أنا والإعلام الكوردي

د. محمود عباس

ظهرت على عدة قنوات كوردية مثل روناهي، روژ آڤا، سوريا اليوم، روداو، كوردستان 24، وار، ستير، وغيرها، بالإضافة إلى العديد من منصات التواصل الاجتماعي. خلال تلك المشاركات، لم أضع أي شروط لنفسي أو لأي قناة، وللمصداقية، لم أتلقَ أي شروط مسبقة من أي منها، سواء قبل النشر أو بعده.

في جميع المرات التي ظهرت فيها، حاولت أن أقدم الصوت الكوردستاني دون تخوين أي طرف، مع الاحتفاظ بمنطق الاختلاف في الرأي وتقديم النقد البناء، حتى تجاه الجهات التي تمثلها القنوات. كان هدفي دائمًا تصحيح المسارات من وجهة نظري، دون الادعاء بأنني على صواب دائمًا أو أنني الأصح، بل كنت أترك المجال للطرف الآخر، سواء أثناء اللقاءات أو بعدها، لتبيان أي خطأ في وجهة نظري.

عندما قدمت نقدًا لبعض القنوات، كان ذلك بدافع النصح لتحسين المحتوى ورفع مستواه ليصل إلى سوية القنوات العالمية، مع إبراز وجه أمتنا ببعد حضاري، سواء في أساليبها، أو البرامج التي تقدمها، أو نوعية الضيوف الذين تستضيفهم.

للأسف، في بعض الأحيان، انحرف النقد إلى ساحات الطعن والتخوين، ليس تجاه القنوات بحد ذاتها، بل نحو القوى السياسية التي تمثلها، وهذا النوع من الهجوم لا يخدم حراكنا ولا أمتنا. وكما أشرت مرارًا وتكرارًا، فإن التآكل الداخلي، مهما كانت التبريرات أو الحجج التي تُستخدم لتبريره، يؤدي في النهاية إلى تدمير الذات قبل أن يضر بالآخرين. إضعاف المخالف يعني في الحقيقة إضعاف الذات، خاصة في المراحل الحاسمة من التحرير التي يمر بها الحراك الكوردستاني.

ليتنا نصل إلى مرحلة من الإدراك السياسي تجعلنا ندرك أن واقعنا الكوردي لا يشبه أي حراك عالمي آخر. لدينا خصوصية نادرة في التاريخ، وعلينا أن نكون على مستوى هذه الخصوصية والقضية التي لا تشبه أي قضية في العالم. إن لم نكن كذلك، فلن نتمكن من تحقيق طموحاتنا كشعب، وسنظل أدوات تحت الطلب نخدم مصالح الآخرين، وأمة متناحرة بلا وطن.

فعندما انتقدت قناة روناهي، لم يكن الهدف التجريح، بل كانت دعوة لتحسين مستوى برامجها والحوارات السياسية لتتناسب مع مستوى الجمهور الكوردي الواعي والمثقف، لأن الإعلام يلعب دورًا رهيبًا ويُعد سلاحًا ذو حدين، حيث يمكن أن تكون نتائج الأخطاء فيه كارثية أحيانًا. بناءً على ذلك، قمت بنشر ندائي السابق، بمقالي الذي تناولت فيه أحد الحوارات الإعلامية التي أجرتها قناة روناهي. كان هدفي تسليط الضوء على أهمية الدقة والمسؤولية في تناول القضايا، خاصة في الفترات الحرجة التي يمر بها شعبنا. الإعلام ليس مجرد وسيلة للنشر، بل هو منصة تؤثر على الرأي العام، وتوجيهاته يمكن أن تساهم في إحداث تغيير إيجابي أو سلبي عميق. لذا، من الضروري أن يكون التعامل معه بحذر ووعي كبيرين، لضمان تحقيق النتائج المرجوة التي تخدم القضايا الوطنية والمجتمعية. وهدفي كان ذاته عندما انتقدت قنوات أخرى في الماضي بخصوص العلاقات الكوردية مع القوى الإقليمية أو حتى حول الخلافات الداخلية وبعض القضايا الثقافية أو السياسية، لم يكن النقد موجهًا ضد الأشخاص العاملين، بل كان هدفه النهوض بمستوى البرامج والحوارات لتتناسب مع التحديات التي نواجهها كأمة.

النقد البناء والنقاش المثمر هما السبيل الوحيد نحو التقدم والتطوير. من خلال الحوار العقلاني والاختلاف البناء يمكننا الوصول إلى حلول عملية تخدم المصلحة العامة. وإن تطلب الأمر، سأواصل النقد وتبيان وجهة نظري، دائمًا بنية تحسين الأوضاع وتقديم الأفضل لشعبنا ومستقبلنا. فالنقد لا ينبغي أن يُنظر إليه كأداة للهجوم أو التخوين، بل كوسيلة لتصحيح المسار والتعلم من الأخطاء، على أمل أن نتجاوز العقبات ونسير بخطى ثابتة نحو تحقيق طموحاتنا المشتركة.

فلنكن جميعًا صوتًا واحدًا في وجه التحديات التي تواجهنا، ولنرتقِ بإعلامنا إلى مستوى يليق بشعبنا وقضيتنا العادلة.

الولايات المتحدة الأمريكية

mamokurda@gmail.com
26/9/2024

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…