الحركة الكردية ( الخلل – المبادىء – المرجعية ) الى اين ؟

بقلم : خورو شورش   

ان الخلل الحاصل في جسم الحركة التحررية الكردية في سوريا ، خلل بنيوي تشكل مع بدايات نشوء الحركة و هو يعم كامل مفاصلها الحيوية ، فلا يقتصر على سياق مساراتها النضالية و بناها الداخلية فحسب ، و انما يشمل كل تكوينها البنيوي ، و منعكساتها النضالية و يتجلى هذا الخلل بوضوح اكثر في علاقات كل حزب مع ذاته و مع الأحزاب الأخرى .
و ان الحركة الكردية بجميع أحزابها مدعوة للتخلص من عقد السرية الفارغة  لانتفاء مبررات مثل هذه الممارسة على ضوء المعطيات و الحقائق الموجودة لأن الاستمرار في التمسك بهذه السرية المشوهة لا معنى له خاصة و أن معظم طاقاتنا التنظيمية تكاد تكون مكشوفة من جانب النظام, وبالتالي فان السرية لا مبرر لها سوى أنها تعبر عن سيكولوجيا مرضية و هروب من المواجهة

     بسبب حالة السرية الطويلة التي عاشتها ، او ان هذه الاحزاب تتخندق خلفها بصورة واعية كي تتخلص من استحقاقات العمل النضالي الديمقراطي ، اضافة الى ان النظام يفضل مثل هذه السياسة من قبل الحركة كي لا يدخل معها في مواجهة مباشرة مع مطالبها، و يفضل اسلوب التعامل معها في الغرف المغلقة ، تجنبا لاستحقاقات هو بغنى عنها اليوم ، لذلك فان ادراك ضرورة الوصول الى اداء تنظيمي و جماهيري و سياسي فعال و مجد يحتاج الى التحول باتجاه الممارسة العلنية لتحقيق افضل انتشار لاهداف نضالنا على مستوى البلاد خاصة مع القوى السياسية العربية ، لكن و حتى تتمكن هذه الحركة من التحول السليم نحو العلنية ، عليها التدرج في هذا التحول ……
وحينها فقط يمكننا القول باننا بدانا بوضع اقدامنا على الطريق الصحيح في ممارسة عمل سياسي فعال و ناضج لما فيها خدمة قضية شعبنا الكردي العادلة .
    و يتجلى اوجه الخلل في العلاقة بين اطراف الحركة الكردية و مسبباتها بما يلي :
1 – الحركة السياسية الكردية و منذ بداياتها تشوب في علاقاتها اشكال من التناحر و الصراع و لا تنتهي صراعاتها بحدوث الانقسام  بل تنجر الى صراعات أخرى داخل كل طرف بمرور بعض الوقت و ذلك لافتقار
الحركة الى وعي سياسي قومي متبلور بالشكل المطلوب .


2 – عدم امتلاك الحركة لرؤى فكرية واضحة ,و لخطاب سياسي و برنامج شامل معلنا كمرجعية هامة في فهم مظاهر الخلل الناشىء في بنيان الحركة.
3 – ان أي قوة سياسية أو اجتماعية أصلية تستمد وجودها و قوتها من فعلها النضالي الممارس.
4 – هيمنة النزعة الفردية لقيادات الحركة و عدم تجديدها و رفدها بعناصر جديدة .
5 – غياب الديمقراطية في البلاد و عدم وجود تقاليد ديمقراطية في المجتمع ككل انعكس سلبا على العلاقات الداخلية في الأحزاب الكردية .
6 – ان أغلب الانشقاقات داخل الحركة الكردية غير طبيعية و بعيدة تماما عن التعاطف الديمقراطي فيظل الخلل
قائما بين الأحزاب كون العمل الانشقاقي ايس صراعا فكريا أو نضاليا أو الذي يدخل في القضية القومية .
7 – ان الحركة السياسية الكردية اعتمدت مبدأ المهادنة مع النظام منهجا في سياساتها و تحاول بأن لا يخرج أي تنظيم عن اطار هذه السياسة .
8- ان كل حزب يرى أنه على صواب و اللآّخرين على خطأ هذه الذهنية التي تمتد الى عمق التراث الشرقي
الاستبدادي بشكل عام  و يجب اتباع سياسة تعبر بعمق عن وجود اللآخر بدلا عن نفيه .

     و لا بد للحركة الكردية من الاجماع على بعض المبادىء الأساسية  من أجل ممارسة عمل مشترك :
1 – يجب أن يكون هناك تقييم و اتفاق واضح لواقع الشعب الكردي من حيث تعرضه للسياسة الانكارية المطبقة بحقه و اعتباره مجموعة لاجئين لا أكثرمن قبل النظام , كما أن النظام لم يقدم أي خطوة ايجابية تجاه شعبنا الكردي في سوريا و ان النظام يمارس سياسة اضطهادية بكل أبعادها السياسية و الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية و……..الخ.
2 – ألاّ يقف أي طرف كردي عائقا و ضد أي أسلوب نضالي سلمي يقوم به أي طرف كردي آخر , حتى و لو كان غير مؤمن بأسلوبه .
و انطلاقا من المبادىء التي تحدثنا عنها من أجل ممارسة عمل مشترك و على هذا الأساس يجب على الحركة الكردية أن تعمل على تأسيس مرجعية قومية عليا و عامة , تعتبر المصالح القومية كمصلحة عليا مرجعية تقوم على التكامل النضالي و تعددية الرؤى و الأساليب و مشروعية ممارسة كل الأساليب النضالية الديمقراطية و بالتالي لا بد للحركة الكردية كخطوة أولى أن توحد الخطاب السياسي الكردي و تعتبر القضية الكردية في سوريا قضية أرض و شعب يعيش عاى أرضه التاريخية ثم تبادر الى تأسيس اطار نضالي فاعل على أسس واضحة أيا كانت تسمية هذا الاطار (وحدة سياسية  , اتحاد سياسي ,…..

) لتمثيل الشعب الكردي كله تمثيلا حقيقيا و ينهي ظاهرة الضعف و الانقسام  , و هذا الاطار ينتخب مرجعية قومية عليا و عامة , و يجب على الحركة الكردية أن تبادر الى مشروع المرجعية بصورة عملية و ليس نظرية عن طريق بيانات فقط ………….
و تقول جين كونوروز ( ان أحد المعوقات الأكثر صعوبة في النضال الكردي هو كثرة ممثلي شعوبهم  ) و تأكيدا على ما تقوله كونوروز حيث انه لدى زيارة السفارات الأوروبية و الغربية أو أحد الصحفيين الأجانب أو المنظمات الدولية الى مدينة قامشلو حيث يطالبون بأن يكون هناك ممثل واحد أو مرجعية عليا للشعب الكردي.
و نحن جميعا مطالبون بضرورة الارتقاء فوق المصالح الحزبية و الفئوية و الالتزام بخيار التغيير الديمقراطي الاستراتيجي الذي يستلزم تضافر الجهود كلها لضمان مستقبل أفضل للجميع , بعيدا عن عقلية التوجس و الانغلاق و الثأر و ما الى ذلك من انفعالات مزعومة لا يمكننا الانطلاق نحو المستقبل بتفاؤل ما لم نتحرر من آثارها المدمرة ………..

جين كونوروز: محاضرة بقسم القانون في مدرسة الدراسات الشرقية و الافريقية London – SOAS –

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…