رسالة إلى الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

  د.

علاء الدين جنكو

هذه مشكلاتهم …..

وهذه مشكلاتنا … وكبرى اليقينيات الكونية ..

والإسلام ملاذ كل المجتمعات الإنسانية ..

لماذا وكيف ؟
أسماء لكتب وأسفار تربينا عليها لعالم استحق يوماً أن يعتلي منصة شخصية العالم ليكون مقارناً بأناس سطروا بمواقفهم أعظم الخدمات والإنجازات لدينهم وللمسلمين..

أكتب هذه الكلمات وأوجهها له وفي قلبي له وإلى هذه اللحظة من الإحترام والتقدير ما الله أعلم به .
أوجهها باسمي وباسم الملايين الذين أخذتهم الدهشة منه بسبب مواقفه غير المتوقعة على الأقل لما يحمله من فكر ودين وعقيدة ومستوى من الفلسفة تدعوا إلى سعادة البشر لا إهانتهم ..
فضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي :
لا يهم أن تعرف شخصيتي فأنا باختصار أنتمي إلى التربة التي رويت بأول قطرة دم في انتفاضة شعبنا السوري المطالب بحريته وكرامته، ولا يهم أن تعرف مستواي العلمي فأنا ابن لأحد تلاميذك الذين تخرجوا من بين يديك يوم كنت تعتلي منصة كلية الشريعة بمبادئك المناهضة لكل من يقلل قيمة الإنسان ..
اسمح لي أن أقول لك كلمات ما كانت لأسمح لنفسي بقولها لولا إلتزامي بكلامك يوم أن علمتنا في دروسك وأنت تشرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الساكت عن الحق شيطان أخرس).
فضيلة الدكتور :
إن الموقف الذي أظهرته للناس من ثورتهم استندت فيه لأمرين حسب جميع تصريحاتك وأقوالك وخطبك.


أما الأول فهو شرعي :
من خلال استشهادك بأحاديث نطقها في واد وما استدللت عليه بهذه الأحاديث في واد آخر ، فقد ذكرت حديث : (من قاتل تحت راية عمية فقتل فقتلته جاهلية) !! ، والغريب يا فضيلة الدكتور عدم انتباهك للكلمة الثانية وهي (قاتل)، أين القتال من مئات الآلاف الذين يخرجون في مظاهرات سلمية بصدور عارية تطالب بأبسط ما تطالب به ذوات الأرواح !! عجباً استدلالك وكأنك تحكم على ثورة في كوكب آخر !!
أما الأمر الثاني :
فهو تأييدك لنظرية المؤامرة وبأن أعداء البلد يريدون النيل منه وتكرارك لاسم شخصية أقسم أني لم أحفظها إلا منك ولم أسمعها إلا منك برنار ليفي ، وعجباً بأن الشعب السوري بكل أطيافه مؤيدي النظام ومعارضيه لم يسمعوا به إلا أنت، حتى الإعلام السوري لم يذكره إلا أنت ، ويبدو لي والله أعلم أنه درس أملي عليك لتردده في مشهد عجيب لإسقاط مكانتك كعالم شرعي محترم في أعين الناس .
نعم يا فضيلة الدكتور ، لا أريد ان أبين لك ما آل إليه حال الشعب السوري فعمرك اليوم يعادل ضعفي سنوات عمري، والعجيب أنك – وأنت البوطي المعروف – تبدل كلامك في أقل من شهر !! فقلت في بداية الانتفاضة بأن من قتل في درعا بأنهم شهداء ، واليوم الذين يقتلون بنفس الأسلوب خارجون عن القانون !!
ظهرت على الشاشة مصرِّحاً بأنك نصحت الرئيس في أولئك الذين يسجدون لصورته وأنه قد عارض ذلك بشدة، ثم ما لبث أن خرج آخرون في مشهد إرهابي يضربون أعزلاً ويطلبون منه أن يقول : لا إله إلا بشار !!
هل سمعت بهذا المشهد ؟ هل رأيته ؟ لماذا لا تخرج للإعلام وتستنكر هذا التصرف الذي يكفي لينتقم الله منك ومن كل تقف معهم
فضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي :
كلنا مع الإصلاح والشعب بأكمله مع الإصلاح، ولكن لتعلم أن الموقف الذي يمضي بقتل الأبرياء بالقبضة الأمنية لا تزيد الثورة والإنتفاضة إلا ضراوة ولتعلم يا سيدي بأن التاريخ لا يعود للوراء ومخطئ من ظن بأن دماء الشهداء والأبرياء والنساء والأطفال العزل سيذهب هباء ..
كتب أحدهم في صفحات الفيس بوك دعاء عليك آلمني عندما قال : اللهم أذل البوطي بانتصار الشعب السوري ، أما أنا فأقول لك برجاء الإبن من والده والتلميذ من أستاذه : أن تعيد النظر في مواقفك هذه فيكفيك أنك بها أحرجت جميع علماء الشريعة الغراء الرافضة للظلم والاستبداد وقتل الأبرياء والعزل ، ألا ترى يا فضيلة الدكتور خلو المسجد الذي تخطب فيه من الكثيرين ممن كانوا يصلون خلفك بعد أن كان المسجد يكتظ بهم ؟!! وأي فتنة أعظم من هذه التي تسببت في إحداثها ، ليتك إلتزمت بيتك واعتزلت الفتنة إن كنت تؤمن بأنها فتنة ، وليتك التزمت بقوله صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).


وفي الختام يا سيدي  :

أتوسل إليك بمن خلقنا أن لا تخيب آمال الملايين الذين ما زالوا يأملون فيك خيراً وأنا أولهم، كي لا تكون أكثر الخاسرين من إنتفاضة هذا الشعب المقهور مهما كانت نتائج ثورته ..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…

كلستان بشير الرسول شهدت مدينة قامشلو، في السادس والعشرين من نيسان 2025، حدثا تاريخيا هاما، وهو انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي الذي انتظره الشعب الكوردي بفارغ الصبر، والذي كان يرى فيه “سفينة النجاة” التي سترسو به إلى برّ الأمان. إن هذا الشعب شعبٌ مضحٍّ ومتفانٍ من أجل قضيته الكردية، وقد عانى من أجلها، ولعقود من الزمن، الكثير الكثير من أصناف الظلم…

إبراهيم اليوسف ما إن بدأ وهج الثورة السورية يخفت، بل ما إن بدأت هذه الثورة تُحرَف، وتُسرق، وتُستخدم أداة لسرقة وطن، حتى تكشّف الخيط الرفيع بين الحلم والانكسار، بين نشيد الكرامة ورصاص التناحر. إذ لم يُجهَض مشروع الدولة فحسب، بل تم وأده تحت ركام الفصائل والرايات المتعددة، التي استبدلت مفردة “الوطن” بـ”الحيّ”، و”الهوية الوطنية” بـ”الطائفة”، و”الشعب” بـ”المكوّن”. لقد تحولت الطائفة…