إبراهيم محمود
يمثل السيد صلاح بدرالدين” تولد 1945″ النموذج الصارخ للسياسي الكردي الانتهازي والزئبقي إلى جانب سيل عرمرم من كتاباته التي تترجم واقع حاله “وهو في هناءة حال وراحة بال”، إذ يقيم منذ قرابة عقدين من الزمن في محمية هوليرية، يتأمل تاريخاً شديد الذرائعية، وينظّر بطريقة سافرة، ولا يتردد في إثارة مسائل جمة، يجد لها مخارج بطريقة تلفت نظر المطَّلع على تاريخ انشغالاته الحزبية وعلاقاته بوسطه الكردي والعربي وسواهما.
ما أكتبه يتركز على الشخصية الحزبية والسياسية المتقلبة بين جنبيّ بدر الدين، والمشهد التلفيقي في كتاباته، عندما يصدر أحكامه أو يقوّم هذا الطرف أو هذا الشخص دون مساءلة عن حقيقة المتكلم فيه وفحواها.
ما أكتبه يتركز على الشخصية الحزبية والسياسية المتقلبة بين جنبيّ بدر الدين، والمشهد التلفيقي في كتاباته، عندما يصدر أحكامه أو يقوّم هذا الطرف أو هذا الشخص دون مساءلة عن حقيقة المتكلم فيه وفحواها.
إن ما حفّزني على الكتابة في هذا المضمار، هو تتبُّعي لنوعية كتابات بدرالدين وآفاقها السديمية، دون أدنى تقدير لذاكرة قارئه أو مراعاة لكاتبه وحدود تصوراته ذات العلامة الفارقة في ابتذالها بمعناها السياسي المريع.
لعل الذي قرأته فيما كتبَه، وبوصفه تعقيباً على “رسالة نارين متيني” في موقع ولاتي مه، بتاريخ 30-8/2011، وهي رسالة عُنونت بـ”رسالة مفتوحة تحت المجهر، ولاتي مه، بتاريخ 28-8/2011″ وهي ذات طابع وجداني إنشائي معاً، تتوجه بانتقادها إلى الذين فقدوا رشدهم، وإمكان التكيف مع تحديات الراهن، وما يتطلبه الراهن من تنوير عقلي وتماسك نفسي، وليس استرسالاً في الاستجرار العاطفي ، وهو ما تميزت بها رسالتها تماماً في طابعها الانفجاري العاطفي لا المنطقي، التعميمي وليس الحواري الدقيق، ربما، تعبيراً عن انجراحات ذاتٍ منهمَّة بواقعها ومجتمعها وثقافتها والمعنيين بها، بعكس ما توقف عنده بدرالدين نفسه، وهو يظهر سخاءه الوجداني الخاص والمديح المجانب للصوانب، وهو بذلك يصل بفرط مديح إلى سدرة منتهى المجاملة وزيف الدعوى.إنها شعرة معاوية التي بترها، فكان ما كان في هذا المعزّز على كتابة هذا المقال، وخصوصاً حين نقرأ في نهاية اللامقال العائد إليه وبصدد تعقيبه المزري (ليس في الرسالة بكل صراحتها وصرامتها مايخالف مبادىء الحوار الديموقراطي والنقد وهي أولا وأخيرا دعوة صادقة قد تجد آذانا صاغية وأحد أصوات النصف الأعز والأقدس من مجتمعنا يدعو للمراجعة واعادة قراءة الأحداث ومجرياتها وعبرها ودروسها نابعة من تلظي ومعاناة شعبنا وحركتنا القومية – الوطنية وفردنا الكردي من آثار وفعل المواقف الخاطئة والممارسات المؤذية التي لاتخطؤها العين في كل زاوية وموقع وحتى لانترك أي مجال – للتملص – أقول كلنا وأنا اولهم مسؤولون عن هذه التركة الثقيلة ومعنييون في الوقت ذاته بازالتها وتصفيتها وتجاوزها بكل ما أوتينا من قوة وارادة وعند ذلك يمكن أن نقول لشبابنا من البنات والأبناء والأحفاد : لقد أنجزنا المهمة وأدينا الأمانة وجاء دوركم ونحن من ورائكم وفي خدمتكم (.
.ذلك مقبوس طويل نسبياً، إزاء قِصَر مكتوبه، ولكنني أوردته بغية التوقف عنده لما فيه من تسطيح للمعنى وتزكية لذات المتكلم” هو نفسه” بصفته الشاهد الحي على عصر مضطرب، وأنه بتركته السياسية الجديرة بالمدح بالمقابل، تسمح له بما ذهب إليه، مصدقاً فيما شدد عليه، وبالتالي ليكون- على الأقل- أهلاً لأن يحتذى به، كغيره، دونما نظر في التاريخ الزكزاكي الفظيع لمسلكه!إن جانب الإستثارة فيما يتحدث فيه أو عنه بدرالدين، هو ما يعتبره لسان حال واقع، دون مكاشفة الأرضية الاجتماعية والذاتية والتاريخية له، وهو ما خاضه في (ظاهرة اسمها: سيامند ابراهيم، ولاتي مه، بتاريخ 19-8/2011)، وما كتبه في (لك المجد يا شيخ الشهداء، الحوار المتمدن، بتاريخ 7-6/2010)، وما أطلقه من عنان لتصوراته الثورجية في (نداء صلاح بدرالدين إلى الشعب الكردي السوري، عين كاوا، بتاريخ 31 – 3/2011)، وكذلك (نداء من صلاح بدر الدين إلى شعبنا الكردي السوري العظيم، عامودا- نيت، بتاريخ 4-6/2011)…الخ، وهي كتابات لا تخفي البعد الشخصي في ذات الكاتب عندما يسهل عقد مقارنة بين خلفية الكتابات هذه، وصلة كتاباته بالذين من حوله .يعني ذلك أن ما أحاول الكتابة فيه، ليس التركيز على الذين تناولهم بكتاباته، وإنما ما أثاره هو، وإلى أي مدى حد تصل بنا هذه الكتابات من خلاله بعيداً عن توجيه أي نقد لمن صاروا موضوعات له.
إن جوهر الموضوع ينطلق من جوهر الكلام، وكيف أن أي كلام لا يدع متكلمه دون مساءلة عن تاريخ يعنيه أو يسمّّيه على صعيد المصداقية، ولائحة التحولات اللافتة والفظيعة في حياته.إن النظر في هذا السرد السيري الذاتي، بدءاً من انتسابه إلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا1965، وتعيينه السكرتير الأول لحزب البارتي الديمقراطي الكوردي اليساري في سوريا1968، وأميناً عاماً لحزب الاتحاد الشعبي 1975، وهي تحولات لا يمكن تجاهل أبعادها الذاتية أو الدلالية وفي عقد من الزمن، ثم تنقلاته بين بيروت وأوربا وعلاقته بأطراف سياسية وحزبية لبنانية وفلسطينية وبنظام صدام حسن حتى سنة 1990، وموقفه التشنجي من الحركة الكردية، وأحكامه المتعلقة بالاتجاه اليميني فيها، ونقده الشديد لها في موضوعات مختلفة له، مع مديح لافت لذاته وانتمائه الثقافي، كما في كتبه المختلفة (الأكراد شعباً وقضية-1987، ص87- موضوعات كردية-1989، ص116-126- القضية الكردية والنظام العالمي الجديد-1993، ص182-309- الحركة القومية الكردية في سوريا” رؤية نقدية من الداخل”2003، ص33-125-126…الخ).
وبصدد الكتاب الأخير هنا، فإن الذي يلفت النظر هو اعتباره نوعاً من التصفية المكيافيلية الكردية لتاريخ كامل سواء فيما يتعلق بموقعه الحزبي أو مع رفاق الحزب، والشح المعلوماتي عن الذين كان لهم دور في الحزب أو وضعية مأسوية: لم يكتب سوى أقل من ثلاثة أسطر عن الراحل نورالدين ظاظا”ص33″، بينما كان سخياً أكثر في حديثه عن الراحل أوصمان صبري أو جكرخوين، ودون أن ينسى الإشارة إلى تورط الأخير واستدراجه من قبل عبدالحميد درويش في علاقته مع نظام صدام حسين”ص 126″، مقابل إفراطه في الحديث عن سيرته الذاتية ومدى إعجابه بالراحل البارزاني دون أي مساءلة عن علاقته السلبية به قبل تسعينيات القرن المنصرم، واتهامه بالعمالةوالخيانة، كما هو معروف، كما لو أن الذين يقرؤون التاريخ أو يتصفحونه يعتمدون طريقته في لي عنق الحقيقة، وتمرير عبارات منمقة دبقة- طبعاً- وبنوع من الاستهتار بمقابله (ينظَر مثلاً، نص الحوار معه، من قبل علي الحاج حسين” بمنتهى الصراحة مع الكاتب والسياسي الكردي صلاح بدر الدين” عفرين.
كوم،16-1/2007).
وعندما أتحدث عمن أشار إليهم في (الحركة القومية الكردية…)، فإنني أشير إلى من كتب عنهم حديثاً، وكيف أن بدر الدين لا يسجل كلمة واحدة، إلا لأنه يقدر ما هو منفعي أو دعاوي بالنسبة إليه.بقدر ما أنه ينسى أو يتناسى جانب التاريخ وتجاوزه لكل السياجات التي تحصره في الداخل، على صعيد التحولات الكارثية في مسلكه السياسي والكتابي حتى اللحظة، أي إلى ما بعد مؤتمر انطاليا، كما هو الممكن النظر فيه في كتابات الذين تعرضوا له في تصفحهم لسجله الشخصي أعني لطريقة تعامله مع الآخرين، كما الحال فيما أثاره، ومن ذلك:هوشنك بروكا: خرافة صلاح بدرالدين، الحوار المتمدن، بتاريخ7-9/2010.هوشنك بروكا:في هرطقة معلم البارزانيزم مرة أخرى، كاني سور كوم…فرماز غريبو: عن بدرالدين وغزوة الإيزيدية السياسية، بهزاني كوم، بتاريخ7-9/2010.علي رشيد: مؤتمر المعارضة السورية في انطاليا، نشرة سوبارو، بتاريخ 7حزيران/2011.شيرزاد عادل اليزيدي: عن نكتة اسمها صلاح بدرالدين، السياسة كوم، بتاريخ 6-8/2011…الخ.طبعاً، يمكن المضي أكثر مع كتابات تتعرض لسيرة حياتية: حزبية وكتابية ومسلكية تخص السيد صلاح بدرالدين، وكيف أنه حتى الآن يتصرف بالطريقة التي توحي إلى الآخرين أنه يمتلك القوة والمقدرة في تقويم سواه، سواء في المديح الفارط – المفرط لهذا أو ذاك، أو ذم آخرين، أو اللعب بالضمائر والارتحالات بين أمكنة وشخصيات تنتمي إلى مواقع سياسية وعقائدية متنوعة، دونما مساءلة عن النتيجة الكارثية المترتبة على سلسلة انتقالاته، وما في ذلك من شطارة” فهلوة” لا تستر عورتها السياسية ومخاتلتها المباشرة، وفي الوقت ذاته فإن تصرفاً كهذا يبقينا في مواجهة ما يخيف ويبعث على الاشمئزاز وهو وجود من يقتدي به أو لا يجد غضاضة من متابعة أثره هنا أو هناك، أو النظر إليه باعتباره رجل سياسة وكتابة حقاً، كما لو أن زئبقيات الرجل وانتهازياته القاتلة ترتع في وسط كبير، وثمة من ينتعش بها في داخله، على الصعيد النفسي، بقدر ما يتلمس في هذه اللائحة من الزئبقيات من شجاعة وتماسك نفس ومرونة في التصرف، لتكون النسخة الكردية المعتمدة هنا في أكثر حالاتها دونية واهتراء، ولأن ثمة مكانة يتسنمها رجل الثقافة المذكور في الظل العالي لرجل لا بد أنه يعلم بتاريخ الرجل جيداً، هو شخص السيد مسعود البارزاني: ما كان عليه بداية، وما هو عليه راهناً، كما لو أنه يعترف في قرارة نفسه، أن من المستحيل التنكر لوجود أشخاص على الشاكلة هذه، وهو ما يخيف كل حريص على مصير شعب وثقافة شعب أقوم.هذا يصلنا بما قاله الإيطالي مكيافللي، صاحب كتاب (الأمير- الترجمة العربية، بيروت،ط11/1981)، بخصوص الأمير وصفاته، وكيف يكون في مقدوره الاستمرار قوياً مرهوب الجانب معاً (وعلى الأمير الذي يجد نفسه مرغماً على تعلم طريقة عمل الحيوان، أن يقلد الثعلب والأسد معاً، إذ إن الأسد لا يستطيع حماية نفسه من الأشراك، والثعلب لا يتمكن من الدفاع عن نفسه أمام الذئاب.
ولذا يتحتم عليه أن يكون ثعلباً ليميز الفخاخ وأسداً ليرهب الذئاب.
ص148).بالنسبة لمسلك السيد صلاح بدر الدين وفيما عرِف به حتى الآن، هو أنه يجد نفسه في ظل أسد يستقوى به، معتمداً سياسة الثعلب، دون أن يمد ببصره فيما هو عليه، حيث إن ظل الأسد يتجاوز ظل الثعلب الذي يعتقده ظله، وكون بدر الدين في كل صولاته وجولاته، لا زال مأخوذاً بلعبة الثعلب، ولكن الأسد ليس في وسعه دائماً لفت الأنظار إلى أن الذي يحدث لا يعنيه وإن كان يؤثر عليه، إذ يستحيل الربط، كما يجب بين موقعي كل منهما، لأن ما يشغل الأسد لا يستطيع الثعلب التفكير فيه: بعد نظر أو تعاملاً مع الوسط، أما ساكن الجحور فهو وحده من تأخذه فتنة حركة الأسد، والسعي إلى التصرف كما لو أنه أسد في صولاته أو عرينه، وهي مفارقة مضحكة ومثيرة للسخرية.
لعل الذي قرأته فيما كتبَه، وبوصفه تعقيباً على “رسالة نارين متيني” في موقع ولاتي مه، بتاريخ 30-8/2011، وهي رسالة عُنونت بـ”رسالة مفتوحة تحت المجهر، ولاتي مه، بتاريخ 28-8/2011″ وهي ذات طابع وجداني إنشائي معاً، تتوجه بانتقادها إلى الذين فقدوا رشدهم، وإمكان التكيف مع تحديات الراهن، وما يتطلبه الراهن من تنوير عقلي وتماسك نفسي، وليس استرسالاً في الاستجرار العاطفي ، وهو ما تميزت بها رسالتها تماماً في طابعها الانفجاري العاطفي لا المنطقي، التعميمي وليس الحواري الدقيق، ربما، تعبيراً عن انجراحات ذاتٍ منهمَّة بواقعها ومجتمعها وثقافتها والمعنيين بها، بعكس ما توقف عنده بدرالدين نفسه، وهو يظهر سخاءه الوجداني الخاص والمديح المجانب للصوانب، وهو بذلك يصل بفرط مديح إلى سدرة منتهى المجاملة وزيف الدعوى.إنها شعرة معاوية التي بترها، فكان ما كان في هذا المعزّز على كتابة هذا المقال، وخصوصاً حين نقرأ في نهاية اللامقال العائد إليه وبصدد تعقيبه المزري (ليس في الرسالة بكل صراحتها وصرامتها مايخالف مبادىء الحوار الديموقراطي والنقد وهي أولا وأخيرا دعوة صادقة قد تجد آذانا صاغية وأحد أصوات النصف الأعز والأقدس من مجتمعنا يدعو للمراجعة واعادة قراءة الأحداث ومجرياتها وعبرها ودروسها نابعة من تلظي ومعاناة شعبنا وحركتنا القومية – الوطنية وفردنا الكردي من آثار وفعل المواقف الخاطئة والممارسات المؤذية التي لاتخطؤها العين في كل زاوية وموقع وحتى لانترك أي مجال – للتملص – أقول كلنا وأنا اولهم مسؤولون عن هذه التركة الثقيلة ومعنييون في الوقت ذاته بازالتها وتصفيتها وتجاوزها بكل ما أوتينا من قوة وارادة وعند ذلك يمكن أن نقول لشبابنا من البنات والأبناء والأحفاد : لقد أنجزنا المهمة وأدينا الأمانة وجاء دوركم ونحن من ورائكم وفي خدمتكم (.
.ذلك مقبوس طويل نسبياً، إزاء قِصَر مكتوبه، ولكنني أوردته بغية التوقف عنده لما فيه من تسطيح للمعنى وتزكية لذات المتكلم” هو نفسه” بصفته الشاهد الحي على عصر مضطرب، وأنه بتركته السياسية الجديرة بالمدح بالمقابل، تسمح له بما ذهب إليه، مصدقاً فيما شدد عليه، وبالتالي ليكون- على الأقل- أهلاً لأن يحتذى به، كغيره، دونما نظر في التاريخ الزكزاكي الفظيع لمسلكه!إن جانب الإستثارة فيما يتحدث فيه أو عنه بدرالدين، هو ما يعتبره لسان حال واقع، دون مكاشفة الأرضية الاجتماعية والذاتية والتاريخية له، وهو ما خاضه في (ظاهرة اسمها: سيامند ابراهيم، ولاتي مه، بتاريخ 19-8/2011)، وما كتبه في (لك المجد يا شيخ الشهداء، الحوار المتمدن، بتاريخ 7-6/2010)، وما أطلقه من عنان لتصوراته الثورجية في (نداء صلاح بدرالدين إلى الشعب الكردي السوري، عين كاوا، بتاريخ 31 – 3/2011)، وكذلك (نداء من صلاح بدر الدين إلى شعبنا الكردي السوري العظيم، عامودا- نيت، بتاريخ 4-6/2011)…الخ، وهي كتابات لا تخفي البعد الشخصي في ذات الكاتب عندما يسهل عقد مقارنة بين خلفية الكتابات هذه، وصلة كتاباته بالذين من حوله .يعني ذلك أن ما أحاول الكتابة فيه، ليس التركيز على الذين تناولهم بكتاباته، وإنما ما أثاره هو، وإلى أي مدى حد تصل بنا هذه الكتابات من خلاله بعيداً عن توجيه أي نقد لمن صاروا موضوعات له.
إن جوهر الموضوع ينطلق من جوهر الكلام، وكيف أن أي كلام لا يدع متكلمه دون مساءلة عن تاريخ يعنيه أو يسمّّيه على صعيد المصداقية، ولائحة التحولات اللافتة والفظيعة في حياته.إن النظر في هذا السرد السيري الذاتي، بدءاً من انتسابه إلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا1965، وتعيينه السكرتير الأول لحزب البارتي الديمقراطي الكوردي اليساري في سوريا1968، وأميناً عاماً لحزب الاتحاد الشعبي 1975، وهي تحولات لا يمكن تجاهل أبعادها الذاتية أو الدلالية وفي عقد من الزمن، ثم تنقلاته بين بيروت وأوربا وعلاقته بأطراف سياسية وحزبية لبنانية وفلسطينية وبنظام صدام حسن حتى سنة 1990، وموقفه التشنجي من الحركة الكردية، وأحكامه المتعلقة بالاتجاه اليميني فيها، ونقده الشديد لها في موضوعات مختلفة له، مع مديح لافت لذاته وانتمائه الثقافي، كما في كتبه المختلفة (الأكراد شعباً وقضية-1987، ص87- موضوعات كردية-1989، ص116-126- القضية الكردية والنظام العالمي الجديد-1993، ص182-309- الحركة القومية الكردية في سوريا” رؤية نقدية من الداخل”2003، ص33-125-126…الخ).
وبصدد الكتاب الأخير هنا، فإن الذي يلفت النظر هو اعتباره نوعاً من التصفية المكيافيلية الكردية لتاريخ كامل سواء فيما يتعلق بموقعه الحزبي أو مع رفاق الحزب، والشح المعلوماتي عن الذين كان لهم دور في الحزب أو وضعية مأسوية: لم يكتب سوى أقل من ثلاثة أسطر عن الراحل نورالدين ظاظا”ص33″، بينما كان سخياً أكثر في حديثه عن الراحل أوصمان صبري أو جكرخوين، ودون أن ينسى الإشارة إلى تورط الأخير واستدراجه من قبل عبدالحميد درويش في علاقته مع نظام صدام حسين”ص 126″، مقابل إفراطه في الحديث عن سيرته الذاتية ومدى إعجابه بالراحل البارزاني دون أي مساءلة عن علاقته السلبية به قبل تسعينيات القرن المنصرم، واتهامه بالعمالةوالخيانة، كما هو معروف، كما لو أن الذين يقرؤون التاريخ أو يتصفحونه يعتمدون طريقته في لي عنق الحقيقة، وتمرير عبارات منمقة دبقة- طبعاً- وبنوع من الاستهتار بمقابله (ينظَر مثلاً، نص الحوار معه، من قبل علي الحاج حسين” بمنتهى الصراحة مع الكاتب والسياسي الكردي صلاح بدر الدين” عفرين.
كوم،16-1/2007).
وعندما أتحدث عمن أشار إليهم في (الحركة القومية الكردية…)، فإنني أشير إلى من كتب عنهم حديثاً، وكيف أن بدر الدين لا يسجل كلمة واحدة، إلا لأنه يقدر ما هو منفعي أو دعاوي بالنسبة إليه.بقدر ما أنه ينسى أو يتناسى جانب التاريخ وتجاوزه لكل السياجات التي تحصره في الداخل، على صعيد التحولات الكارثية في مسلكه السياسي والكتابي حتى اللحظة، أي إلى ما بعد مؤتمر انطاليا، كما هو الممكن النظر فيه في كتابات الذين تعرضوا له في تصفحهم لسجله الشخصي أعني لطريقة تعامله مع الآخرين، كما الحال فيما أثاره، ومن ذلك:هوشنك بروكا: خرافة صلاح بدرالدين، الحوار المتمدن، بتاريخ7-9/2010.هوشنك بروكا:في هرطقة معلم البارزانيزم مرة أخرى، كاني سور كوم…فرماز غريبو: عن بدرالدين وغزوة الإيزيدية السياسية، بهزاني كوم، بتاريخ7-9/2010.علي رشيد: مؤتمر المعارضة السورية في انطاليا، نشرة سوبارو، بتاريخ 7حزيران/2011.شيرزاد عادل اليزيدي: عن نكتة اسمها صلاح بدرالدين، السياسة كوم، بتاريخ 6-8/2011…الخ.طبعاً، يمكن المضي أكثر مع كتابات تتعرض لسيرة حياتية: حزبية وكتابية ومسلكية تخص السيد صلاح بدرالدين، وكيف أنه حتى الآن يتصرف بالطريقة التي توحي إلى الآخرين أنه يمتلك القوة والمقدرة في تقويم سواه، سواء في المديح الفارط – المفرط لهذا أو ذاك، أو ذم آخرين، أو اللعب بالضمائر والارتحالات بين أمكنة وشخصيات تنتمي إلى مواقع سياسية وعقائدية متنوعة، دونما مساءلة عن النتيجة الكارثية المترتبة على سلسلة انتقالاته، وما في ذلك من شطارة” فهلوة” لا تستر عورتها السياسية ومخاتلتها المباشرة، وفي الوقت ذاته فإن تصرفاً كهذا يبقينا في مواجهة ما يخيف ويبعث على الاشمئزاز وهو وجود من يقتدي به أو لا يجد غضاضة من متابعة أثره هنا أو هناك، أو النظر إليه باعتباره رجل سياسة وكتابة حقاً، كما لو أن زئبقيات الرجل وانتهازياته القاتلة ترتع في وسط كبير، وثمة من ينتعش بها في داخله، على الصعيد النفسي، بقدر ما يتلمس في هذه اللائحة من الزئبقيات من شجاعة وتماسك نفس ومرونة في التصرف، لتكون النسخة الكردية المعتمدة هنا في أكثر حالاتها دونية واهتراء، ولأن ثمة مكانة يتسنمها رجل الثقافة المذكور في الظل العالي لرجل لا بد أنه يعلم بتاريخ الرجل جيداً، هو شخص السيد مسعود البارزاني: ما كان عليه بداية، وما هو عليه راهناً، كما لو أنه يعترف في قرارة نفسه، أن من المستحيل التنكر لوجود أشخاص على الشاكلة هذه، وهو ما يخيف كل حريص على مصير شعب وثقافة شعب أقوم.هذا يصلنا بما قاله الإيطالي مكيافللي، صاحب كتاب (الأمير- الترجمة العربية، بيروت،ط11/1981)، بخصوص الأمير وصفاته، وكيف يكون في مقدوره الاستمرار قوياً مرهوب الجانب معاً (وعلى الأمير الذي يجد نفسه مرغماً على تعلم طريقة عمل الحيوان، أن يقلد الثعلب والأسد معاً، إذ إن الأسد لا يستطيع حماية نفسه من الأشراك، والثعلب لا يتمكن من الدفاع عن نفسه أمام الذئاب.
ولذا يتحتم عليه أن يكون ثعلباً ليميز الفخاخ وأسداً ليرهب الذئاب.
ص148).بالنسبة لمسلك السيد صلاح بدر الدين وفيما عرِف به حتى الآن، هو أنه يجد نفسه في ظل أسد يستقوى به، معتمداً سياسة الثعلب، دون أن يمد ببصره فيما هو عليه، حيث إن ظل الأسد يتجاوز ظل الثعلب الذي يعتقده ظله، وكون بدر الدين في كل صولاته وجولاته، لا زال مأخوذاً بلعبة الثعلب، ولكن الأسد ليس في وسعه دائماً لفت الأنظار إلى أن الذي يحدث لا يعنيه وإن كان يؤثر عليه، إذ يستحيل الربط، كما يجب بين موقعي كل منهما، لأن ما يشغل الأسد لا يستطيع الثعلب التفكير فيه: بعد نظر أو تعاملاً مع الوسط، أما ساكن الجحور فهو وحده من تأخذه فتنة حركة الأسد، والسعي إلى التصرف كما لو أنه أسد في صولاته أو عرينه، وهي مفارقة مضحكة ومثيرة للسخرية.
———–
ملاحظة: لم أنتظر يوماً حديثاً أو نصاً مكتوباً للسيد صلاح بدالردين، وهو يسمّيني أو يعنيني من باب مديح ما، بالنسبة لسوء السيرة الذاتية التي لا تقتصر على ما هو شخصي فيه.
إن كلمة مديح واحدة بالنسبة لي تكون بمثابة ذم جرَّاء المثار عنه، وبالتالي فإن أي رد محتمل منه على ما كتبت أو نوهت عنه، سيكون في منتهى العادية جداً، إذا خلا من أي ثناء أو تقدير ما، انطلاقاً مما أشرت إليه، أما أن يلجأ أحد صبيانه أو غلمانه أو أحد واويته كما هو المعهود فيه وفيمن يتحلقون حوله، بردٍّ ما، فسوف أعتبر ذلك تأكيداً جازماً على سياسة الثعلب وسط بنات آوى، وهو المنظور إليه أسداً، انطلاقاً من جملة امتيازات معطاة له في تلك المحمية الموبوءة المثقلة بظله أكثر من غيره!
إن كلمة مديح واحدة بالنسبة لي تكون بمثابة ذم جرَّاء المثار عنه، وبالتالي فإن أي رد محتمل منه على ما كتبت أو نوهت عنه، سيكون في منتهى العادية جداً، إذا خلا من أي ثناء أو تقدير ما، انطلاقاً مما أشرت إليه، أما أن يلجأ أحد صبيانه أو غلمانه أو أحد واويته كما هو المعهود فيه وفيمن يتحلقون حوله، بردٍّ ما، فسوف أعتبر ذلك تأكيداً جازماً على سياسة الثعلب وسط بنات آوى، وهو المنظور إليه أسداً، انطلاقاً من جملة امتيازات معطاة له في تلك المحمية الموبوءة المثقلة بظله أكثر من غيره!