فإذا كنت ترغب في معرفة سر المهنة أنتسب إلى تنظيمنا وسنعلمك كل شيء حيث لدينا إرث كبير لهذا العلم ولا شروط للانتساب حتى وإن كان أميا أو متخلفا أو ابن زانية فهذا الأمر لا يهم ولا يحتاج إلى معلومات عن الذرة والفضاء بل إلى قليل من الذمة الواسعة وأزمة أخلاق بسيطة وإنكار لحليب الأم لهذا فإن هذا الذي تراه أمره بسيط وهو لا يساوي شيئا أمام أفعالنا “يا ماموستا ” و ليس الذي أمامك إلا باحث رزق وكفى ..
دار هذا الحديث منذ زمن قريب جداً “منتصف الشهر الماضي” حينما كنا بصحبة صديقين لزيارة صديق آخر في قرية مجاورة.
فخرجنا من قرية آلا قوس Alaqosê والسيارة العتيقة تتهادى على منحدر براحتها عند النزول من طلوع القرية وهي تجلجل وتصدر ضجيجاً مزعجا ليس بسبب كبر عمرها وماركتها القديمة بل سيرها أيضاً على بقايا صخور مهشمة مبعثرة على طول الطريق نصف الترابي ذو الثنايا العديدة على سفح الهضبة المشرفة على قرية عابرة Abrê وفجأة قام ثعلب من بين الصخور المجاورة للطريق مسرعاً ربما كان في نوم عميق بعد ليلة مثمرة قد فاز بدجاجة أو بطة دسمة من القرى المجاورة ومن شدة الارتباك والخوف أخذ يسلك منحى الطريق ولم يخرج إلا بعد فترة من شدة الهلع ونحن وراءه بالسيارة ظنا منه أن مظاهرة شعبية من القرى المجاورة قد خرجت ضده وهو بين الفينة والأخرى يخفف من سرعته وينظر على الخلف وهو يرانا تسير باتجاهه فيزيد من سرعته بما يستطيع وذيله من خلفه يشكل حملا ثقيلا عليه في اعتقاد منه أننا نتعقبه ونسعى للنيل منه على سرقة قد قام بها في الليلة الماضية إلى أن توارى عن الأنظار بين الصخور على الهضبة وذيله يثبر الغبار خلفه دالا على أثره من بعيد.
قلت: لماذا يهرب هذا الثعلب بهذه السرعة علماً أننا لا نقصده ولسنا مهتمين بأمره وآه لو توقف قليلا لسألناه عن أقرانهم من الثعالب البشرية وهل لهم علاقة ومن طبيعة واحدة ومنهل ثقافي واحد وأن نتعلم منه المزيد من بعض فنون المكر والحيلة حتى نتحاشى بها بعض من حيل ممن يتقدم صفوفنا باسم مجد الكرد والكردايتي.
فكلما سلمنا لحيتنا لهذا وذاك ينتفها على الناشف ونجد أنفسنا مخدوعين ومخوزقين من قبل هذا الأمي وذاك المتخلف بالرغم من غرورنا بأنفسنا بأننا عارفين ومثقفين.
فرد الصديق قائلا: ناده واستوقفه واسأله لكنه قد هرب ولا اعتقد أنه يلبي الدعوة وسيعطي سر المهنة لأحد إلا من بني جلدته فأنا أرشدتك على طريق قصير وتعال عندنا ولكن يبدو أنك من هواة التعب ووجع الرأس, فرد صديق أن الثعلب لا يفكر مثلنا فهو يقظ في عمله (ولا ينام في سرفيسه) وهو يعلم لماذا يهرب و يعرف كم من أذية وفعل مكر وسرقة قام به حتى الآن فهو لهذا لا يؤمن بأحد حتى عند جدار الكعبة أو حتى على جبل عرفة فإذا رأى أي مخلوق سوف يهرب ولا يهمه من هو حتى لو كان أبوه.
فله منهج ثابت ومنتج في الحياة فمثل هذه المسائل قد حسمت لدى هذا القوم منذ زمن الأجداد فالهرب والتخفي والمكر أساليب نضالية لديهم ويتقنونها بشكل لامع وتدرس أب عن جد.
رد الصديق الآخر ضاحكا: ربما هي الخشية من أننا أصحاب إحدى ضحاياه من البط والدجاج أو الإوز من القرى المجاورة ومن خلفنا كلاب صيد Tajî خرجنا لنتعقبه وهو ليس على استعداد أن يخوض مناقشات عما يفعله أو أن يحضر أمام المحاكم فكل ثعلب يحتاج إلى الأقل توكيل /100/ محام له في قضايا وجنح سنة واحدة فقط وهذا أمر غير مستطاع لديه.
مسكين يا ذئب لقد ذاع صيتك وأغلب الناس لا يعرفون بأن الثعالب البشرية هم من يخربون بهذا العالم.