عواصف الشعوب

فرحان رمو

عندما تأتى الظروف الموضوعية لتحرك الشعوب ونهوضها لتنفض عنها غبار السنين القاتمة وتدك  حصون وقلاع السلاطين , لا بد من توافر الظروف الذاتية للاستمرار في العمل الثوري وإحداث التغيير الجذري الذي ينشده الجماهير العريضة , ولابد من تحقيق أحلامها في الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.

وأعتقد أن الظروف الذاتية تتجلى بشكل أساسي في وجود طليعة ثورية تقود هذه الجماهير وهنا لا أنكر ظروف أخرى لهذا العمل بل أؤكد وجود فكر وقواسم مشتركة توحد مسيرة العمل الثوري وتنقله إلى ساحات أوسع.
بالإضافة إلى ما يترتب على الانتقال من مجتمع استبدادي إلى مجتمع مدني ديمقراطي يتساوى فيه جميع المواطنين أمام القانون بغض النظر عن الانتماءات العرقية والأثينية والدينية وحتى الحزبية.
هنا تبرز أهمية الحوار الوطني متجاوزين الأطر الضيقة التي كنا قد تربينا عليها مستفيدين من تجربة الشعوب الأخرى التي سبقتنا في هذه التجربة, منها تجربة الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789
التي طرحت المبادئ الرئيسية التالية: الحرية والديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان والمساواة في الحقوق والواجبات من هنا اعتقد انه من المفروض أن يبدأ الفرز الحقيقي لبناء الطليعة الثورية التي تقع على عاتقها قيادة البلاد في المرحلة الانتقالية المقبلة.

في هذه المرحلة وما بعدها يفترض العمل الجاد من أجل القطيعة التامة مع الماضي الاستبدادي القمعي الذي كان يفرز نمطاً محدداً أوحداً للتفكير داخل المنظومة الاجتماعية أساسه الخوف وعدم  الثقة بالآخر, ولذلك يتوجب على القائمين وكل المهتمين بشأن نجاح الثورة العمل على كسر حاجز الخوف وهذا ما حققته الثورة إلى حد بعيد, أما فيما يتعلق بموضوع الثقة فهذا يفرض على الجميع إن كان في الداخل أو الخارج عملاً شاقاً ودءوباً من أجل إعادة الثقة الشبه المفقودة بين مكونات المعارضة الداخلية والخارجية وهذا ما انعكس سلباً على الحراك الشعبي ومواقف عدة دول.

كما تجلى ذلك في السيل الكبير من انعقاد المؤتمرات في عدد من الدول القريبة والبعيدة دون جدوى.

إن تجارب كثير من الثورات الشعبية تؤكد دور الطليعة الثورية في استنهاض الهمم وإنجاح الثورة وتحقيق أهداف ومكاسب للجماهير,وبنفس الوقت عند غياب هذه الطليعة كثير من هذه التجارب فشلت!.

والتي لا نتمنى للحراك السوري أن يحدث له وأن يحقق ما يهدف إليه من بناء مجتمع مدني حقيقي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…