الحدث … والموقف كوردياً ؟؟

هيبت معمو

تؤكد تجارب الشعوب المتطلعة إلى الحرية عبر التاريخ إن عدم تحقيق مطالب القاع الاجتماعي وتهميشه ِوقمع رأيه في التعبير عن أحلامه ِ المكبوتة وعدم الاعتراف بالهوية الجمعية يؤدي إلى الانفجار لا محالة والى التمرد على الأطروحات البالية الانهزامية الاستسلامية وسيسعى للبحث عن منفذ آخرللتعبير عن رؤاه وبأية وسيلة ومهما كان الثمن والثورات التي عصفت بالمنطقة العربية خير دليل على ذلك
فالمطلوب إذن من المؤسسات القائمة والنخب الثقافية والشخصيات الوطنية المستقلة أن تعمل دون هوادة للوقوف أمام إفرازات  هذه المرحلة الدقيقة وبمسؤولية بعيدا عن الميول والعواطف التي تزيد الهوة بين شرائح المجتمع وتثير الشكوك والتشويش الفكري لدى الأغلبية الساحقة من الجماهير التي تدفع هي ضريبتها
من خلال متابعتي لما يكتبه ُبعض الأخوة بهذا الصدد أرى بأن هناك اختلافات كثيرة في الرؤى تعود إلى قراءة الواقع بطريقة مختلفة ومن زوايا مختلفة  
بصرف النظر عن القناعات الحزبية التي تطغى على مجمل الآراء ثمة ضبابية وتناقض واضح في المواقف من الحدث لعبت وسائل الإعلام والفضاء الافتراضي -الانترنت –  دوراُ لا يستهان به في بلورة هذه الرؤى و خلق فضاءات مشوشة  
أن المرحلة الدقيقة – والخطيرة – التي تمر بها البلاد تستدعي الوقوف عندها بجرأة لاستخلاص الدروس والعبر من ربيع الشعوب العربية التي تجاوزت  الرؤى الحزبوية  والأيديولوجية وماتمخضت عنها  هذه الثورات التي تحدت أعتى الدكتاتوريات في المنطقة
من أجل نيل حريتها وكرامتها   
وأود هنا أن أشير إلى أطروحات بعض النخب الثقافية التي كانت تمسك العصا من طرفيها  وأخرى دعت إلى فتح الأبواب على مصراعيها أمام رياح التغيير للتخلص من جميع مظاهر الاستبداد ودعت إلى الحوار والتواصل وعبر أقنية نزيهة مع جيل الشباب العنصر الأكثر أهمية في مثل هذه المرحلة
من هنا يأتي أهمية دور الأحزاب الكردية في سوريا لاتخاذ مواقف واضحة ترتكز على أسس عقلانية وتأخذ بعين الاعتبار مصلحة الجماهير وتحقق ولوجزءاً  ًيسيرا من طموحات  جيل الشباب مستفيدة من المنعطفات التي مرت بها وأبرزها انتفاضة آذار 2004
ومقتل الشيخ الشهيد محمد معشوق الخزنوي والانتكاسات التي مرت بها من أجل إزالة الغبش عن المشهد فالسلطة غير قادرة على رسم خريطة المستقبل بوضوح وفق خطط تنموية حضارية منبثقة من قوانين مدنية ودساتير عصرية تكفل حق المواطن وتصون الحريات والمعارضة تتخبط في الفراغ والأحزاب الكردية في سبات عميق ……
الأعلام الرسمي تروج للمؤامرة  على البلاد (المندسين – المخربين – السلفيين – …) من جهة- الأكذوبة التبريرية من احتمال انتشار الفوضى أو تقسيم البلاد ونشوء حرب أهلية أو….
من جهة أخرى تروج للوعود القريبة في عملية التغيير والإصلاح من أجل ذر الرماد في العيون في الوقت الذي يحاصر الجيش المدن بالدبابات والمدرعات ويطلق الرصاص على العزل ويداهم بيوت النشطاء ويهدم المآذن  فأصحاب القرار غائبون عن الواجهة ويتم التعامل مع الحدث بعقلية أمنية كما لو أننا نعيش في عالم آخر
المطلوب من الحركة الكردية اتخاذ موقف واضح يتلاءم مع الحدث  

فهل من مجيب ؟؟؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس كوردستان ليست خريطة معلقة على الجدار، ولا نشيدًا قوميًّا يُتلى في المناسبات، ولا لهجة تُنطق في وادٍ دون وادٍ آخر، كوردستان هي وحدة الوجع، وحدة الدم، وحدة الجبل الذي احتضن الثائر، ووحدة الأم التي ودّعت أبناءها في جميع جهاتها الأربع دون أن تسأل، من أي جزء أنتم؟ لكنّ المأساة الكبرى لم تكن فقط في احتلال…

جليل إبراهيم المندلاوي   في خبر عاجل، لا يختلف كثيرا عن حلقة جديدة من مسلسل تركي طويل وممل، ظهرت علينا نشرات الأخبار من طهران بنغمة هادئة ونبرة مطمئنة، تخبرنا بأن مفاوضات جديدة ستعقد بين إيران وواشنطن، هذه المرة في “أجواء بناءة وهادئة”… نعم، هادئة، وكأنها نُزهة دبلوماسية على ضفاف الخليج، يتبادل فيها الطرفان القهوة المرة والنظرات الحادة والابتسامات المشدودة. الاجتماع…

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…