د.
آلان كيكاني
تطورت أساليب الحكم وفنونه بتطور المجتمعات عبر العصور وارتقت من التأله في زمن نمرود والفراعنة مروراً بالامبراطوريات والملكيات الاستبدادية وانتهت بالنظام الديمقراطي الليبرالي المنتشر في العالم المتحضر في أيامنا هذه والذي يعتبر بحق أرقى ما توصلت إليه البشرية من أساليب الحكم وعلاقة الرئيس بالمرؤوس , حيث يستند هذا النظام في اتخاذ قراراته إلى مؤسسات شرعية منتخبة من قبل الشعب وفيه يكون الرئيس محاطاً بهالة من المؤسسات والهيئات والشخصيات كالبرلمان والنواب والمستشارين والقانونيين ولا يستطيع إصدار أي أمر ينافي مصالح الأمة , وإلا , سيحاسب مثله مثل أي فرد من الرعية .
آلان كيكاني
تطورت أساليب الحكم وفنونه بتطور المجتمعات عبر العصور وارتقت من التأله في زمن نمرود والفراعنة مروراً بالامبراطوريات والملكيات الاستبدادية وانتهت بالنظام الديمقراطي الليبرالي المنتشر في العالم المتحضر في أيامنا هذه والذي يعتبر بحق أرقى ما توصلت إليه البشرية من أساليب الحكم وعلاقة الرئيس بالمرؤوس , حيث يستند هذا النظام في اتخاذ قراراته إلى مؤسسات شرعية منتخبة من قبل الشعب وفيه يكون الرئيس محاطاً بهالة من المؤسسات والهيئات والشخصيات كالبرلمان والنواب والمستشارين والقانونيين ولا يستطيع إصدار أي أمر ينافي مصالح الأمة , وإلا , سيحاسب مثله مثل أي فرد من الرعية .
أضحى من الصعب في هذه الأيام الحكم بوسائل الأولين وعقليتهم ولا بد للحاكم , إن هو أراد الاستمرار في الحكم , من أن يطور أدوات حكمه وما يتناسب مع العصر ومتطلباته وإلا سيكون مصيره إلى الزوال .
من هنا كان على الزعيم العربي تتبع خطا العالم الغربي بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث عمت الديمقراطية أرجاء القارة الخضراء وساد فيها الرخاء .
إلا أنه فضل العودة إلى القرون الوسطى والاهتداء بفكر ونصائح نيكولو ميكيافيللي في الحكم .
وقد دعا نيكولو المولود في فلورانس الإيطالية سنة 1469 م وصاحب نظرية الغاية تبررالوسيلة مهما كانت هذه الوسيلة منافية للدين والأخلاق , دعا في كتابه – الأمير – إلى فصل السياسة عن الأخلاق , فضلاً عن فصلها عن الدين , واعتبر الغدر والكذب والخداع والحيلة والنفاق والرياء أنجع وسائل للصعود إلى كرسي السلطة والبقاء عليه .
ويقول في هذا الصدد ناصحا الأمير ما معناه : إذا كان العهد يخدمك فحافظ عليه , وإلا فاغدر ! كن مرائياً , ادعُ الرعية إلى الإيمان والالتزام بفضائل الدين ولكن لا تؤمن أنت , بل تحلَّ بفضائل الأخلاق المتعارف عليها وتظاهر بأنك تتصف بها , وينبغي أن تبدو متديناً .
ويرى ميكيافيللي أن غاية كل سياسي هي الصعود إلى السلطة ثم الحفاظ عليها ومن ثم فإن الخداع والتزييف والمراوغة والدهاء والغدر والأنانية والاستعمال المفرط للقوة عند الاقتضاء هي وسائل فعالة وتلعب دورا حيويا في الممارسة السياسية وهي مباحة , وليست عيباً أو نقصاً في شخصية الأمير , لأن الغاية هي تسيير شؤون الدولة بنجاح ولا تهم الوسائل في ذلك ما دامت النية هي الأمن والاستقرار ووحدة البلد .
وهكذا فإن الحاكم في نظر ميكيافيللي يجب أن يكون ماكراً مكر الذئب , ضاريا ضراوة الأسد , غداراً غدر الثعلب وأن يبتعد عن الطيبة والخير وأن يرتكب الشر والفظائع أحيانا , ويقترف السوء ويفرق الناس من أجل المحافظة على سلطانه , وأن يكون مهاب الجانب تخاف منه الرعية , ولا ضير إذا كرهوه لأن خوف المواطن من الأمير أهم من حبه له .
ويسهب الرجل في هذا الإطار في كتابه الأمير قائلاً : ليس من الضروري للأمير أن يتصف بالفضائل ولكن من الضروري أن يذاع عنه الاتصاف بها , لأن الاتصاف بالفضائل خطر ولكن الظهور بالتحلي بها نافع , وأنه من الخير أن يظهر بالتقوى والأمانة وحب الإنسانية والدين والإخلاص ولكن ينبغي أن يكون متنبهاً بحيث إذا اضطر للتحول إلى الصفات الأخرى كان ذلك سهلاً .
وعليه أن يكون جاهزاً إذا اقتضى الأمر أن يعمل ضد الإيمان والإحسان والإنسانية والدين , وأن يكون سهل التحول والانتقال حسبما تقتضيه تحول الأحوال , وأن يكون قادراً على صنع الشر إذا احتاج لذلك .
لا يكاد المرء ينتهي من قراءة كل سطر من كتاب الامير حتى يستحضر القادة العرب وحواشيهم في خياله مثل شريط سينمائي وهم يمارسون القتل والغدر والرياء والكذب والكفر والنفاق والزندقة والرذيلة , ويقدمون على هدر كرامة المواطن بلجؤئهم إلى إهانته وإرهابه كي يبدو عبداً ذليلاً لا يستطيع رفع عينيه أمام سيده المتأله خوفاً من جبروته .
ولا يتوانى هؤلاء القادة الملهمون بالتظاهر بدفاعهم عن مصالح شعوبهم فيما هم بالباطن يعملون ليل نهار على نهب ثروات أوطانهم ويصرفونها في زخارف الحياة وملذاتها وبناء القصور في القارات والجزر في المحيطات وصرف الملايين من الدولارات لقاء خلوة مع حسناء أوربية شقراء كما بدا مؤخراً عن أبناء القذافي وصرف كل واحد منهم مليوني دولار في الشهر في ملاهي أوروبا , بينما المواطن الليبي يعيش حياة أكثر من بيسيطة .
والحال ليست بأفضل في سورية وقائدها المغوار يبطش بمواطنيه العزل بطرق وحشية يستخدم فيها الدبابات في شوارع المدن وساحاتها أملاً في بقائه على رأس السلطة إلى ما شاء الله .
.
إنهم تلاميذ ميكيافيللي ومريدوه الأوفياء , والآخذون بنصائحه في فنون الحكم وقيادة البلاد بعد رحيله بخمسة قرون .
جدير ذكره أن كتابه الأمير كان رفيق هتلر , يضعه تحت وسادته حين ينام ليستفتح يومه بقراءته , وقد قدّم موسيليني رسالته لنيل شهادة الدكتوراة في شرح هذا الكتاب , وكان ستالين وفرانكو من المعجبين والقارئين النهمين له .
وفيه يبين ميكيافيللي كيفية صعود الامير إلى السلطة وكيفة الحفاظ عليها وصفات الأمير الناجح الذي يمكن أن يقود البلاد دون تهديد لسلطته .
مما سبق نصل إلى نتيجة مؤداها أن نيكولو ميكيافيللي هو الأب الروحي والمرشد الأمين والدليل الهادي للقائد العربي في أسلوب حكمهم , بل أنه خالفه في شيء واحد وهو أن ميكيافيللي وإذْ دعا الأمير إلى التجبر والبغي والطغيان , إلا أن غايته كانت نبيلة , حيث أن إيطاليا كانت مقسمة في تلك الأيام إلى كانتونات تتحكم بها فرنسا وإسبانيا , وحسب رأيه لا يمكن توحيدها إلا بيد أمير قوي جبار يضرب أعداءه بيد من حديد حتى يسيطر على كل إيطاليا ثم يتبع اسلوب الترهيب والترويع لقطع يد كل من يريد تقسيمها .
بينما القائد العربي يمارس ساديته على شعبه للحفاظ على كرسي الحكم .
وأين هو من ميكيافيللي القائل :
( حبي لنفسي هو دون حبي لوطني )
……………………….
alan_kikani@hotmail.com
من هنا كان على الزعيم العربي تتبع خطا العالم الغربي بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث عمت الديمقراطية أرجاء القارة الخضراء وساد فيها الرخاء .
إلا أنه فضل العودة إلى القرون الوسطى والاهتداء بفكر ونصائح نيكولو ميكيافيللي في الحكم .
وقد دعا نيكولو المولود في فلورانس الإيطالية سنة 1469 م وصاحب نظرية الغاية تبررالوسيلة مهما كانت هذه الوسيلة منافية للدين والأخلاق , دعا في كتابه – الأمير – إلى فصل السياسة عن الأخلاق , فضلاً عن فصلها عن الدين , واعتبر الغدر والكذب والخداع والحيلة والنفاق والرياء أنجع وسائل للصعود إلى كرسي السلطة والبقاء عليه .
ويقول في هذا الصدد ناصحا الأمير ما معناه : إذا كان العهد يخدمك فحافظ عليه , وإلا فاغدر ! كن مرائياً , ادعُ الرعية إلى الإيمان والالتزام بفضائل الدين ولكن لا تؤمن أنت , بل تحلَّ بفضائل الأخلاق المتعارف عليها وتظاهر بأنك تتصف بها , وينبغي أن تبدو متديناً .
ويرى ميكيافيللي أن غاية كل سياسي هي الصعود إلى السلطة ثم الحفاظ عليها ومن ثم فإن الخداع والتزييف والمراوغة والدهاء والغدر والأنانية والاستعمال المفرط للقوة عند الاقتضاء هي وسائل فعالة وتلعب دورا حيويا في الممارسة السياسية وهي مباحة , وليست عيباً أو نقصاً في شخصية الأمير , لأن الغاية هي تسيير شؤون الدولة بنجاح ولا تهم الوسائل في ذلك ما دامت النية هي الأمن والاستقرار ووحدة البلد .
وهكذا فإن الحاكم في نظر ميكيافيللي يجب أن يكون ماكراً مكر الذئب , ضاريا ضراوة الأسد , غداراً غدر الثعلب وأن يبتعد عن الطيبة والخير وأن يرتكب الشر والفظائع أحيانا , ويقترف السوء ويفرق الناس من أجل المحافظة على سلطانه , وأن يكون مهاب الجانب تخاف منه الرعية , ولا ضير إذا كرهوه لأن خوف المواطن من الأمير أهم من حبه له .
ويسهب الرجل في هذا الإطار في كتابه الأمير قائلاً : ليس من الضروري للأمير أن يتصف بالفضائل ولكن من الضروري أن يذاع عنه الاتصاف بها , لأن الاتصاف بالفضائل خطر ولكن الظهور بالتحلي بها نافع , وأنه من الخير أن يظهر بالتقوى والأمانة وحب الإنسانية والدين والإخلاص ولكن ينبغي أن يكون متنبهاً بحيث إذا اضطر للتحول إلى الصفات الأخرى كان ذلك سهلاً .
وعليه أن يكون جاهزاً إذا اقتضى الأمر أن يعمل ضد الإيمان والإحسان والإنسانية والدين , وأن يكون سهل التحول والانتقال حسبما تقتضيه تحول الأحوال , وأن يكون قادراً على صنع الشر إذا احتاج لذلك .
لا يكاد المرء ينتهي من قراءة كل سطر من كتاب الامير حتى يستحضر القادة العرب وحواشيهم في خياله مثل شريط سينمائي وهم يمارسون القتل والغدر والرياء والكذب والكفر والنفاق والزندقة والرذيلة , ويقدمون على هدر كرامة المواطن بلجؤئهم إلى إهانته وإرهابه كي يبدو عبداً ذليلاً لا يستطيع رفع عينيه أمام سيده المتأله خوفاً من جبروته .
ولا يتوانى هؤلاء القادة الملهمون بالتظاهر بدفاعهم عن مصالح شعوبهم فيما هم بالباطن يعملون ليل نهار على نهب ثروات أوطانهم ويصرفونها في زخارف الحياة وملذاتها وبناء القصور في القارات والجزر في المحيطات وصرف الملايين من الدولارات لقاء خلوة مع حسناء أوربية شقراء كما بدا مؤخراً عن أبناء القذافي وصرف كل واحد منهم مليوني دولار في الشهر في ملاهي أوروبا , بينما المواطن الليبي يعيش حياة أكثر من بيسيطة .
والحال ليست بأفضل في سورية وقائدها المغوار يبطش بمواطنيه العزل بطرق وحشية يستخدم فيها الدبابات في شوارع المدن وساحاتها أملاً في بقائه على رأس السلطة إلى ما شاء الله .
.
إنهم تلاميذ ميكيافيللي ومريدوه الأوفياء , والآخذون بنصائحه في فنون الحكم وقيادة البلاد بعد رحيله بخمسة قرون .
جدير ذكره أن كتابه الأمير كان رفيق هتلر , يضعه تحت وسادته حين ينام ليستفتح يومه بقراءته , وقد قدّم موسيليني رسالته لنيل شهادة الدكتوراة في شرح هذا الكتاب , وكان ستالين وفرانكو من المعجبين والقارئين النهمين له .
وفيه يبين ميكيافيللي كيفية صعود الامير إلى السلطة وكيفة الحفاظ عليها وصفات الأمير الناجح الذي يمكن أن يقود البلاد دون تهديد لسلطته .
مما سبق نصل إلى نتيجة مؤداها أن نيكولو ميكيافيللي هو الأب الروحي والمرشد الأمين والدليل الهادي للقائد العربي في أسلوب حكمهم , بل أنه خالفه في شيء واحد وهو أن ميكيافيللي وإذْ دعا الأمير إلى التجبر والبغي والطغيان , إلا أن غايته كانت نبيلة , حيث أن إيطاليا كانت مقسمة في تلك الأيام إلى كانتونات تتحكم بها فرنسا وإسبانيا , وحسب رأيه لا يمكن توحيدها إلا بيد أمير قوي جبار يضرب أعداءه بيد من حديد حتى يسيطر على كل إيطاليا ثم يتبع اسلوب الترهيب والترويع لقطع يد كل من يريد تقسيمها .
بينما القائد العربي يمارس ساديته على شعبه للحفاظ على كرسي الحكم .
وأين هو من ميكيافيللي القائل :
( حبي لنفسي هو دون حبي لوطني )
……………………….
alan_kikani@hotmail.com