مخاوف الطائفة المسيحية من الحراك السوري -المناطق الكردية نموذجا-

 عيسى ميراني
 
إن تطورات الأحداث في سورية منذ بداية الثورة الشبابية وحتى الان كسرت العديد من الحواجز وخاصة حاجز الخوف و أفرزت العديد من المصطلحات مثل مندسين -شبيحة – جماعات مسلحة -تنسيقيات-أثبتت بان الظلم مهما دام فان صحوة الشعوب قادمة كالإعصار تمحو كل ما بناه الطغاة من اسوار بينهم وبين الحرية إلا أن الفهم الخاطئ لسير الأحداث حولت البعض من الشباب المسيحي الى ادوات لتنفيذ مخططات النظام من خلال المشاركة مع القوى الأمنية بالقاء القبض على بعض المتظاهرين وشتمهم مثلما جرى امام مديرية منطقة القامشلي أثناء الاعتصام للافراج عن بعض المعتقلين المشاركين في التظاهرات السلمية بالقامشلي او تنظيم مظاهرات معاكسة للحراك الجماهيري باسم الولاء او كتابة التقارير لبعض الجهات الأمنية بقصد الإساءة للشباب الكردي
مثلما يجري حاليا في ديريك على مرأى ومسمع المجلس الملي والذي يسعى حاليا لتنظيم جماعات مسلحة باسم حماية المسيحيين ولكنها في الأساس قد تكون  لأمور أخرى تساهم في تأجيج الحقد الطائفي بين مكونات المنطقة وكأن سقوط النظام هو سقوط للشمس وتدمير  للكرة الأرضية وإبادة جماعية للمسيحيين على يد ابناء المنطقة علما أن تاريخ المنطقة  اثبت ان زوال الأنظمة ليس دمار وإبادة للأقليات الدينية وخاصة المسيحية بل محبة وتسامح وإخاء بين أبناء المجتمع الواحد  وللضرورة سأروي بعض الأحداث التي تثبت ذلك وان كان ذكرها مؤسفا لكنها قد تنفع في حالة كهذه:
1-أثناء الاحتلال الفرنسي لسوريا كان معظم متطوعي الجيش الفرنسي في المناطق الكوردية  من السريان والطوائف المسيحية الأخرى وكان للبعض منهم مساهمة فعالة في بعض الأحداث المؤسفة في المنطقة مثل
ا-حرق قرية الحناوية التابعة لمنطقة ديريك وقتل من فيها وخاصة المختار رمو فقه بيداري وأتباعه والحملة بقيادة -السرجانت-بهنان الملقب سرجان بهنان وهو من سريان ديريك-المالكية حاليا –
ب-حرق قرية قضاء رجب – قزه رجب-وهي أيضا تابعة لمنطقة ديريك بقيادة -السرجانت لحدو الملقب سرجان لحدو وهو أيضا من سريان ديريك
ج- الهجوم على قرية دوكر التابعة لناحية تربسبي والتنكيل بها وقتل الاغا سليمان عباس دوركي بطريقة وحشية والحملة بقيادة -يطنان موري-وهو من سريان تربسبية وهده الحملة أصبحت سببا رئيسيا لمعركة بياندور
د-المسؤولية المباشرة في قصف عامودا بالطائرات الفرنسية وذلك بنقل معلومات مغلوطة للسلطات الفرنسية مفادها بان ابناء عامودا يستعدون لمهاجمة الحامية الفرنسية في القامشلي والقصص كثيرة وكانو يظنون بان رحيل القوات سيؤدي الى حالات الانتقام الا ان رحيلهم لم يؤد إلا للمحبة والتسامح وتحول منزل سرجان بهنان إلى مضافة للكوردي والمسيحي والعربي يتبادلون المحبة والتآخي ويتشاركون في المناسبات والأعياد وساهم العديد من أبناء المنطقة من الكورد في بناء الكنائس والمحافظة عليها وخاصة عشيرة كوجر الميران
2-عندما قامت الحركة التصحيحية بقيادة الرئيس حافظ الأسد تخوف المسيحيون من سقوط النظام العفلقي وسادهم القلق ووقفوا ضد الحركة التصحيحية  وقادوا المظاهرات المعارضة مثلما جرى في مدينة ديريك حيث قاد كل من —حنا توما -يوسف ماروكي -توما بشير –شمعون صليبا –ومعظم مسيحيو ديريك المظاهرات المطالبة بسقوط الحركة التصحيحية وحافظ الأسد وبعد نجاح الحركة التصحيحية كان أول الآمنين والمستفيدين والمتسلقين هم المسيحيون
فهنا أرى أن تقوم المرجعيان -الدينية – والسياسية – والاجتماعية المسيحية  -بمسئوليتها التاريخية بإزالة هده الضبابية من عقول الشباب المسيحي الناشئ الذي كغيره من أبناء الوطن ترعرع اربعون عاما بين أحضان النظام وثقافته  ينهل من سياسته وفكره في الشارع والبيت والمدرسة وضرورة شرح ما هو ايجابي ومشرف من تاريخ المنطقة وإشاعة ما هو مفيد من تراتيل المحبة والتسامح وان الكورد والعرب والمسيحيون فسيفساء جميل يزين جسد هدا الوطن لانني لا اريد ان نصل الى مرحلة لا ينفع فيها الندم وتخرج الأمور عن سيطرة العقلاء من القوم ولا نريد أن يكون فعل البعض سببا لرد فعل عنيف لا سمح الله وعندها تكون الخسارة للجميع—ولتكن تجربة إقليم كوردستان ووضع المسيحيين  فيها منارة للجميع والتي شهد لها — قداسة بابا الفاتيكان –اثناء زيارة الرئيس مسعود البارزاني لها  –وان رحيل الأنظمة ليس رحيل للمبادئ والقيم والأخلاق التي امتزجت بدمائنا وكلنا قادر على نسيان الماضي الأليم ولنعمل من اجل مستقبل مشرق وحياة سعيدة  لنا ولأجيالنا القادمة

 ملاحظة: سرجانت ويطنان رتب عسكرية فرنسية

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…