أحمد الشرع وتحديات المرحلة المقبلة ؟

اكرم حسين 
أثير الجدل مؤخراً حول هوية الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني، عقب تسريبات تُشير إلى انتمائهما للقومية الكردية ، وزادت التكهنات بعد تسريبات شفهية  للشرع وهو يتحدث باللغة الكردية خلال لقائه بقائد “قسد” مظلوم عبدي، إلى جانب تغريدة للشيباني على منصة X باللغة الكردية، ما فتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: هل نحن أمام تغيير جوهري يعيد رسم ملامح الحقوق الكردية في سوريا، أم أن الأمر لا يعدو كونه ورقة تكتيكية تستخدمها “الإدارة الانتقالية” لتحقيق مكاسب آنية؟
لطالما كانت الهوية القومية للقيادات السورية من المحظورات التي فرضتها الأنظمة المتعاقبة، حيث جرى طمس التعددية تحت غطاء القومية العروبية. إلا أن صعود الشرع يبدو مختلفاً، إذ حمل خطابه الرسمي شعارات التنوع وألمح إلى ضرورة رفع المظلومية عن الكرد. لكن يبقى السؤال: هل كان حديثه بالكردية إلى مظلوم عبدي رسالة سلام مُشفّرة لأبناء القومية الكردية ، أم محاولة لاستيعابهم في إطار لعبة سياسية معقدة؟
على الجانب الآخر، قد تكون الإدارة الحالية  بصدد إعادة رسم تحالفاتها. حيث تسعى داخلياً إلى تهدئة الغضب الكردي بعد عقود من التهميش، وقد يكون هذا الانفتاح محاولة لاستقطاب دعم غربي لخطواتها  ، في وقت تراقب فيه تركيا التطورات بقلق. لكن، هل يمكن أن يُحدث الخطاب وحده تحولاً حقيقياً؟
التحديات أمام هذه المقاربة عديدة. فالدستور السوري لا يزال بعيداً عن الاعتراف بالحقوق القومية الكردية ،  وملف “الإدارة الذاتية” أشبه بكرة نار تتقاذفها الأطراف المختلفة. كما أن العلاقة مع “قسد” تتأرجح بين التفاوض والتوتر، بينما تواصل القوى السورية ذات النزعة العروبية رفضها لأي تغيير جوهري في المشهد؟ حتى وإن قبلت ،  فهل ستقبل تركيا بالأمر الواقع، و تسمح بتحوّل سوريا إلى نموذج للتعددية القومية؟
قد يكون حديث الرئيس ووزير خارجيته باللغة الكردية بادرة أمل، لكنه بحاجة إلى إجراءات عملية ملموسة، تبدأ بدستور يعترف بالهوية القومية الكردية، ومشاركة سياسية حقيقية، وإصلاح يعالج جراح الماضي . لكن السؤال الجوهري الذي يشغل الأذهان: هل نحن أمام فجر جديد للكرد السوريين، أم أن هذه الأضواء ستخفت بمجرد التوصل إلى حل لمشكلة “قسد” والإدارة الذاتية؟
التاريخ وحده سيحكم، لكن المراهنة على تحوّلات الأنظمة غالباً ما تكون لعبة ذات نهايات غير متوقعة ، واحياناً مأساوية ..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…