء ضد البارتي وحكومة الإقليم ويخل بالتوازنات القائمة في الإقليم، ويلحق الضرر بالبارتي وأنشطته المختلفة ويفقده القدرة على حماية حيويته، أو في الأقل يرغمه على ترتيب أولوياته بطريقة مغايرة، ولا يعلم أن أوراق البارتي مرتبة حسب ثوابت وأهداف وطنية وقومية لا يمكن تغييرها، وأوراقه الكثيرة تبدد أحلام الخونة كما بددتها خلال العقود الستة السابقة.

وبعيداً عن العاطفة والأهواء والانحيازات الحزبية، لو أردنا الحق فقط، لابد أن نذكر بأن البارتي قد تجاوز الكثير من المؤامرات والمعوقات أو المشكلات، وخلال مسيرته النضالية التي تقترب بثقة بالغة من مستوى الطموح والأمنيات، وضع أقدامه على الطريق الصحيح الذي يوصله إلى الهدف الذي يتمناه كل من تأصل في قلبه حب الكورد وكوردستان، وواقع إزدهاره المستمر وفق المعايير والأسس الديمقراطية تؤكد أن مسيرته المستمرة نحو الأعالي ليست بحاجة إلى إشارة أو تذكير من أحد بقدر ما هو بحاجة إلى حرص ودعوة وإصرار على أن تكون المرحلة القادمة مشجعة على بذل المزيد من الجهود والتكاتف والتعاضد في المواقف الوطنية والقومية.

وختاماً، نقول : الأحداث خلال جميع الحملات الانتخابية السابقة ونتائج ومستجدات ما بعد جميعها، قد أثبتت أن مهاجمي البارتي ينطحون الصخور، ويلحقون أضراراً وخسائر فادحة بأنفسهم، قبل إلحاق الأذى بالبارتي.

—————-

شفق نيوز

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…