سورية تحترق أرضاً وشعباً بيد نظام دولة الممانعة

أبو جوزو

نعم على مسمع ومرأى الشعوب العربية ودول العالم سورية تحترق أرضاً وشعباً ، ذلك الشعب المعروف بوعيه وتنوعهِ الفسيفساءِ ، وتلاحم مكوناتهِ ومحبته للسلام  لكن  مصيبته هي إنه  أبتلي ومنذ أ كثر  من أربعين عاماً بنظامٍ شوفينيٍ استبدادي  وقمعي  أقتبس  إيديولوجيته ونهجه ومفاهيمه أللإنسانية من دكتاتورياتٍ جلبت للعالم حروب وكوارث أمثال هتلر وستالين ولا تزال هذه الشعوب تعاني من أثارها لا بل امتدت إلى أكثرية شعوب منطقة الشرق الأوسط حيث تعيش تحت وطأة الجهل والقهر والفقر من جراء تربع وتسلط أنظمة دكتاتورية أوجدتها ودعمتها السلطات السوفيتية في حينها
 فالدكتاتور صدام حسين الذي أباد الشعب الكردي في شمال العراق والشيعة في الجنوب وفتح جبهات مع دول المجاورة وكلها بالأسلحة الروسية التي كانت تتدفق إلى بغداد مقابل أموال الشعب العراقي الذي كان يُقتَل واليوم تتدفق الأسلحة ذاتها إلى ليبيا وباستمرار لحماية الدكتاتور معمر القذافي  ليقتل بها الشعب الليبي الذي يدرك جيداً إن وقوف النظام الروسي في مجلس الأمن إلى جانب القذافي ليس لحل المشكلة سلمياً وإنما لبقائهِ في السلطة ليستمر في إبادة شعبه مقابل المزيد من بيع الأسلحة التي تتدفق إلى طرابلس وبأموال الشعب الليبي فالمعادلة أصبحت واضحة وهي إن وقوف الروس وتحديه المجتمع الدولي في مجلس الأمن لإنقاذ هكذا أنظمة كالنظام السوري أيضاً وحمايته من أي قرار يتخذه هذا المجلس بحق النظام ليستمر في إبادة الشعب السوري .

لذا بات معروفاُ لكلِ متتبعٍ للأحداث إن النظام الروسي يرى في قتل وإبادة الشعبين الليبي والسوري أمراً طبيعياً طالما يصب في مصلحته كما أن دعم النظام الروسي الجناح الإرهابي في السلطة الإيرانية في مجال الطاقة النووية يتناقض مع مبادئ القوانين الدولية للسلم العالمي وحقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وسوف ينعكس هذا الدعم سلباً على الشعب الروسي ، وهذا لا يقبله الضمير العالمي ، وموقفٌ لا يمكن للشعب العربي أن ينساه ،وهو إنه إبان حرب تشرين كاد أن ينتصر العرب لولا الأصوات التي تعالت في الكريملن بإيقاف إرسال الأسلحة إلى الدول العربية ، ولو فترة حتى لا يكون هناك غالب ، ومغلوب وبالتالي لا تهدأ المنطقة وتبقى الأزمة قائمة ليتم إرسال الأسلحة من جديد هذه المعطيات تؤكد على إن النظام الروسي يفضل بيع سفينة من الأسلحة على قتل حمولة سفن من البشر في هذه المنطقة وصدقَ ما قيل في حينها أيام دعم الإتحاد السوفيتي للدكتاتور صدام في إبادتهِ للشعب الكري في كردستان العراق حيث قال الزعيم الكردي المرحوم مصطفى البرزاني للوزير غروميكو: (انتم تبيعون براميل من الأخلاق ببرميل من النفط) هذه الكلمات لا تصدر إلا من ألسنة الحكماء لأنها كانت موجهة لأقوى دولة في العالم التي انهارت لعدم مصداقيتها مع ذاتها ومع غيرها و ستنهار أكثرية حلفائها الدكتاتوريين ، والأحداث الجارية في المنطقة خير شاهدٍ على ذلك .
فالشعب السوري الجدير بالدفاع عنه وحمايته كان يأمل أن تصدر من الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية مواقف جريئة وواضحة دفاعاً عن حقوق الإنسان والعدالة والثورة السورية السلمية ووضع حد للنظام الذي يقتل شعبه ظلماً وعدواناً ومن المجحف أن يلام الشعب عندما ينتابه الشَّك بان هناك صفقات مع هذا النظام للاستمرار في إبادة الشعب كي تحترق سورية وتضعف وتتراجع إلى الوراء خمسين عاماً أو أكثر وليس غريباً أن يكون إحداها لضمان أمن واستقرار إسرائيل وكي لا يصاب حتى بصداع  من جراء ما يحدث فإبادة شعب لضمان أمن واستقرار شعب أخر جريمة بحق الإنسانية ولا تقبله العدالة الاجتماعية ولجان حقوق الإنسان والمجتمع المدني ومبادئ الديمقراطية الحقيقة وإلا لماذا الغموض في الموقف والتباطؤ لا بل الخوف من قيام نظام ديمقراطي برلماني تعددي في سوريا لتنعم مكوناتها الأساسية بالعدالة والمساواة والمواطنة والديمقراطية ، لذّا من مصلحة المجتمع الدولي الحفاظ على القيم الإنسانية والوقوف إلى جانب الشعب السوري الأعزل والذي يطلب وباستمرار الاستغاثة وخاصةً من الدول المجاورة لحماية ثورتهِ السلمية لكن جاءت الردود مخيّبة فالسيد أردوغان الذي كان الشعب السوري يكنُّ له الاحترام  قد أزعج هذا الشعب بمواقفه المطاطية والغير واضحة والمتذبذبة وخاصةً عندما أمهل النظام فترة من الزمن ليستمر في القتل والحرق و هذه المواقف لا تنسجم مع مبادئ العدالة والإنسانية والإسلام الصحيح والديمقراطية الحقيقة، وإنما تخدم الإسلام السياسي والديمقراطية المزيفة التي يتاجر بها أنظمة كثيرة فالأفضل للسيد أردوغان أن يحلّ مشاكله الداخلية ولا يستمر في تهميش وإقصاء وحرمان أكثر من خمس وعشرون مليون كردي في تركيا من ابسط حقوقه القومية المشروعة ، ولا ننكر بأن السيد أردوغان قد قطع خطوات إيجابية ومهمة في المجالين الخارجي والداخلي لكنها غير كافية فهي منقوصة طالما لم يباشر بحل القضية الكردية ديمقراطياً في إطار تركيا لتصبح دولة فدرالية من حيث المبدأ وهذا يتم بالحوار والتفاهم والابتعاد عن الأساليب الأخرى التي تعقد الأمور لأن الشعوب الثائرة لا تقبل أجندات خارجية لأنها تخدم مصالحها الخاصة وتضع النواحي الإنسانية جانباً ، وهنا لابد من تذكير أقوال لمرشد أكبر دولة تتدعي إنها إسلامية تخدم الإسلام أي السلام حيث قال وبتاريخ 10/2/2011 : (إن أحداث تونس ومصر دليل على صحوة إسلامية وهي استلهام من الثورة الإسلامية في إيران) أما بخصوص الثورة السورية فيقول : (علينا أن نحمي النظام في سوريا من التدخلات الأمريكية والإسرائيلية والمندسين) .

فهذا موقفٌ متناقضٌ لا يمكن للشعب السوري قبوله لأنه يدعم النظام ليستمر في إبادة الشعب وهدم المساجد بل يشجع الطائفية وهذه هي الطامة الكبرى والسؤال : أين هذا من الإسلام الحقيقي ومبادئ حقوق الإنسان والعدالة ؟!
أليس هو نفس النظام الذي أفتى بقتل الكرد الإيرانيين أثناء مطالبتهم بالحرية والمساواة وكان اغتيال الدكتور قاسملو وشرف كندي بأيدي عصاباتهم الإرهابية وبتخطيطٍ من الرئيس الحالي احمدي نجاد لدليل على شراسة هذا النظام والمعروف بقمعه واستبداده واضطهاده للشعوب الغير فارسية فالكرد الذي يبلغ تعداده أكثر من سبعة ملايين ، وهو محرومٌ من ابسط حقوقه القومية بينما يتبجح هذا النظام بالمطالبة بحق الشعب الفلسطيني الذي يتم حقاً قمعه وتشريده أيضاً على أيدي السلطات الإسرائيلية فالحكومة الإسرائيلية بتصرفاتها هذه تكون قد اقتربت من الأنظمة الدكتاتورية وستصبح بعيدة عن الديمقراطية الحقيقية وإن منعها لقيام الدولة الفلسطينية على الحدود المعترف بها دولياً قد أصبحت مطابقة للنظام الإيراني .
فالشعب السوري عندما قام بثورته السلمية فهو مصممٌ على النصر لأنها ثورة الحق على الباطل ثورة تطالب بالعدالة والمساواة والديمقراطية لمكوناتها الأساسية ، لذلك فمن مصلحة دعاة حقوق الإنسان والدول الديمقراطية الوقوف بحزم إلى جانب الثورة و إسنادها ودعمها إعلامياً وسياسياً والعمل على عزل النظام وممثليه داخلياً وخارجياً وتشديد الحصار الاقتصادي كي تنهار البنية التحتية للنظام لتصبح عاجزة وغير قادرة على قتل الشعب السوري ، وعلى الدول الراغبة في حماية الثورة أن لا تفكر في التدخل العسكري  فهذا خطٌ أحمر وسيصبح الشعب حينئذٍ دروع بشرية لحماية جيشه الذي هو جزء أساسي من الشعب لكنه مأمور وقريباً سيصبح هذا الجيش حامي الثورة والدول التي تنتهج نهج الإقصاء والتهميش و القمع من الطبيعي أن تنشأ بينها علاقات قد تكون سرية وأخرى علنية لأن جميعها تشترك فيما بينها بتلك الممارسات اللاانسانية بحق شعوبها وعلى هذه الدول أن تعلم أن رياح التغيير الديمقراطي آتية وتقترب صوبهم يوماً بعد يوم وستجرفهم كما جرفت الأنظمة الدكتاتورية في معظم دول المنطقة لأن كل آتٍ قريب .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…