ولقد انتشرت المئات من الصور ومقاطع الفيديو التي تثبت ذلك للعيان بكل وضوح، وبما يدعو إلى التساؤل عما إذا كان النظام لا يزال يعتقد بقدرة تلك الصور والفيديوهات على بث الرعب في نفوس الأحرار الذين يرددون بكل عزم “الموت ولا المذلة” والذين يجابهون ماكينته العسكرية والأمنية الإرهابية وطوابير كتائبه المرتزقة وشبيحته السفاحين بصدور عارية وتصميم يفرض على العالم أجمع احترام إرادة الشعب السوري وكفاحه السلمي المستمر منذ عقودٍ طويلة في سبيل الحرية والديمقراطية وصون حقوق الإنسان.
لقد استفاد النظام الأسدي من ثغراتٍ كانت ولا تزال موجودة في صرح المعارضة الوطنية والديمقراطية السورية، التي ظلت لعقودٍ من الزمن ضعيفة، مشتتةً ومتنازعة لأسباب ذاتية وموضوعية، منها الايدولوجيا، والجاذبات الإقليمية، والتحليلات الخاطئة والانخداع بالوعود المعسولة للنظام، ولكن المعارضة السورية بحكم ما يجري على الساحة السورية من مذابح مروعة، مضطرة لأن تعيد تنظيم ذاتها وتحديد أولويات العمل، والانتقال إلى مستويات أعلى وأقدر على التفاعل مع الأحداث الجسيمة وعلى تحمل المسؤولية التاريخية في هذه المرحلة الخطيرة، وبخاصة فإن تنظيمات وحركات وقوى جديدة تنمو في رحم الثورة السورية وتفرض نفسها كبدائل عملية وحقيقية لما كان سابقاً في المشهد السوري المعارض من رسوم وأشكال متباعدة وهزيلة وغير واضحة المعالم.
فالشعب الذي هو الأصل لن يتوقف حتى تخرج المعارضات بهياكلها هذه من أزماتها وتتخلص من أمراضها وتتمكن من توحيد صفوفها في مجابهة الواقع الأليم، بل سينتج الأدوات الفتية الشابة التي يحتاج إليها لوقف المجزرة وإعادة ترتيب البيت السوري حسب ما يراه مناسباً له ومتفقاً مع مطالبه.
ولذلك فإن زعماء وقادة ورجال المعارضة الوطنية السورية في سعيهم الحثيث من أجل تلبية نداء الواجب الوطني قد وقعوا ولا يزالون في مطبات ومآزق وأخطاء بسبب الإسراع وعدم وجود معايير دقيقة في العمل المشترك ولقلة خبراتها في مجال عقد المؤتمرات والدعوة إليها وفي وضع الأسس السليمة في اختيار المناسب والأفضل والأشد التزاماً بقضية الثورة والشعب من بين الآلاف من المتحركين على مسرحها الكبير.
وهذا نقدره ونعتبره طبيعياً بسبب ظروف المعارضة الذاتية والموضوعية، ولقد كانت دعوة مجلسنا الوطني الكوردستاني – سوريا، منذ بداية تأسيسه قبل سنوات، هو السعي من أجل توحيد طاقات الشعب السوري الخلاقة والمبدعة بهدف مزيد من الإنتاج المعارض، ليس على صعيد الشعب الكوردي فحسب وإنما على صعيد مختلف مكونات المجتمع السوري أيضاً.
وفي آخر مقابلة لرئيس المجلس مع قناة الحرة جاء التأكيد على ذلك من جديد، وسيظل المجلس ملتزماً بسياسته هذه على الدوام، إلا أنه يرفض أن تصبح مؤتمرات ومجالس وتحالفات المعارضة السورية أدواتٍ لتحقيق أغراضٍ وأهدافٍ معينة لقوىً إقليمية لاتهمها إلا مصالحها الخاصة، ولا تضع مصالح الشعب السوري إلا في نهاية جداول أعمالها السياسية والدبلوماسية، كما أكد رئيس المجلس الدكتور شيركو عباس على ذلك مؤخراً، مع تقدير المجلس لكل دعمٍ معنوي ومادي، مباشر أو غير مباشر لقوى الشعب السوري وحراكه الوطني السلمي في سبيل القضاء على هذا النظام الإرهابي الذي لا يردعه رادع أخلاقي أو إنساني، ويوغل في التقتيل والتشريد والتعذيب وخرق كل المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بصون حقوق الإنسان.
نعم، يرحب المجلس بشتى صنوف التدخلات الدولية والإقليمية لإنقاذ شعبنا السوري من كارثة محققة على أيدي هذا النظام، ولكن شريطة أن تكون تلك التدخلات بإرادة وطنية سورية ومطلب سوري متفق عليه بين القوى الأساسية للمعارضة السورية المكافحة وليس المتملقة للنظام والساعية لإنقاذ عنقه من السقوط الحتمي.
إن المجلس في هذه النقطة متأكد من أن العديد من أطراف المعارضة الوطنية والديمقراطية السورية والكثير من الشخصيات والرموز الوطنية السورية متفقة معه، بوضوح أو بوضوح أقل على دعوة المجتمع الدولي لمساعدة الشعب السوري في التخلص من نظامه السياسي القائم.
لقد اعتمد الشعب الكويتي على المجتمع الدولي لإنقاذ بلاده من الغزو العراقي ومن إرهاب صدام حسين، كما اعتمد الشعب الليبي على المجتمع الدولي للتخلص من شرور فرعونه القذافي، فلم يكن ذلك دعوة لاحتلال في كلتا الحالتين، كما لم يكن ذلك دعوة لاستعمار، حسبما يزعم بعض أنصار النظام المفضوحين والمقنعين بأقنعة معارضة مع الأسف، فالعالم الذي أصبح قرية واحدة الآن يعتمد على بعضه بعضاً في دفع الطغيان والتغلب على نتائج الكوارث الطبيعية وفي مكافحة الإرهاب الدولي، فكيف لا يتعاون على التخلص من النظم القمعية الوحشية كالنظام السوري الحالي الذي فاقت جرائمه جرائم بول بوت الكمبودي وبينوشيت التشيلي وميلوشوفيتش الصربي وصدام حسين العراقي ومعمر القذافي الليبي وسواهم.
والجامعة العربية التي هي أداة تعاون بين الأنظمة العربية وليس بين الشعوب العربية لم تقصر في القيام بواجبها القومي تجاه شعب سوريا المناضل فحسب، وإنما تغازل النظام الإرهابي بزعم أنها مع الحوار بينه وبين من يتعرض لإرهابه اليومي بصورة وحشية.
وهذا ما أكد عليه المجلس ولا يزال وموقفه صريح وواضح في هذه المسألة.
ومن ناحية أخرى، فإن محاولات بعض الأطراف في المعارضة السورية إقصاء شعبنا الكوردي أو قواه الوطنية الفاعلة والمؤمنة بالثورة وبالشعب، ومنها المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا، عن عملية التوحيد لصفوف المعارضة، وتتجاهل وجوده أثناء التحضير والدعوات، كما تهمل نداءاته وبياناته، والدعوات المتتالية من قبله لرص الصفوف الكوردية وتفعيل قوى الشعب الكوردي ضمن صفوف المعارضة والثورة، لن تفيد هؤلاء شيئاً، فإن شعبنا الكوردي يدرك تماماً بأن المجلس بإمكاناته المتواضعة قادر على الإنتاج باستمرار كما أنه يملك الرؤية الصحيحة، سواءً في مجال النضال من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، أو في مجال طرحه مشروع الدولة الفيدرالية السورية، أو في مجال إقامته العلاقات على الصعيد الدولي، أو طرحه منذ زمن بعيد لفكرة أن يكون للشعب الكوردي خطاب موحد وصوت واحد، وأن تلتقي قواه السياسية والثقافية تحت سقف واحد.
وهكذا مجلس حيوي ونشيط وواضح الأهداف، ومستعد للحوار مع سائر القوى الوطنية والديمقراطية، على صعيد الشعب الكوردي خاصة وعلى صعيد الشعب السوري عامة، لا يمكن حصاره وإقصاؤه وإهماله بجرة قلم ممن يجدون أنفسهم ضعفاء لا يتمكنون من تسلق المراتب والمناصب سوى عن طريق إقصاء الآخرين الأشد قدرة على العمل والإنتاج.
إن دعوة المجلس صارخة وقوية، وهي تتمثل في أن لا يتم إقصاء أي مواطن سوري عن عملية التفاعل الايجابية التي تجلب النصر لشعبنا السوري في النهاية على أعدائه من الطغاة المجرمين، والديمقراطيون أقوياء في استماعهم لبعضهم بعضاً والالتقاء ببعضهم والتحاور بين بعضهم، لا عن طريق والإقصاءات والإهمال وغمط حقوق سواهم في العمل المعارض.
ومن الضروري أن يكون للمعارضة السورية فلترات جيدة، فتطلب من كل من يساهم في أعمالها وفي مؤتمراتها ومجالسها، أن يقدم تصريحاً قانونياً خطياً مقبولاً من لجنة مختصة بذلك، يعلن فيه الحقيقة عن تعاونه أو عدم سابقاً أو حاضراً مع أي جهاز أمني سري أو علني للنظام القائم، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وفي حين ثبوت ما يخالف تصريحه ذاك، يعرض نفسه للعقوبات وفي مقدمتها الطرد من فصائل المعارضة ومجالسها وتنظيماتها جميعاً.
· النصر لقضية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا وفي العالم كله
· إقصاء الآخرين ليس طريقاً لقيادة ديمقراطية للشعب السوري
6.
September 2011