ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف الأحزاب والفصائل الكوردية لضمان حقوقهم وتحقيق تطلعاتهم، من خلال تقديم رؤى وتحليلات متعددة الأبعاد. يسعى “ولاتي مه” إلى توفير فهم أعمق لوضع الكورد في سوريا وآفاقهم المستقبلية وتكوين رؤية مشتركة حول مجمل القضايا التي ترتبط بالقضية الكوردية في سوريا.
القسم الحادي عشر: تضم مشاركات كل من السيدات و السادة :
– إبراهيم كابان: مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات .
– تورين شامدين : كاتبة .
– شكري بكر : كاتب .
– م. محفوظ رشيد: كاتب .
=============
إبراهيم كابان:
((ضعف التنسيق بين الأحزاب الكوردية يعوق تنفيذ استراتيجية موحدة))
المحور الثالث: حول وحدة الموقف الكوري:
- كيف تقيمون مستوى التنسيق والتفاهم بين الأحزاب الكوردية في سوريا اليوم؟
تحليل:
مستوى التنسيق بين الأحزاب الكردية في سوريا اليوم متذبذب، حيث يتأرجح بين محاولات التفاهم والانقسامات المتكررة. يعود ذلك إلى عدة عوامل، منها الاختلافات الأيديولوجية، والتأثيرات الخارجية، وصراعات المصالح الداخلية. بعض الأحزاب تدعمها جهات إقليمية ودولية، ما يساهم في تعميق الخلافات بدلاً من تقريب وجهات النظر. كما أن هناك تجارب حوار سابقة، مثل اتفاقيات هولير ودهوك، التي لم تنجح في خلق وحدة مستدامة بسبب غياب آليات التنفيذ والثقة المتبادلة. - ما هي الخطوات العملية التي تقترحونها لتحقيق وحدة الموقف الكردي؟
تحليل:
لتحقيق وحدة الموقف الكردي، يجب اتخاذ خطوات عملية تشمل:
- إطلاق حوار جاد ومستدامبرعاية جهات محايدة لضمان عدم هيمنة طرف على آخر.
- وضع رؤية سياسية مشتركةتتضمن الحد الأدنى من التفاهمات حول القضايا الرئيسية مثل الحكم الذاتي، العلاقة مع النظام السوري، والموقف من القوى الإقليمية والدولية.
- إنشاء هيئة تنسيقية دائمةتضم ممثلين عن جميع الأحزاب للعمل على إدارة الخلافات وضمان تنفيذ الاتفاقات.
- إبعاد التأثيرات الخارجية السلبيةعبر تعزيز الاستقلالية السياسية والاقتصادية للأحزاب.
- العمل على بناء ثقة شعبيةمن خلال التركيز على القضايا التي تهم المواطنين مثل الخدمات، الاقتصاد، والأمن.
- ما هي العقبات التي تعترض طريق توحيد الصف الكردي؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
تحليل:
العقبات الرئيسية تشمل:
- التدخلات الخارجية:بعض الأحزاب مرتبطة بجهات إقليمية كتركيا، إيران، أو القوى الغربية، ما يؤدي إلى تضارب المصالح. الحل يكون بتقديم مصلحة الكرد السوريين على أي أجندة خارجية.
- الخلافات الأيديولوجية:التباين بين التيارات القومية، اليسارية، والإسلامية يؤثر على وحدة الصف. يمكن تجاوز ذلك بوضع ميثاق سياسي يعتمد على المبادئ المشتركة.
- التنافس على النفوذ والقيادة:هناك صراع على التمثيل الشرعي للكرد في سوريا. يمكن حل هذه المشكلة عبر آلية ديمقراطية شفافة لاختيار ممثلي الشعب الكردي.
- انعدام الثقة:التجارب السابقة من الانقسامات وعدم التزام الأطراف بالاتفاقات السابقة جعلت من الصعب بناء الثقة مجدداً. الحل يكون عبر خطوات تدريجية تثبت حسن النية مثل تنفيذ بنود الاتفاقيات تدريجياً.
- هل ترون أن هناك دوراً لجهات دولية أو إقليمية في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الكوردية المختلفة؟
تحليل:
نعم، هناك دور محتمل للجهات الدولية والإقليمية، لكنه قد يكون سيفًا ذا حدين. الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، روسيا، وفرنسا، لعبت دور الوسيط في بعض المحطات، ولكن في بعض الأحيان يكون تدخلها مرتبطًا بمصالحها وليس بمصلحة الأكراد. كذلك، قد تسعى دول إقليمية مثل العراق إلى لعب دور توفيقي، لكن تركيا وإيران غالبًا ما تفضلان استمرار الانقسام لمنع قيام كيان كردي موحد. الحل الأمثل هو قبول الوساطات التي تضمن استقلال القرار الكردي وعدم السماح بتحويل القضية إلى ورقة بيد القوى الخارجية.
المحور الرابع: حول المؤتمر الوطني السوري المرتقب:
تحليل الأسئلة المطروحة حول المشاركة الكوردية في المؤتمر الوطني السوري
1- ما هي الخطط التي يجب أن تضعها القوى الكوردية للاستعداد للمؤتمر الوطني السوري؟
التحليل:
يتطلب الاستعداد للمؤتمر وضع استراتيجية شاملة تشمل:
- التنسيق الداخلي:توحيد الصف الكوردي بين الأحزاب السياسية، المستقلين، والمجتمع المدني لضمان موقف مشترك.
- التحضير الدبلوماسي:فتح قنوات اتصال مع القوى السورية والدولية المؤثرة لتعزيز شرعية المشاركة الكوردية.
- صياغة ورقة مطالب:توثيق المطالب الأساسية للكورد في سوريا، بما في ذلك الحقوق السياسية، الثقافية، والإدارية.
- إعداد فريق تفاوضي قوي:يضم شخصيات سياسية ودبلوماسية ذات خبرة، مع تمثيل متوازن بين مختلف الأطياف الكوردية.
- وضع خطط بديلة:تحسبًا لأي محاولات لتهميش التمثيل الكوردي أو الالتفاف على مطالبه.
2- كيف يمكن ضمان تمثيل عادل للكورد في المؤتمر الوطني السوري؟
التحليل:
- الضغط السياسي والدبلوماسي:عبر التفاوض مع الجهات المنظمة للمؤتمر والتواصل مع القوى الدولية المؤثرة لضمان الاعتراف بالتمثيل الكوردي كجزء أساسي من الحل السوري.
- التنسيق مع المكونات السورية الأخرى:بناء تحالفات مع المكونات الأخرى (العربية، الأشورية، السريانية، وغيرها) لضمان دعم مطالب الكورد داخل المؤتمر.
- إبراز الدور الكوردي في محاربة الإرهاب والاستقرار:تسليط الضوء على دور القوات الكوردية في مكافحة الإرهاب وإرساء الأمن كعامل مساهم في بناء سوريا الجديدة.
- توحيد الموقف الكوردي:تجنب الخلافات الداخلية والانقسامات التي قد يستغلها خصوم الكورد لتقليل تمثيلهم.
3- ما هي القضايا الرئيسية التي ينبغي طرحها باسم الكورد في المؤتمر؟
التحليل:
- الاعتراف الدستوري بحقوق الكورد:التأكيد على الاعتراف بالكورد كمكون رئيسي في سوريا ومنحهم حقوقهم السياسية والثقافية.
- اللامركزية السياسية والإدارية:المطالبة بنظام لا مركزي يضمن للكورد إدارة مناطقهم بأنفسهم.
- اللغة والثقافة:الاعتراف باللغة الكوردية كلغة رسمية في المناطق ذات الأغلبية الكوردية، وضمان حرية التعليم بها.
- التوزيع العادل للثروات:ضمان حصول المناطق الكوردية على حصة عادلة من الموارد الطبيعية والاقتصادية في البلاد.
- الملف الأمني:الحفاظ على خصوصية القوات المحلية في المناطق الكوردية ضمن إطار الدولة السورية المستقبلية.
4- كيف يمكن تعزيز التحالفات مع المكونات السورية الأخرى لضمان حضور قوي وصوت فاعل للكورد في المؤتمر؟
التحليل:
- خلق تحالفات سياسية على أساس المصالح المشتركة:البحث عن نقاط تقاطع مع القوى الديمقراطية والأقليات الأخرى (المسيحيين، العلويين، الدروز، وغيرها).
- تعزيز الحوار والانفتاح:تنظيم اجتماعات وورشات عمل مع القوى السورية الأخرى لبناء تفاهم متبادل حول القضايا المحورية.
- إبراز تجربة الإدارة الذاتية كأنموذج ناجح:تقديم الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا كنموذج يمكن تطبيقه على مستوى البلاد.
- ضمان مصالح متبادلة:طمأنة المكونات الأخرى بأن الحقوق الكوردية لا تعني إقصاءهم، بل العكس، يمكن أن تكون أساسًا لدولة تعددية ديمقراطية.
5- ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه المثقفون والكتاب الكورد في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي خلال المرحلة المقبلة؟
التحليل:
- تشكيل خطاب سياسي متزن:صياغة خطاب يتجنب الخطابات المتطرفة، ويركز على الحقوق المشروعة ضمن إطار الدولة السورية.
- نشر الوعي الثقافي والسياسي:العمل على توعية المجتمع الكوردي والسوري حول أهمية التعددية والشراكة في المستقبل السوري.
- التأثير في الرأي العام المحلي والدولي:نشر مقالات، كتب، وإجراء مقابلات إعلامية لشرح الرؤية الكوردية لمستقبل سوريا.
- تصحيح المفاهيم الخاطئة:الرد على الدعاية السلبية التي تروج لفكرة الانفصال أو التقسيم، والتأكيد على الحلول الديمقراطية.
6- كيف يمكن للمثقفين الكورد المساهمة في توضيح رؤية مشتركة لمستقبل الكورد في سوريا؟
التحليل:
- إقامة ندوات وحوارات فكرية بين النخب الكوردية:لتحديد رؤية موحدة حول الحقوق السياسية والإدارية.
- نشر الدراسات والأبحاث حول الحلول الممكنة:إبراز تجارب دولية مشابهة والاستفادة منها كنماذج قابلة للتطبيق في سوريا.
- إنتاج محتوى إعلامي توعوي:استخدام وسائل الإعلام الحديثة لنشر رؤية الكورد في المجتمع السوري والدولي.
- تعزيز التواصل مع المثقفين من المكونات الأخرى:بناء جسور فكرية مع النخب السورية الأخرى لتطوير خطاب مشترك حول المستقبل.
7- ما هي الاستراتيجيات الإعلامية التي يمكن تبنيها لمخاطبة الرأي العام السوري والدولي حول قضية الكورد؟
التحليل:
- إطلاق حملات إعلامية متعددة اللغات:نشر محتوى باللغات العربية، الكوردية، الإنجليزية، والفرنسية لتعزيز وصول الرسالة الكوردية عالميًا.
- الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي:استخدام المنصات الرقمية لعرض قضايا الكورد بأسلوب حديث وفعال.
- إنتاج وثائقيات وبرامج مرئية:توثيق معاناة الكورد ونضالهم السياسي، وبثها عبر القنوات الإعلامية العالمية.
- بناء شراكات مع الإعلام الدولي:التعاون مع صحفيين ووكالات أنباء عالمية لضمان تغطية عادلة للقضية الكوردية.
- تدريب الناشطين الإعلاميين الكورد:تأهيل كوادر قادرة على التحدث بفعالية في الإعلام السوري والدولي.
الخلاصة:
لضمان تمثيل فاعل للكورد في المؤتمر الوطني السوري، يجب على القوى الكوردية التخطيط بعناية، توحيد الصف الداخلي، بناء تحالفات سياسية، وإطلاق حملات إعلامية ذكية. كما يلعب المثقفون دورًا محوريًا في صياغة الخطاب الكوردي وإقناع الرأي العام بحقوق الكورد ضمن إطار الدولة السورية المستقبلية.
المحور السابع: حول العمل مع المجتمع العملي
تحليل الأجوبة على الأسئلة المطروحة
1- كيف يمكن للكورد تعزيز علاقتهم بالمجتمع الدولي لضمان دعم مطالبهم في سوريا؟
أ. الرؤى المختلفة:
- الدبلوماسية والانفتاح السياسي:يرى البعض أن تكثيف الجهود الدبلوماسية والانفتاح على القوى الكبرى (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا) يمكن أن يعزز الدعم الدولي، خاصة عبر تقديم الكورد كشريك استراتيجي في استقرار المنطقة ومكافحة الإرهاب.
- تعزيز الوجود في المنظمات الدولية:يسعى تيار آخر إلى الدفع بتمثيل الكورد في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، لتسليط الضوء على قضيتهم.
- العلاقات الإقليمية المتوازنة:يرى آخرون أن تحقيق التوازن في العلاقات مع الدول الإقليمية (تركيا، العراق، إيران) ضروري لتجنب عزل الكورد دوليًا.
ب. التحديات:
- ضعف الاعتراف الدولي بالكورد ككيان سياسي مستقل.
- الضغوط الإقليمية وخاصة من تركيا وإيران اللتين تعارضان أي مكاسب للكورد.
- تباين المواقف الدولية وتغير التحالفات السياسية في سوريا.
ج. الفرص:
- الاستفادة من الموقف الأمريكي الداعم للشراكة مع الكورد في محاربة الإرهاب.
- تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع الدول الغربية.
- تقديم الكورد كنموذج للحكم الذاتي المستقر والديمقراطي في سوريا.
2- ما هي القضايا الأساسية التي يجب طرحها على الأطراف الدولية لدعم حقوق الكورد؟
أ. القضايا الرئيسية:
- الاعتراف بالحقوق السياسية والدستورية للكوردضمن إطار الدولة السورية.
- ضمان التمثيل العادل للكوردفي أي عملية سياسية مستقبلية.
- حقوق اللغة والثقافة، بما في ذلك الاعتراف باللغة الكوردية كلغة رسمية.
- اللامركزية السياسية والإداريةكبديل للحكم المركزي في سوريا.
- ملف انتهاكات حقوق الإنسانضد الكورد والمطالبة بحمايتهم دوليًا.
- دور الكورد في مكافحة الإرهابوالتأكيد على استمرارية هذا الدور كشريك دولي موثوق.
ب. التحديات:
- موقف الحكومة السورية الرافض لمنح أي استقلالية للكورد.
- معارضة بعض القوى الإقليمية لأي تطور سياسي للكورد.
- الانقسام الداخلي بين الأحزاب الكوردية الذي يضعف الموقف التفاوضي.
ج. الفرص:
- إمكانية دعم دولي للكورد في إطار الحل السياسي لسوريا.
- الاستفادة من الضغط الغربي على النظام السوري لتحقيق مكاسب سياسية.
- تعزيز التحالفات مع القوى الديمقراطية السورية لتحقيق مصالح مشتركة.
3- كيف يمكن للكورد الاستفادة من التجارب الدولية المشابهة في الحصول على حقوقهم الدستورية؟
أ. التجارب الدولية القابلة للمقارنة:
- إقليم كردستان العراق:حيث نجح الكورد في تحقيق حكم ذاتي موسع ضمن العراق بعد 2003، مما يشكل نموذجًا يمكن الاستفادة منه.
- إقليم كتالونيا في إسبانيا:يبرز كنموذج للحكم الذاتي المتقدم داخل دولة مركزية.
- إيرلندا الشمالية:تجربة ناجحة في تحقيق توازن سياسي عبر اتفاقية “الجمعة العظيمة” التي ضمنت حقوق الطرفين المتنازعين.
ب. طرق الاستفادة:
- التفاوض على الحكم الذاتي ضمن الدولة السوريةعلى غرار إقليم كردستان العراق.
- استخدام الآليات القانونية الدوليةلفرض الاعتراف بالحقوق الدستورية، مثلما فعلت كتالونيا.
- بناء توافق داخلي كورديمستفيدين من تجربة إيرلندا الشمالية التي ركزت على المصالحة الداخلية قبل التفاوض مع الدولة المركزية.
ج. التحديات:
- الفروقات في السياقات السياسية لكل تجربة تجعل التطبيق المباشر صعبًا.
- عدم وجود توافق دولي حول منح الكورد في سوريا وضعًا شبيهًا بكردستان العراق.
- ضعف التنسيق بين الأحزاب الكوردية يعوق تنفيذ استراتيجية موحدة.
د. الفرص:
- يمكن تقديم تجربة كوردستان العراق كنموذج ناجح للعالم لإقناع القوى الدولية بدعم تجربة مشابهة في سوريا.
- تشكيل تحالفات سياسية واسعة تضم قوى سورية معارضة أخرى للمطالبة بحل سياسي يشمل حقوق الكورد.
- استثمار المجتمع المدني والإعلام لتسويق القضية الكوردية دوليًا على غرار التجارب السابقة.
الخلاصة:
تعزيز العلاقة بالمجتمع الدولي، تحديد القضايا الأساسية، والاستفادة من التجارب الدولية، جميعها محاور أساسية في أي استراتيجية مستقبلية للكورد في سوريا. ولتحقيق موقف موحد ومؤثر خلال المؤتمر الوطني السوري المرتقب، يجب:
- توحيد الخطاب السياسي الكورديلتجنب استغلال الانقسامات.
- صياغة رؤية واضحة ومقنعةللقضية الكوردية ضمن الحل السياسي السوري.
- بناء تحالفات مع القوى الديمقراطية السورية والدوليةلضمان دعم أوسع.
بهذه الطريقة، يمكن للكورد تعزيز موقفهم في أي مفاوضات مستقبلية وتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والدستورية.
=============
تورين شامدين:
((وحدة الموقف الكوردى تشكل أساسا لتحقيق مطالب الكورد في سوريا المستقبلية.))
إن مستقبل الكورد في سوريا يتشكل ضمن سياق تحولات إقليمية ودولية هامة. لا يمكن النظر إلى القضية الكوردية بمعزل عن الديناميكيات السياسية في المنطقة، حيث تلعب القوى الإقليمية والدولية دورا محوريا في تحديد مصير الكورد. لتحقيق حقوقهم، يجب على القوى الكوردية العمل على توحيد موقفها السياسي عبر تجاوز الانقسامات الداخلية والتركيز على القضايا المشتركة، مثل الحفاظ على الهوية الكوردية والمساواة مع باقي مكونات الشعب السوري. فالحرب الأهلية السورية والهويات الثقافية المهددة، بالإضافة إلى التهديدات الأمنية التي تواجه الكورد في سوريا، تتطلب تكاتفا في صفوفهم من أجل حماية مصالحهم.
مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية تتطلب تكتيكا دبلوماسيا مرنا لضمان تمثيل الكورد في أي حل سياسي مستقبلي ضمن دولة سورية ديمقراطية. يجب على القوى الكوردية أن تكون قادرة على استثمار الوضع الراهن لعرض قضيتهم كجزء من حل شامل للأزمة السورية، يكون فيه الكورد جزءا أساسيا من بناء دولة قانون وديمقراطية.
إن نظام الحكم في سوريا المستقبلية يحتاج إلى معالجة التوازن بين مطالب الكورد وحقوقهم من جهة، والمكونات الأخرى من جهة أخرى. الفيدرالية أو الإدارة الذاتية هما خياران يمكن أن يوفران للكورد حرية إدارة مناطقهم، وهو ما سيمكنهم من الحفاظ على مواردهم وتطويرها. ولكن، قبول هذه الأنظمة من قبل الدول الإقليمية مثل تركيا وسوريا وإيران ليس بالأمر السهل. لذا، يتعين على الكورد تطوير استراتيجية دبلوماسية لعرض نماذج ناجحة من مناطق أخرى، مثل كردستان العراق، لإقناع هذه الدول بضرورة إيجاد حلول تضمن وحدة سوريا مع احترام حقوق الكورد.
وحدة الموقف الكوردى تشكل أساسا لتحقيق مطالب الكورد في سوريا المستقبلية. رغم الصعوبات الناتجة عن الانقسامات الحزبية والتأثيرات الإقليمية، يتوجب على القوى الكوردية تشكيل مؤسسات مشتركة لتمثيل جميع الأطراف. هذه الوحدة يجب أن تكون مستندة إلى رؤية سياسية واضحة تحافظ على الهوية الثقافية والسياسية للكورد، وتضمن تفعيل الدور السياسي للكورد على الساحة الوطنية والدولية.
التغلب على العقبات الداخلية يتطلب تشجيع الحوار والمصالحة بين الأحزاب الكوردية، مع إشراك الكوادر الفاعلة في صناعة قرارات مشتركة. علاوة على ذلك، يجب على القوى الكوردية أن تضع خطة لإشراك الأجيال الجديدة والشباب الكوردي في هذه العملية لتأمين استمرارية الوحدة الكوردية. كما يجب أن تساهم الأطراف الدولية في تذليل الصعوبات ودعم وحدة الموقف الكوردى على الساحة السياسية السورية، من خلال الضغط على الأطراف المتنازعة لتوحيد الصفوف الكوردية.
مع تأجيل المؤتمر الوطني السوري، يفرض الواقع نفسه على القوى الكوردية لتبني استراتيجية مرنة، تراعي التحديات المرتبطة بهذا التأجيل، وتستعد بوعي لأية تطورات سياسية محتملة. ورغم أن التأجيل يشكل عقبة مؤقتة، إلا أنه في الوقت ذاته يفتح أمام الكورد فرصة لإعادة ترتيب الأوراق داخليا وتقييم موقفهم من خلال تعزيز الوحدة السياسية وتعميق التنسيق بين جميع القوى الكوردية.
إن هذا التأجيل يضع القوى الكوردية أمام مسؤولية استراتيجية لتفعيل تحركاتها على الساحة الدولية والإقليمية، لضمان أن تكون حقوقها جزءا لا يتجزأ من أي حل سياسي مستقبلي. يجب أن تستمر القوى الكوردية في الضغط الدبلوماسي المستمر على المجتمع الدولي، لا سيما القوى الكبرى التي تؤثر في مسار الحلول السياسية في سوريا، لضمان أن القضية الكوردية لا تهمش أو تستبدل في أي توافقات مستقبلية.
في هذه المرحلة الحساسة، ينبغي أن يتبنى الكورد خطابا سياسيا مستنيرا ومتجددا يؤكد على أن أي تسوية سياسية في سوريا يجب أن تشمل صيغة لامركزية أو فيدرالية تضمن مشاركة الكورد في السلطة بشكل عادل، وفي إطار دولة قانون ديمقراطية. لابد من التذكير في كل محفل سياسي أن تأجيل المؤتمر لا يعني تراجع القضية الكوردية، بل هو دعوة لتعميق التحركات السياسية وبناء تحالفات أوسع مع المكونات السورية الأخرى، مثل العرب والآشوريين، من أجل تأمين دعم متبادل وتعزيز موقف الكورد في أي مؤتمر قادم.
علاوة على ذلك، يجب على القوى الكوردية أن تواصل العمل على تطوير أجندة سياسية واضحة تتضمن رؤية لكيفية معالجة قضايا الهوية، الحريات الثقافية، والحكم الذاتي في سوريا المستقبلية. ينبغي أن يستمر الكورد في تعزيز موقفهم الدولي من خلال شراكات استراتيجية مع الأطراف المؤثرة، مثل الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، والدول الإقليمية ذات النفوذ، لضمان أن تظل حقوقهم ضمن أولويات عملية السلام والتسوية السياسية السورية.
إن المرحلة المقبلة تتطلب رؤية بعيدة المدى، مبنية على مبدأ الاستمرارية في الضغط السياسي، مع الحفاظ على مصالح الكورد كجزء لا يتجزأ من الحل الشامل للأزمة السورية. التحديات التي أفرزها تأجيل المؤتمر يجب أن تُترجم إلى فرص لتعزيز التنسيق الداخلي، مع استمرار السعي لتوحيد الصف الكوردي، بما يضمن تمثيلهم العادل في سوريا المستقبلية
المثقفون والكتاب الكورد يلعبون دورا محوريا في رفع الوعي بالقضية الكوردية وتعزيز الخطاب السياسي. يجب على المثقفين استخدام منصاتهم الإعلامية والأكاديمية لتوجيه النقاش العام نحو القضايا الجوهرية التي تهم الكورد في المستقبل السوري، مثل حقوقهم السياسية والثقافية. من خلال تعزيز هذه القضايا عبر وسائل الإعلام الحديثة والشبكات الاجتماعية، يمكن أن يسهم المثقفون الكورد في تعبئة الدعم الشعبي والدولي لقضية الكورد.
كما يمكن أن يلعب الأدب والفن دورا كبيرا في تعزيز الهوية الكوردية ونقل رسائل الدعم السياسي والثقافي للكورد في سوريا. يجب تشجيع الكتاب والمثقفين على نشر أعمالهم التي تسلط الضوء على معاناة الشعب الكوردي وتعزز من الحضور الثقافي الكوردي في المشهد السوري والدولي.
يجب على الكورد العمل على بناء تحالفات استراتيجية مع المكونات السورية الأخرى مثل العرب والآشوريين. هذا التعاون يعزز من موقف الكورد في عملية التفاوض ويساهم في بناء سوريا ديمقراطية ومتعددة الثقافات، تحترم حقوق جميع المواطنين. يجب أن تكون هذه التحالفات مبنية على الاحترام المتبادل والمرونة السياسية من قبل الكورد لإيجاد توافقات حقيقية مع باقي المكونات السورية.لا بد من التأكيد على أهمية مراعاة احتياجات المكونات الأخرى في المفاوضات المستقبلية، وفتح قنوات حوار حقيقية ومثمرة مع العرب والآشوريين لخلق تفاهمات شاملة تعزز الوحدة الوطنية السورية.
علاقة الكورد مع المجتمع الدولي تمثل عنصرا أساسيًا في تحقيق مطالبهم. يجب على القوى الكوردية بناء شبكة علاقات دبلوماسية قوية مع الأطراف الدولية، مع تسليط الضوء على مطالبهم كقضية حقوقية مشروعة، وليست مجرد مسألة قومية. من خلال دعم المجتمع الدولي، يمكن للكورد تعزيز تمثيلهم في العملية السياسية السورية وضمان حماية حقوقهم الثقافية والسياسية. كما أن العلاقة مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي، وحتى بعض الدول الإقليمية مثل السعودية، تلعب دورًا محوريًا في تعزيز موقف الكورد على الساحة السياسية الدولية. يمكن أن تكون هذه القوى داعمة لمطالب الكورد في الحفاظ على حقوقهم، مثل النموذج الفيدرالي في العراق، والذي قد يقدم حلولا قابلة للتطبيق في سوريا. إن تحقيق استقرار حقوقي وسياسي للكورد في سوريا المستقبلية يتطلب تنسيقا شاملا بين المحاور المختلفة التي تشمل الوحدة الكوردية، النظام السياسي المتوازن، التحالفات مع المكونات الأخرى، ودعم المجتمع الدولي. من خلال تعزيز التنسيق بين هذه المحاور، يمكن للكورد تحقيق تطلعاتهم في بناء سوريا ديمقراطية تعددية، حيث يتم ضمان حقوقهم كجزء أساسي من عملية السلام والتسوية السياسية في المستقبل.
=============
شكري بكر:
(( بدون دعم دولي للقضية الكردية في سوريا، قد يكون من المستحيل على الكرد نيل أي من حقوقهم المشروعة والعادلة ))
أتوجه بجزيل الشكر لموقع «ولاتي مه» الذي قام بإعداد ملف خاص حول مستقبل الكورد في سوريا ، وسبل وحدة الموقف الكوردي وطبيعة النظام الذي يضمن حقوق الكورد وباقي مكونات الشعب السوري ، والملف جاء بسبع محاور وكل محور فيه هو عبارة عن سؤال ، بمعنى أن الملف يتضمن سبعة أسئلة موجهة لقيادات الأحزاب الكوردية والكتاب والمثقفين الكورد والشخصيات الوطنية .
من جانبي أنا فخور لقيام موقع «ولاتي مه» توجيه دعوة لي شخصيا لأكون أحد المساهمين في إغناء الملف وتحقيق مبتغاه ، وكان لي شرف المشاركة بهذه المساهمة البسيطة والمتواضعة .
فقبل الغوص في مضمار الملف لا بد من وضع مقدمة ، والتي يمكن تلخيصها على الشكل التالي :
مع انتهاء العمل باتفاقية سايكس بيكو، التي كانت تتعلق بالتقسيم الإداري والجغرافي والسياسي لمنطقة الشرق الأوسط عمومًا وسوريا خصوصًا، كان الشعب الكردي من أكثر شعوب المنطقة تضررًا من إبرام هذه الاتفاقية ذات النفوذ الفرنسي البريطاني آنذاك.
وهذا يعني أنه سيكون هناك بديل قادم لهذه الاتفاقية عبر رياح التغيير التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط، والتي بدأت من أفغانستان، ثم الحرب الأهلية في لبنان، والثورة الإيرانية بقيادة آية الله الخميني. وما حرب الخليج الأولى إلا ثمرة من ثمار التغيير المنشود، وسوريا نموذج لهذا التغيير، حيث تمتد جذوره إلى النهوض الثقافي من خلال إقامة منتديات ثقافية فتحت الأبواب أمام قدوم ثورات الربيع العربي التي اجتاحت أغلب الدول العربية.
خاتمة المقدمة:
مع سقوط نظام حكم آل الأسد بعهديه، الأب والابن، الذي دام لأكثر من ستين عاما، وبعد الحراك الثوري واندلاع الثورة السورية في 11/3/2011، التي استمرت أربعة عشر عاما، رأينا كيف انهار هذا النظام أمام هيئة تحرير الشام، والتي لم تدم سوى أحد عشر يومًا. بسقوط هذا النظام، تدخل سوريا مرحلة جديدة، مرحلة بناء دولة المؤسسات والقانون.
بعد هذه المقدمة البسيطة، يمكنني الغوص في ملف ولاتى مه والإجابة على أسئلة الملف.
السؤال الأول:
أستطيع القول إن مستقبل الكرد في سوريا، وسبل توحيد الموقف الكردي عند قيام أي نظام مهما كانت طبيعته، يعتمد على ضمان حقوق الكرد وباقي مكونات الشعب السوري. وأعتقد أنه لا مستقبل للشعب الكردي في سوريا ما لم يتمكن من انتزاع اعتراف واضح وصريح من المكون العربي السوري بوجوده التاريخي وعيشه على أرضه التاريخية، في الجزء الكردستاني الذي أُلحق بالدولة السورية إبان اتفاقية سايكس بيكو.
ومن أولويات توحيد الموقف والخطاب الكرديين تمكينهم من الحوار مع أي نظام يحكم سوريا مستقبلا، بعد تثبيت حقوق الشعب الكردي وكافة المكونات الأخرى في الدستور. لا شك أن الموقف الكردي يجب أن يتأقلم مع التحولات التي تحدث هنا وهناك في السياسات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تلك المتواجدة على الساحة السورية.
المحور الثاني:
فيما يتعلق بأفضل نظام يضمن حقوق الشعب الكردي وبقية مكونات المجتمع السوري، فإن النظام الفيدرالي يشكل القاعدة المتينة لوحدة الدولة السورية وصيانتها.
المحور الثالث:
المتعلق بوحدة الصف الكردي، والتي تشكل العامل الأساسي في حل المعادلة الكردية في سوريا، يتطلب تحقيق هذا الهدف النبيل تقديم بعض التنازلات من قِبل الطرف المعطل لوحدة الصف الكردي لأسباب مختلفة، منها:
- ذاتية: لوجود الأنانية والنظرة الحزبية الضيقة.
- موضوعية: لعدم امتلاك حزب الاتحاد الديمقراطي قراره المستقل، وارتباطه بمنظومة قنديل الواقعة تحت السياسات الإيرانية، والتي أصبحت جزءًا من مشروعها الإقليمي الداعم لإقامة الهلال الشيعي في المنطقة.
لذا، مطلوب من حزب الاتحاد الديمقراطي السوري (PYD) التخلي عن تلك السياسات الخاطئة، وعندئذٍ لن تبقى أي عقبة أمام مسار وحدة الصف الكردي. وهنا تصبح إمكانية عقد مؤتمر قومي كردي عام في سوريا ممكنة، عبر تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر مهمتها:
- تحديد وتأمين زمان ومكان المؤتمر.
- توجيه الدعوة لجميع الأطراف الكردية في سوريا دون استثناء.
ومطلوب من المؤتمرين إنجاز المهام التالية:
- إنجاز تمثيل كردي يمثل الكرد في المنصة السورية والمحافل الإقليمية والدولية.
- إعداد مشروع قومي كردي يمكن اعتماده في حل القضية الكردية المشروعة والعادلة في سوريا، ليكون مدخلا للحوار الكردي العربي السوري والعمل معا نحو عقد المؤتمر الوطني السوري الشامل.
المحور الرابع:
المتعلق بمؤتمر الحوار الوطني السوري، لا شك أن لهذا السؤال أهمية كبيرة على الصعيد الوطني السوري العام. وأعتقد أنه لا مستقبل لأي مؤتمر دون مشاركة جميع مكونات المجتمع السوري بروح ديمقراطية، تدفع بالجميع إلى ممارسة دورهم بشكل فعال في المؤتمر، مما يؤدي إلى اتفاق على المشروع الوطني السوري الشامل. ويمكن اعتماده كمسودة للدستور السوري المستقبلي، بعد أن يتم الاستفتاء عليه من قِبل الشعب السوري بجميع مكوناته، تحت إشراف لجان سورية مختصة ومراقبين دوليين، لضمان النزاهة وإجراء التعديلات اللازمة إن وجدت.
وبناءً عليه، يمكن إجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة، لجعل سوريا دولة حديثة ونموذجية في الشرق الأوسط، دولة مؤسسات يكون فيها القانون فوق الجميع.
المحور الخامس:
المتعلق بدور المثقفين والكتاب الكرد، فمن المطلوب منهم بذل أقصى جهدهم في هذا المجال، وأن يكونوا عامل قوة للحركة الكردية لا عامل ضعف، من أجل تحقيق الأهداف وطموحات الشعب الكردي في تقرير مصيره، ضمن إطار سوريا ديمقراطية اتحادية للمرحلة القادمة.
المحور السادس:
المتعلق بعلاقة الكرد مع المكونات الأخرى، فهو محور هام شكلا ومضمونا. على الكرد الانفتاح والتحاور مع كافة المكونات السورية، من العرب السوريين، الدروز، العلويين، الآشوريين، السريان، الكلدان، الأرمن، التركمان، والإيزيديين، لإرساء جسور الثقة بين الجميع والمشاركة في كتابة دستور جديد يضمن حقوق الجميع، ويمهد لإجراء انتخابات عامة لتشكيل السلطات الثلاث: التشريعية، القضائية، والتنفيذية.
المحور السابع:
المتعلق بالعمل مع المجتمع الدولي، لا شك أن هذا المحور هو الأهم في هذا الملف. فبدون دعم دولي للقضية الكردية في سوريا، قد يكون من المستحيل على الكرد نيل أي من حقوقهم المشروعة والعادلة، التي نصت عليها العهود والمواثيق الدولية بشأن حق الأمم في تقرير مصيرها.
دون وحدة الموقف والخطاب الكرديين، لا يمكن للشعب الكردي نيل حريته وكرامته.
الخاتمة:
على الشعب الكردي رص صفوفه، وتوحيد كلمته وخطابه، والعمل بجدية وبذل جهود مضنية لخوض حوارات جادة ومخلصة مع جميع مكونات المجتمع السوري، لبناء سوريا بكل السوريين ولكل السوريين، متأقلمًا مع محيطه الإقليمي والدولي.
=============
م. محفوظ رشيد:
(( أفضل نظام لجمهورية سوريا منعاً لتكرار النزاعات والأزمات مستقبلاً هو نظام ديمقراطي برلماني تعددي لا مركزي، يضمن حقوق الكورد عبر تشكيل اقليم فدرالي أو إدارة ذاتية أو حكم ذاتي ضمن الاطار الوطني والتوافق الوطني. ))
السادة محررو موقع «ولاتي مه» الأكارم..
أحييكم وأشكركم على دعوتكم لنا للمساهمة في الملف حول مستقبل الكورد في سوريا، وسبل وحدة الموقف الكوردي، وطبيعة نظام الحكم الذي يضمن حقوق الكورد وباقي مكونات الشعب السوري
ونأمل أن نوفق في إجاباتنا على أسئلتكم المطروحة في المحاور ..
1- المحور الأول: حول مستقبل الكورد في سوريا:
برزت أهمية الكورد في سوريا منذ ظهور داعش الارهابية لاستبسالهم في محاربتها ودحرها كجزء من التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، فقد أصبح الكورد رقماً معتبراً في رسم مستقبل سوريا بما يملكونه على الأرض من إدارة ذاتية على منطقة حيوية غنية بالثروات، تحميها قوات عسكرية وأمنية مميزة بالعدد والعتاد.
ولضمان حقوقهم، فمن أولويات نخبهم السياسية والثقافية … توحيد صفوفهم وجهودهم وخطابهم، والتمسك بالمنجزات باعتبارها الأوراق القوية والضامنة لنيل تلك الحقوق.
ومن أهم التحديات التي تواجه الكورد هي تجاوز الصراعات الداخلية والانانيات الشخصية والعصبيات الحزبية، والالتزام بالخصوصية الوطنية، والتحرر من الوصايات التي تخدم أجندات ومشاريع الدولة المقتسمة لكوردستان، والحوار الجدي والسعي الحثيث والاستعجال لعقد مؤتمر كوردي عام للقوى الفاعلة من الحركة الكوردية بمختلف مكوناتها، وتشكيل مرجعية عليا لكورد سوريا تتولى القيادة والاشراف على جميع النشاطات والفعاليات وعلى كافة الاصعدة والمسارات.
إن الكورد جزء أساسي من تاريخ سوريا وحاضرها ومستقبلها، ويناضلون من أجل تأسيس شراكة حقيقية في الدولة من خلال حل قضيتهم القومية وهذا يعتبر محكاً لانتصار الوطنية والديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، وضماناً للأمن والاستقرار والازدهار في سوريا الجديدة، فضمان الحقوق القومية للكورد لا يتعارض مع مبادئ المواطنة والوطنية السورية، بل تقويها وترسخها.
2- المحور الثاني: حول نظام الحكم في سوريا:
أفضل نظام لجمهورية سوريا منعاً لتكرار النزاعات والأزمات مستقبلاً هو نظام ديمقراطي برلماني تعددي لا مركزي، يضمن حقوق الكورد عبر تشكيل اقليم فدرالي أو إدارة ذاتية أو حكم ذاتي ضمن الاطار الوطني والتوافق الوطني.
من المفترض عقد مؤتمر وطني سوري عام ينبثق عنه مجلس تأسيسي ولجنة لاعداد دستور جديد كما هو وارد في القرار الأممي ٢٢٥٤، يثبت فيه مواد فوق دستورية منها الاعتراف بالوجود الكوردي كشعب أصيل على أرضه التاريخية و كثاني أكبر قومية في سوريا، والاقرار بحقوقه القومية وفق العهود والمواثيق الدولية.
وحدة الكورد، والتوافق الوطني، والدعم الدولي، ثلاث عوامل كافية لاقناع الدول الإقليمية أو إجبارهم على القبول عبر توافقات مراكز القرار في العالم.
كما ذكرناه آنفاً عن الحالة الكوردية فإنه ينطبق على الحالة السورية، وهي الانطلاق من المصلحة السورية والابتعاد عن الشعارات الايديولوجية والتحرر من الوصايات الخارجية، وهذا يتطلب المزيد من اللقاءات والحورات والمناقشات بدون مواقف وشروط مسبقة لبناء توافق وطني بين كافة الأطياف الأثنية والدينية والفكرية على نظام سياسي يحقق العدالة والمساواة والكرامة للسوريين جميعاً.
3- المحور الثالث: حول وحدة الموقف الكوردي:
بالرغم من التشتت والتعنت واختلاف المواقف والمواقع التي فرضتها الاصطفافات والتخندقات المحلية و الكوردستانية، والاختلافات السياسية والتدخلات الخارجية، إلا أن التحاور جارٍ بدعم واشراف الأشقاء والأصدقاء، ولا بد ان يتحقق التفاهم والتنسيق ولو بعد حين، وما يؤخذ عليه هو البطء، وقد يكون سببه الظروف الموضوعية.
يجب الاستعجال في استكمال الحوارات الجارية لترتيب البيت الكوردي وتوحيد رؤيته السياسية لأنه ضروري وهام في هذه المرحلة المصيرية.
ومن الطبيعي أن تظهر عقبات وصعوبات عند القيام بأي عمل ولا سيما إذا كان الأمر متعلقاً بالوضع الكوردي المعقد والشائك، وهذا لا بد من وضع الخلافات الثانوية جانباً لصالح القضية المصيرية (وجود أو لا وجود) وإبداء المرونة وتقديم التنازلات بين الأطراف الكوردية السورية، والتفاعل إيجابياً مع المبادرات والاقتراحات التي تقدم بها الأشقاء والأصدقاء والحلفاء.
ما يحدث في المنطقة والعالم تقف خلفها قوى دولية عظمى (الدولة العميقة) ضمن خطط ومشاريع استراتيجية، وممثلوها حاضرون بعناوين وأشكال مختلفة، ولها كلمة الفصل في الوقائع والأحداث ونتائجها.
4- المحور الرابع: حول المؤتمر الوطني السوري المرتقب:
كما سبق، لا بد من إعداد رؤية سياسية موحدة و تحديد وفد كوردي مشترك يمثل الاجماع الكوردي وفق خارطة طريق واضحة للحضور والمشاركة والتفاوض مع كافة الأطراف والجهات والقوى المعنية والرسمية في كل اللقاءات والمؤتمرات التي تهم الشأن السوري ومستقبله.
يبدو أن المؤتمر الوطني السوري المزمع عقده لا يضمن التمثيل العادل للمكونات السورية والكورد منها، لأن اللجنة التحضيرية المكلفة بعقده تعتمد الحضور الفردي والشخصي دون تمثيل لأية مجموعة أو طائفة أو قومية أو حركة..
وإن تمت الدعوة للكورد فيجب أن يكون الحضور الكوردي مخولاً وممثلاً عن الحركة الكوردية (الاجماع الكوردي) مسلحاً برؤية سياسية كوردية موحدة واضحة تجاه الوضع السوري الوطني والكوردي القومي.
من المفترض وجود علاقات وتفاهمات وتحالفات مسبقة مع القوى السورية الأخرى، والمطلوب توسيعها وتطويرها وتعزيزها وفق المعطيات والمتغيرات والظروف المستجدة في الوضع الراهن.
5- المحور الخامس: حول دور المثقفين والكتاب الكورد:
أعتقد أن الكتاب والمثقفين المعنيين بالسؤال هم الوطنيون المهتمون والمتابعون للشأن القومي الكوردي وهمومه وشجونه، والملتزمون بقضية شعبهم، مهامهم ومسؤولياتهم هامة تتجسد في الإرشاد والتوجيه من خلال تقديم الدراسات والوثائق والخبرات والمقترحات… في المجالات السياسية والقانونية والجغرافيا والتاريخية واللغوية …إلخ، والمساهمة والمؤازرة في إعداد الملفات والأوراق الكوردية وصياغاتها.
للأعلام دور أساسي وبارز في إفشال أو إنجاح أي قضية، وللأسف، الكورد لا يملكون أعلاماً قومياً محترفاً ومتطوراً كما يجب، فمازالت أعلامنا حزبية ومحلية بوسائل وأساليب تقليدية متخلفة وتوجهات جامدة واخراجات باهتة لا ترتقي إلى مستوى القضية الكوردية وتشعباتها وتعقيداتها وحجم التضحيات التي تقدم من أجلها..
وهنا لابد من تشكيل مرجعية أعلامية توحد السياسات والتوجهات تجاه الأحداث والتغيرات على جميع الاصعدة واستثمارها لخدمة القضايا الكوردية.
6- المحور السادس: حول العلاقات مع المكونات السورية الأخرى:
إن التسامح والتحاور والتفاهم والتعاون والتآخي مبادئ معروفة وراسخة في الثقافة والذهنية والشيم الكوردية تجاه المكونات السورية الأخرى لضمان الشراكة الحقيقية والعيش بأمان وسلام في الوطن.
ولا بد من المزيد من اللقاءات والحوارات لإيجاد قواسم مشتركة والاتفاق عليها كقواعد ومبادئ وبنود دستورية وإقامة أطر وتحالفات وطنية مستدامة على أساسها.
سورية غنية وقوية وجميلة بأطيافها من الأثنيات والقوميات والاديان والطوائف.. فيجب احترام خصوصياتها و والاعتراف بحقوقها واشراكها في بناء سوريا الجديدة دون إقصاء أو تمييز.
7- المحور السابع: حول العمل مع المجتمع الدولي:
سيعزز الكورد علاقاتهم مع المجتمع الدولي من خلال نجاحهم في توحيد صفهم وخطابهم، وحماية مكتسباتهم وتطويرها كالإدارة الذاتية وتقديمها كنموذج ناجح ومتقدم يلتزم بالمبادئ والقوانين والأعراف الدولية والديمقراطية وحقوق الإنسان ويراعي مصالح الأصدقاء والحلفاء.
ستدعم الأطراف الدولية الكورد إن حافظوا على عوامل قوتهم وتعاملوا مع الأحداث بموضوعية وعقلانية، وتمسكوا بأصدقائهم وحلفائهم الذين يحمونهم ويقدمون لهم الدعم لتثبيت حضورهم وتحسين أدائهم ونيل حقوقهم..
العديد من الدول والشعوب تعرضت لأزمات وتجاوزتها بنجاح، ولكل منها شكل وأسلوب خاص بها ومختلف عن غيرها، ومن الضروري الاطلاع على تلك التجارب والاستفادة منها، وأقربها لنا التجربة العراقية.
=============
ملاحظة: تم ترتيب الأسماء في كل قسم وفق أحرف الأبجدية العربية.
=============
القسم الثاني عشر والأخير: تضم مشاركات كل من السادة :
– أحمد عبدالقادر محمود: كاتب وشاعر .
– ازاد خليل : كاتب وباحث .
– صبري رسول : كاتب .
– عمر كوجري: كاتب، رئيس تحرير صحيفة كوردستان .
– د. ولات محمد: كاتب .