المؤتمر الوطني الكوردي بين الواقع والطموح

م.رشيد

ليس الغاية من المقال نشر الغسيل(…)، ولا خلط الأوراق، ولا إثارة الفوضى والتشويش،ولا بث الوهن واليأس، ولا إذكاء العداء والتقريح،إنما لإظهار الحقائق وتبيان الغوامض وتمييز النوايا وعرض الوقائع لمن غابت عنه أو فاتته عن قصد أو غير قصد.

ولإماطة اللثام عن كنه الأمور وخفاياها نورد عدة محاور ننطلق منها لنتناول موضوعنا، وهي:
1- لا بد من التمييز بين ماهو نظري (أماني،مشاريع،أحلام،رغبات) وما هو عملي واقعي (تطبيق ،تنفيذ،تحقيق،انجاز).
2-   لا بد من الحساب الدقيق للإمكانات والمستلزمات والمقومات الذاتية،والتقييم السليم للعوامل والظروف الموضوعية.
3-  لا بد من ايجاد التوافق والتلازم والترابط بين ما هو قومي خاص ووطني عام على أسس واضحة وصحيحة في ظل مجتمع مثل السوري المتعدد الطوائف والأعراق والأديان.
4- لا بد من الربط التاريخي والجغرافي والاثني..

لمنشأ القضايا وطبيعتها وصيرورتها.
5- لا بد من التفضيل بينما هو مهم وما هو أهم،وبين ماهو خطير وما هو أخطر.
6- لا بد من توفير غطاء سياسي ورافع اقتصادي ومنظار ثقافي ومسند قانوني..لكل المحاور الآنفة ذكرها.
    قُسّم الكورد أرضاً وشعباً بموجب معاهدات واتفاقات دولية،فأصبحوا قضية أكبر أمة بلا كيان قومي خاص بهم في التاريخ المعاصر،حملت لواء النضال طلائع حركتهم التحررية في كل جزء حسب خصوصيته الوطنية وبصورة مستقلة،والتي تبلورت أشكالها ومناهجها وأساليبها كم تقتضيه ظروفها الذاتية والوطنية،والكورد في سوريا  جزء أساسي وأصيل من نسيجها الوطني والسياسي والتاريخي،وانطلاقاً من هذا المبدأ يسعون لتثبيت حقوقهم القومية والوطنية العادلة والمشروعة ضمن وحدة البلاد.


وفي ظل الأوضاع الاستثنائية الراهنة،والظروف الموضوعية المواتية،يتطلب من الكورد توحيد صفهم وخطابهم كضرورة مرحلية وأهمية استراتيجية لتثبيت حضورهم وبلوغ أهدافهم،ولهذه الغاية كثرت المحاولات وتعددت المشاريع لأجل بناء هيئة تمثيلية للكورد (مرجعية كوردية) لكن جميعها اصطدمت بعقبات ومعترضات ومعوقات عديدة ومختلفة ، حالت دون انجازها، والآن وقد مضت ستة أشهر على تاريخ انطلاق الحركات الاحتجاجية في البلاد،والداعية لتغيير النظام واسقاطه، وصلت المبادرة التي طرحتها مجموعة من المثقفين الكورد” باسم الهيئة المستقلة للحوار الكوردي- الكوردي لتأسيس مركز قرار كوردي جامع” إلى مراحلها الأخيرة (سقفها الأخير) بعد أن تبنتها مجموعة الأحزاب الكوردية الـ (11)، وقررت عقد مؤتمر وطني كوردي عام وشامل، يضم في كنفه النخب والفعاليات المستقلة إضافة إلى ممثلي التنسيقيات الشبابية إلى جانب الأحزاب السياسية الكوردية دون اقصاء أو تهميش.
ولكن يبدو أن مسيرة الإعداد واجراءات التحضير له بطيئة ومتعثرة وشاقة، والمنحني البياني لسقف الطموحات والتطلعات والأمنيات المعقودة عليه نحو الهبوط لتصل إلى الحد الأدنى، كما تطرحها الأحزاب الـ (11)، وهو عقد مؤتمر النخب السياسية (الحزبية) مع اشراك نسبة معينة من المستقلين ووفق معايير وشروط وضعتها بهذا الخصوص، وكذلك لأجل اعداد الوثائق السياسية والهيكلية والتحضيرية وتحديد أبعادها ومعالمها.
وفي هذا الصدد تعددت الآراء والمواقف والتحليلات حول كيفية وشكل وتركيبة المؤتمر المنشود،والنتائج المتوخاة منه، فكانت تتراوح بين التفاؤل و التشاؤم ،وبين النقد والتقريع،وبين التشجيع والتثبيط،وبين المدح والذم،وبين الأمل واليأس..، كل حسب درجة وعيه وثقافته وخبرته،ومستوى موقعه وتفاعله،ووفق منظاره وأجندته..
ولغاية التوضيح لا التبرير،والمساعدة لا الممانعة، والاشراك لا الاقصاء،والمهنية لا الهواية، والجدية لا الترف والتسلية..،نسرد مايلي:
–  الكورد جزء من الواقع الكوردي بآلامه وآماله،وليسوا بمعزل عما يحيط بهم من أحداث وقضايا وتحديات..(جمعية ومشتركة).
–  عانى الكورد القهر والاستبداد والفساد، التي حملتهم الكثير من التراكمات والأزمات والأمراض و..، والتي أثرت سلباً على نمط فكرهم وسلوكهم ورؤيتهم وعلاقاتهم ونشاطاتهم..
–  القضية الكوردية حساسة وهامة (وخطيرة) بالنسبة للعالم عامة وأنظمة الدول الاقليمية المقتسمة لكوردستان خاصة،ولا بد من أن تخضع لمعادلات وتوازنات ومساومات..

من منظارالمصالح والأمن القومي لها.
–  الأحزاب الكوردية كثيرة العدد خارج نطاق المنطق والمعقول، وتعاني (معظمها) من الترهل والوهن سياسياً وفكرياً وتنظيمياً،وتحمل ارثاً ثقيلاً من الصراعات والحزازيات والخلافات والأنانيات الحزبية والشخصية،وترتبط بعلاقات وتحالفات كوردستانية وأخرى محلية غير متكافئة،تضبط نشاطها وتكبح حراكها وتفرض عليها أجندتها.
–  أما المستقلون فمعظمهم خارجون من رحم هذه الأحزاب ويدورون في أفلاكها،ويحملون مورثاتها ومعاناتها،وبالتالي تعتبر نماذج مصغرة منها في ذهنيتهم وطبيعتهم وممارساتهم.
–  والتنسيقيات الشبابية والتي أوجدتها الحركات الاحتجاجية والمظاهرات في الشارع الكوردي،فلا تختلف كثيراً عن نمط وطبيعة باقي الفعاليات بسبب منبتها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي..المشترك، ومحيطها الضاغط من الحزبيين والمستقلين المتمرسين، وظروفها الأمنية الصعبة والمعقدة التي تعرضها للابتزاز والاستفزاز والاستغلال، أو الانغلاق أو التشرزم والتشظي على غرار الحزبيين والمستقلين،وهذا ما يسهل مهمة الاستفراد بها واخرجها من الحسابات السياسية المستقبلية.
–  هناك من الأطراف الحزبية والمستقلة من داخل الوطن وخارجه  مجندون لصالح جهات اقليمية و دولية وأخرى محلية،تعمل بدراية وتصميم لتحديد وجهة القضايا ومنحى الأحداث وفق مسارات خاصة من خلال تعبئة الشارع الكوردي وتجييشه أعلامياً وسياسياً..،عبر قنوات اجتماعية ومؤسسات اقتصادية وشخصيات دينية… ، التي تتقاطع مصالحها الشخصية مع تلك الجهات المشبوهة والمغرضة والمبهمة والمجهولة في غاياتها وتوجهاتها..
وبناء على ما سبق ذكرها وغيرها من الأسباب والعوامل نرى أنه من حقنا كأفراد وجماعات الاحتفاظ بآرائنا ومبادئنا وأحلامنا ورغباتنا والنضال من أجل تحقيقها، ولكن المصلحة العامة دائماً هي التي تفرض علينا التنازل عن جزء من شروطنا واستحقاقاتنا لغاية التوافق والمسايرة،والرضوخ للواقع الراهن من المعطيات والمتغيرات،وتحكم علينا الاعتراف بما هو معقول وممكن (خارج اطار قناعاتنا)، والالتزام به وفق المثل القائل:”العين الرمداء خير من العمياء”،وعلى مبدأ سياسة الخطوة خطوة والممكن تحقيقه مرحلياً،مع عدم التخلي عن الثوابت والأسس، وتأجيلها إلى حين توفرالظروف ونضوجها وتأهل الذات إلى مستواها.
وحرصاً منا للحفاظ على ما تم انجازه من تضافر للجهود وتنسيق للمواقف وتوحيد للمواقع،ولعدم فسح المجال للمتربصين والمتسلقين والانتهازيين من تفتيت الصف الكوردي واضعافه،وبالتالي اخراجه من موقعه المناسب والمطلوب والمفترض على الساحة الوطنية،نقترح مايلي:
·  دعم ومؤازرة الأحزاب الكوردية وتشجيعها لانجاز المبادرة بشكلها الممكن والمستطاع على أساس الشمول وعدم الاستثناء،وتقديم المشورة والمقترحات والتوصيات في قالبها النقدي الجاد والمحفّز،لإنجاز المرجو والمنشود، ألا وهو تشكيل هيئة تمثيلية كوردية منتخبة تحت سقف مؤتمر وطني كوردي يتمثل فيه أكبر نسبة ممكنة من الشرائح والفئات الفعالة من المجتمع الكوردي،وتعمل في ظل مشروع سياسي كوردي(وطني – قومي) موحد، يؤسس للمستقبل لينال الكورد حقوقهم القومية والوطنية كاملة،وويثبتونها دستورياً كثاني قومية في البلاد في ظل نظام ديموقراطي مدني تعددي يسوده العدل والحرية والمساواة.
·  رفض واستهجان كل المحاولات الرامية لخلق خطوط موازية أو بديلة أو معارضة أو مخربة للمبادرة المشار إليها.
·  تعرية ومحاربة كل الأسماء والعناوين التي تسعى إلى إجهاض المبادرة أو تشويهها أو إفراغها من مضمونها أو إخراجها عن مسارها المرسوم لها، مهما كانت الدوافع والمبررات.
—————–  انتهت  —————–

30/08/2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…