التدويل … الحماية الدولية … مبدأ السيادة … مبدأ عدم التدخل

شادي حاجي

مصطلحات يتم تداولها بكثرة في الأونة الأخيرة وخاصة من قبل السوريين في كل مكان وبالتحديد بعد إن إشتدت وتيرة العنف المفرط والإنتهاكات الجسيمة المنظمة والواسعة النطاق التي يرتكبها النظام السوري المستبد بحق المتظاهرين المدنيين العزل عبر إقتحام الجيش والأجهزة الأمنية والشبيحة وبكافة أشكال وصنوف الأسلحة الحربية والعتاد الحربي للمدن والبلدات والقرى وإستباحة أرواح المواطنين وحرياتهم وممتلكاتهم وذلك قصفآ وتدميرآ للمستشفيات ودور العبادة ودور السكن وقطع الكهرباء والمياه والغذاء والدواء وكل أشال التواصل وإرتكابه أبشع الجرائم قتلآ وتعذيبآ وإعتقالآ وإهانة للكرامة وتشويهآ للجثث
 وعلى مدى مايقارب الستة أشهر منذ إنطلاقة الثورة السورية ثورة الحرية والكرامة مما أدى الى أن يضطر الشعب السوري المنتفض بملايينه في كل بقعة من بقاع الوطن السوري الحبيب أن يطلب الحماية الدولية بعد أن فشلت كل الحلول والمحاولات والمبادرات والمساعي التي تقدمت بها معظم الدول العربية والاقليمية والدولية أمام تعنت النظام وقراره بحسم الأمر بالعنف والعنف وحده وذلك إيمانآ منه بأن الحل الأمني العسكري هو الخيار الأنجع في إسكات الجماهير وفي استمراره وبقائه ، بالرغم من أن مسألة التدويل والحماية الدولية له عواقب من قبيل الهيمنة الدولية والتبعات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية التي قد يتطلب الأمر في مرحلة ما أن تندرج تحت المادة 41 من البند السابع لميثاق الأمم المتحدة التي كنا نتمنى البعد بسوريا من كل هذه الأمور إلا أنه يبقى أبغض الحلال بالنسبة للثوار وكما يقول المثل شو اللي جبرك على المر قال الأمر منه .

التدويل : هي من المفاهيم التي ترتبط بالعلاقات الدولية فتدويل أزمة ما يعني جعلها تحت المراقبة والإشراف الدولي ولمعرفة هذه الأمور لابد من التطرق للمفاهيم المختلفة للتدويل منها _ أولآ _التدويل المؤسسي أو التدويل المشروع الذي يتم داخل الشرعية الدولية مثال الوساطات التي تمت بموافقة الأطراف المعنية بالنسبة لقضية جنوب السودان .

ثانيآ – التدويل الذي يتم خارج الشرعية الدولية حالة تدخل دولة أو تحالف دولي في شؤون دولة أخرى خارج إطار الشرعية الدولية مثال العراق والإطاحة بنظام صدام حسين المقبور في عام 2003 ومما لاشك فيه أن تبني التدويل ضمن إطار الشرعية الدولية هو الأسلم للجهة المطالبة بالتدويل أما بالنسبة لأسباب التدويل فهي عديدة أهما : _ 1 _ تهديد الأمن والسلم الدوليين .

2 _ النزاعات والحروب الأهلية .

3 انتهاكات وتجاوزات حقوق الانسان .

4 المجاعات والكوارث الطبيعية في العالم والتقصير الحكومي في مواجهتها .

أما بالنسبة للوسائل التي يمكن من خلالها تدويل أزمة ما أو قضية معينة أو أية مشكلة من المشاكل والإرتقاء بها الى المستويات الدولية يكون عن طريق الضغوط الدبلوماسية على الدولة ذات النزاع المثار وعن طريق منظمات حقوق الانسان والإعلام نظرآ لدوره في الترويج لقضية ما لتنال الاهتمامات الدولية .
الحماية الدولية لحقوق الانسان : فالحماية الدولية هي مجموعة الإجراءات الإشرافية والرقابية التي تتخذها المنظمات الدولية لضمان تنفيذ الدول الأطراف للإتفاقيات الدولية لحقوق الانسان وإجراءاتها وفقآ للأمم المتحدة تتم بطرق مختلفة منها التدابير التي تتخذ من قبل مجلس حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة ونصوص الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والقرارات التي تتناول مسألة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين التي تصدر من مجلس الأمن ومن الأحكام الصادرة عن المحاكم الجنائية الدولية بحق مرتكبي جرائم الحرب أو الجرائم ضد الانسانية .

إلا أنه رغم إجراءات الحماية الدولية قد تواجه هذه العملية عقبات وعراقيل أهمها : مبدأ سيادة الدول ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية .
مبدأ السيادة :  وفيما يتعلق بمفهوم السيادة الوطنية(فهو سيادة الدولة على أراضيها وحقها في اتخاذ القرارات والسياسات والتشريعات فوق أراضيها وحقها في الحصانة من التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية) قد طرأ عليه تطور يشمل مفاهيم أن السيادة هي سيادة الشعوب وأن إنتهاكات حقوق الانسان الجسيمة والمنظمة تعرض السلم الدولي للخطر وبالتالي باتت تلك الانتهاكات والكوارث الطبيعية والبيئية ومكافحة الإرهاب والمخدرات وبعض الأمراض والأوبئة شأن دولي ، وبذلك يكون قد تم إعادة تعريف الدولة القطرية في ظل النظام العالمي الجديد والعولمة كما أن السيادة لاتعني الحق في إرتكاب مذابح جماعية أو إقامة أنظمة فصل أو تمييز عنصري أوتهجير جماعي أو غيرها من الجرائم الدولية الإنسانية، ونتيجة للتحولات في الاتجاهات السياسية ظهر لمجلس الأمن عدة قرارات بشأن حالات التدخل لحماية حقوق الإنسان ، كانت بدايتها بالتدخل في كردستان العراق عام 1991 وبعدها حصل تحول كبير في مدى الحماية المتوفرة لحقوق الانسان والارتقاء بها الى المستوى الدولي وبفعل تلك القرارات تراجع تأثير السيادة وضعف دورها .

مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول : اختلفت مرتكزات التدخل ومبرراته من فترة الحرب الباردة الى الفترة التي أعقبت انقضاءها ، ففي السابق وبالنظر للتعامل الحذر مع سيادة الدول .

نهل التدخل شرعيته في غالب الأحوال من ذرائع وتكييفات الدول التي أقدمت عليه ، أي أن التبرير يأتي بعد التدخل ، أما في ظل المتغيرات الدولية الراهنة فإن مصدر شرعية معظم التدخلات كانت تأتي من الأمم اامتحدة( حرب الخليج الثانية _ الأزمة الصومالية _ هاييتي _ رواندا _ تيمور الشرقية _ سيراليون_ ليبيا ….

الخ )أو بناء على تحالفات جماعية ( كوسوفو _ ليبيريا _ العراق … الخ ) أي قبل ممارسة التدخل .

ما من شك في أن التطور الدولي أثبت عدم ملاءمة مبدأ عدم التدخل بصيغته التقليدية المطلقة للمتغيرات الدولية الجارية ولذلك جاءت الممارسة الدولية حافلة بالعديد من السلوكات التي تعكس في مجملها تراجعآ لهذا المبدأ .

وفي الختام لاندري إذا كنا نأسف لهذا الأمر أو نرحب به لكن رغم الشدة لايمكننا أن نيأس ، لأن الوطن وطننا والناس أهلنا والتاريخ تاريخنا ولانريد أن يكون ماضينا أفضل من مستقبلنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…