أندلس قاسم سليماني… المفقود

مشاري الذايدي
حتى ندرك ولو قليلاً من قسوة الألم ومرارة الفقد للنظام الإيراني، بسبب انهيار النظام الأسدي، وقبله «حزب الله» اللبناني، وجدتُ أن الكاتب والصحافي الإيراني المخضرم، الأستاذ أمير طاهري، قد كفانا الأمر، وأحسن التلخيص والإشارة، حين استشهد، في مقالته الأخيرة، بافتتاحية صحيفة «كيهان» الإيرانية اليومية، التي نُشرت يوم الاثنين، إذ شبّهت الصحيفة التي تعكس آراء المرشد عادة «الشعور العميق بالألم»، الذي يشعر به المرء في النظام الإيراني لفقدان إمبراطورية «الحاج قاسم»، بما شعر به العالم الإسلامي بعد خسارة الأندلس!
طاهري ذكر رقماً مخيفاً عن إمبراطورية سليماني هذه، حيث أنفق «الحاج قاسم» هو وكل قادة «الحرس الثوري» والنظام طبعاً، ما بين 30 و50 مليار دولار من أموال إيران لخلق إمبراطورية سليماني… وكلها طارت في مهبّ الريح!
المفكّر والكاتب اللبناني رضوان السيّد كتب أيضاً بهذه الجريدة أن الإيرانيين يقولون عن سقوط نظام الأسد: «إنه درسٌ مُرّ. والجولاني يقول إنّ إيران نزل بها في سوريا ما لم ينزل بها منذ أربعين عاماً».
صحيحٌ أن المشروع الإيراني لم يختفِ كُليّة، وقد تكون له ردوده الخاصة، نتذكر قبل أيام أن المرشد خامنئي تحدث عمن وصفهم بـ«شرفاء سوريا»، الذين سيغيرون الوضع الحالي، بعد سقوط الأسد.
لكن الحال الإيراني في بلاد الشام؛ سوريا ولبنان وغزة، حالٌ محزن لهم، مفرحٌ لخصوم هذا المشروع، وربما أن النظام الطهراني في حالة استيعاب للصدمة، ولم يُفق بعدُ منها، لكن من الأكيد أنه لا يجوز الركون لهذا الهدوء… المؤقت، فقد علّمتنا مجريات الشرق الأوسط أن أصحاب المشاريع التوسعية والغزو الآيديولوجي، شيعة كانوا أم سنة، عرباً أم عجماً أم روماً (العجم مسمى الفرس قديماً والروم مسمى الترك… عند العرب) حين يهدأون، فإنما يستعدون لجولة أخرى!
أميركا الجديدة، عبر مايك والتز مستشار إدارة الرئيس دونالد ترمب للأمن القومي، قال إن الوجود الأميركي الحالي بسوريا إنما يركز على مواجهة تنظيم «داعش». ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن تل أبيب لن تغضّ الطرف عن طهران، وإن إيران تمتلك سلاحاً نووياً.
هل تهشّمُ المشروع التوسعي الإيراني مفيدٌ لإيران نفسها، على اعتبار أن المصائب تحمل الفوائد في أحشائها؟!
هكذا يرى الأمرَ أمير طاهري، وأن الأموال المهدرة على المشاريع السياسية التوسعية الوهمية في المنطقة ستعود لتكون في صالح الشعب الإيراني والاقتصاد الوطني.

===============

الشرق الأوسط

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…

د. محمود عباس   إلى كافة الإخوة والأخوات، من قادة الحراك الكوردي والكوردستاني، وأعضاء الكونفرانس الوطني الكوردي، والضيوف الكرام، وإلى كل من ساهم وشارك ودعم في إنجاح هذا الحدث الكوردستاني الكبير. أتوجه إليكم جميعًا بأسمى آيات الشكر والتقدير، معبّرًا عن فخري واعتزازي بما حققتموه عبر انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي في مدينة قامشلو بتاريخ 26 نيسان 2025. لقد كان هذا الكونفرانس…

أثمرت إرادة الشعب الكردي في سوريا، الذي لطالما تطلّع إلى وحدة الصف والموقف الكردي، عن عقد الكونفرانس الذي أقرّ وثيقة الرؤية الكردية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا، بإجماع الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، والفعاليات المجتمعية المستقلة من مختلف المناطق الكردية وعموم سوريا. ويجدر بالذكر أن هذا الإنجاز تحقق بمبادرة من فخامة الرئيس مسعود بارزاني، وبالتعاون مع الأخ الجنرال مظلوم…