خبر عاجل : الشعب يريد إسقاط (الأنا)

د.

علاء الدين جنكو

أقسم أنه لا نفس لي في الكتابة، بل لا نفس لي في التفكير والقراءة، وأنا أرى ما يكتب وينشر في صفحات مواقعنا من أخبار ومواضيع ومقالات تحليلية كلاسيكية سئمنا منها ومن عناوينها .
عندما تتحول الكتابة إلى وسيلة هدم في أمة ما، فإن ذلك نذير شؤم يوحي بهلاك خطير لتلك الأمة أو سعي بها تجاه حتفها .

لا أريد أن أتقلد منصب الواعظ فإن جُلَّ من يكتب يتقن فن الكتابة، بعضهم يكتب في وقت كنت في بطن أمي وبعضهم يمارس حراكاً سياسياً واجتاعياً في الوقت الذي كنت فيه أنشغل بمشاهدة أفلام الكرتون !!
لكني في النهاية إنسان يعاشر ما يجري حوله ويتابع ذلك عن كثب، فلا يخفى على أحد منا أننا نمر مرحلة استثنائية ربما هي الأكثر دراماتيكية في تاريخ المنطفة، مرحلة تحتاج إلى إلغاء (الأنا) وانتهاج سياسة الاحتواء وقبول الآخر .
مرحلة نحتاج فيه إلى نسيان الخلاف وراء جداول الدم وأكوام الرصاص، مرحلة نحتاج فيها إلى رجال من نوع آخر، يحملون من أخلاقيات الثورات والانتفاضات ومراحل التغيير ما يضمن لها نجاحها .
بالله عليكم من يتجرأ اليوم لطرح ما يصلح الحال ؟! ولا يجد أمامه إلا جيشاً من الكتاب والساسة المتفرقون فيما بينهم لا يجمعهم كلمة سواء، يعارضونه بل يشيرون له بالحرب الإعلامي قبل أن يشرع في فتح فمه !!
من يظن أن ملكاً سيهبط من السماء ليطرح حلاً يرضي الناس الذين حرموا من كل شيء على مدى أكثر من خمسين عاماً واهم واهم …
بعضنا يطرح إديولوجيات لتكون أساساً لحكم قادم بصورة يظن أنه يكتب للأغبياء! ناسياً أن كل من يقرأ بات أعلم منا جميعاً، وربما يكون هذا الكاتب أكثر من يغرق في بحار التناقض عندما ينادي بالديمقراطية ثم يفرض ما يعارضها كحال من يطرح شعار (دولة دينية ديمقراطية) أو من يطرح (دولة علمانية ديمقراطية) وكلا الطرفين يردد كلمة (تعددية) بعد شعاره ذاك !!
وهما – وأقصد الطرفين – عاجزين عن التنازل في طرح إيديولوجيته تاركاً الأمر للشارع ولصندوق الإنتخابات في مشهد يكذب نفسه في شعاره الذي يطرح .
وبعضنا يطرح أفكارا بارعة في صناعة الأعداء والخصوم على كثرتهم أصلاً ، وذلك من خلال إعلان شعارات إستفزازية ناسياً بان المرحلة تتطلب إزالة ما أمكن من نقاط الخلاف والنزاع لتقريب وجهات النظر.

ربما يكون هذا الشعار من حق مُعلنِه لكن الوقت لم يحن وكنا نعلم مدى أهمية ترتيب الأولويات فلا يمكن أن أطلب شيئا بسيطاً يفقدني مقابله تسعة أشياء ثمينة ..

فالعاقل يدرك ذلك ..
بعضنا يسارع في انتقاد أي مشروع يطرح للم شملنا – وأقصد نحن الأكراد – حتى قبل انعقاده ومعرفة ما فيه من برامج ومبادئ فقط لأنه لا كرسي له بين من يجتمعون .
بتصوري ما زلنا نعيش دوامة نحن فيه أشبه بالسكارى لا نملك فيها شجاعة تغليب المصلحة القومية والوطنية .
السياسي بحاجة لدعم الكاتب والتواصل معه، لكن الغريب أن نجد سباقاً إلى التطاول على كل من تحدثه نفسه بالإصلاح حتى لو كان في مشروعه بصيص أمل وخاصة على مستوى لم الشمل الكردي الغارق في الانقسام !!
ماذا سيحصل لو طرحت فكرة من قبل بعض الساسة المخلصين ثم بادر الكتاب إلى تشجيعها ودعوة المعارضين لها بل والإلحاح عليهم بالحضور لتبادل وجهات النظر وتضييق هوة الخلاف؟ ماذا يحصل لو اتفق الكرد فيما بينهم ساسة وكتاباً على برنامج وطني على الأقل فيما هم متفقون عليه .
ولا أنسى هنا مسؤولية مواقعنا الإلكترونية، فأقسم بأن طرح ما يفسد ليس من مباديء حرية التفكير والرأي، ومن ظن ذلك فبئست الحرية هذه، عليها أن تسعى في هذه المرحلة إلى التقليل من نشر المقالات التي من شأنها أن تسبب مزيداً من الانشقاقات في المواقف، وخاصة لبعض الكتاب الذين يستغلون فرصة انتقاد أي تقارب سياسي ليرفعوا بأنفسهم لمقام – أقول وبدون حرج – أكبر منهم .
المرحلة ستمضي والمخاض سينتهي والمجتمع بمن فيه من الأحرار والثوار سينتصرون بإذن الله، حينها سيتولى الأمر شئنا أم أبينا أناس يريدون الخير والأصلاح وتحقيق الأهداف القومية والوطنية بأخلاقهم العالية حتى لو لم يكن بينهم واحد منا نحن رجال اليوم ..
وليطمئن الجميع بأننا مهما كنا فلن ينعم أحد إذا ما سمع بخبر عاجل : أن الثورة سقطت لأننا حينها سنسقط جميعاً وندفن أنفسنا بأنفسنا ولن يضحك يومها أحد، فلنسع جميعاً لإسقاط (الأنا) وحينها سيكون الأمر مغايراً لما نحن فيه
فلنتذكر أحفادنا ولنتذكر حديثهم عنا، والتاريخ الذي سيكتبوه في مناهجهم، والأحداث التي سيرووها في قصصهم، فيكفينا أننا حرمنا ما مضى من أعمارنا في ظل دكتاتورية الإقصاء ورفض الآخر، ولنرسم لتاريخ قادم ناصع يترحم فيه أبناؤنا علينا لا أن يلعنونا حينما يتذكرونا …

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…